وأمَّا السنة فنهى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن المتعة وعن كل شرط في النكاح(1) وقد ورد من غير جهة أن المتعة إنما كانت ثلاثة أيام، وأنها كانت تزويجاً، فنسخ الله تعالى [37-أ] تلك الشروط، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- اعتمر، فشكى الناس إليه الغربة، فقال:
[19] ((استمتعوا من هذه النساء واجعلوا الأجل بينكم وبينهنَّ ثلاثاً))(2) ثم خرج -عليه السلام- من الغد حتى وقف بين الركن والمقام، فأسند ظهره إلى الكعبة، ثم قال:
[20] ((أيها الناس إني كنت قد أذنت لكم في الإستمتاع من هذه النساء، ألا وأن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنَّ شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهنَّ شيئاً متعة النساء حرام)) مرتين أوثلاثاً، ولم يقل بها بعد ذلك إلاَّ ابن عباس(3) ورجع عن ذلك [9ب-ب] وحرمها، وكان يقول قبل وفاته:
[21] ((اللهم إني أتوب إليك من قولي في المتعة))(4)
__________
(1) شروط النكاح التي لا يصح النكاح إلا بها هي:
أ) العقد وله خمسة أركان: أن يقع من ولي مرشد بالغ عاقل ذكر.
ب) أن يعقد بلفظ تمليك خاص للتزويج.
ج) أن يكون لفظ التمليك متناولاً لجميعها أو بعضها.
د) أن يقع قبول لعقد النكاح.
التاج المذهب لأحكام المذهب للعنسي (2/22 ـ 25).
(2) الحديث أخرجه مسلم، والنسائي في كتاب النكاح، والبيهقي في سننه، وصاحب كتاب مجمع الزوائد والهندي في منتخب كنز العمال، والدارقطني في سننه.
لمزيد حول الموضوع انظر: صحيح مسلم (4/132)، سنن البيهقي (7/203)، (7/200ـ207)، ومجمع الزوائد (3/267 ـ 269)، منتخ كنز العمال (6/486 / 488)، سنن الدار قطني (2/258 ـ 260).
(3) سبقت ترجمته.
(4) ما ورد عن رجوع بن عباس احتج به كثير ممن تناول موضوع نكاح المتعة لمزيد حول ذلك انظر:
عقود العقيان (2/خ)، زاد المسير (2/53)، تفسير الخازن (1/362)، تفسير القرطبي (5/132ـ133).
ولم يبق بها قائلٌ إلاَّ الإمامية الذين خلطوا على الشيعة أمرهم(1).
[8] قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29].
__________
(1) لم يبح المتعة سوى الإمامية، وقد ورد في أصولنا ((قائل إلا الروافض))، وهو خطأ إذ الثابت في كتاب الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين، ((تحت الطبع)) وهذا الذي اعتمد عليه المؤلف، ونتيجة لذلك أثبتنا ما في المرجع الذي أرجع إليه المؤلف.
وما رجع إليه المؤلف، ورد في كتاب الناسخ والمنسوخ مع تصرف المؤلف في بعض ألفاظ المؤلف الأول عبدالله بن الحسين -عليه السلام-.
وهنا يجب التعريف بالإمامية للتوضيح: هم تلك الفرقة من المسلمين الذين تمسكوا بحق الإمام علي -عليه السلام- في وراثة الخلافة كنصاً ظاهراً وتعييناً صادقاً، وقالوا بإثني عشر إماماً، أولهم أمير المؤمنين علي -عليه السلام- وآخرهم محمد المهدي /المنتظر / بن الحسن العسكري، ويلقبونه بالحجة القائم المنتظر. لمزيد حول ذلك انظر:
الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ص (299 ـ 305).
موسوعة المملل والنحل للهشر ستأتي (69 ـ 70).
تاريخ المذاهب الإسلامية محمد أبو زهرة (48 ـ 54).
موسوعة الفرق الإسلامية ص (121 وما بعدها).
قال عبدالله بن [38-أ] الحسين:(1) لما أنزل الله تعالى هذه الآية، وقف المسلمون عن أكل بعضهم عند البعض <<بغير عوض>>(2) فنسخها الله تعالى، وأنزل الرخصة بقوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61] فرخص الله بهذه الآية للمسلمين ما كانوا يتحرجون منه مع طيبة النفس، فأمَّا من لم تطب نفسه بشيء من ذلك فهو مخصوص بقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: [22] ((لا يحل مال امرء مسلم إلاَّ بطيبة من نفسه))(3).
وقيل: ليس في الآية نسخ، والمراد بقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} أكلها في الخمر والرباء، وأنواع المعاصي(4).
__________
(1) سبقت ترجمته.
(2) ما بين " " ساقط من (أ). وما في كتاب الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين بعد الآية، فلما نزلت هذه الآية تحامى المسلمون أن يأكل أحد منه عند أحد، من غير عمل عمله أو لمعنى مما يكون بين الناس مما يجب فيه الأجرة، والحق فكفوا عن ذلك حتى أنزل الله تبارك وتعالى {ليس على الأعمى حرج...} الآية.
(3) الحديث أخرجه أبو داود في سننه عن حنيفة الرقاشي ولفظه ((لا يحل مال امريء مسلم إلا بطيب نفس منه)) انظر: منتخب كنز العمال (1/69).
(4) وهو ما ذهب إليه ابن الجوزي قال: الآية عامة في أكل الإنسان مال نفسه، وأكله مال غيره بالباطل، فأما أكله مال نفسه بالباطل فهو إنفاقه في معاص الله عزوجل.
نواسخ القرآن ص (126 ـ 127).
[9] قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33](1) إلى آخر الآية [39-أ].
قيل: كان أهل الجاهلية يعاقد بعضهم بعضاً ويقول دمك دمي، وسلمي سلمك، وحربي حربك، وترثني وأرثك، وتعقل عني وأعقل عنك، ثم نسخ ذلك بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وصاروا يتوارثون بالمؤاخاة والمحالفة، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] فبين الفرائض بهذه الآية.
__________
(1) اختلف العلماء في المراد بهذه المعاقدة على ثلاثة أقوال:
الأول: أنها المخالفة التي كانت في الجاهلية، ثم اختلف من ذهب إلى هذا القول على ما كانوا يتعاقدون الى ثلاثة أقوال:
1- على أن يتوارثوا وهو ما ذهب إليه ابن عباس وعكرمة، والحسن.
2- أنهم يتعاقدون على أن يتناصروا ويتعاقلوا في الجناية وهو ما ذهب إليه قتاده.
الثاني: أن المراد بالمعاقدة المؤاخاة التي عقدها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بين أصحابه.
القول الثالث: أنها نزلت في الذين كانوا يتبنون أبناء غيرهم في الجاهلية فأمروا أن يوصوا لهم عند الموت توصية ورد الميراث إلى الرحم والعصبه وهو ما رواه الزهري عن ابن المسيب.
وذهب ابن سلامة الى أن الآية منسوخة بآية الأنفال (75)، وكذا ذهب ابن حزم إلى ما ذهب إليه هبة الله بن سلامة، والعتاقي الحلي في كتابه الناسخ والمنسوخ ص (56). لمزيد حول الموضوع: راجع الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (101 ـ 102)، هبة الله بن سلامة ص (109)، نواسخ القرآن ص (126 ـ 130)، عقود العقيان (2/خ)، الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص (34)، المصفى بأكف أهل الرسوخ ص (24)، تفسير الطبري (5/165 ـ 168)، تفسير الطبرسي (4/5/53 وما بعدها)، تفسير الطبري (2/81وما بعدها)، تيسير المنان للكوكباني (1/خ)، الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين. بتحقيقنا ((تحت الطبع)).
[10] قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [ النساء: 43].
اختلفوف في الآية، فقيل المراد بالسكر هاهنا: سكر النوم عن الضحاك(1) وهو الذي اختاره عبدالله بن الحسين(2) وقيل: المراد بالسكر سُكر الشراب، وهي منسوخة بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ....} [المائدة: 90] وغيرها [10-أ] من الآيات المحرمة للخمر، وعليه الأكثر(3).
[11] قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: 63] قيل: الآية منسوخة بآية القتال [40-أ].
[قال المفسرون: فيه تقديم وتأخير تقديره فعظهم، فإن امتنعوا من الإجابة فأعرض عنهم، وهذا كان قبل الأمر بالقتال](4) وقيل: الآية ثابتة، ومعنى الإعراض الصفح وقبول الإعتذار(5).
__________
(1) الضحاك: هو الضحاك بن مزاحم الهلالي، البلخي الخراساني أبو القاسم، ويقال أبو محمد، تابعي جليل، ومفسر مشهور ، روى عن أنس وابن عمر، وأبي هريرة، وغيرهم، قال الثوري: خذوا التفسير عن أربعة: مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن حبير، والضحاك، وثقه أحمد وذكره ابن حبان في الثقات، توفي بخراسان وله تفسير، استخدمه الثعلبي والطبري عن طريق الرواية، انظر: معجم المفسرين (1/237)، تهذيب التهذيب (4/453).
(2) سبقت ترجمته، وما احتج به المؤلف أورده الإمام عبداله بن الحسين في كتابه الناسخ والمنسوخ، بتحقيقنا ((تحت الطبع)).
(3) لمزيد حول مراحل تحريم الخمر انظر الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين بتحقيقنا.
(4) ما بين [ ] ساقط من (ب).
(5) سبق التوضيح في الحاشية السابقة.
[12] قوله تعالى: {وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80](1).
قيل: الآية منسوخة بآية السيف، وعليه الأكثر، وقيل ليس في الآية نسخ، والمراد به أرسلناك عليهم حفيظاً في أعمالهم.
[13] قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [النساء:81].
<<المعنى أعرض عن عقوبتهم>>(2) [وأن] جميع ما في القرآن من هذا الجنس منسوخ بآية السيف.
وقيل: ليس في الآية نسخ، والمراد بالآية المنافقين (3).
[14] قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ [41-أ] اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} [النساء: 90](4)
__________
(1) قال هبة الله: قوله تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} هذا محكم {ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً} نسخت بآية السيف.
هبة الله بن سلام ص (111).
وقال بن الجوزي: زعم قوم أنها نسخت بآية السيف، وليس بصحيح لأن بن عباس قال في تفسيرها: ما أرسلناك عليهم حفيظاً رقيباً تؤخذ بهم فعلى هذا لا نسخ.
المصفى ص (24 ـ 25).
وقال السدي وابن قتيبة أي: محاسباً لهم، وذهب عبدالرحمن بن زيد وآخرون الى أن هذه الآية نزلت في بداية الأمر ثم نسخت بآية السيف، وذهب العتائقي الحلي وكذا ابن حزم الى أنه نسختها آية السيف.
ابن حزم ص (34)، العتائقي الحلي (57).
(2) ما بين [] ساقط من (ب).
(3) وهو المروي عن الضحاك نقله في تفسيره وقال: قوله تعالى {فاعرض عنهم} أي لا تخبر بأسمائهم عن الضحاك يعني المنافقين تفسير القرطبي (5/290).
(4) ذهب ابن الجوزي، والعتائقي الحلي وابن عباس وقتاده وهبة الله بن سلامة، وابن حزم الى أنها منسوخة بآية السيف.
انظر: المصفى ص (25)، العتائقي (57)، هبة الله (112) ابن حزم (34)، نواسخ القرآن ص (133 ـ 134)، الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص (104 ـ 105).
قيل: الآية منسوخة بآية السيف، وقيل: المراد بها المؤمنون، وليس فيها نسخ، وقيل: المراد أهل العهد ولا نسخ فيها(1).
[15] قوله تعالى: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} [النساء: 91](2).
قيل: نزلت في نعيم بن مسعود <<الأشجعي>>(3) ، وكل من نقل الكلام بين النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وبين الكفار.
وقيل: هي منسوخة بآية السيف، وإن كان بهذه الصفة وجب حربه، والبراءة منه، وهذه طريقة المنافقين، يظهرون الإيمان إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ولقومهم الكفر، وقيل: ليس بمنسوخة عن أبي علي(4).
__________
(1) راجع تفسير القرطبي (5/308 ـ 310).
(2) قال هبة الله: نسخت بآية السيف، وابن الجوزي، والعتائقي الحلي، وابن حزم. مزيداً حول ذلك انظر:
الناسخ والمنسوخ ص (112)، العتائقي ص (58)، نواسخ القرآن ص (134)، ابن حزم ص (34ـ 35)، عقود العقيان (2/خ).
(3) أُختلف فيمن نزلت: فذهب قتاده إلى أنها نزلت في قوم من تهامة ممن طلبوا الأمان من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ليأمنوا عنده وعند قومهم، وقال مجاهد: هي في قوم من أهل مكة، وقال السدي: نزلت في نعيم بن مسعود كان يُؤَمِنُ المسلمين والمشركين.
وقال الحسن: هذا في قوم من المنافقين، وقيل: نزلت في أسد، وغطفان قدموا المدينة فأسلموا ثم رجعوا ديارهم فأظهروا الكفر.
انظر تفسير الطبري (4/204وما بعدها). تفسير القرطبي (5/311)، تفسير الشوكاني (1/497).
(4) أبو علي: سبقت ترجمته.
قال في عقود العقيان: ومنهم من ذهب الى أنها محكمة، ومنهم أبو علي والأصم قال الأصم: بل يجب الكف عنهم، قال أبو علي: هذا حكم منصوص لا دليل على نسخه.
عقود العقيان (2/خ) تحت التحقيق.
[(5) سورة المائدة]
سورة المائدة مدنية إجماعاً.
اختلف العلماء هل وقع في المائدة نسخ، فقال بعضهم: <<لا نسخ فيها>>(1) وقال بعضهم: نسخ فيها(2).
[1] قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ [42-أ] وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2].
__________
(1) ما بين [] ساقط من (ب).
(2) قال القرطبي: هي مدنية بالإجماع، وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتاده قال: المائده مدنية، وقيل أن آخر سورة نزلت سورة المائدة والفتح، وروي عن الشعبي أنه قال: لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية {ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله} ، وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم والحاكم، وصححه عن ابن عباس قال: نسخ من هذه السورة آيتان: آية القلائد، وقوله {فإن جاؤك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم} انظر: تفسير القرطبي (6/1).
تفسير الشوكاني (2/3ـ4).
واختلف في عدد الآيات اللواتي ادعى عليهن النسخ في هذه السورة فذهب ابن الجوزي إلى أنهن تسع آيات وكذا ابن سلامة وابن حزم والعتائقي، وذهب أبو جعفر النحاس الى أنهن سبع آيات.
وذهب ابن الجوزي في كتابه المصفى إلى أنهن سبع آيات، أما ابن العربي فذهب إلى أنه في المائدة آية واحدة من النسخ وأن فيها من التخصيص إحدى عشر آية.
نُسخ قوله: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ}، بقوله تعالى في المشركين: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وبقوله تعالى:{اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وقيل: الآية محكمة(1) والمراد بها، هم المؤمنون <<فيكون تخصيصاً لا ناسخاً>>(2) والأول الوجه(3).
[2] قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ [10-ب-ب] مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5].
اختلف أهل العلم في هذه الآية، فمنهم من قال: هي ناسخة لقوله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221] فأباح نكاح أهل الذمة بهذه الآية، ومنهم من قال: ليست بناسخة، والآية الأولى عامة في كل مشرك، من أهل الكتاب وغيرهم وهو اختيار الهادي إلى الحق -عليه السلام-(4).
ومنهم من قال: المراد بالمشركات أهل الأوثان ولا نسخ في الآية.
[3] قوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} [المائدة: 13].
قيل: هذه الآية منسوخة بآية [43-أ] السيف.
وقيل: منسوخة بقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] عن أبي علي(5) وقيل: الآية محكمة، وليس فيها نسخ، والمراد بالعفو: الصبر على آذاهم وترك التعرض لهم(6)
__________
(1) سبق التوضيح وانظر الناسخ والمنسوخ لابن العربي (2/191 ـ 193).
(2) ما بين [] ساقط من (ب)، وهو بحاشية في النسخة (أ)، وممن ذهب الى أنها هذه الآية تخصيصاً ابن العربي في كتابة الناسخ والمنسوخ إذ عد الآية ضمن آيات التخصيص (2/191).
(3) أي أنها منسوخة بالآيتين (28، 5)، من سورة التوبة.
(4) سبقت ترجمته وتوضيح ما ذهب إليه.
(5) سبقت ترجمته.
(6) راجع الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين بتحقيقنا ((تحت الطبع)).
[4] قوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42].
قيل: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 48] فأوجب الله على رسوله الحكم بينهم، ولم يبح أن يردهم إلى أحكامهم، هذا مذهب أئمتنا -عليهم السلام-(1).
[5] قوله تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ } [المائدة: 99].
قيل: نسخت هذه الآية بآية السيف.
[6] قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105](2).
قيل: هذه الآية منسوخة بآية السيف عند العترة -عليهم السلام-.
__________
(1) راجع الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين. تحت الطبع.
(2) اختلف العلماء في هذه الآية على قولين:
الأول: أنها منسوخة، وذهب أصحاب هذا القول إلى أنها تتضمن ضمن كف الأيدي عن قتال الضالين فنسخت، واختلفوا في ناسخها إلى قولين:
1)- أن ناسخها آية السيف.
2)- أن آخرها نسخ أولها قال أبو عبدالقاسم بن سلام ليس في القرآن آية جمعت الناسخ والمنسوخ غير هذه الآية وموضوع المنسوخ فيها الى قوله {لا يضركم من ضل}، والناسخ والمنسوخ قوله {إذا اهتديتم}، والهدي هاهنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
القول الثاني: أنها محكمة قال الزجاج: معناها إنما ألزمكم الله أمر أنفسكم لا يؤاخذكم بذنوب غيركم، وقال وهذه الآية لا توجب ترك الأمر بالمعروف لأن المؤمن إذا تركه وهو مستطيع له فهو ضال وليس بمهتد.
لمزيد حول الموضوع انظر:
الناسخ والمنسوخ لعبدالله بن الحسين (تحت الطبع).
عقود العقيان (2/خ)، نواسخ القرآن ص (149 ـ 151)، ابن حزم ص (36)، تفسير القرطبي (6/342 ـ 345)، تيسير المنان للكوكباني (1/خ)، ابن العربي (2/204 ـ 206).
النسخ في القرآن. مصطفى زيد (1/435 ـ 437).