وقيل غير منسوخة فلا يجوز عندهم [25-أ] ابتداء القتال في الحرم عن مجاهد(1)، والأول "هو"(2) الوجه(3) .
[12] قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [البقرة: 215](4)
__________
(1) مجاهد: سبقت ترجمته.
(2) هو: ساقط من (أ).
(3) الأول: هو الوجه أي أنها منسوخة بآية السيف، وبقوله (حتى لا تكون فتنة) البقرة (193).
(4) تمامها: {وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم}.
اختلف العلماء حول هذه الآية هل هي منسوخة أم محكمة، فروى السدي عن أشياخه أنه يوم نزلت هذه الآية لم تكن الزكاة قد فرضت لذلك فهي نفقة الرجل على أهله والصدقة يتصدقون بها فنسخها الزكاة، وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: نسخ منها الصدقة على الوالدين فصارت الصدقة لغيرهم الذين لا يرثون من الفقراء والمساكين والأقربين.
قال الحسن البصري: والمراد بها التطوع على من لا يجوز اعطاؤه الزكاة كالوالدين والمولودين، وهي غير منسوخة، وقال ابن زيد هي في النوافل وهم أحق بفضلك.
وذهب بن الجوزي إلى أنها عامة في الفرض والتطوع وأن حكمها ثابت غير منسوخ، وذهب ابن حزم إلى أن الآية منسوخة وناسخها: إنما الصدقات...الآية [سورة التوبة:6].
وقال بن العربي: هذه الآية على صدقة التطوع. لمزيد حول الموضوع، انظر ابن العربي (2/72 ـ 73)، ابن حزم ص (28)، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (79)، جامع البيان (تفسير الطبري) (2/200)، هبة الله بن سلامة ص (87)، النسخ في القرآن د/مصطفى زيد (2/654 وما بعدها).
قيل: هذه الآية وردت في التطوع ولا نسخ فيها، وقيل: الآية وردت في الزكاة، ثم نسخت ببيان مصارف الزكاة عن السدي(1) وقيل: في الزكاة المفروضة وفي التطوع، ففي الوالدين تطوع، وفريضة فيمن عداهما، لأن دفع الزكاة الى الآباء، والأمهات، والأولاد لا يجوز.
[13] قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة: 217](2).
__________
(1) السدي سبقت ترجمته.
(2) بعث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سرية، فقتلوا عمر بن الحضرمي في أول ليلة من رجب فعيرهم المشركون بذلك فنزلت هذه الآية وهي تقتضي تحريم القتال في الشهر الحرام لقوله {قل قتال فيه كبير}، قال ابن مسعود وابن عباس لا يحل، وروى عبدخير عن علي -عليه السلام- في الآية قال: نسختها {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
وقال سعيد بن المسيب، وسلمان بن يسار وسائر علماء الأمصار أن القتال في الأشهر الحرم جائز، وأن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى {فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} التوبة (29).
انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (32 ـ 33). نواسخ القرآن (80 ـ 82)، الناسخ والمنسوخ لقتاده، مجلة المورد ص (488)، الناسخ والمنسوخ لهبة الله ص (87 ـ 88).
قيل: نزلت في قصة واقد بن عبدالله، رجل من المسلمين حين قتل عمرو بن الحضرمي(1) مشركاً، في أول رجب، فعيرهم المشركون بأنهم [6ب ـ ب] استحلوا [26 ـ أ] الشهر الحرام، <<ونزلت الآية، واختلفوا فقيل: هي منسوخة بآية السيف، ويجوز قتال الكفار في الشهر الحرام>>(2) عن أبي علي(3) والقاضي(4)، وهو إجماع العترة -عليهم السلام-.
وقيل: التحريم ثابت لم ينسخ عن جماعة(5)، والأول هو الوجه(6).
[14] قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}[البقرة: 219](7)
__________
(1) عمرو بن الحضرمي: وردت في الأصل ((عمر )) والصحيح ما أثبتناه.
(2) ما بين [ ] ساقط من (ب).
(3) أبو علي: سبقت ترجمته.
(4) القاضي: لعله القاضي الكني أوالقاضي جعفر بن عبدالسلام. والله أعلم.
انظر لوامع الأنوار للسيد العلامة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي(1/479)، وانظر معجم المفسرين (1/28)، القاضي التنوخي (231 ـ 318)، (1/255) قاضي القضاه.
(5) من العلماء من قال أن الآية محكمة هو عطاء: وقد أجمع العلماء أن الآية منسوخة، وأن قتال المشركين في الشهر الحرام مباح غير عطاء فإنه قال: الآية محكمة ولايحوز القتال في الأشهر الحرم.
انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص (32 ـ 33)، النسخ في القرآن (2/660 ـ 665)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين بتحقيقنا.
(6) أي أنها منسوخة.
(7) اختلف العلماء في هذه الآية: فذهب قوم الى أنها تضمنت ذم الخمر لا تحريمها، وممن ذهب إلى هذا القول: ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتاده.
وذهب آخرون الى أنها تضمنت التحريم، وهو مذهب الحسن وعطاء، قال أبو جعفر النحاس: قال جماعة من العلماء هذه الآية، ناسخة لما كان مباحاً من شرب الخمر، وقال آخرون: هي منسوخة بتحريم الخمر في قوله فاجتنبوه.
وقال هبة الله بن سلامة: أن الله تعالى حرم الخمر في أوطان خمسة:
أولهن: قوله تعالى: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً) [النمل: 67].
لمزيد حول الموضوع انظر:
نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (82)، الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (40 وما بعدها)، الناسخ والمنسوخ لهبة الله ص (88 ـ 91)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين -عليه السلام- بتحقيقنا. تحت الطبع.، الناسخ والمنسوخ للإمام محمد بن المطهر ((تحت التحقيق))، الجزء (2).
[15] وقوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67].
هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] وبقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] والإثم اسم للخمر، قال الشاعر(1)
شربت الإثم حتى زال عقلي ... كذاك الإثم يفعل بالعقول
وقال عزوجل عند مسألة الناس لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
ولا خلاف أن الخمر كانت حلالاً ثم حرمت، <<واختلفوا بما حرمت>>(2) فقيل بهذه الآية وهو اختيار القاضي(3) وقيل بآية المائدة(4).
[16] قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ} [البقرة: 219](5)
__________
(1) البيت عند هبة الله بن سلامة هكذا:
شربت الإثم حتى ضل عقلي
كذاك الإثم يلعب بالعقول
الناسخ والمنسوخ ولهبة الله ص (91).
وفي مجمع البيان للطبري نسب البيت إلى الأخفش، شربت الإثم مجمع البيان (3/8/49)، وانظر تفسير القرطبي (7/200).
(2) ما بين [ ] ساقط من (ب).
(3) القاضي: سبق التوضيح.
(4) انظر لمزيد حول الموضوع وكذا مراحل تحرير الخمر: الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين. تحت الطبع.
(5) وسبق إتمام الآية في حاشية سابقة.
وفي المراد بالأنفاق ثلاثة أقوال:
الأول: أنه الصدقة والعفو ما يفضل عن الإنسان، وقيل أن المراد بهذه الصدقة: الزكاة وهو ما ذهب إليه مجاهد قال: العفو الصدقة المفروضة.
الثاني: أن الإنفاق كان فرضاً قبل الزكاة، وذلك بأن ينفقوا ما يفضل عنهم فكان أهل الحرث يأخذون قدر ما يكفيهم من نصيبهم ويتصدقون بالباقي.
الثالث: نفقة التطوع.
وقال ابن العربي: هذه الآية بالأحكام أقعد منها بالناسخ والمنسوخ وبيانها فيها فأما النسخ فلا سبيل اليه لعدم شرطه من التعارض والتقدم والتأخر وغير ذلك.
لمزيد حول الموضوع انظر:
جعفر النحاس ص (52 ـ 54)، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (83 ـ 84)، الناسخ والمنسوخ للحلي ص (47)، هبة الله ص (91 ـ 92)، المصفى بأكف أهل الرسوخ (20)، ابن العربي (2/75).
قيل: الآية في التطوع، والعفو هو الفضل (1) أخذ من عفو خطام الدابة، وقيل في الفريضة، وهي منسوخة بآية الزكاة (2) وهذا الوجه عند إمامنا المنصور بالله -عليه السلام-(3)
[17] قوله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ} [البقرة: 221].
__________
(1) العفو: للعفو في اللغة خمسة موارد:
الأول: العطاء يقال جاء بالمال عفواً أي مبذولاً من غير عوض.
الثاني: الإسقاط ونحوه (اعف عنا)، وعفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق.
الثالث: الكثرة ومنه قوله تعالى: ((حتى عفوا))، أي كثروا ويقال عفا الزرع أي طال.
الرابع: الذهاب ومنه قوله ((عفت الديار)).
الخامس: الطلب يقال عفيته، ومنه قوله ما أكلت العافية فهو صدقة، ومنه قول الشاعر: تطوف العفاة بأبوابه.
انظر: الناسخ والمنسوخ لابن العربي (2/75).
(2) آية الزكاة هي: { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103].
(3) المنصور بالله: سبقت ترجمته.
الآية تدل على تحريم نكاح المشركة، واختلفوا فمنهم من قال: المراد به الوثنية والمجوسية دون أهل الكتاب، ولا نسخ ولا تخصيص في الآية، ومنهم من قال: أن الآية تتناول [28-أ] كل الكفار، لأن الشرك من جهة الشرع يطلق على الكل، ثم اختلف هؤلآء على ثلاثة أقوال: فزعم بعضهم أنَّ الآية منسوخة من الكتابيات بالآية في المائدة (1) عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والربيع،(2).
وزعم بعضهم أنها "مخصوصة"(3) بها، عن سعيد بن جبير، وقتادة(4) وزعم بعضهم أنها على ظاهرها في تحريم نكاح كل كافرة، كتابية كانت أو مشركة، روي ذلك عن بن عمر(5)
__________
(1) المائدة: أي آية المائدة وهي الآية (5) من السورة المذكورة.
(2) ابن عباس و.... الربيع سبقت ترجمة كل من ابن عباس ومجاهد والحسن، أما الربيع فهو: الربيع بن أنس البكري البصري ثم الخراساني محدث، مفسر من أهل البصرة: له تفسير القرآن ويرجع إليه الثعلبي في كتابه ((الكشف))، والبيان فيأخذ منه على أنه تفسير أبي العالية والربيع توفي سنة (139هـ/756م).
انظر: معجم المفسرين (1/189)، وتهذيب التهذيب (3/238).
(3) في (أ) بخصوصه.
(4) سعيد بن جبير وقتاده: سبقت ترجمة قتاده، أما سعيد فهو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي بالولاء الكوفي، أبوعبدالله، من سادات التابعين علماً وفضلاً، وصدقاً، وعبادة، وواحد من أقدم مفسري القرآن له تفسير مفقود قتله الحجاج صبراً لخروجه عليه سنة (95هـ/714م).
انظر معجم المفسرين (1/208)، تهذيب التهذيب (4/11)، حلية الأولياء (4/272)، الجرح والتعديل (4/9).
(5) ابن عمر هو: عبدالله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبو عبدالرحمن صحابي له في كتب الحديث (2630)، حديثاً كما ورد عنه اليسير من التفسير، توفي سنة (73هـ/692م).
انظر: معجم المفسرين (1/317)، تهذيب التهذيب (5/328)، حلية الأولياء (1/292).
ومحمد بن علي الباقر(1) <<وهو مذهب الهادي والقاسم(2) -عليهم السلام- وتأول الهادي -عليه السلام- في الأحكام>>(3) [في] آية المائدة إذا أسلمت بعد أن كانت كتابية(4).
[18] قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].
قيل كان في ابتداء الإسلام إذا طلق الرجل امرأته وهي حُبلى فهو أحق برجعتها ما لم تضع ولدها سواء كان ثلاثاً أو أكثر أو أقل فنسخ الله تعالى ذلك بقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] [29-أ]
[19] قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 229].
__________
(1) الباقر: سبقت ترجمته.
(2) الهادي والقاسم: سبقت ترجمة الأول أما الثاني فهو: الإمام الأعظم القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الحسني العلوي، أبو محمد المعرف بالرسي فقيه شاعر، من أئمة الزيدية الكبار من اثارة الناسخ والمنسوخ (خ)، تفسير القرآن من مواليد سنة (169هـ/785م)، توفي سنة (246هـ/860م).
انظر: معجم المفسرين (1/431)، المصابيح لأبي العباس الحسني تحقيقنا. تحت الطبع.
(3) ما بين [ ] ساقط من (ب).
(4) لمزيد حول الموضوع انظر كتاب الأحكام في بداية الحلال والحرام للإمام الهادي يحيى بن الحسين -عليه السلام- (1/307 ـ 313).
الناسخ والمنسوخ للإمام عبدالله بن الحسين. بتحقيقنا ((تحت الطبع)).
ولفظ ما قاله الهادي هو: آية المائدة محمولة على من أسلم من الكتابيات.
قيل إن أول الآية منسوخ بقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] [الآية [وقيل]: منسوخة بقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء:4] <<الآية>>(1) <<وقيل ليست بمنسوخة>>(2) وهو الوجه، والإستثناء يخص إباحة الأخذ من المختلعة، وأول مختلعة كانت في الإسلام جميلة ابنت سهل(3) كانت عند ثابت بن قيس بن شماس(4) فأتت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقالت: يا رسول الله لا أنا ولا ثابت، فقال لها -صلى الله عليه وآله وسلم-:
[[13]] ((أتردين عليه حديقته ؟!)) وكان تزوجها على حديقة نخل، فقالت: نعم وأزيد.
فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أمَّا الزيادة) فلا.
فقال ثابت هل يطيب لي ذلك يا رسول الله ؟.
__________
(1) ما بين [] ساقط من (ب).
(2) ما بين " " ساقط من (أ).
(3) أختلف في إسم هذه المرأة فقال الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع) إسمها جميلة بنت عبد الله بن أبي، وقيل: حبيبة بنت سهل الأنصارية، وقيل جميلة بنت عبدالله بن أبي سلول، وهي حبيبة بنت سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبه، اختلعت من ثابت بن قيس فيما روى أهل المدينة، وكانت أول من اختلعت في الإسلام. لمزيد حول ترجمتها وإثبات صحة إسمها والإختلاف حول ذلك انظر:
عقود العقيان (2/خ)، الإصابة (4/270 ت 275)، سير أعلام النبلاء (1/312).
(4) ثابت بن قيس: هو ثابت بن قيس بن شماس بن زهير، أبو محمد، وقيل: أبو عبدالرحمن، خطيب الأنصار كان من نجباء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يشهد بدراً، وشهد أحد، وبيعة الرضوان وقد استشهد باليمامية سنة (12هـ)، لمزيد حول ترجمته انظر:
سير أعلام النبلاء (1/308)، تهذيب التهذيب لابن حجر(2/11ـ 12).
قال: نعم. فطلقها عليه(1)
[20] قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ [7-ب] غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240].
كانت المرأة إذا مات زوجها اعتدت سنة، ولها النفقة في ماله، والسكنى في منزله(2) فنسخ الله المدة بقوله تعالى:{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] <<ونسخت>>(3) الوصية التي فيها بآية المواريث(4) عند يحيى الهادي(5) -عليه السلام- ومن قال بقوله.
وقيل: بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
__________
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى بروايات وألفاظ عدة (7/312).
(2) كان أهل الجاهلية إذا مات أحدهم مكثت زوجته في بيته حولاً ينق عليها من ميراثه فإذا تم الحول خرجت إلى باب بيتها ومعها بعرة فرمت بها كلباً، وخرجت بذلك من عدتها، وكان معنى رميها بالبعرة: أنها تقول مكثي بعد وفاة زوجي أهون عندي من هذه البعرة، فما جاء الإسلام أقرهم على ماكانو عليهن مكث الحول بآية البقرة (240)، ثم نسخ ذلك بالآية المتقدمة (234)، ونسخ الأمر بالوصية لها بما فرض لها من ميراثه وهو قول الجماعة، وقيل كان للبومي زوجها نفقتها وسكناها في الدار سنه فنسخها آية الميراث فجعل لهن الربع والثمن مما ترك الزوج.
وقيل كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولاً من ماله مالم تخرج من بيته.
انظر: نواسخ القرآن ص (90)، وما بعدها.
(3) في (أ): ونسخ.
(4) أي فنسختها آية الميراث إذ جعل لهن الربع والثمن مما ترك الزوج، انظر نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (91)، الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (69 ـ 74)، هبة الله بن سلامة ص (95)، عقود العقيان (2/خ).
(5) الهادي: ساقط من (أ) وهو يحيى بن الحسين: سبقت ترجمته.
[[14]] ((لا وصية لوارث))(1) وعليه الأكثر، وهو إخيتار الإمام المنصور بالله -عليه السلام-(2) ونسخه للمدة لا يكون نسخاً لوجوب النفقة، لأن الآية إذا تضمنت حكمين فنسخ أحدهما لا يكون نسخاً للآخر، هذا مذهب الأكثر، وعلى قول المؤيد بالله(3) في ذلك نظر ورجح الحاكم(4) أن الآية منسوخة على كل حالٍ ولم يفصل.
[21] قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256](5)
__________
(1) الحديث: سبق تخريجه.
(2) المنصور بالله: هو الإمام عبدالله بن حمزة. سبقت ترجمته.
(3) المؤيد بالله: هو الإمام أحمد بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب من أئمة الإسلام وعلماء الزيدية الأعلام، وصاحب التصانيف المفيدة والأنظار السديدة، ولد سنة (333هـ)، بآمل، ونشأ على العلم والصلاح قام بأمر الأمة سنة (380هـ)، وبويع له بالديلم وكان غزير العلم واسع الرواية توفي بآمل سنة (421) له العديد من المؤلفات منها كتاب الإفادة، كتاب التجريد، الأمالي الصغرى، وغيرها، انظر:
طبقات الزيدية (خ)، الجواهر المضيئة (خ)، الفلك الدوار ص (63 ـ 64).
(4) الحاكم: سبقت ترجمته.
(5) وقد اختلف العلماء في قوله تعالى ((لا إكراه في الدين)) أهو محكم، أو منسوخ فذهب قوم إلى أنه محكم، ثم اختلفوا في وجه احكامه على قولين:
الأول: أنه من العام المخصوص، وأنه خص منه أهل الكتاب، فإنهم لا يكرهون على الإسلام بل يخيرون بينه، وبين أداء الجزية، وهو مروي عن ابن عباس، ومجاهد، وقتاده، وقال ابن عباس {لا إكراه في الدين}، وذلك لما دخل الناس في الإسلام وأعطى أهل الكتاب الجزية.
وقيل أن المقصود بالدين ليس الدين على اعتباره ما يدين به المرء الظاهر، وعلى جهة الإكراه عليه ولم يشهد به القلب وينطوي عليه الضمائر، ليس كذلك وإنما بإعتباره المقعد بالمقلب وهو ما ذهب إليه أبو بكر بن الأنباري.
الثاني: أنه منسوخ، وعلل من ذهب الى هذا القول بأن الآية نزلت قبل الأمر بالقتال، ثم نسخت بآية السيف، وهذا قول الضحاك والسدي وابن زيد.
وعن عتبة بن حكيم عن سليمان بن موسى قال: هذه الآية منسوخة (لا إكراه في الدين)، نسختها {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين} التوبة (73).
قال الناصر (ع)، ويجوز كلا الوجهين، قد تبين الرشد من الغي، قرأ الحسن ومجاهد، والأعرج بفتح الراء والسين قيل هما لغتان، كالحرب بضم الحاء وتسكين الراء وبفتحها معاً، وقرأ عيسى بن عمر بضم الراء والسين والباقون بضم الراء وجزم السين والمعنى قد ظهر الإيمان من الكفر والهدى من الضلال والحق من الباطل.
لمزيد حول الموضوع انظر:
عقود العقيان (/خ)، الناسخ والمنسوخ لابن حزم (30)، أبو جعفر النحاس ص (76 ـ 77)، العتائقي الحلي ص (50)، المصفى بأكف أهل الرسوخ ص (21)، هبة الله بن سلامة ص (96)، نواسخ القرآن ص (92 ـ 94)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين بتحقيقنا ((تحت الطبع)).