شعره عليه السلام
وأما الشعر والأدب فله فيه الباع الطويل، والبيان الجزيل، وقد اقتطفت من شعره قصيدتين احداهما قالها قبل بلوغه، وفيها طلب من الله تعالى أن يرزقه اليقين والتقوى وإكمال الفروض، وهي:
إذا أعطيت نفس الفتى قوتها الذي .... حباها به رب العباد اطمأنّتِ
وماتت ولم تغلبه إن كان عاقلاً .... وعادت إلى التقوى وصامت وصلّتِ
وإن هي لم تُعط الذي حبيتْ به .... من الرزق أمست في الهموم وظلّتِ
وكان قصارى أمرها أن تردّها .... إلى جهلها قسراً، وخابت وضلّتِ
وما تعبت نفسٌ وهانت وانصبت .... وذلت لرب الناس إلا وعزّتِ
فيا رب فارزقني اليقين فإنه .... وتقواك رأس الدين، واجعله عدتي
وأخّر مماتي رب، حتى تميتني .... وقد كملت مني الفروض وتمت

وأما الأخرى فقالها وهو مقيم في بلاد (جنب) وقد حقق الله له آماله، واستجاب دعائه، وهي زهدية رائعة، اشتملت على معانٍ عظيمة ودلالات قويمة:
دعيني أطفي عبرتي ما بدا ليا .... وأبكي ذنوبي اليوم إن كنت باكيا
لعلّ البكا يشفي من الوجد بعضه .... إذا لم يكن للكلّ من ذاك شافيا
وأشفي غليلاً في فؤادي بالبكا؛ .... وإن قال جُهال من الناس ما ليا؟!
وليس عجيباً إن بكيت ولو دماً .... وأذهب دمعي من بكاي المآقيا
وقدماً بكى قبلي رجال تذكروا .... رسوماً عفت عن أهلها، ومغانيا
وقد مات (همامٌ) لوعظ إمامه .... وصادف قلباً للمواعظ واعيا
فلِم لا إذاً أبكي على ما جنت يدي .... من الذنب لمّا أن تحققت دائيا!(1/41)


فهل من مداوٍ للذنوب من الملا؟ .... فلم ألق للذنب العظيم مداويا؟!
وهل لقروح في فؤادي مرهم .... تداوي غليلاً كامناً في فؤاديا
وليس لذنبي من دواءٍ سوى البكا .... وتوبة ذي صدق، وعفو إلهيا
هبيني نسيت الموت والبعث فينَةً .... وما كان من علم الغيوب ورائيا
ألم أعتبر نفسي، ونقصان قوّتي، .... ولم أك للموت المشاهد ناسيا؟!
وكنت امرءاً ذا قوةٍ في شبيبتي .... فأصبح مخضر الشبيبة ذاويا!
وبدلت نقصاناً بدا في جوارحي .... وجاء نذير الشيب للنفس ناعيا
فيا عجباً من غافل غير عاقل .... يجدّد من دنياه ما صار باليا!
ويعمر ما قد خرّب الدهر قبله .... يجدّد تسويفاً له وأمانيا
ومن هرم يزداد ضعفاً وقلّةً .... وآماله يرمي بهنّ المراميا
* * *
رأيت (معين) الملك قد صار خاليا .... فأورثني سقماً، وأوهى عظاميا
و(بينون) و(البيضاء) بادت وهكذا .... (براقشها) والقصر قد كان عاليا
و(غمدان) و(السوداء) و(البون) عطّلت .... منازلها، والكل قد صار خاليا
وفي( هرم) ما يهرم الطفل ذكره .... وفي (كمنا) ما كان للناس ناديا
و(صُرواح) أو(روثان) للناس عبرةٌ .... أباد الردى أسفاله والأعاليا
وفي كل أرض مثلهنّ مآثرٌ .... تزّهد في الدنيا، وتنفي الدواعيا
فيا ربّ قيْلٍ كان فيهنّ مترف .... وذي نخوةٍ قد كان في النّاس ساميا
مضى ومضت أمواله ورجالُه .... وقد كان موجوداً فأصبح خاليا،
فكيف يطيب العيش للمرء بعدهم .... ويصبح جوّ الدهر للمرء صافيا؟(1/42)


* * *
فيا أيها المغرور أقصر عن الهوى .... وأقبل إلى التقوى، ولا تك لاهيا
وكن جاهداً في طاعة الله ربنا .... تفزْ بالذي تهوى، ولا تك عاصيا
كفى بالبلاء والموت للناس زاجراً .... وبالشيب عن فعل المظالم ناهيا!
فطوبى لمن يعطى الشهادة تحفة .... ومن كان مهدياً، ومن كان هاديا
ولولا الترجّي للشهادة والهدى .... وأضحى إلى الرحمن والدين داعيا
وإعزاز دين الله بعد خموله .... لأشبع غرثاناً، وأكسو عاريا،
وأنصر مظلوماً، وأقمع ظالماً .... وأنقذ ملهوفاً، وأفني معاديا،
لما كنت بين الناس أنظر فعلهم .... وما كنت للجهّال يوماً مدانيا
وأغدو لمن عادى الإله معاديا، .... وأضحى لمن والى الإله مواليا،
لما سرتُ إلا في طريق (ابن أدهم) .... وكنت (لعمرو بن العُبيد) مواسيا
وكابن (جثيم) و(الجنيد) أخي التقى .... فما كان منهم واحدٌ متوانيا
ويمّمت أرضاً لا أرى الناس عندها .... وكنت لأصناف الوحوش مواخيا
وقلت لأولادي وأهلي وأخوتي .... وأهل ودادي اليوم أن لا تلاقيا(1/43)


مؤلفاته
وأما مؤلفاته فهي كثيرة، ومنها:
1- (كتاب أصول الأحكام في الحلال والحرام)، وعليه يعتمد أهل المذهب الشريف في أحاديث التحليل والتحريم بلا نزاع منهم، من زمانه عليه السَّلام إلى وقتنا، لتقدمه وشهرته، واستيفائه بحججنا وحجج المخالفين والرد عليهم، وجملة أحاديثه ثلاثة آلاف وثلاثمائة واثنا عشر حديثاً، هكذا وصفه السيد العلامة الكبير صارم الدين الوزير في كتابه (الفلك الدوار) ـ تحت الطبع ـ بتحقيقنا.
2- (حقائق المعرفة) ـ أصول دين ـ مخطوط، منه سبع نسخ في المكتبة الغربية من (47-50) وبرقم (124، 156) ، وأخرى في (312) صفحة بمكتبة جامع الإمام الهادي بصعدة، وهو الذي بين يديك الكريمتين.
3- (الرسالة المتوكلية في هتك أستار الإسماعيلية) . منه مخطوط سنة 1054هـ ضمن مجموعة 81 من ورقة 128 إلى 132 مكتبة الأوقاف بالجامع الكبير، أخرى ضمن مجموع بمكتبة المولى الحجة مجد الدين المؤيدي.
4- (الرسالة الصادقة في تبيين ارتداد الفرقة المارقة) [أئمة اليمن:96].
5- (الرسالة العامة) [التحف شرح الزلف: 100].
6- (الزاهر في أصول الفقه). منه نسخة ضمن مجموع بمكتبة الأمبروزيانا رقم (47g).
7- (المدخل في أصول الفقه) [أئمة اليمن: 96].
8- (المطاعن) [التحف: 100].
9- (منهاج اليقين) منه نسخة خطية مصورة مع كتاب (الحكمة الدرية) في مكتبة السيد محمد عبد العظيم الهادي، خطت سنة 1354ه‍.
10- (الهاشمة لأنف الظلال من مذاهب المطرفية الجهال) [أئمة اليمن:96].
11- (كتاب العمدة شرح الرسالة الهاشمة) [التحف: 100].(1/44)


12- (ديوان شعر الإمام المتوكل أحمد بن سليمان). منه نبذة ضمن مجموع بمكتبة الجامع (الكتب المصادرة) برقم (61) (مصادر الحبشي: 536).
13- (قصيدته إلى نشوان الحميري) ـ خ ـ ضمن مجموعة رقم (37) الجامع (كتب مصادرة) أخرى ضمن مجموعة رقم (117g) بمكتبة الأمبروزيانا، أخرى باسم القصيدة الفائقة والمنظومة الرائقة، بمكتبة السيد سراج الدين عدلان ضمن مجموع ـ خ ـ سنة 1320هـ.
وأما كتاب (الحكمة الدرية) فلم نذكره في مؤلفاته؛ لأن شيخنا السيد الحجة مجد الدين المؤيدي حفظه الله قد شكك فيه، حيث قال: (ولا وثوق بما في الحكمة الدرية، فقد ثبت أنه قد دس فيها كثير على الإمام، ولهذا لم نعدها في مؤلفاته)، قلت: ولا يعني هذا التشكيك في جميعها إنما في أجزاء منها.(1/45)

9 / 115
ع
En
A+
A-