ذكره الإمام المنصور بالله -عليه السلام-(1) ورواه عن ابن عباس، والسدي، والضحاك، والأصم(2) وقوله تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ} منسوخة بآية السيف، وهذه الآية من عجيب القرآن لأن أولها وآخرها منسوخ ووسطها محكم، وهذه الآية جمعت محاسن الأخلاق والآداب، وقد روي أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: [[24]] ((يا جبريل وما ذاك ؟ قال: أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفوا عمن ظلمك))(3).
[(8) سورة الأنفال]
سورة الأنفال، مدنية بالإجماع(4).
[1] قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1].
قيل: الأنفال الغنائم، وإضافتها إلى الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- إضافة ولاية، وقيل: إضافة ملك، وهو الذي رجحه الإمام المنصور بالله -عليهم السلام-(5).
__________
(1) سبقت ترجمته.
(2) ابن عباس، الأصم: سبقت تراجمهم.
(3) الحديث احتج به هبة الله بن سلامة في كتابه الناسخ والمنسوخ ص (124)، والقرطبي في تفسير (7/344)، والطبري في تفسيره (6/154)، خبر رقم (15559).
والطبرسي في تفسيره (4/51)، والناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (142).
(4) ذهب الكثير من المفسرين بأنها مدنية ولم يستثنوا منها شيئاً وبه قال الحسن وعكرمة وجابر بن زيد وعطاء، وروى مثل هذاعن ابن عباس كما روى عنه أنها سورة بدر، وقال القرطبي: قال ابن عباس هي مدنية إلا سبع آيات من قوله {وإذ يمكر بك الذين كفروا} الى آخر سبع آيات.
انظر: فتح الغدير (2/282)، تفسير القرطبي (7/360). الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة ص (124).
(5) سبقت ترجمته.

قيل: الآية منسوخة بآية الغنيمة وهي قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] عن ابن عباس، والسدي، [50-أ] ومجاهد(1) وعكرمة، وعامر(2) وأبي علي، وأبي القاسم هبة الله المفسر(3) وقيل: ليس فيها نسخ(4).
[2] قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33].
قيل: نزلت الآية ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بمكة(5) ولما خرج من بينهم، وبقي معه المؤمنون، ثم خرج أولئك المؤمنون، نزل قوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ} [الأنفال: 34] الآية، فذكر أبو القاسم المفسر أنها منسوخة(6) وروى ذلك عن الحسن، وعكرمة(7).
__________
(1) سبقت تراجمهم.
(2) عكرمة، عامر: عكرمة هو عكرمة بن عبدالله البربري أبو عبدالله مولى عبدالله بن عباس، تابعي ثقه، كان على مكانه عالية من التفسير، والفقه، له تفسير القرآن، ولد سنة (25هـ/645م)، وتوفى سنة 105هـ/723م)، انظر:
معجم المفسرين (1/348)، تهذيب التهذيب (7/263)، حلية الأولياء (3/326).
أما عامر فهو: عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار، الشعبي الحميري، أبو عمر: تابعي من كبار رجال الحديث وحفاظه الثقات، ومن مشاهير مفسري مدرسة التفسير بالعراق، مولده سنة 19هـ/640م، وتوفى سنة (103هـ/721م).
انظر: معجم المفسرين (1/252)، تهذيب التهذيب (5/65)، حلية الأولياء (4/310).
(3) سبقت تراجمهم.
(4) سبق التوضيح.
(5) مكة: سبق التعريف بهذا الموضوع.
(6) سبقت ترجمته، وما احتج به المؤلف انظره في الناسخ والمنسوخ لهبة الله، ص (125 ـ 126).
(7) سبقت ترجمتهما، كما سبق التوضيح حول ما ذهبا إليه.

قال الحاكم الإمام أبو سعيد (1) -رحمه الله-: وليس (بصحيح)(2).
[3] قوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61].
قيل: نزلت في يهود بني قريظة عن بن عباس(3) وقيل: كان ذلك قبل نزول [12ب-ب] برآة ثم نسخ، والأكثر على أنها غير منسوخة، والموادعة جائزة عند ظهور الصلاح فيها.
[4] قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65](4).
__________
(1) الحاكم: سبقت ترجمته. وما بين " " ساقط من (أ).
(2) - في أصولي: بصح.
(3) ابن عباس: سبقت ترجمته، وانظر تفسير الطبري (م6/278 ـ 279)، تفسير الخازن (2/324)، زاد المسير (3/374 ـ 375)، تفسير القرطبي (8/39 ـ 41).
(4) ذهب المفسرون إلى أن لفظ هذا الكلام لفظ الخبر، ومعناه الأمر، والمراد: يقاتلوا مائتين، وكان هذا فرضاً في أول الأمر ثم نسخ بقوله {الآن خفف الله عنكم}.
وعن ابن عباس أن الآية منسوخة نسختها {الآن خفف الله عنكم}.
قال الإمام محمد بن المطهر: أجمع العلماء أن الآية منسوخة إلا أبا مسلم، وذهب أبو جعفر النحاس إلى أنه تخفيفاً لا نسخاً لأن معنى النسخ رفع الحكم المنسوخ، ولم يرفع حكم الأول لأنه لم يقل فيه لم يقاتل الرجل عشرة بل إن قدر على ذالك فهو الإختبار.
انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (149)، عقود العقيان (2/خ)، نواسخ القرآن (168 ـ 169)، هبة الله بن سلامة ص (126)، ابن حزم ص (39)، العتائقي الحلي (67)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين تحت الطبع.

الآية هذه منسوخة بالآية التي بعدها: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ} [الأنفال: 66]، وكان في ابتداء الإسلام كل واحد من المسلمين لعشرة من الكفار، لأمور منها: النصرة، ومنها: الصبر، ومنها: القوة، ومنها: صدق النية، [ثم بعد ذلك بزمان طويل، نسخ ذلك النقصان القوة وضعف النية](1) وبين نزول الآيتين مدة طويلة، والمعتبر في الناسخ والمنسوخ بالنزول [51-أ] دون التلاوة.
[5] قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72].
قال عبدالله بن الحسين بن القاسم -عليهم السلام-(2) [أجمع الناس على أنه إذا كان الإخوان أحدهما مؤمن مهاجر، والآخر مؤمن أعرابي، لا توارث بينهما بهذه الآية، حتى أباحه الله تعالى بقوله: {وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب: 6] وهذه الآية نسخت ما كان عليه الناس في الجاهلية من المعاقدة عند الحلف ترثني وأرثك والتبني، وذلك أن الرجل كان يتبنى الرجل فيدعى أبيه وينسب إليه ويرثه كما تبنى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- زيد بن حارثة(3) فنسخ ذلك بقوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}] [الأحزاب: 5](4)
__________
(1) ما بين [] ساقط من (ب).
(2) سبقت ترجمته.
(3) زيد: هو زيد بن حارثه بن شراحيل، الكلبي أسامة مولى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- شهد المشاهد كلها، استشهد يوم مؤته سنة ثمان من الهجرة، وهو ابن خمس وخمسين سنة.
تهذيب التهذيب (3/401ـ 402)، ت (2212)، الجرح (3/ت 2530).
(4) وما بين [].
والذي احتج به المؤلف من كلام الإمام عبدالله بن الحسين ورد في كتابه الناسخ والمنسوخ مع بعض الإختلافات البسيطة.
الناسخ والمنسوخ. عبدالله بن الحسين. تحت الطبع.

وأمَّا وجوب الهجرة فهي واجبة [52-أ] لم تسقط من دار الكفر، ومن دار الفسق على ما تمكن منها، هذا مذهب القاسم(1) -عليه السلام- وجميع ولده "ومذهب الناصر"(2) -عليه السلام- وعند المؤيد(3) بالله -عليه السلام- إذا كان المؤمن يتمكن من إظهار دينه لا يمنعه مانع، فلا يجب عليه الهجرة، وعليه أكثر فقهاء العامة ومشائخ المعتزلة (4).
قال الإمام المنصور بالله -عليه السلام-: (وقد تسقط الهجرة إذا كان المكلف عالماً أن لكلامه تأثير يمكنه أن يستنقذ منهم من الضلال إلى الهدى، أو يكن في زمن إمام فيأمره الإمام بالوقوف هناك لضرب من المصلحة) قال: (وقد يسقط وجوب الهجرة إذا استوت الديار حتى لا يتمكن من الإنتقال إلا إلى ما هو جنس وطنه.
__________
(1) القاسم هو: القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الحسني العلوي، أبو محمد المعروف بالرسي، فقيه، شاعر، من أئمة الزيدية الكبار كان يسكن جبال قدس، من أطراف المدينة، توفي بالرس سنة (246)، له كتاب الناسخ والمنسوخ، وتفسير القرآن. انظر: معجم المفسرين (1/421)، الأعلام (6/5)، معجم المؤلفين (8/91).
(2) الناصر: ما بين " " ساقط من (ب). والناصر هو: الحسن بن علي بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين العلوي الهاشمي أبو محمد، إمام، فقيه، شاعر، مشارك في التفسير والفقه والكلام، والحديث، والأدب والأخبار واللغة. من كتبه (تفسير القرآن) في مجلدين، احتج فيه بألف بيت من ألف قصيدة. توفي سنة (304هـ)، لمزيد حول ترجمته انظر:
مصابيح أبي العباس بتحقيقنا. معجم المفسرين (1/142).
(3) المؤيد بالله: سبقت ترجمته.
(4) المعتزلة: إحدى الفرق الإسلامية ظهرت في عصر عبدالملك بن مروان (65 ـ 86هـ)، يطلق عليهم أهل التوحيد والعدل.
لمزيد حول الموضوع انظر:
موسوعة الفرق الإسلامية، د/محمد جواد مشكور.
تعريف. علي هاشم ص (474 ـ 477) ومصادره.

فهنالك يسكن [13أ-ب] إينما غلب في ظنه أن دينه أوفر، فأمَّا غير ذلك فقد قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- [53-أ].
[[28]] ((لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل))(1).
وقال:
[[29]] ((أنا بري من مسلم سكن مع كافر))(2) وقال: [27] ((المؤمن والكافر(3) لا يترايا ناراهما))(4).
وقد كان في الدولة الأموية والعباسية، ملكت بلاد الإسلام، ومن بقي من العترة تضرب عليهم الأعيان(5) ومنهم من هرب إلى بلاد الشرك، فردوه <<ففي مثل ذلك تسقط الهجرة>>(6).
[(9) سورة التوبة]
سورة التوبة مدنية بالإجماع(7).
[1] قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 1].
__________
(1) الحديث: أخرجه المؤلف -رحمه الله- في الكتاب الذي قام بجمعه وهو درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية ولفظه ((لا يحل لعين ترى الله يعصي فتطرف حتى تغير أو تنصرف)).
وقوله ((فتطرف)) أي ترد طرف على طرف من حواجب العينين.
انظر: درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية ص (36).
(2) الحديث أخرجه المتقي الهندي في منتخبه عن أبي داود والضياء عن جرير ولفظه:
((أنا بريء من كل مسلم مقيم بين أظهر المشركين، لا يترايا ناراههما ))
المنتخب (2/343)، وعن جرير البجلي بلفظ آخر انظره (6/604).
(3) في (ب) المسلم والكافر.
(4) الحديث سبق تخريجه في الحاشية قبل السابقة.
(5) لمن أراد التوسع في ما حدث لعترة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أيام الدولتين الأموية والعباسية قليراجع كتاب مقاتل الطالبين، لأبي الفرج الأصفهاني، وكتاب مصابيح أبي العباس. بتحقيقنا تحت الطبع.
(6) ما بين [] ساقط من (ب)، وانظر لمزيد حول ذلك منتخب كنز العمال (6/593 ـ 606).
(7) قال القرطبي مدنية بإتفاق. نزلت بعد فتح مكة.

قال عبدالله بن الحسين -رضي الله عنه-: "لم تدع براءة هُدنة، ولا موادعة، ولا عهد إلاَّ نسخته، ولم تدع حضاً على الجهاد، ولا ترغيباً إلاَّ ذكرته، ولها أسماء كثيرة منها الفاضحة"(1).
ولقد بلغني من حيث أثق أن ابن عباس، قال: [[28]] مازالت براءة تنزل {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58] ومنهم... ومنهم...! حتى [54-أ] ظننا أنها لا تترك منَّا أحداً(2) وجعل الله تعالى الأجل بينه وبين المشركين أربعة أشهر، أولها يوم عرفة إلى عشر من ربيع الآخر(3) وأرسل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بها أبا بكر(4)
__________
(1) للسورة تسعة أسماء: سورة التوبة، وبراءة، والعذاب قاله حذيفة، المقشقشه لكونها تقشقش من النفاق: أي تبرئ منه، سورة البحوث لأنها بحثت عن سرائر المنافقين، والفاضحة المبعثره المثيرة، الحافزة.
انظر: زاد المسير (3/389)، فتح الغدير (2/331)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين. بتحقيقنا تحت الطبع.
(2) ما روى عن ابن عباس أورده الطبرسي في تفسيره (3/5 ـ 6)، والخازن في تفسيره (2/332)، وما احتج به المؤلف من كلام الإمام عبدالله بن الحسين ورد في كتابه الناسخ والمنسوخ. تحت الطبع.
(3) في كتاب الناسخ والمنسوخ للإمام عبدالله بن الحسين ((فجعل هذه الأربعة الأشهر وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول، وعشر من ربيع الثاني حداً لمن كان له عهد ونظره)).
(4) أبو بكر: هو عبدالله بن أبي قحافة بن عامر بن كعب بن سعد التميمي القرشي تولى الأمر بعد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لمزيد حول ترجمته انظر:
معجم المفسرين (1/315)، حلية الأولياء (4/93).

ثم أتبعه علياً -عليه السلام-(1) فأخذها منه وقال: [29] ((لا يؤديها إلاَّ أنا أو رجل مني)) فأمر -عليه السلام- مؤذنين يوم الحج الأكبر، وهو يوم عرفة، ألا لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عهد فأجله أربعة أشهر، فإذا مضت فإن الله بري من المشركين ورسوله(2).
[2] قوله تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} هذه آية السيف {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5](3).
قيل: هذه الآية نسخت من القرآن الكريم، مائة وأربعاً وعشرين آية، فلم تدع في القرآن شيئاً من ذكر الإعراض والصفح إلاَّ نسخته [55-أ](4).
وقيل: هي منسوخة بقوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] عن الضحاك(5) والصحيح أنها ناسخة، وليست منسوخة بإجماع العلماء من العترة -عليهم السلام-.
__________
(1) علي: سبقت ترجمته.
(2) الخبر أروده القرطبي في تفسيره (8/67 ـ 68)، الخازن في تفسيره (2/334)، زاد المسير (3/391ـ 392).
ولمزيد حول الموضوع انظر:
شواهد التنزيل للحافظ الحسكاني (1/231 ـ 243).
(3) للعلماء في هذه الآية ثلاثة أقوال:
الأول: أن حكم الأسارى كان وجوب قتلهم ثم نسخ ذلك بقوله تعالى {فإما مناً بعد وإما فداء} [محمد: آية 4]، قاله: الحسن وعطاء والضحاك.
الثاني: أن قوله تعالى {فاقتلوا المشركين} ناسخاً لقوله {فإما مناً بعد وإما فداء} فأما السيف والقتل وإما الإسلام، قاله مجاهد وقتاده.
الثالث: أن الآيتين جميعاً محكمتان وهو قول جابر بن زيد وعليه عامة الفقهاء.
لمزيد حول الموضوع انظر:
الناسخ والمنسوخ للنحاس (157)، نواسخ القرآن ص (173)، هبة الله بن سلامة ص (127ـ128)، عقود العقيان (2/خ)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين (تحت الطبع).
(4) انظر الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة ص (123، 128).
(5) الضحاك: سبقت ترجمته.

[3] قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ [13ب-ب] وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيم} [التوبة: 34](1).
الآية والتي تليها(2) قيل نسختا بآية الزكاة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: [[30]] ((وما أديت زكاته فليس بكنز))(3) .
__________
(1) اختلف العلماء في بهذه الآية هل هي منسوخة أو محكمة فقيل هي منسوخة، وقد رواه جار الله الزمخشري -رحمه الله- وهو مروي عن ابن عمر وهو اختيار أبي القاسم هبة الله، وذهب الإمام محمد بن المطهر إلى أنها محكمة وأن المراد بالكنوز المذمومة مالم تود زكاتها، قال هبة الله بن سلامة: هذه الآية والآية التي تليها {يوم يحمى عليها في نار جهنم} نسخت بالزكاة المفروضة فبينت السنة أعبائها. هبة الله بن سلامة ص (129).
كما ذهب أبو ذر الغفاري رضي الله عنه والضحاك إلى أنها عامة في أهل الكتاب والمسلمين وذهب البعض إلى أنها خاصة في أهل الكتاب، وقيل أنها في المسلمين قاله ابن عباس والسدي وفي المراد بالإنفاق في الآية قولان:
الأول: إخراج الزكاة وهو مذهب الجمهور والآية على هذا محكمة.
الثاني: أن المراد بالإنفاق إخراج ما فضل عن الحاجة وأنه كان يجب عليهم إخراج ذلك في أول الإسلام ثم نسخ بالزكاة.
لمزيد حول الموضوع انظر:
عقود العقيان (2/خ)، نواسخ القرآن ص (174 ـ 175)، الناسخ والمنسوخ للعتائقي ص (68) وفيه نسخت بآية الزكاة {إنما الصدقات}.
ومثله عند ابن حزم الأندلسي ص (40).
(2) هي قوله تعالى {يوم يحمى عليهم في نار جهنم فتكوى بهم جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}
وهو ما ذهب إليه هبة الله بن سلامة.
(3) الحديث: أخرجه المتقي الهندي في منتخبه عن ابن عمر وأنس بن مالك انظر:
منتخب كنز العمال (1/45)، (2/284)، (6/369).

وروي عن أمير المؤمنين -عليه السلام-(1) أنه قال: [[31]] <<نسخت الزكاة كل صدقة، ونسخ الأضحى كل ذبح، ونسخ رمضان كل صوم، فكلما أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفوناً، وكلما غلّت زكاته فهو كنز>>(2).
قال شيخنا الحاكم(3): وهو إجماع(4).
[4] قوله تعالى: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} [التوبة: 41](5).
قيل: الآية فيها نسخ، قال عبدالله بن الحسين(6) -عليه السلام-: وهذا قول [56-أ] مدخول فاسد، وهي ناسخة غير منسوخة، والجهاد فرض واجب على الخفيف والثقيل، ولما نزلت آية الجهاد قال الناس إن فينا الضعيف والمحتاج والمشغول، فأكد الله الفرض بقوله: {اانفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [[32]] ((الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة لا يرده جور جائر ولا عدل عادل))(7).
__________
(1) أمير المؤمنين: سبقت ترجمته.
(2) الحديث: سبقت التنوية إليه.
(3) سبقت ترجمته.
(4) الإجماع: سبق التوضيح.
(5) روى عن ابن عباس قال: في براءة {انفروا خفاقاً وثقالاً} وقال {إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً} فنسخ هؤلاء الآيات {وما كان المؤمنون لينفروا كافة}، وقال السدي نسخت بقوله {ليس على الضعفاء ولا على المرضى} انظر:
نواسخ القرآن ص (176)، الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (160 ـ 161)، وعقود العقيان (2/خ)، ابن حزم ص (40)، العتائقي الحلي (68 ـ 69)، تفسير ابن كثير (2/584).
(6) سبقت ترجمته: وما اجتج به المؤلف من كلام الإمام عبدالله بن الحسين أورده في كتابه الناسخ والمنسوخ. تحت الطبع.
(7) والحديث أخرجه المتقي الهندي في منتخبه ولفظه ((الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل)).
منتخب كنز العمال (2/284)، وانظر لمزيد حول ذلك نفس المصدر (1/45)، (6/369).

12 / 18
ع
En
A+
A-