فصل في الكلام في واجبات اللسان
من ذلك الإقرار بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، والنعمة، والبلية، والموت، والبعث، والحساب، والثواب، والعقاب، والخلود.
ومما يجب باللسان: التوحيد والعدل.
ومما يجب باللسان: قراءة ما تيسّر من القرآن، قال الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى...}الآية[المزمل:20] في الصّلاة.
ومما يجب باللسان: ردُّ السّلام، قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أو رُدُّوهَا }[النساء:86]، ويجب باللسان الأذان على المنفرد والإقامة.
ومما يجب باللسان: تكبيرة الإحرام، وقراءة فاتحة الكتاب في ركعة وثلاث آيات معها، وما تيسّر من التسبيح، وقول المأموم: ربّنا لك الحمد -في الصلاة- قال الله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}[الروم:17،18]، وقال: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ }[الواقعة:74].
ومما يجب باللسان: التّشهد الأخير مُشتملاً على الصّلاة على النبيء وآله -صلوات الله عليهم جميعا- والتسليم.
ومما يجب باللسان: التّعلُّم [والتعليم] وسُؤال العلماء، ودراسة كتب الأصول وكتب الشرع.
ومما يجب باللسان: أداء الشّهادة، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ }[المعارج:33]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ }[المائدة:8].(1/281)


ومما يجب باللسان: الإصلاح بين الناس، والأمر بالصّدقة والمعروف، قال الله تعالى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِي‍رٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أو مَعْرُوفٍ أو إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ}[النساء:114].
ومما يجب باللسان: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:104]. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من رأى منكم منكراً فليُغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الإيمان)).
ومما يجب باللسان: الدّعاءُ إلى الله وإلى الحق على ما يستحق الإجابة، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[فصلت:33].
ومما يجب باللسان: الدفع بالتي هي أحسنُ، قال الله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا }[الفرقان:63].
ومما يجب باللسان: الحكمُ بما أنزل الله، قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }[المائدة:47].
ومما يجب باللسان: الحمد لله والثّناءُ عليه، فإن الله تعالى افتتح كتابه بالحمد لله رب العالمين. قال: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا }[الإسراء:111].
ومما يجب باللسان: الإقرار بما يكون على العبد من الحقوق متى سأله صاحبُ الحق.(1/282)


ومما يجب باللسان: تعليم الجاهل -إذا سأل ذلك ولم يكن يدخل على المعلِّم مشقَّةٌ كبيرةٌ.
ومما يجب باللسان: مناظرة المخالفين؛ روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لَمَقامُ أحدكم في الدنيا يتكلَّمُ بكلمةٍ يَرُدُّ بها باطلاً أو يُحيي بها حقًّا أفضلُ من هِجْرَةٍ معي)).
فهذه واجبات اللسان؛ وما كان من جنسها مما ورد به الكتاب والسنة، وفيهما بيان واجبات اللسان، وما يُستحبُّ وما يُكره وما يُحرمُ.
ومما يحرم النطق به: القول بالجحدان، والكفر، والشرك، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ }[الفرقان:68]، وقال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ }[الذاريات:50]، وقال الله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}[الذاريات:51].
ومما يحرم النطق به: الاستخفاف بحقّ الله وملائكته، ومثل النطق بالإثم والعداون، ولعلّ الناطق بالإثم يكره أن يسمعه النّاس، ويُسِرُّهُ منهم أو من بعضهم استحياءً لهم ورهبة منهم، ولا يستحيي من ربه وملائكته، ولا يرهب ربه، فهل يكون إثمٌ مثل هذا؟! وقد قال الله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ }[النساء:108]. وروي عن بعض الصالحين أنه رأى رجلاً يتكلم فيما لا يَعنيه فقال: يا هَذا إنما تُملي على حافظيك كتاباً إلى ربِّك.(1/283)


ومما يحرم النطق به: الافتراء على الله، والكذب عليه؛ ب‍ما يُدخل عليه النقص، في ذاته أو في أفعاله مثل قول المجبرة: إن الله يُرى يوم القيامة. وقولهم: له جوارحٌ وأعضاءٌ، وهو في مكانٍ. وقولهم: إنه جبرهم على أفعالهم، وكلف الكافر بالإيمان وهو لا يستطيعه ثم يُعذبه، فهذا أكبر الكذب والفرية على الله، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً. قال عزّ من قائلٍ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلاَمِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الصف:7]، وقال عزّ من قائلٍ: {انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا }[النساء:50]، وقال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ}[الأنعام:148].
ومما يحرم النطق به: الكذب على رسول الله، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من كَذَبَ عليَّ مُتعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).(1/284)


ومما يحرم النطق به: الاستخفاف بحق الإمام والعالم والمؤمن لِمَا رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((ثلاثةٌ لا يَستخفُّ بحقّهم إلا منافقٌ بَيِّن النّفاق : الإمام الْمُقسط، وذو الشيبة في الإسلام، ومعلم الخير)). ويحرم الكذب على جميع الناس.
ويحرم من النطق: الحكمُ بغير ما أنزل الله.
ومما يحرم النطق به: شهادة الزّور، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}[الفرقان:72]، وقال الله تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ }[الحج:30].
ومما يحرم النطق به: مخاصمة أهل الحقّ، والمجادلة بالباطل؛ قال الله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ}[الحج:19]، وقال تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلاَدِ}[غافر:4]، ومن المجادلة في آيات الله قول من يقول: لم ينزل كتاب الله. وقول من يقول: ليس يُسمع كتابُ الله.
ويحرم على الجنب والنُّفساء والحائض قراءة القرآن.
ومما يحرم النُّطق به: الغيبة، قال الله تعالى: {وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}[الحجرات:12].(1/285)

57 / 115
ع
En
A+
A-