وكان من الأنصار: قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي، وأبو الهيثم بن التَّيهان، وسهل بن حُنيف، وأبو بردة الأسلمي، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وأبو أيوب الأنصاري. وفي بعض الأخبار: فكان من المهاجرين: عمرو بن سعيد بن العاص، والمقداد بن الأسود، وعمار بن ياسر، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وبريدة الأسلمي. وكان من الأنصار: خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وسهل بن حُنيف، وعثمان بن حُنيف، وأبو أيوب الأنصاري، وأُبَيّ بن كعب، فقال بعضهم لبعض: قوموا إلى هذا الرجل فأنزلوه عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال بعضهم: إن هذا الرجل اتّفقت عليه هذه الأمة، ولكن انطلقوا بنا إلى صاحب هذا الأمر حتى نشاوره ونستطلع رأيه، فانطلق القوم حتى أتوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السَّلام فقالوا له: يا أمير المؤمنين كنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأينا هذا الرجل قد صعد منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأردنا أن ننزله عن منبر رسول الله، وكرهنا أن ننزله دونك، ونحن نعلم أن الحقّ لك. فقال علي عليه السَّلام: (أما إنكم لو فعلتم ما كنتم إلا حرباً لهم، وما كنتم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وقد اتفقت هذه الأمة التاركة قول نبيئها، الذين باعوا آخرتهم بدنياهم. وقد شاورتُ في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت لما يعلمون من وَغَرِ صدور القوم وبُغضهم لأهل بيت محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن انطلقوا إليه فأخبروه بما سمعتم من قول نبيئكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا تتركوه في شبهةٍ من أمره، ليكون ذلك أوْكد(1/486)
في الحجّة وأبلغ في العقوبة إذا لقي الله وقد عصاه وخالف أمر نبيئه). فانطلق القوم في يوم جمعةٍ في وقت صلاة الظهر حتى جَثوا حول منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأقبل أبو بكر فصعد المنبر، فقال المهاجرون للأنصار: قوموا فتكلّموا بما سمعتم من قول نبيئكم محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم. فقال الأنصار للمهاجرين: بل أنتم قوموا، فتقدموا فإن الله قدّمكم علينا في كتابه فقال: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ}[التوبة:117]، فكان أول من تكلم خالد بن سعيد، فقام قائماً على قدميه فقال: معاشر المسلمين أنشدكم بالله وبحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشهدون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي: ((هذا خالدٌ صِدِّيقُ قومه ))؟ قالوا: بلى والله نشهد بذلك. قال: معاشر الناس فأنا أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: ((علي قائد البررة ، وقاتل الكفرة، وهو أحق بالأمر من بعدي)). ثم جلس. وقام من بعده أبو ذر الغفاري فقال: يا معاشر المسلمين أنشدكم بالله وبحقِّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشهدون بأن رسول الله قال: ((رحمك الله يا أبا ذرٍّ تموتُ وحدك، وتدفن وحدك، وتُحشر وحدك، وتُحاسب وحدك، وتدخل الجنّة وحدك، يُكرم الله بك سبعة نفرٍ يلونَ غسلك ودفنك)). قالوا: نشهد والله بذلك. قال: فأنا أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((علي أخي وابن عمي وأبو سبطي والحُجة من بعدي)). ثم جلس.(1/487)
وقام سلمان الفارسي وقال: يا معاشر المسلمين فأنشدكم بالله وبحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشهدون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((سلمان منا أهل البيت ))؟ قالوا: بلى والله نشهد بذلك، فقال: فأنا أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: ((علي إمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين، وهو الأمير من بعدي)) ثم جلس.
ثم قام من بعده المقداد بن الأسود الكِندي فقال: معشر المسلمين، أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: ((علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيء بعدي، الفائز من تولاه، والكافر من عاداه)) ثم جلس.
وقام من بعده عمار بن ياسر فقال: معاشر المسلمين فأنشدتكم بالله وبحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألستم تشهدون أن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يا آل ياسر أبشروا [فإن] موعدكم الجنة))، وقال: ((عمار مع الحق والحق مع عمار، حيثما دار عمار دار الحق معه))، وقال: ((يا عمار تقتلك الفئة الباغية ، يكون آخر زادك من الدنيا قعبٌ من لبنٍ))؟ قالوا: بلى والله نشهد بذلك، ثم أقبل إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر ارجع عن ضلعك، واقبر شرّك، والزم منزلك، وابكِ على خطيئتك، ورُدَّ الأمر على من جعله الله له ورسولُهُ، ولا تركنن إلى الدنيا، ولا يغرك من قريشٍ أوغادُها، فعن قليلٍ ترحل عن دنياك ثم تصير إلى ربك فيسألك عما جنته يداك، وما ربك بظلامٍ للعبيد. ثم جلس.(1/488)
وقام من بعده أبي بن كعب فقال: يا معاشر المسلمين ألستم تشهدون بأن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم رقى المنبر يوم غدير خُمٍّ، وقام عليٌّ إلى جانبه وحط يده اليمنى وشالا أيديهما حتى رُؤيَ بياض آباطيهما ثم قال: ((معاشر الناس من كنتُ نبيئه فهذا عليٌّ وليّه ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)) ثم جلس.
وقام من بعده قيس بن سعد بن عبادة فقال: يا أبا بكر، ألست تشهد بأن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم يوم كنّا بين يديه فأقبل عليك بوجهه فقال: ((يا أبا بكر من أحب عليًّا فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أبغض عليًّا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله كان حقيقاً على الله أن يكبّه على منخريه في نار جهنم))؟ فقال: بلى أشهد بذلك. ثم قال: يا معاشر المسلمين أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((أنا حرب لمن حارب عليًّا وسلمٌ لمن سالم عليًّا)) ثم جلس.
وقام من بعده أبو الهيثم بن التّيهان فقال: يا معاشر المسلمين ألستم تشهدون بأن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((هذا ابن التّيهان ما كذبني منذ آمن بي ، ولا نافقني منذ صدّقني))؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: فأنا أشهد أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: ((علي سفينة من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق))، أو قال: ((في النار هوى)) ثم جلس.(1/489)
وقام من بعده سهل بن حُنيف فقال: معاشر المسلمين أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((علي باب حطّة من دخلها كان آمناً)) ثم جلس.
وقام من بعده أبو بردة الأسلمي فقال: معاشر المسلمين أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: ((علي أخي وابن عمي ووارث علمي، وحامل رايتي يوم القيامة، والخليفة من بعدي، المؤمن من تابعه، والكافر من خالفه)) ثم جلس.
وقام من بعده خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وقال: يا معاشر المسلمين ألستم تشهدون بأن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم قَبِلَ شهادتي وحدي ولم يزد معي غيري قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: ((ألا إن الله ربكم، ومحمداً نبيئكم ، والإسلام دينكم، والقرآن إمامكم، وعلياً هاديكم، فَوَالَى الله من والاه وعادى من عاداه)) ثم جلس.
وقام من بعده أبو أيوب الأنصاري فقال: يا أبا بكر ألست تذكر هذه الآية يوم أنزلت: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} فقمت أنتَ وصاحبك فقبّلتما بين كتفيه وقلتما: أصبحتَ والله مولانا ومولى كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ؟ فقال: بلى قد كان ذلك. فقال: أشهد أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: ((علي عين الله في خلقه ، وولايته الصراط المستقيم، والحجة على الأمة بعدي)) ثم جلس.(1/490)