قيل: نسخت بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] والله اعلم، والآية التي قبلها: {وَإِنْ جَادَلُوكَ[15أ-ب] فَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحج: 68](1).
قيل: نسختها آية السيف، والله أعلم.
[(23) سورة المؤمنون]
سورة المؤمنين نزلت بمكة(2).
[1] قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} [المؤمنون: 54](3).
قيل: ذرهم إلى وقت الأجل، وفي الآية تهديد، وقيل: نسخت بآية السيف.
[2] قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون: 96](4).
قيل: نسختها آية السيف، وقيل معناها آخر القتال حتى تبدأ بالموعظة [63-أ] وعلى الوجهين، والنسخ قريب.
__________
(1) اختلف العلماء حول الآية على قولين:
الأول: أنها نسخت بآية السيف لأنها نزلت قبل الأمر بالقتال.
الثاني: أنها محكمة لأنها نزلت في حق المنافقين إذ كانت نظهر منهم فلتات ثم يجادلون عليها.
انظر: عقود العقيان (2/خ)، هبة الله ص (148).
نواسخ القرآن ص (196)، ابن العربي (2/305).
(2) في (ب) نزلت بالمدينة.
(3) اختلف العلماء حول هذه الآية على قولين:
الأول: أنها منسوخة بآية السيف.
الثاني أن معناها الوعيد والتهديد وهي بالتالي محكمة.
انظر: الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامه ص (149)، نواسخ القرأن ص (197)، ابن حزم ص (46) المصفى ص (44)، ابن العربي (2/308)، وفيه أنها منسوخة بآية القتال عقود العقيان (2/خ).
(4) للمفسرين في معناها أربعة أقوال:
الأول: ادفع إساءة المسيء بالصفح قاله الحسن.
الثاني: ادفع الفحش بالإسلام قاله عطاء والضحاك.
الثالث: ادفع الشرك بالتوحيد قاله ابن السائب.
الرابع: ادفع المنكر بالموعظة قاله الماوردي.
وذهب بعضهم إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف، وقيل محكمة.
انظر: هبة الله ص (149)، ابن العربي (2/308)، المصفى (45)، عقود العقيان (2/خ)، نواسخ القرآن (197)، زاد المسير (5/488 ـ 489).

[(24) سورة النور]
سورة النور نزلت بالمدينة(1).
[1] قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3](2).
قيل: المراد بالنكاح هاهنا الوطء، والمعنى الإشتراك في فعل الزنا عن ابن عباس، وسعيد بن جبير(3) {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} يعني الوطء على المؤمنين.
واعلم أن النكاح يشتمل على العقد والوطء، فقصره على الوطء لا معنى له، فذهب الأكثر أن المراد بالنكاح تحريم العقد فضلاً عن الوطء.
فأمَّا الوطء فلا خلاف، ثم اختلف القائلون بهذه المقالة، فذهب أكثرهم إلى أنها منسوخة لا يعمل بها، نسخت بقوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] واعتلوا بحديث ضعيف في تحريم نكاح الزانية والزاني، فزعموا أن رجالاً كانوا يزنون [64-أ] في الجاهلية بنساء كنَّ عواهر، فلما أن حرم الله الزنا أرادوا أن يتزوجوهنَّ، فحرم الله ذلك عليهم خاصة بقوله: {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً} الآية.
__________
(1) سورة النور: مدنية بالإجماع حكاه القرطبي في تفسيره (12/158).
(2) الموضوع يطول حول هذه الآية وقد حققنا ذلك في كتاب الإمام عبدالله بن الحسين (تحت الطبع) لمزيد حول الموضوع انظر: الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين، الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (191 ـ 192)، العتائقي (79)، هبة الله بن سلامة (151)، النسخ في القرآن. مصطفى زيد (2/792 ـ 798)، ابن العربي (2/311)، أسباب النزول للواحدي (1/236)، تفسير بن كثير (3/434 ـ 438)، تفسير النسائي (2/110 ـ 111)، عقود العقيان (2/خ)، نواسخ القرآن (198)، تفسير القرطبي (8/167)، وما بعدها.
(3) ابن عباس، سعيد: سبقت ترجمتهما.

قال السيد الإمام العالم عبدالله بن الحسين بن القاسم:(1) وهذا حديث ضعيف، لم يأتِ إلاَّ من طريق واحدة، ومن أهل هذا القول من قال: التحريم كان عاماً ثم نسخت الرخصة، ورووا في ذلك حديثاً ضعيفاً كذباً لا يلتفت إليه، زعموا أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- انَّ امرأته لا ترد يد مُلامس، فأمره -عليه السلام- أن يستمتع بها(2) وهذا باطل [15ب-ب] كذب على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لا يعبأ به، غير أني أحببت ذكره كي لا يحتج به محتج فيظن أنه حديث صحيح، والأولى أن الآية محكمة قائمة محرمة، والمراد بها أنه لا يحل لمؤمن أن ينكح زانية مقيمة على زناها، ولا يحل لمؤمنةٍ أن تنكح [65-أ] زانياً مقيماً على زنائه.
__________
(1) سبقت ترجمته، وما احتج به المؤلف من كلامه -عليه السلام- أورده في كتابه الناسخ والمنسوخ غير أن المؤلف قدم وأخر في ما احتج، وأحياناً يغير اللفظ بما يتناسب مع الحديث.
انظر: الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين تحت الطبع. بتحقيقنا.
(2) هذا الخبر أخرجه النسائي في سننه، وأبو داود في سننه، ولفظه: جاء رجل إلى الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((إن عندي إمرأة هي أحب الناس إليّ وهي لا تمنع بدلاً من، قال: طلقها قال: لا أصبر، قال: استمتع بها، قال))، أبو عبدالرحمن هذا الحديث ليس بثابت وعبدالكريم ليس بالقوي. سنن النسائي (6/67)، وقد اختلف الناس في هذا الحديث ما بين مضعف له، ومنكر قال أحمد: هو حديث منكر.
انظر تفسير بن كثير (3/436 ـ 437)، تفسير الخازن (3/280).

ولقد بلغني من حيث أحب وأثق به عن أمير المؤمنين -صلوات الله عليه- أن قوماً اختصموا إليه في رجل تزوج امرأة فزنت قبل أن يدخل بها؛ أنه فرق بينهما، ولم يعطها صِداقاً(1).
ومما يقوي ذلك وقوع الفرقة بين المتلاعنين بالحكم لأجل التهمة، فاليقين أولى بذلك(2).
[33] وقد روى مرثد الغنوي(3) قال: قلت يا رسول الله أنكح عناقاً ؟ وكانت من بغى مكة، فسكت عني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حتى نزلت الآية: {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً} فدعاني، فقرأها عليَّ وقال لا تنكحها(4).
__________
(1) احتج بهذا الخبر العلامة السياغي في الروض النضير، وقال: وفي ((المحلي)) عن ابن وهب، وعن كلثوم بن جبر، قال: تزوج رجل من امرأة فزنت قبل أن يدخل بها، فجلدها علي بن أبي طالب مائة سوط ونفاها إلى نهر كربلاء فلما رجعت دفعها إلى زوجها، وقال: امرأتك فإن شئت طلق وإن شئت فامسك.
الروض النضير للسياغي (4/480).
(2) راجع الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين ((بحث في ذكر المتلاعنين)).
(3) مرثد الغنوي: هو مرثد بن أبي مرثد الغنوي، شهد بدراً وأحداً وقتل يوم الرجيع شهيداً.
انظر: الإستيعاب ( 3/440)، ت (2393).
(4) أخرجه الترمذي والنسائي، وأبو داود.
انظر تفسير الخازن (3/280).
وأخرجه أيضاً عبدالبر في الإستيعاب في ترجمة مرثد الغنوي (3/441 ـ 442).

وروى أبو هريرة(1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [34] ((لا ينكح الزاني المجلود إلاَّ مثله))(2) فأمَّا بعد التوبة فلا إشكال في جوازه، وهذا الذي رجحه الإمام المنصور بالله -عليه السلام-، وهو الظاهر من مذهب الهادي(3) -عليه السلام-، وكلام <<أبي العباس الحسني>>(4) يقتضي موافقة أهل القول بالنسخ [66-أ] وعلى مثل ذلك يجِري الخلاف في قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} [النور: 26] وقد مضى التفصيل فلا وجه للتطويل.
[2] قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27](5).
هذا في النظم مقدم ومؤخر تقديره، حتى تسلموا وتستأنسوا، والإستيئناس هاهنا الإذن بعد السلام.
__________
(1) أبو هريرة: سبقت ترجمته.
(2) أخرجه الهندي في منتخبه عن أبي هريرة (6/476) ولفظه ((لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله)).
(3) راجع الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين. تحت الطبع.
(4) - هو الفقيه المتكلم المناظر المحيط بألفاظ العترة ـ كما قاله المنصور بالله ـ أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن مؤلف المصابيح في السير والتراجم جمع فيها أئمة الزيدية من بعد رسول الله إلى الإمام الناصر بن الهادي في هيئة تراجم وأخبار.
انظر: المصابيح بتحقيقنا، وانظر له ترجمة موسعه فيه كذلك له النصوص في الفقه وأيضاً شرحاً لأحكام الإمام الهادي، ولعل قوله هذا في أحد كتابيه النصوص أو شرح الأحكام.
(5) قال هبة الله: فالاستئناس هاهنا الأذن بعد السلام ثم نسخ من هذه الآية البيوت الخاليات فقال تعالى {وليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة}. الآية (29).
انظر: الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة ص (153).
الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (193).
نواسخ القرآن ص (199).

قال أبو بكر(1): رأيت الحانات والمساكن في الطرق ليس فيها ساكن فنزل قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} [النور: 29] فكانت هذه الآية ناسخة للأولى في هذا القدر.
[3] قوله تعالى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النور: 58](2).
قيل: الإستئذان(3) منسوخ، وقيل: هو ثابت [16أ-ب] عن الشعبي(4).
[(25) سورة الفرقان]
سورة الفرقان: قيل مكية، وقيل: مدنية غير آيتين(5).
__________
(1) أبو بكر: سبقت ترجمته.
(2) ذهب هبة الله بن سلامة إلى أن الآية التي تليها نسختها وهي قوله تعالى {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم} النور (59).
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: هذه الآية مما تهاون الناس وما نسخت قط، وعن الشعبي قال: ليست منسوخة وهو قول القاسم بن محمد وجابر بن زيد.
انظر: نواسخ القرآن ص (200 ـ 201) هبة الله بن سلامة ص (153) تفسير الخازن (3/304).
الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (195 ـ 196) عقود العقيان (2/خ).
(3) - أمر الله بالاستئذان في الأوقات الثلاثة المذكورة في الآية وهي: متى جرت العادة فيها بالتكشف باجتماع الرجل مع زوجته، وأجاز فيما عداها للعبيد والصبيان أن يدخلوا بلا استئذان، قال ابن عباس: كان ذلك في أول الإسلام حين لا باب ولا ستر، وفي وجود الستر ووجود الأبواب جاز الدخول لأي منهم في كل وقت ما لم يغلق دونهم باب.
(4) الشعبي: هو عامر بن شراحيل. سبقت ترجمته.
(5) سورة الفرقان: قيل مكية كلها في قول الجمهور، وقال ابن عباس وقتاده: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة، وقال الضحاك هي مدنية وفيها آيات مكية.
وقال الحسن ومجاهد وعكرمة أنها مكية.
انظر: تفسير القرطبي (13/1) زاد المسير (6/71).

[1] قوله تعالى: {وَالَّذِينَ[67-أ] لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 68، 69، 70](1).
من السلف كابن عباس(2) وزيد بن ثابت(3) أن هذه الآية منسوخة في حق التوبة، وذكرو أن القاتل العمد لا توبة له، قالوا نسختها آية النساء {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًاً} [النساء: 93] الآية.
__________
(1) للعلماء فيها قولان:
الأول: أنها منسوخة، واختلفوا في ناسخها إلى ثلاثة أقوال:
(1)- أنه قوله تعالى {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} النساء (93) قاله بن عباس والأكثرون على خلافة في أن القتل لا يوجب الخلود، وقال أبو جعفر النحاس: من قال إن قوله {ولا يقتلون النفس} الآيات، نسختها قوله تعالى {ومن يقتل مؤمناً متعمداً}، والإتيان واحد لأن هذا لا يقع فيه ناسخ ولا منسوخ، لأنه خبر.
(2)- قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} النساء (48).
(3)- أنه نسخت بالإستثناء {إلامن تاب}.
القول الثاني: أنها محكمة.
انظر: نواسخ القرآن ص (203)، زاد المسير (6/106)، عقود العقيان (2/خ)، ابن العربي (2/322) ابن حزم ص (48) العتائقي الحلي ص (81) هبة الله بن سلامة ص (154)، أبو جعفر النحاس ص (200)، (105 ـ 109).
(2) سبقت ترجمته.
(3) زيد بن ثابت: هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف، قدم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة وكان يكتب له الوحي، روى عنه وعن أبي بكر وعمر، وعثمان وغيرهم وعنه ابناه خارجة وسلمان ومولاه، ثابت بن عبيد وغيرهم توفي سنة (45هـ) وقيل (48هـ) (51هـ) (55هـ).
انظر: التقريب (2126) تهذيب الكمال (2091) (1/24) طبقات بن سعد (2/358) الجرح (3/ت2524) الكاشف (1/336) تهذيب التهذيب (3/399) ت (2209).

وقالوا: آية الفرقان هذه مكية، وآية النساء مدنية، نزلت بعد تسعة أشهر أو ستة أشهر والعلماء أجمع على خلافه.
وقالوا: المراد بآية النساء، فيمن مات من غير توبة، وقد انعقد الإجماع على صحة التوبة من كل ذنب، سوى القتل العمد ففيه خلاف، والصحيح أن توبته مقبولة، لأن القتل لا يكون أعظم من الشرك والردة(1) فقد قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53].
قال السيد العالم [68-أ] عبدالله بن الحسين بن القاسم(2) ومن ذلك أن جماعة ممن كان أسلم ارتد ورجع إلى مكة(3) منهم: طعمة بن أبيرق(4)
__________
(1) انظر الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين بحث القول في توبة القاتل. تحت الطبع.
(2) سبقت ترجمته، وما احتج به المؤلف من كلام الإمام عبدالله بن الحسين ورد في كتابه الناسخ والمنسوخ الجزء الثاني بحث القول في توبة القاتل.
(3) مكة: سبقت العرف بهذا الموضع.
(4) هو أحد الرجال الأثنىعشر الذين نزلت فيهم الآية {كيف يهد الله قوماً} والذين ارتدوا عن الإسلام وخرجوا من المدينة وأتوا مكة كفاراً وهو طعمة بن أبيرق بن عمير وقيل بن عمر بن حارثة بن ظفر بن الخزرج بن عمرو.
وقيل: أبو طعمة بشير بن أبيرق الأنصاري وطعمة متكلم في إيمانه.
أسد الغابة (3/52)، الإصابة (2/224 ـ 4245).

والحارث بن سويد بن الصامت(1) ثم ندم الحارث، وكتب إلى أخيه، وكان مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الجلاس بن سويد(2) أني قد ندمت، وأني أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، فاسأل رسول الله [-صلى الله عليه وآله وسلم-] هل لي من توبة؟ وإلاَّ ذهبت في الأرض فنزل قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} [آل عمران: 86] الآية فكتب إليه أخوه لا توبة لك عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فتب إلى الله حتى يجعل لك مخرجاً، فأنزل الله تعالى بعد ذلك: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [آل عمران: 89] الآية.
__________
(1) الحارث: هو الحارث بن سويد بن الصامت أخو الحلاس أحد بني عمر بن عوف. انظر: أسد الغابة (1/332، 292) الإستيعاب (1/363 ت (448) وفيه روى عنه مجاهد.
(2) هو الجلاس بن سويد بن الصامت الأنصاري، كان متهماً بالنفاق وهو ربيب عمير بن سعد زوج أمه، وقصته معه مشهورة في كتب التفاسير عن قوله تعالى {يحلفون بالله ما قالوا} التوبة (74)، فتاب وحسنت توبته.
انظر: الإستيعاب (1/330 ـ 331 ت 354).

وكتب إليه أخوه أن الله [69-أ] قد أنزل التوبة، فأقبل إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقَبِلَ منه فسمع بذلك أصحابه الذين كانوا ارتدوا معه، فقالوا: ما نحن إلاَّ كالحارث نقيم بمكة، ونتربص لمحمد ريب المنون، فإن بدا لنا رجعنا إليه، وقبل منَّا كما قبل منه رسول الله [-صلى الله عليه وآله وسلم-] فأنزل الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [آل عمران: 90] الآية [16ب-ب] فأقاموا على الكفر حتى فتح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مكة فجاءه من كان بقي منهم، فأسلم فقبل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- منه، وكان قد مات بعضهم، ففيهم نزل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} [آل عمران: 91] الآية.
وقد أكد -صلى الله عليه وآله وسلم- تصحيح التوبة في خطبة الوداع حتى يغرغر بها العبد(1) وبقوله -صلى الله عليه وآله وسلم- [35]: ((إن الله قد فتح باباً للتوبة عرضه ما بين المشرق والمغرب لا يغلقه حتى تطلع الشمس من المغرب)).
[(26) سورة الشعراء]
سورة الشعراء مكية إلاَّ آيتين [70-أ] في آخرها ليس فيها ناسخ ولا منسوخ(2)
__________
(1) الأخبار والأحاديث في هذا كثيرة ومتعدده لمن أرد التوسع في ذلك فليراجع منتخب كنز العمال (2/247 ـ 266).
(2) ذهب ابن الجوزي في زاد المسير (6/114) إلى أنها مكية كلها إلا أربع آيات منها نزلت بالمدينة من قوله {والشعراء يتبعهم الغاوون} (224) إلى آخرها قال: ابن عباس وقتاده، وانظر: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (201).
وذهب ابن العربي إلى أنه ليس فيها نسخ (2/323) ولعل المؤلف عني بقوله (ليس فيها ناسخ ولا منسوخ) مختلف حوله أذان هذا الكتاب حقيقة المؤلف تذكر الآيات التي وقع إختلاف في نسخها كما أوضحناه تفصيلاً في الدراسة وإلا فإن فيها قوله تعالى {والشعراء يتبعهم الغاوون} الآية (224) نستخها الآية التي بعدها {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}.
انظر: عقود العقيان (2/خ)، هبة الله بن سلامة ص (155)، نواسخ القرآن ص (204)، العتائقي الحلي ص (82)، تفسير القرطبي (13/87).

14 / 18
ع
En
A+
A-