[7] {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: 66] نسخ بذلك وجوب وفوق الواحد للعشرة، ومن ذلك قوله: [8] {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [المجادلة: 13].
فنبه بذلك على سقوط وجوب تقديم تلك الصدقة(1).
ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-:
[[5]] ((إني كنت أذنت لكم في الإستمتاع بهذه النساء ألآ وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة))(2).
وقوله -صلى الله عليه وآله وسلم-:
[[6]] ((إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألآ فزوروها(3))) وكل دليل ورد [13-أ]، وكان يقتضي زوال الحكم الثابت بنص متقدم على نظائره، على وجه لولاه لكان ثابتاً بالأول، فالثاني يجب أن يكون ناسخاً بأي عبارة كان، وقد يعلم الحكم منسوخاً، بأن يوجب الله شيئاً يضادده ولا يصح اجتماعه معه،وإن لم يكن يذكر فيه نهياً ولا لفظ نسخ، وقد يعلم الناسخ ناسخاً [4أ-ب] ببيان إذا لم يكن لفظه مبيناً، مثل ما رواه الهادي إلى الحق -عليه السلام-(4) أن الوصية للوالدين والأقربين نسخت بآية المواريث(5)، وإن كان ليس في ظاهرها منافاة توجب النسخ إلاَّ أنا علمنا النسخ ببيان قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:
__________
(1) الآية لا تدل على نسخ تقديم الصدقة على مفاجأة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- لأنه ليس في التوبة علينا، ولا في الأمر بالصلاة والزكاة ما يمنع من ذلك، وإنمَّا يعلم النسخ من قصده -صلى الله عليه وآله وسلم- فلما عرف من قصده جرى مجرى النص الصريح.
انظر: منهاج الوصول، ص(458).
(2) سبق تخريج الحديث.
(3) الحديث أخرجه الحاكم في مستدركه، والمتقي الهندي في المنتخب، منتخب كنز العمال. (4/462).
(4) سبقت ترجمته.
(5) سيأتي التوضيح لاحقاً.

[[7]] ((إن الله قد أعطى كل ذي حقٍ حقه ألا لا وصية لوارث))(1).
[الطريق التي يعلم بها تاريخ الناسخ والمنسوخ]
(3) فصل: في الطريق التي يعلم بها تاريخ الناسخ والمنسوخ
فهي تعرف بوجوه منها(2):
(1)- أن يكون في لفظ الناسخ ما يدل على أنه بعده، نحو ما تقدم من الأمثلة.
(2)- ومنها أن يكون الناسخ مضافاً إلى وقت أوما يجري مجراه يُعلم به أنه <<من بعد وقت المنسوخ>>(3) [14ـ أ] مثل ما روى قريء علينا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ونحن بأرض جهينة(4) قبل موته بشهر، وروى بشهرين:
[[8]]: ((ألا لا تنتفعوا من الميتة بشيء))(5) فكان هذا ناسخاً لحديث سَودَة(6) في طهارة جلود الميتة بالدَّبغ(7)
__________
(1) رواه أبو داود في كتاب الوصايا باب ما جاء في الوصية لوارث (3/114) حديث 287 والنسائي في كتاب الوصايا باب ابطال الوصية للوارث (6/557) ج (3643)، والترمذي (4/434) (2121)، وابن ماجه حديث (2712)، والمتقي الهندي في منتخبه (2/450).
(2) في (ب): ((وأمَّا..... فهي.....)).
(3) ما بين [ ] ورد في (ب) هكذا: بعد وقت المنسوخ.
(4) جهينة: من قبائل الحجاز كانت تمتد من منازلها على الساحل من جنوبي دير بلي حتى ينبع انظر: معجم قبائل العرب لكماله (1/214 /215)
(5) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن عبدالله بن عكيم رجل من جهينة ولفظه ((الاّ تنتفعوا من الميتتة بإهاب ولا عصب)).
السنن الكبرى (1/14 ـ 15).
(6) سودة: هي سودة بنت زمعة بن قيس زوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- تزوجها -صلى الله عليه وآله وسلم- بعد خديجة وقبل عائشة، روت عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- وعنها ابن عباس ويحيى بن عبدالله بن عبدالرحمن بن سعد بن زراره توفيت سنة (54هـ)، وقيل (65هـ). انظر:
تهذيب التهذيب (12/426 ـ 427)، ت (8968).
(7) لمزيد حول الموضوع راجع:
السنن الكبرى للبيهقي (1/15 وما بعدها)، سنن الدار قطني (1/41 وما بعدها) المعجم الكبير للطبراني (11/134)، ح (11383، 11384) (23/426ح1034، 1035 وحتى 1039).

- ومنها أن يكون المعلوم من حال الراوي لأحدهما أنه صحب رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- بعد ما صحبه الآخر فإن عند صحبته له انقطعت صحبة الأول، أو يكون المعلوم من حال الحديث الأول، أنه إن كان في وقت قبل صحبة الثاني.
مثال ذلك: حديث قيس بن طلق(1) أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يؤسس مسجد المدينة، فسأله عن مس الذكر ثم روى أبوهريرة(2) عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- شيئاً في من مس ذكره(3) والمعلوم من حال أبي هريرة أنه صحب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من بعد، فحديثه ناسخ.
- ومنها أن يعلم التاريخ [15-أ] من قول الصحابي مثل ما روي عن عائشة(4)
__________
(1) قيس: هو قيس بن طلق بن علي بن المنذر. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (8/398ت5800).
وانظر مارواه في السنن الكبرى للبيهقي (1/134 ـ 136).
والصحيح أنه طلق بن علي وليس قيس بن طلق.
(2) أبو هريرة:اختلف في اسمه وإسم أبيه اختلافاً كثيراً فقيل اسمه عبدالرحمن بن صخر وقيل: ابن غنم، وقيل: عبدالله بن عائذ، وغير ذلك.
لمزيد حول ترجمته انظر: تهذيب التهذيب (12/262 ـ 267) ت (8773).
(3) الحديث هو: ((من مس فرجه فليتوضأ ومن مسه يعني من وراء الثوب فليس عليه وضوء)) انظر السنن الكبر (1/134).
(4) عائشة: هي عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- روت عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- وعن أبيها وعمر وحمزه بن عمرو الأسلمي.
أخبارها كثيرة توفيت في رمضان سنة (58هـ)، وقيل (57هـ).
انظر: تهذيب التهذيب (12 /433 ـ 436) ت (8989).

[10] ((كان مما أنزل الله عشر رضعات يَحْرمن، ونسخن بخمس))(1)
[11] وسئل بن مسعود(2) عن (التحيات الصلوات (3) في التشهد فقال كان ذلك ثم نسخ، فنحن نقبل روايته في التاريخ، وإن كنَّا لا نقلده في مذهبه، إن ذلك منسوخ بل نطالبُ بالحجة على النسخ [4ب ـ ب] فإن اجتمعت شرائطه فنسخ.
(5) - ومنها: أن يكون إحدى الآيتين أو الخبرين يقتضي حكماً عقلياً والآخر يقتضي حكماً شرعياً، فيجب العمل على الشرعي لأنه الطارئ، هذا إذا جهل التاريخ فإن علم فالحكم له.
وعند جهالة التاريخ يجب الجمع بين الآيات والأخبار ما أمكن، فإن لم يمكن رجع إلى الترجيح، فإن تعارض العمومات ولم يظهر بينهما ترجيح أطرحا وسقط حكمهما، وإنما يظهر الترجيح بين الخبرين بأن يكون راوي أحدهما أشد ورعاً، وتشدَّداً في الرواية، أو يكون أحدهما أكثر رواةً من الآخرى أو يعمل الأكثر على أحدهما [16-أ] أو يكون مضبوط الإسناد، والآخر مرسل لا يُعلم إسناده، وتحرير ذلك وتفصيله يخرجنا إلى الإسهاب، وموضعه بكتب أصول الفقه(4) البسيطة، وفيما ذكرناه كفاية وتنبيه على مالم يذكر.
__________
(1) عن عائشة، قالت لقد نزلت آية الرجح ورضعات الكبير عشراً وكانت في ورقة تحت سرير في بيتي، فلما اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- تشاغلنا بأمره ربيبة لنا فأكلتها، تعني الشاة، قال ابن أبي داود: بإسناده عن عائشة: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات يحرمن، ثم نسخت بخمس رضعات معلومات أخرجه مسلم. انظر صحيح مسلم بشرح النووي (10/29).
(2) ابن مسعود: سبقت ترجمته.
(3) ما بين (( )) ورد في (ب) هكذا: التحية.
(4) الكتب في هذا الموضوع كثيرة كـ(غايه السؤل)، و(كافل لقمان)، (منهاج الوصول)، (المستصفى) للغزالي وغير ذلك يطول.

[ذكر السور على نسق المصحف الشريف]
ولنرجع إلى ذكر السور على النسق إن شاء الله تعالى.
[(1) - فاتحة الكتاب](1)
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطاهرين وسلم(2).
فاتحة الكتاب: نزلت بمكة(3)، <<وفي المدينة>>(4)
__________
(1) فاتحة الكتاب: أجمع علماء الشريعة على إن سورة الفاتحة ليس فيها ناسخ ولا منسوخ، لأنَّ أولها ثناء وآخرها دعاء، وقد سميت بفاتحة الكتاب لافتتاح المصاحف بكتابتها، ولوجوب قراءتها في الصلاة، كما سميت بسورة الحمد، لأن فيها ذكر الحمد، كما سميت ((بأم الكتاب)) لتقدمها على سائر سور القرآن، كما سميت بالسبع المثاني، لأنَّها سبع آيات لا خلاف في جملتها، والمثاني لأنها تثني بقراءتها في كل صلاة ونفل، وقيل لأنَّها نزلت مرتين.
كما سميت بالوافية لعدم انتصافها في الصلاة، والكافية لأنها تكفي عمَّا سواها ولا يكفي سواها عنها، كما تسمى بالأساس للحديث الذي رواه ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وتسمى أيضاً بالشفاء لما روي عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- فاتحة الكتاب شفاء من كل داء، وتسمى أيضاً الصلاة.
و هي مكية عن ابن عباس، وقتادة، ومدنية عن مجاهد، وقيل: أنزلت مرتين مرة بمكة، ومرة بالمدينة، وممَّن قال إنها مكية علي بن أبي طالب، والحسن، وأبي العالية وأبي ميسرة، وممَّن قال إنها مدنية أبي هريرة وعطاء، وعبيد بن عمير.
وقد وردت في فضلها أحاديث كثيرة. انظر عقود العقيان (1/خ)، وكتب الحديث.
(2) الصلاة على النبي وآله لم تذكر في (ب)، وذكرت قبل البسملة.
(3) مكة: مدينة قديمة أزلية معمورة مقصودة من جميع الأراضي الإسلامية مسقط راس الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- كانت مركزاً تجارياً وثقافياً هاماً تقع على بعد (80كم) شرق البحر الأحمر، هاجر فيها الرسول ثم دخلها، داهمها القرامطة (318هـ/930) على غرة ونهبوا وقتلوا الحجاج وحملوا الحجر الأسود.
لمزيد حول ذلك انظر: الروض المعطار ص (93)، المنجد ص (681).
(4) ما بين " " ساقط من (أ).
والمدينة: هي مدينة بالحجاز شمال مكة، دعيت قديماً بيثرب، وهي محاطة بالجبال إلا من الجنوب، هاجر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- إليها سنة (622م)، وهي عاصمة الخلافة الإسلامية بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، تبعد عن مكة ب (240) كيلوا متراً.
لمزيد حول ذلك انظر: دائرة معارف القرن العشرين (8/528 ـ 552).
معجم البلدان لياقوت (5/430)، الروض المعطار (401 ـ 402).

مرة أخرى، ليس فيها ناسخ ولا منسوخ، لأنَّ أولها ثناء وآخرها دعاء.
[(2) - سورة البقرة]
سورة البقرة: مدنية إجماعاً (1).
[1] قوله تعالى: {يُنفِقُونَ} (2)، المراد بالنفقة <<هاهنا>>(3) الزكاة، وقيل كانت صدقة واجبة نسخت بالزكاة والوجه هو الأول فليس في الآية نسخ (4)
__________
(1) سورة البقرة: قال بن عباس: هي أول ما نزل بالمدينة، وهذا قول الحسن، ومجاهد وعكرمة، وجابر بن زيد، وقتادة، ومقاتل، وذكر قوم أنها مدنية سوى آية وهي قوله {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} الآية 281 فإنهانزلت يوم النحر بمنى في حجة الوداع.
زاد المسير (1/19 ـ 20)، عقود العقيان (1/خ).
(2) الآية (3) من سورة البقرة: والآية كاملة {والذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}.
(3) ما بين " " ساقط من (ب).
(4) اختلف العلماء حول المراد بالنفقة في الآية، ويمكن أن نوضح الآراء حولها كالتالي:
الأول: ذهب بن مسعود وحذيفة الى أن المقصود بالنفقة هنا هي النفقة على الأهل والعيال.
الثاني: ذهب ابن عباس وقتاده وطائفة وهم الأكثرون إلى أنها الزكاة المفروضه.
الثالث: ذهب مجاهد والضحاك إلى أنها الصدقات النوافل.
الرابع: أن المراد بها نفقة كانت واجبة قبل الزكاة، قال مقاتل بن حبان، وجماعة كل ما فضل عن الزكاة نسخته الزكاة المفروضة، وقال أبو جعفر بن زيد بن القعقاع، نسخت الزكاة المفروضة كل صدقة في القرآن، ونسخ شهر رمضان كل صيام في القرآن، ونسخت ذباحة الأضحى كل ذبح.
حكى ابن الجوزي ان بعض ناقلي التفسير ((زعموا أنه كان فرض علي الأنسان أن يمسك مما في يده قدر كفايته يومه وليلته ويفرق باقيه على الفقراء، ثم نسخ ذلك بآية الزكاة))، نواسخ القرآن. لابن الجوزي ص (41).
ومن خلال لفظ الآية نجد أن الأسلوب الذي صيغت فيه الآية أسلوب خبري محض لم يقصد به ـ في راينا ـ أن يشرع حكماً، خصوصاً أنه عز وجل أريد به المدح، والثناء للمتقين {والذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة}، ونسخ الخبر لا يجوز لأنه تكذيب للمخبر، وهذا محال على الله عز وجل وبناءاً عليه فلا وجه للنسخ في الآية لأنها تشير إلى الصدقات النوافل والترغيب فيها وما دامت كذلك فهي تحتمل العموم، وبالتالي فهي محكمة. لمزيد حول الموضوع راجع:
نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (41)، المصفى بأكف أهل الرسوخ لابن الجوزي أيضاً ص (14)، النسخ في القرآن د/ مصطفى زيد (1/411 ـ 413).
الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة ص (76).

[2] قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ [17-أ] وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62](1).
قيل: منسوخة بقوله تعالى:
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] هكذا روي عن عبدالله بن عباس(2) -رضي الله عنه- قال شيخنا الحاكم (3)
__________
(1) اختلف المفسرون في نمعنى هذه الآية على ثلاثة أقوال:
الأول: أن المعنى، الذين آمنوا من هذه الأمة، والذين هادوا هم أتباع موسى، والنصارى، وهم أتباع عيسى، والصابؤن: الخارجون من الكفر إلى الإسلام.
الثاني: إن الذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون، والذين هادوا اليهود والنصارى، والصابؤن وهم الكفار.
الثالث: إن المعنى ((الذين آمنوا)). ومن آمن من الذين هادوا وقد قيل: أنها منسوخة بقوله تعالى: ((ومن يبتغ غير الإسلام ديناً)) عن ابن عباس.
أنظر: نواسخ القرآن ص (42-43)،..... بن سلامة ص (76-77).
(2) الرواية عن ابن عباس: أخرجها الطبري في تفسيره (2/155)، الأثر (1114)، وانظر: النسخ في القرآن (1/413).
(3) شيخنا الحاكم: هو المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي البيهقي، أبو سعد (413 ـ 494هـ/1022 ـ 1101)، ويقال له الحاكم الجشمي: مفسر، متكلم، أصولي، حنفي، ثم معتزلي، ثم زيدي قرأ بنيسابور وغيرها، وهو من شيوخ الزمخشري ـ دخل صنعاء واشتهر بها، وقتل بمكة، قيل لرسالة ألفها إسمها "رسالة الشيخ إبليس الى إخوانه المناحيس طبعت، من أثاره: التهذيب، في تفسي القرآن ثمانية مجلدات.
انظر: معجم المفسرين (2/463 ـ 464)، الأعلام (6/176) معجم المؤلفين (8/187).

-رحمه الله تعالى: والأولى أنها غير منسوخة، لأنه لا تنافي بين الآيتين، ومن حق الناسخ والمنسوخ <<وقوع>>(1) التنافي بينهما <<لأنه قال: (من آمن بالله واليوم الآخر)، والإيمان بالله، يقتض الإيمان بكتبه ورسله، وفي جملتها القرآن، ونبيئنا -صلى الله عليه وآله وسلم- ويدخل فيه الإيمان بالإنجيل، وبعيسى (2) -عليه السلام- ولا يدخل فيهم من بدَّل من التوراة أو من الإنجيل شيئاً>>(3).
[3] قوله تعالى: {قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}[البقرة: 83]. (4)
__________
(1) - ما بين القوسين (( )) ساقط في (ب).
(2) عيسى: هو أحد أصحاب أولي العزم الخمسة، ومن أرفع الأنبياء شأناً ومكانة، ويسمى المسيح، وعيسى، ويسوع. أمه: مريم ابنة عمران العذراء البتول، وكان والد مريم عمران بن ماثان من سلالة النبي سليمان بن داود -عليه السلام-، وكان نبياً من أنبياء الله تعالى، يوحي إليه، وكانت زوجته جدة المسيح تسمى حنه، وأبوها فاقود بن فتيل، وقد نشأ عيسى في كنف أمه ترعاه حتى شب عن الطوف وغدا شاباً صبوحاً عليه كل علائم الطهر وبقي كذلك حتى بلغ الثلاثين من عمره، وعندئذٍ نزل عليه الوحي.
لمزيد حول ترجمته وأخباره انظر تواريخ الأنبياء للسيد حسن اللوساني ص (354ـ 383).
(3) ما بين [ ] ساقط في (ب).
(4) الآية كاملة {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدوا إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتاميى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيمو الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلاً منكم وأنتم معرضون}
وقد اختلف المفسرون في المراد بالمخاطبين ((وقولوا)) على قولين:
الأول: أنهم اليهود قاله ابن عباس وابن جبير، وابن جريح، ومقاتل.
الثاني: أنهم أمة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-.
ثم اختلف أرباب هذا القول فقال الحسن البصري مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، وقال رفيع بن مهران الرياحي أبو العاتبة: وقولوا للناس معروفاً، وقال محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر الباقر كلموهم بما تحبون أن يقولوا لكم وبناءاً على كل ذلك فالآية محكمة، وقال عطاء محكمة.
كما ذهب قوم الى أن المراد بذلك ـ مساهلة المشركين في دعائهم إلى الإسلام، والآية عند هؤلاء منسوخة بآية السيف، الآية (5) من التوبة، وهذا قول بعيد، لأن لفظ الناس عام فتخصصه بالكفار يقتصر إلى دليل ولا دليل هاهنا، ثم إن إنذار الكفار من الحسنى.
لمزيد حول الموضوع راجع:
نواسخ لقرآن لابن الجوزي ص (43 ـ 44)، الناسخ والمنسوخ لهبة الله ص (77 ـ 78)، الناسخ والمنسوخ للعتائقي ص (40 ـ 41).
المصفى بأكف أهل الرسوخ ص (15)، الناسخ والمنسوخ لابن حزم الأندلسي ص (20 ـ 21).

قيل هي خاصة في المؤمن، وقيل هي عامَّة في المؤمن والكافر [5أ-ب] عن محمد بن علي (1)
__________
(1) هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ((أبو جعفر الباقر))، العلوي الفاطمي المدني، ولد سنة (56هـ)، وقيل (57هـ)، روى عن جديه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأمير المؤمنين علي -عليه السلام- مرسلاً، وعن ابن عباس، وأم سلمة، وعائشة، وابن عمر، وجابر وأبي سعيد، وعبدالله بن جعفر، وسعيد بن المسيب، وأبيه الإمام زين العابدين، ومحمد بن الحنفية، وغيرهم، حدث عنه: ابنه وعطاء بن أبي رباح، والأعرج، وعمرو بن دنيار، وأبو إسحاق السبيعي، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وابن جزع، وقرة بن خالد، وحجاج بن أرطأة، والأعمش، وآخرون.
اشتهر الباقر من بقر علمه أي شقة فعرف أصله وخفية، وكان إماماً مجتهداً، تالياً لكتاب الله، ثقة. لمزيد حول ترجمته انظر: طبقات الزيدية (خ)، طبقات ابن سعد (5/320)، طبقات خليفة (ت2233)، سير أعلام النبلاء (4/401)، ومصادرة، تهذيب التهذيب (9/350)، الحلية (3/180)، الجرح والتعديل (8/26)، تاريخ الإسلام (4/299).
قال الباقر -عليه السلام- هي محكمة ومعناها وقولو لهم: أن محمداً رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
راجع: الناسخ والمنسوخ لهبة الله ص (77)، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (44)، الناسخ والمنسوخ للعتائقي الحلي ص (40)، الناسخ والمنسوخ لابن حزم الأندلسي ص (20 ـ 21).

وأبو عبيد (1) ثم اختلف من قال أنها عامة هل هي ثابتة أو منسوخة؟ فقال ابن عباس، وقتادة: (2) نسختها آية السيف [وهي قوله تعالى [18-أ]: {فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وقال الأكثر ليست بمنسوخة لا يمكن قتالهم مع حسن القول، ومن حسن القول معهم الأمر ومما رزقناهم بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن قال الآية خاصة ففيها حضَّ على حسن الأخلاق.
__________
(1) أبو عبيد: لعله القاسم بن سلام الهروي الأزدي الخزاعي، بالولاء الخراساني البغدادي، أبو عبيد، من كبار العلماء بالحديث والفقه والتفسير، والقراءات من آثاره الناسخ والمنسوخ في القرآن، ((غريب القرآن))، و((فضائل القرآن))، ولد سنة (157هـ/774م) وتوفي سنة (224م /838م) انظر: معجم المفسرين (1/432 ـ 433)، غاية النهاية (2/17)، تهذيب التهذيب (8/215)، النسخ في القرآن (1/312).
(2) ابن عباس وقتاده: ابن عباس هو: حبر الأمة وترجمان القرآن والإمام عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب بن هاشم القرشي الهاشمي ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وحنكه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو أحد الأربعة العبادله، وأحد الستة المكثرين في الرواية، وهو أشهر من نار على علم، وكان عمر يرجع إليه رغم حداثة سنة واستعمله أمير المؤمنين علي -عليه السلام- على البصرة، توفي بالطائف سنة (70هـ)، وهو ابن (71سنه ) بع ان كف بصره.
لمزيد حول ترجمته انظر:
طبقات الزيدية (1/خ)، تحت الدراسة والتحقيق، سير أعلام النبلاء (3/331)، ومصادره.
أما قتاده فهو: قتاده بن دعامة بن قتادة بن عزيز أبو الخطاب الدوسي البصري، مفسر حافظ للحديث، فقيه عالم بالشعر، له الناسخ والمنسوخ من كتاب الله وعواشر القرآن، من مواليد سنة (6هـ/680/ وتوفى سنة (118هـ/736م.
لمزيد حول ترجمته انظر:
معجم المفسرين لنويهض (1/435 ـ 436)، تهذيب التهذيب (8/351).

6 / 18
ع
En
A+
A-