نسخت بآية السيف(1) ذكره الإمام المنصور(2) بالله -عليه السلام- <<وهوقول السدي(3) وبن زيد(4) وهبةالله أبي القاسم المفسر(5) وقيل ليست بمنسوخة>>(6) والمراد بها أن لا يصح الإكراه في الدين لأنه من قبل الإعتقاد [31-أ] واستدلوا به على أن طلاق المكره واعتاقه وبيعه لا يقع(7).
وقال عبدالله بن الحسين: نزلت في أهل الكتاب(8).
__________
(1) هي الآية (5) من سورة التوبة.
(2) سبقت ترجمته.
(3) السدي: سبقت ترجمته.
(4) - ابن زيد: هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي، محدث مفسر، روى عن أبيه، وعنه: عبد الرزاق بن همام، وعبدالله بن وهب. له الناسخ والمنسوخ، وتفسير القرآن. توفي سنة (182هـ/ 798م).
انظر: معجم المفسرين (1/265)، سير أعلام النبلاء (8/ 349) ومصادره.
(5) هبة الله: هو هبة الله بن سلامة بن نصر بن علي البغدادي، ولد في بغداد، وأخذ القراءة عن زيد بن أبي بلال، وسمع الحديث عن أبي بكر بن مالك القطيعي، وغيره من علماء بغداد، وكان هبة الله ضريراً، كان من أحفظ أهل زمان التفسير والقرآن الكريم.
من مصنفاته: تفسير القرآن، الناسخ والمنسوخ في القرآن، الناسخ والمنسوخ في الحديث، المسائل المنثورة في النحو، توفي يوم الثلاثاء ودفن يوم الأربعاء العاشر من شهر رجب سنة (410هـ)، في مقبر جامع المنصور ببغداد. لمزيد حول ترجمته انظر:
تاريخ بغداد (14/70)، طبعة السعادة القاهرة (1931).
مقدمة المحقق لكتاب الناسخ والمنسوخ ص (45 وما بعدها).
(6) ما بين [ ] ساقط من (أ).
(7) لمزيد حول تلك المسألة انظر كتب الفقه المقارن.
(8) سبقت ترجمته، وما ذكره المؤلف عن الإمام عبدالله بن الحسين ذكره في الناسخ والمنسوخ. بتحقيقنا. ((تحت الطبع)).
[22] قوله قف قف تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282](1).
قيل: إن الكتابة والإشهاد كانا واجبين فنسخ ذلك بقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] وإذا نسخ الوجوب، لم ينسخ الإستحباب.
وقيل: المراد بالإشهاد والكتابة الندب ولا نسخ في الآية، وهو الوجه(2).
__________
(1) هذه الآية أكبر آية في القرآن الكريم وتمام الآية {ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم}.
اختلف العلماء في هذه الآية على قولين: الأول: أنها منسوخة بقوله سبحانه {فإن أمن بعضكم بعضاً} وهو قول جماعة منهم أبو سعيد الخدري والحسن بن زيد، والحكم والشعبي، ومالك ولمالك روايتان في النسخ والأحكام، وهؤلاء يقولون الأمر على الإيجاب.
الثاني: أنها محكمة وهو قول الجمهور، وهو مروي عن الحسن وهو قول الشافعي والفقهاء.
وذهب الإمام محمد بن المطهر الى أن الأمر ندب وأن الآية محكمة.
عقود العقيان (2/خ).
والآية تتضمن الأمر بإثبات الدين في كتاب وإثبات الشهادة في البيع والدين، وذهب البعض إلى أن الكتابة والإشهاد واجبان، وهو مروي عن ابن عمر، وأبي موسى ومجاهد، وابن سيرين، والضحاك، وأبي قلابة ـ عبدالله بن زيد بن عمر، والحكم بن عتيبة، أبو محمد الكندي، وابن زيد وآخرون:
قال بن الجوزي: أنه ليس هاهنا نسخ وأنه أمر ندب.
نواسخ القرآن ص (96).
لمزيد حول الموضوع انظر:
الناسخ والمنسوخ لابن العربي (2/101 وما بعدها)، أبو جعفر النحاس ص (79 ـ 81)، هبة الله بن سلامة ص (96)، ابن حزم الأندلسي ص (30).
(2) قال عبدالله بن الحسين والقول عندنا أنها ـ أي الآية (282) من البقرة منسوخة، وأن المتابعين بالخيار في الإشهاد إن أحبا أشهدا وإن تركا فلا جناح.
الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين -عليه السلام- (تحت الطبع).
[23] قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284]
الآية تدل على أن الله تعالى يؤاخذ بالظنون والعزم، وذلك يوافق قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-:[[15]] ((نية المؤمن خيرٌ من عمله))(1) وذهب بعضهم إلى أنها منسوخة، وأن العبد لا يؤاخذ بالعزم [8أ-ب] وبهذا لا يجوز لورود الدلالة على خلافه.
[24] قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
ظاهر الآية يدل على أن العبد مكلف باستعمال جميع وسعه فنسخ ذلك [32-أ] بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ} [البقرة: 185] ذكر ذلك هبة الله المفسر(2) والأولى أنها غير منسوخة، والمراد في الآية بالواجب، قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- [[19]] ((إذا أمرتم بأمرٍ فأتوا به ما استطعتم))(3)
__________
(1) الحديث: آخرجه السيوطي في الجامع الصغير (2/678) ج (9295)، والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس.
(2) سبقت ترجمة هبة الله وما نقل المؤلف عنه أورده في مؤلفه على النحو التالي {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} علم الله تعالى ذكره أن الوسع لا يطاق فحقق الوسع بقوله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
الناسخ والمنسوخ ص (97 ـ 98)، ولعل المؤلف عن غير كتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله إذ له العديد من المؤلفات.
(3) الحديث أخرجه أحمد في مسنده، ومسلم في صحيحه، والنسائي في سننه، وابن ماجه في سننه، عن أبي هريرة ولفظه: ((ذروني ما تركتكم فإن أمرتكم بشيء فأتو به ما استطعتم فإذا نهيتكم عن شيء فدعوه)).
انظر: منتخب كنز العمال (1/117).
[(3) سورة آل عمران]
السورة التي يذكر فيها آل عمران، مدنية بالإجماع(1)
[1] قوله تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} [آل عمران: 20](2)
__________
(1) سورة آل عمران: سميت بسورة آل عمران لأن اصطفاء آل عمران وهم: عيسى ويحيى ومريم وأمها، نزل فيه منها ما لم ينل في غيرها، إذ نزل فيهم بضع وثمانون آية، وتسمى الزهراء لأنها كشف عما التبس على أهل الكتابيين من شأن عيسى -عليه السلام-، والمجادلة لنزول نيف وثمانين آية منها في مجادلة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، نصارى نجران، وسورة (استغفار)، لما فيها من قوله (والمستغفرين بالأسحار)) وطيبه لجمعها من أصناف الطبيين.
والمقصود بعمران: والد مريم أم عيسى -عليه السلام-. انظر الناسخ والمنسوخ لابن العربي (2/111)، نقلاً عن محاسن الأنظار للقاسمي (4/748)، وقد اختلف في عدد الآيات اللواتي ادعى عليهن النسخ، فذهب ابن الجوزي الى أنهن (9) آيات، وفي كتاب المصفى ذهب إلى ثلاث آيات، وذهب ابن العربي إلى أنهن آيتان في النسخ، وفي العام والمخصوص عشر آيات، وذهب محمد بن أحمد بن إسماعيل الصفار المعروف بأبي جعفر النحاس: إلى أنه وبعد نقص شديد مما ذكروه في الناسخ والمنسوخ إلا ثلاث آيات.
أما ابن حزم فذهب الى أن فيها خمس آيات منسوخة.
أما العتائقي الخلي فذهب إلى أن فيها ثلاث آيات منسوخات.
وذهب هبة الله بن سلامة إلى أنها تحتوي من المنسوخ على عشر آيات، وذهب الإمام محمد بن المطهر في كتابه عقود العقيان إلى أنهن عشر آيات.
(2) قد ذهب هبة الله بن سلامة إلى أن الآية نسختها آية السيف وكذا العتائقي الحلي، وابن حزم، وذهب ابن الجوزي في المصفى الى أنها محكمة، والإمام محمد بن المطهر في عقود العقيان ذهب إلى ما ذهب إليه ابن الجوزي.
لمزيد حول الموضوع انظر:
عقود العقبان (2/خ)، الناسخ والمنسوخ للحلي ص (51)، هبة الله بن سلامة ص (98)، ابن حزم (30). المصفى (22)، نواسخ القرآن (4: 1).
قيل: نسخت بآية السيف، وقيل: نزلت في أهل الكتاب، وليست بمنسوخة.
[2] قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28].
قال مجاهد(1) كان التقية في أول الإسلام، فأما بعد أن عزَّ الله دينكم بوجوب الجهاد فلا، وهي منسوخة بآية السيف، وقيل ليست منسوخة، والعمل جائز عند العجز عن الجهاد وعن الهجرة، وهو الوجه.
[3] قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102].
قيل: هي منسوخة بقوله تعالى: {مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] عن قتادة، والربيع، وابن زيد، والسدي(2).
قال مقاتل: ليس [33-أ] في آل عمران منسوخ سواها(3) وقال أبو علي:(4) هذا خطأ، لأن من اتقى جميع المعاصي فقد اتقى الله حق تقاته، ومثل هذا لا يجوز نسخه لأنه أباحه لبعض المعاصي(5).
[(4) سورة النساء]
سورة النساء مدنية بالإجماع(6)
__________
(1) مجاهد: سبقت ترجمته.
(2) سبقت تراجمهم.
(3) سبق التنوية إلى ما قاله مقاتل، ومقاتل هو مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي بالولاء، البلخي، أبو الحسن، مفسر، متكلم، كان من أوعبه العلم بحراً في التفسير، من آثاره الناسخ والمنسوخ، ونوادر التفسير والتفسير الكبير، وغير ذلك. توفي سنة (15هـ/767)، بالبصرة.
انظر معجم المفسرين (2/682 ـ 683)، الجرح (4/1:354)، تهذيب التهذيب (10/279).
(4) أبو علي: سبقت ترجمته.
(5) انظر: نواسخ القرآن ص (108وما بعدها)، عقود العقيان (2/خ)، الناسخ والمنسوخ لابن العربي (2/125 ـ وما بعدها).
(6) سورة النساء: قال القرطبي وهي مدنية إلا آية واحده نزلت بمكة، عام الفتح في عثمان في طلحة الحجبي وقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} .
وقال النقاش: وقيل نزلت عند هجرة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من مكلة إلى المدينة. انظر: الجامع الأحكام القرآن للقرطبي(1/1)، فتح القدير للشوكاني (1/416 ـ 417).
وقد اختلف في عدد الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في هذه السورة فذهب ابن الجوزي إلى أنهن ست وعشرون، وذهب ابن العربي إلى أنهن تسع وعشرون آية، فيهن نسخ والباقي تخصيص، ابن العربي (2/137)، وذهب أبو جعفر النحاس الى أنهن عشر آيات كما ذهب ابن الجوزي في كتابه المصفى بأكف أهل الرسوخ إلى أنهن احدى عشرة آية، أما هبة الله بن سلامة فذهب إلى أن سورة النساء تحتوي على أربع وعشرين آية، ووافقه ابن حزم الأندلسي في كتابة الناسخ والمنسوخ، إذا قال: وهي مدنية تحتوي على أربع وعشرين آية منسوخة، وهو ما ذهب إليه أيضاً الإمام محمد بن المطهر، الناسخ والمنسوخ لهبة الله ص (102)، ابن حزم ص (31)، عقود العقيان (2/خ)، كما ذهب كمال الدين عبدالرحمن بن محمد العتائقي الحلي في كتابه الناسخ والمنسوخ ص (52)، إلى أنها مدنية تحتوي على أربع وعشرين آية.
[1] قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8].
قيل كانت الوصية للأقارب واجبة، ثم نسخها الله تعالى بآية المواريث(1) وأكَّد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بقوله: [[17]] ((لا وصية لوارث)) <<8ب ـ ب>>(2) بياناً للآية، وقيل: هو أمر ندب وهو ثابت لا نسخ فيه(3)
[2] قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10](4).
__________
(1) سبق التوضيح في الحاشية السابقة، وآية المواريث هي {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 11].
(2) سبق التنوية للحديث وتخريجه.
(3) أي أنها محكمة وهو ما ذهب إليه من أئمتنا الإمام محمد المطهر مؤلف كتاب عقود العقيان في الناسخ والمنسوخ، كما سبق التوضيح في الحاشية قبل السابقة.
(4) ذهب البعض إلى أن الآية منسوخة لقوله تعالى {وإن تخالطوهم فإخوانكم} [البقرة آية: 220]، وممن قال بذلك ابن عباس، وسعيد بن جبير، وهبة الله بن سلامة، وابن حزم الأندلسي، والعتائقي الحلي.
وذهب الإمام محمد بن المطهر إلى أن الآية محكمة، وقال أبو جعفر النحاس، هذه الآية لا يجوز فيها ناسخ ولا منسوخ لأنها خبر ووعيد، ونهي عن الظلم والتعدي، ومحال نسخ هذا، وقال ابن العربي: هذا تهافت من القول في تفاوت المعنى، لأن الآيات الثلاث محكمات كل واحدة، مستقلة بمعناها، لا تعارض الأخرى.
لمزيد حول الموضوع انظر:
ابن العربي (2/148 ـ 149)، أبو جعفر النحاس ص (89 ـ 91)، عقود العقيان (2/خ)، نواسخ القرآن لابن الجوزي (119 ـ 120)، العتائقي (53)، بن حزم الأندلسي (32)، هبة الله بن سلامه (102 ـ 103)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين ((تحت الطبع)).
قيل: لما أنزل الله هذه الآية، تحرج الناس من مخالطة اليتامى حتى لحق بهم الضرر، فنسخها الله تعالى بقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] ثم قال: {وَمَنْ [34-أ] كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] فرفع الله الحرج في مخالطة اليتامى، وأباح الأكل للمحتاج، قيل: على وجه الإجازة، وقيل: من زكاة مال اليتيم، وقيل: الآية محكمة، وليس فيها نسخ لأنه لا تنافي بين الآيتين، لأنه في الأولى نفي عن أكل الظلم، وفي الأخرى أباح الأكل بالمعروف على الوجه الشرعي من إجازة أو فرض أو غيرهما(1).
[3] قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15].
قال السيد عبدالله بن الحسين(2): نسخ الله هذه الآية بالآية التي في النُّور، وهي قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2].
وهو الظاهر من مذهب أخيه الهادي(3) إلى الحق -عليه السلام- بناءً على أصله أن الكتاب لا ينسخ بالسنة [35-أ] وذهب الأكثر إلى أنه نسخ بقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:
__________
(1) لمزيد حول الموضوع انظر: الناسخ والمنسوخ للإمام عبدالله بن الحسسين بتحقيقنا (تحت الطبع).
(2) عبدالله بن الحسين سبقت ترجمته.
(3) سبقت ترجمته.
[18] ((خذوا عني قد جعل الله لهنَّ سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم))(1) وصحح المنصور بالله(2) له -عليه السلام- أن الكتاب ينسخ بالسنة، كما تقدم بيانه(3).
[4] قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16](4)
__________
(1) الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن من طرق عن قتادة عن الحسن عن حطان عن عبادة بن الصامت.
انظر: سنن أبي داود (4/144)، حديث (4415)، والبخاري في تفسير سورة طه، مسلم في الحدود، (12، 14)، الترمذي في الحدود (8)، سنن ابن ماجه (2/852).
والدارمي في الحدود (19)، أحمد في المسند (3/476).
(2) سبقت ترجمته.
(3) سبق التوضيح تفصيلاً في المقدمة التوضيحية للمؤلف.
(4) للعلماء في هذه الآية والآية السابقة لها (15) من نفس السورة ثلاثة أقوال ـ العلماء الذين اتفقو على نسخها:
الأول: أن حكم الزاني والزانية كان إذا زنيا وكانا ثيبين أو بكرين أن يحبس كل واحد منهما في بيت حتى يموت، ثم نسخ هذا بالآية {واللذان يأتيانها} فصار حكمها أن يؤذيا بالسب والتعيير، ثم نسخ ذلك فصار حكم البكر من الرجال والنساء إذا زنا أن يجلد مائة جلدة، وينفى عاماً، وحكم الثيب من الرجال والنساء أن يجلد مائة ويرجم حتى يموت، وهذا القول مذهب عكرمة، وهو مروي عن الحسن عن حطان بن عبدالله الرقاشي عن عبادة بن الصامت.
الثاني: أنه كان حكم الزاني والزانية الثيبين إذا زنيا أن يحبسا حتى يموتا، وحكم البكر يؤذيا، وهذا قول قتادة وإليه كان يذهب محمد بن جابر.
الثالث: أن قوله تعالى {وللاتي يأتين الفاحشة } عاماً لكل من زنت من ثيب أو بكر، وأن يكون {والذان يأتيانها منكم} عام لكل من زنى من الرجال ثيباً كان أو بكراً، وهو قول مجاهد، وهو مروي عن ابن عباس.
انظر الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (93 ـ 96)، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (120ـ 122)، هبة الله بن سلامة (104 ـ 105)، عقود العقيان (2/خ)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين ((تحت الطبع))، بالإضافة إلى المصادر المشار إليها في حاشية الآية (15) السابقة.
كان في ابتداء الإسلام، يحد الرجل الإيذاء بالسب والتجشيم، ثم نسخ بالحبس، ثم نسخ الحبس بالجلد في غير المحصن، وبالرجم في المحصن(1).
[5] قوله تعالى [9أ-ب]: {إنَّما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالةٍ ثم يتوبون من قريب} [النساء: 17](2).
قيل الآية منسوخة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
__________
(1) كان حد الزانية أول الإسلام الحبس إلى أن تموت، أو يجعل الله لها سبيلاً، وهو عام في البكر والثيب، هذا بالنسبة للآية (15) من السورة، أما الآية (16)، فقد اقتضت أن حد الزانيين الأذى فظهر من خلال الإثنتين أن حد المرأة كان الحبس، والأذى جميعاً وحد الرجل كان الأذى فقط، ولا يختلف العلماء في نسخ هذين الحكمين عن الزانيين أي الحبس والأذى، إلا أنهم اختلفوا بماذا نسخا، فذهب قوم إلى أنهم ا نسخا بآية النور (2)، وذهب قوم إلى أن هذين الحكان نسخا بحديث عبادة بن الصامت، ((خذوا عني... إلخ))، قنسخت الآية بهذا الحديث وهؤلاء يجيزون نسخ القرآن بالسنة.
واختلف العلماء بعد ذلك بماذا ثبت الرجم فذهب البعض إلى أنه نزل به قرآن ثم نسخ لفظه، وانعقد الإجماع على بقاء حكمه، وذهب آخرون إلى أنه ثبت بالسنة.
انظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (120)، عقود العقيان (2/خ)، هبة الله بن سلامة (104ـ105).
(2) قال هبة الله بعد أن ورد الآية (18)، من النساء: {وليست التوبة.. } فنسخت في أهل الشرك، وبقيت محكمة في أهل الإيمان.
الناسخ ولامنسوخ ص (106).
وانظر بن حزم ص (32 ـ 33)، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (122 ـ 123)، ابن العربي (2/154وما بعدها)، عقود العقيان (2/خ).
الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين (تحت الطبع).
تيسير المنان للكوكباني (1/خ).
عن الربيع(1) وقيل: هي محكمة ولا نسخ فيها، وهو الوجه لأنه لا تنافي بين الآيتين(2).
[6] قوله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] [36-أ] الآية.
اختلفوا في الآية قيل: هي منسوخة، ومعنى الإستثناء: ولا ما قد سلف، وقيل: هي محكمة لا نسخ فيها، ومعنى الإستثناء: لكن من قد سلف، وهو الوجه.
[7] قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24].
اختلفو في الآية، قيل المراد بالإستمتاع نكاح المتعة(3) ونسخ بعد ذلك، وهو قول جمهور الفقهاء، ومنهم من قال: المراد بالإستمتاع النكاح الصحيح، <<فيكون المعنى، فما استمتعتم به منهنَّ من تزوجكم بهنَّ على الصحة>>(4) عن الحسن، وابن زيد(5) وقد اختلف العلماء في نسخ هذه الآية.
قال عبدالله بن الحسين(6): والقول عندنا أنها منسوخة، ونسخها الكتاب والسنة.
أمَّا الكتاب فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المعارج: 29،30].
__________
(1) سبقت ترجمته.
(2) سبق التوضيح.
(3) نكاح المتعة: هو أن يقيد عقد الزواج لوقت معين كأن يقول الرجل للمرأة: زوجني نفسك شهراً أو تزوجتك مدة سنة، أو نحو ذلك، سواءً كان ذلك صادر إمام شهود، وبمباشرة ولي أو لا، فعند المالكية والشافعية، والزيدية والحنبلية، والحنفية نكاح باطل محرم، ولم تبحه سوى الإمامية.
لمزيد حول الأدلة على تحريمه وآراء من ذهب إلى تحليله انظر:
مجمع البيان للطيرسي (2/71 ـ 73)، تفسير القرطبي (5/129 ـ 130)، تفسير ابن كثير (1/748)، زاد المسير (2/52 ـ 55)، عقود العقيان (2/خ)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين ((تحت الطبع)).
(4) ما بين [ ] ساقط من (ب).
(5) سبقت ترجمتهما.
(6) سبقت ترجمته.