يا رسول الله، فقال: أيها الناس، أما رأيتم صاحب الفرس الأبلق أمام عسكرنا في الميمنة مرّةً، وفي الميسرة مرّةً؟ قالوا: رأيناه يا رسول الله فمن هو؟ قال: ذلكم جبريل -صلى الله عليه- فقال لي: يا محمد إن لِي سهماً مما فتح الله عليك، وقد جعلته لابن عمك علي بن أبي طالب عليه السَّلام فتسلمه إليه))، قال أنس بن مالك: فكنت ممن بشّر عليًّا عليه السَّلام بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال يوم غدير خُمٍّ: ((أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
وروي عن جابر بن عبد الله قال: جاء علي عليه السَّلام إلى النبيء صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحدٍ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إذهب، فقال: والله لا أذهب وأدعك، قال: فقال جبريل: هذه والله المواساة يا محمد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبريل إنه مني وأنا منه ، فقال جبريل صلى الله عليه: وأنا منكما)).
وروي عن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي عليه السَّلام: ((أنت أخي في الدنيا والآخرة )).
وروي عن علي عليه السَّلام أنه كان يقول: (أنا عبد الله وأخو رسول الله). وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السَّلام: ((لا يُحبُّك إلا مؤمنٌ ولا يبغضك إلا منافقٌ)). وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من آذى عليًّا فقد آذاني [ومن آذاني فقد آذى الله] )).(1/476)


وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في عليّ يوم خيبر: ((لأعطينّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله، كرار غير فرّارٍ))، ثم دعا بعلي عليه السَّلام وهو أرمد فتفل في عينيه فبرئ، وأعطاه الرّاية ففتح الله على يديه، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ((اللهم انصره وانصر به فإنه عبدك وأخو رسولك، اللهم أدر الحقّ معه ما دار)). وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن الجنة تشتاق إلى علي وعمارٍ وسلمانَ)). وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من أحب أن يتمسك بقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه الله تعالى في جنة عدنٍ، فليتمسك بحبِّ علي)) عليه السَّلام. وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((علي سيد المسلمين ، وإمام المتقين، وقائد الغرّ المحجلين)) وهذا كثيرٌ.
وقد رُوي عن ابن عباس: أنه مرّ بناس وهم يتناولون عليًّا عليه السَّلام، فوقف فقال: أيّكم سبَّ الله؟ فقالوا: ما منّا أحدٌ سب الله. قال: فأيكم سبّ رسول الله؟ قالوا: ولا كان هذا. قال: فأيكم الساب عليًّا؟ قالوا: قد كان ذلك. قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من سبَّ عليًّا فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله، ومن سبّ الله فهو في النار)).(1/477)


وعن ابن عباس أيضاً: أنه سأله رجل من أهل الشام من حمص عن علي عليه السَّلام، وكان أهل حمص يلعنون عليًّا، فقال له ابن عباس: له القرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أول الناس إيماناً، قال الشامي: هم لا يجحدون ذلك، ولكنه أحدث أحداثاً، وهو أنه قتل قوماً مسلمين، فقال له ابن عباس: مثل علي عليه السَّلام كمثل العبد الصالح الذي لقيه موسى عليه السَّلام فقصّ له قصته، ثم قال: وأخبرك أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوّج زينب بنت جحش بعد ما طلقها زيد بن حارثة فأولم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت وليمته الحيس، فكان يدعو كل عشرةٍ على قطعةٍ ثم كانوا إذا فرغوا استأنسوا الحديث، فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}[الأحزاب:53]، قال: فلما نزلت هذه الآية كانوا إذا أكلوا قالوا: الحمد لله المنعم المُطعم ثم مضوا ولم ينتظروا الخِرَقَ ليمسحوا بها أيديهم. قال: فمكث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندها أسبوعاً ثم تحول إلى بيت ام سلمة ابنة أبي أميّة، فلبث عندها ليلتين، فلما كان من الغد وقد تعالى النّهار أتى علي بن أبي طالب عليه السَّلام فدقّ عليه الباب دقًّا خفيفاً، فعرفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنكرت أمّ سلمة، قال النبيء صلى الله عليه وآله وسلم: ((قومي يا أمّ سلمة فافتحي [له] الباب ، قالت: من هذا الذي بلغ من خطره أن أقوم فأفتح له الباب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله(1/478)


وسلم: إن طاعتي طاعة الله، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله، قومي فافتحي الباب، فإن بالباب رجلاً ليس بالخرق ولا بالنزق ولا بالعجل في أمره، يُحبّ الله ورسوله، ويحبُّه الله ورسوله، فلما فتحت أم سلمة الباب أخذ بعضادتيْ الباب، فلما يزل قائماً حتى خَفيَ عليه الوطيّ ثم فتح ودخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أم سلمة هل تعرفين الرجل؟ قالت: نعم يا رسول الله هو علي بن أبي طالب وهنيئاً له، فقال النبيء صلى الله عليه وآله وسلم: لحمه لحمي، ودمه دمي، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبيء بعدي، يا أم سلمة هذا علي سيد المسلمين، وأمير المؤمنين، والوصي من بعدي، والخليفة على الأخيار من أمتي، أخي في الدنيا، ورفيقي في الآخرة، يكون معي في السَّنام الأعلى، إسمعي واشهدي يا أم سلمة أنه يقتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين))، قال الشامي: وما الناكثون؟ قال ابن عباس: الذين أقرُّوا بالمدينة، وأنكروا بالبصرة؛ كطلحة والزبير ومن تبعهما. وأما القاسطون فمعاوية وأصحابه، و[أما] المارقون فأهل النّهروان؛ ذو الثدية وأصحابه. قال الشامي: فرّجتَ عنِّي، فرّجَ الله عنك. وروي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أُتِيَ بطائرٍ مشويٍّ فقال: ((اللهم ائتني بأحب الناس إليك ))، فكان ذلك علي بن أبي طالب. والأخبار فيه كثيرةٌ، وهذه الأخبار متظاهرة مشهورةٌ متواترة تتلقاها الأمة بالقبول، ولا ينكرها ذوو العلم والعقول.(1/479)


فثبت أنه عليه السَّلام أحق الناس بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه ظُلِمَ حقّه، وجحد من قدّم عليه غيره سبقه.(1/480)

96 / 115
ع
En
A+
A-