الكتاب : كتاب البساط
المؤلف : الإمام الناصرللحق الأطروش الحسن بن علي

كتاب البساط
للإمام
الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش
عليه السلام 304 هـ

من إصدارات
مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
ص.ب. 1135، عمان 11821
المملكة الأردنية الهاشمية
www.izbacf.org(1/1)


كتاب البساط
للإمام الناصر للحق الحسن الأطروش بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبى طالب وابن البتول فاطمة بنت محمد المصطفى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
آمين اللهم آمين
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
قال عبد الله الفقير إليه أحمد بن سعد الدين المسوري غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات هذا الكتاب من جملة ما أرويه مما تفضل الله به علي عن سيدي أمير المؤمنين وسيد المسلمين المؤيد بالله محمد بن أمير المؤمنين إجازة ثم سماعا لبعض منه من لسانه عليه السلام وهو فصل الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ناولني النسخة التي نقلت هذه منها وأمرني أن أنقله منها وذلك في يوم الجمعة الثاني والعشرين من صفر عام 1049هـ <وذلك> بمنزله عليه السلام من سعدان شهاره حرسها الله ببقائه وتعميره آمين وأمرني عليه السلام بجعل ذلك الفصل في خطبة تلك الجمعة والحمد لله و صلى الله على محمد وآله وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
هذا كتاب عمله الداعي إلى الله ( الناصر للحق) الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب, وجعله بساطا ودليلا للمتعلمين في القول بالتوحيد لله ، والعدل منه على عباده ، فيما أحكمه وفرضه من الدين ، ودل به على نفسه في الكتاب المستبين.(1/2)


معرفة الله
أول العبادة المعرفة بالله تعالى ، بأنه خالق لطيف رحيم رازق ، وأصل معرفتك بخالقك توحيده وتسبيحه وتبعيده عن أن يكون له شبيه أو ضد أو ند ، وتمام توحيده نفي الصفات والتشبيه لخلقه عنه ، لشهادة كل عقل ـ سليم من الرَّيْن بما كسب، والإفك فيما يقول ويرتكب ، واتباع الأهواء والرؤساء ـ أن كل صفة وموصوف مصنوع ، وشهادة كل مصنوع بأن له صانعا مؤلفا ، وشهادة كل مؤلف بأن مؤلفه لا يشبهه ، وشهادة كل صفة وموصوف مؤلف بالإفتراق والحدث وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل فلم يعرف الله سبحانه من وصف ذاته بغير ما وصف به نفسه ، ولا إياه عبد من شبهه بأفعاله ، ولا حقيقته أصاب من مثله باجعاله ولا صمده من أشار إليه ، إذ كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في غيره معلول فبصنع الله وآياته يستدل عليه ،فيقال : إنه هو الأحد لا أن له ثانيا في الحساب والعدد ، وبالعقول السليمة يعرف ويعتقد أنه بارئ الأشياء وإليه تأله العقول وتصمد ، قال الله جل ذكره :?يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما? وبعجز كل شيء عن فعل مثله ، استيقن أهل العلم أن فاعلها ليس مثلها فقد جهل الله من استوصفه، وقد جعل له نهاية من شبهه ، ومن قال : كيف فقد مثَّله ، ومن قال: لم فقد أعلَّه ، ومن قال: متى ؟ فقد وَقَّته ، ومن قال : فيم؟ فقد ضَمَّنَه ، ومن قال: حتام ؟ فقد جعل له غاية ، ومن جعل له غاية فقد جَزَّأَهُ ، ومن جزأه فقد جهله وأشرك به ، وألحد في أسمائه ، فهو سبحانه أحد لا من طريق العدد مُتَجَلٍّ لخلقه لا باستهلال رؤية ، ظاهر لا بمشاهدة ، مباين لا بمزايلة ، قريب لا بمداناة لطيف لا بتجسم ، موجود لا بعد عدم ، فاعل لا بدواع للفعل ، مقدر لا بجول حركة ، مريد لا باضطراب ، مدبر لا بضميرفكر ، سميع بصير لا بأداة ، لم يكن له صاحبة ولا ولد ، ولا كان له كفؤا أحد ، كما وصف نفسه جل جلاله ?بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق(1/3)


كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير? باختراعه الجواهر علم أن لا جوهر له ، وبمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له وبمقارنته بين المقترنات علم أن لا قرين له ، وفي مثل ذلك يقول تقدس ذكره :?ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون? ليس له شريك فيما فعل ، يمتاز فعله من فعله ويعرف جعله من جعله قال سبحانه :?ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله إذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون? وقال عز وجل:?قل لو كان معه من آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا? فمن اتخذ إلها غيره من المشركين كان لهم في آلهتهم العجز والذلة لابستين ، وكانوا من مهانة من عبدوه غير الله تعالى على يقين ، وجميع صفاته لنفسه بما وصف ، فدلالة على أنه عالم مدرك لكل شيء عند من فهم عنه وعرف قال سبحانه زيادة في البيان وقطعا لحجج ذوي الضلال والطغيان:?أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون? فتبارك الله أحسن الخالقين المنعم الموفق للدين ، والواهب المعرفة به وحسن اليقين ، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد وآله أجمعين وسلم.(1/4)


باب في الصلاة على النبي المصطفى
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وصفيك وأمينك وخيرتك من خلقك ، التي اخترت وأكرمت وعظمت وهديت وآثرت ، وجعلته ـ عند غلبة أهل الباطل وتكبر كل جاهل ، وشمول الكفر والشرك ، وشدة العناد والمحك والتباس البهم ، وترادف الظلم ، وذيوع التظالم في جميع الأمم ـ نورا من أفضل ما تقدمه من الأنوار وحاكما بين خلقك بأعدل معيار ، ومخبرا بوحيك إليه عن الأسرار ، ومذلا لكل عات جبار ، وموضعا للإنباء عنك ، والإخبار بالصدق عن الحق الغائب عن الحواس والأسماع والأبصار من الوعد والوعيد ، والجنة والنار ، هاديا من الضلالة ، معلما من الجهالة ، حبلك إلى النجاة المتين ، وعروتك الوثقى لمن تمسك بها من المتمسكين رحيما بالمساكين والمؤمنين ، شديدا على الكافرين والمنافقين ، عزيزا عليه عنت العانتين والعاندين ، فصدع بأمرك ، وبلغ رسالتك ، ودل على آياتك ، وأوضح إلى محبتك السبيل ، وأقام الحجة على من عصاك وبين لهم الدليل ، وغير شاك فيما به إليه أوحيت ، ولا مقصرا في شكر ما أعطيت ، ولا متحيرا فيما أعلمت ، ولا ساخط فيما به حكمت ، ولا تارك أحكام ما أحكمت وبه أمرت ، شاهرا فيك سيف عدلك ونقمتك ، باذلا نفسه عند غلظ محنتك ، واضبا قمع أهل الشرك والتكبر والإلحاد في عظمتك ، شاملا للمؤمنين المتقين ، برأفته ورحمته ، ناصحا جميع أقربائه وأمته عادلا في حكمه وقسمته ، وشبيه الشجرة الزيتونة التي وصفت وبها لذوي الألباب من خلقك مَثَّلْت ، ومن النوم والغفلة أنبهت ، فذكرت سبحانك نورها ، لا شرقية ولا غربية فيما أحكمت من تقديرها ، والكلمة الباقية منه في عقب إبراهيم لخلقك التي أكرمت ، وعظمت مصيرها وحسنت ، وأكملت تصويرها ـ كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد(1/5)

1 / 20
ع
En
A+
A-