وقال في المستطاب: "وكان حنفي المذهب عدلي الإعتقاد، ثم إنه رجع إلى مذهب الزيدية الشيعة، قال : روى ذلك عن صاحب التمهيد، وكذا رواه محمد بن أحمد القرشي" انتهى.
وقال في مطلع البدور : "وكان حنفياً وانتقل إلى مذهب الزيدية رضي الله عنهم"، انتهى.
وقال الإمام الحجة الحافظ/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي في التحف شرح الزلف 236: "وكان معتزلياً؛ ثم رجع إلى مذهب آل محمد" انتهى.
ومن قرأ كتاب جلاء الأبصار والتنزيه علم أن المؤلف رحمه الله عاش باحثاً عن الحق، وأن الكتابين كانا بداية رجوعه إلى مذهب الزيدية.
أمَّا هذا الكتاب الذي هو (تنبيه الغافلين) الذي بين يديك فهو دليل قاطع لا شك فيه على رجوعه إلى مذهب الزيدية في الإمامة "التي هي مدار أكثر الخلاف بين الزيدية والمعتزلة من العدلية" وهذا بين واضح لمن عرف مقاصده وإشاراته، فهو يقول في مقدمته لهذا الكتاب:
"وبيّنت في كل آية ما تتضمن من الدلالة على الفضيلة والإمامة"، ثم نراه يقول في كلام آخر في بداية الكتاب بعد أن ساق بعض الآيات القرآنية الدالة على فضل أهل البيت على طريق الجملة؛ قال :
"ثم أمر ربُّنا رسوله بأن ينوِّه بذكره ويدل على فضله بقوله وفعله، وينبه لأمته على أنه المرشح لخلافته، والمنصوص على إمامته، وأن الإمامة بعده في ذريته"، وغير ذلك من كلامه الدَّال على رجوعه إلى مذهب الزيدية، وأن أمير المؤمنين عليه السلام الخليفة والإمام بعد رسول الله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم، وأنه أفضل الخلق بعد رسول الله صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم، وأنه معصوم، وأن الإمامة محصورة في ذريته من بعده، وهذا واضح لمن لم يُعم التعصب قلبه، ويملك الهوى لبه.(1/26)
فقطع الحاكم الجشمي حياته في الدفاع عن العدل والتوحيد المجمع عليه من قبل الفرق العدلية، والبحث عن أيّ فرق العدلية هي المحقّة، حتى توّصل إلى معرفة الحق، وهذا مما يؤكد ويبين أن مذهب الزيدية هو مذهب الحق، لأن الحاكم رحمه الله مع سعة علمه وفضله لم يطمئن حتى وفقه الله بالرجوع إلى الحق في آخر عمره، ودان بمذهب الزيدية أصولاً وفروعاً.
ــــــــــــــ
مقتله رحمة الله عليه
كان الحاكم رحمه الله كما ذكرنا مدافعاً عن العدل والتوحيد حتى سقط شهيداً في سبيل الدفاع عنه، وذلك كما وري أنه كان السبب في قتلة تأليفه لكتاب (رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس)، وهي الرد على المجبرة .
فقتله المجبرة بسبب هذه الرسالة في مكة المكرمة .
وقيل : إن أخواله ممن اتهموا بقتله مع جماعة من المجبرة، وكان قتله غيلة سنة أربع وتسعين وأربعمائة على أيدي أعداء العدل والتوحيد، وأعداء آل محمد الكرام عليهم الصلاة والسلام، وكان عمره رحمة الله عليه يوم قتل إحدى وستون عاماً، عليه رحمة الله ورضوانه.
ـــــــــــــــــ
وختاماً نسأل الله العلي القدير أن يجعل لأعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يجعله من الأعمال المقبولة، والحسنات المذخورة، وأن يرزقنا حب محمد وآله، وأن يلحقنا بهم صالحين، وأن يجعلنا من خيار مواليهم التابعين، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
إبراهيم يحيى الدرسي
مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية
اليمن - صعدة، ت(511816)، ص ب(91064)(1/27)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الإعانة
أخبرنا الشيخ الفقيه الأجل الزاهد شعله أحمد بن محمد بن قاسم الأكوع(1) الحوالي الحميري في العشر الأولى من شهر رجب الفرد سنة أربعه وأربعين وستمائة كتابة وأجازة.
قال: أخبرنا الفقيه الأجل الحافظ تاج الدين(2)
__________
(1) قال في الطبقات: أحمد بن محمد بن القاسم الأكوع بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن يوسف بن عبدالله بن زيد، وساق النسب إلى قوله: الحميري المعروف بالأكوع، والمشهور بشعلة، قرأ في كتب الأئمة وشيعتهم على شيخه محيي الدين أحمد بن الوليد العنسي ما بين السماع وإجازة ومناولة، حققه السيد محمد بن الهادي بن تاج الدين وغيره، وكان سماعه على شيخه المذكور سنة أربع عشرة وستمائة.
قال الدريقي: ويروي جميع ذلك عن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة مناولة مع مؤلفات الإمام عليه السلام ومسموعاته ومستجازاته...إلى قوله: كان شعلة الأكوع شجاعاً، عالماً، محدثاً، فاضلاً، حافظاً، من حفاظ الشريعة، ومسند كتب الأئمة والشيعة وغيرها من كتب الحديث، وغير ذلك من الكتب الوسيعة، انتهى.
توفي بحوث، وقبره بموضع يسمى المخابيز بميم ثم خاء معجمة ثم ألف ثم باء موحدة ثم ياء ثم راء معجمة، معروف، ولعل موته في عشر الأربعين وستمائة تقريباً.
(2) عطية بن محمد بن حمزة بن أبي النجم، القاضي العلامة ركن الدين، قرأ على أبيه، وأخذ عنه عبدالله بن محمد بن حمزة مؤلف الأسانيد اليحيوية، انتهى من الطبقات.
قال في مطلع البدور: هو أحد أعلام العلماء الأكابر، كان فاضلاً، محققاً، سابقاً إلى الخير، مرجوعاً إليه، كما دأبت السعادة له ولأهل بيته الكريم، تولى القضاء بحَلْي بن يعقوب من أعمال تهامة عن أمر الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام، وكان أحد العلماء الحاضرين بيعة الإمام أحمد بن الحسين عليهما السلام، انتهى.(1/28)
، عطية بن محمد بن أبي النجم، وأخبرنا القاضي الأجل تقي الدين أبو محمد(1) عبدالله بن محمد بن عبدالله بن حمزة بن أبي النجم قاضي صعدة بصعدة حرسها الله بالمشاهد المقدسة في شهر جمادى الأولى من شهور سنة أربع وأربعين وستمائة، وقد كان أخبرنا قبل ذلك مراراً، قال: أخبرنا الفقيه العالم تاج الدين(2)
__________
(1) عبدالله بن محمد بن عبدالله بن حمزة بن إبراهيم بن حمزة، المعروف بابن أبي النجم، قال في مطلع البدور: كان عبدالله عالماً، فاضلاً، مرجوعاً إليه، مقدماً في كل شيء، له أخلاق العباد والعلماء في مظهر الملوك وإفاداتهم، وهكذا الغالب على أهل هذا البيت، ولي القضاء بعد أبيه بجهة صعدة، وكتب له الإمام المنصور بالله عهداً بليغاً، ثم استمر على ذلك إلى زمان الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسين، وكتب له عهداً أبلغ من العهد المنصوري، وكان مؤئلاً للبلاد والعباد رضي الله عنه، توفي في نصف شهر ربيع المعظم سنة سبع وأربعين وستمائة، انتهى.
(2) زيد بن أحمد بن الحسن البيهقي، ويسمى أيضاً أحمد بن أحمد، فله إسمان كما ذكر ذلك في الطبقات ومطلع البدور، القادم من حوث سنة عشر وستمائة في أيام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام.
كان إماماً كبيراً، رحالاً، مقدماً، كبيراً، أثنى عليه العلماء، ووصفه شعلة بالحفظ، قال شعلة: كان حافظاً، واستجاز منه علماء وقته.(1/29)
زيد بن أحمد البيهقي البروقاني عن السيد يحيى بن إسماعيل(1) رحمه الله عن عمه الحسين(2)
__________
(1) يحيى بن إسماعيل بن علي بن أحمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، العلوي، النيسابوري، كذا ذكر النسب في الطبقات، وقال: يروي عن عمه الحسن بن علي بن أحمد الجويني كثيراً من كتب الأئمة وغيرهم...إلى قوله: وعمه أسند كل كتاب إلى مؤلفه، وأخذ عنه عمرو بن جميل النهدي شيخ الإمام عبدالله بن حمزة، وأحمد بن زيد بن علي الحاجي.
إلى قوله: قال تلميذه عمرو ما لفظه: هو السيد الإمام مفخر الأنام الصدر الكبير، العالم العامل، مجد الملة والدين، وافتخار آل طه وياسين، ملك الطالبيين، شيخ آل الرسول، أستاذ الطوائف، الموافق منهم والمخالف، قبلة العرف، تاج الشرف، انتهى.
وذكره في مطلع البدور عند ترجمة عمرو بن جميل النهدي ، وقال : هو الذي بلغ دعوة الإمام المنصور بالله عليه السلام إلى ملك خوارزم علاء الدين وأجازه علاء الدين جائزة سنية عظيمة القدر وأجل رتبته لرفعته في نفسه فإنه من أعيان آل محمد وكبراء العلماء ، انتهى .
(2) الحسن بن علي بن أحمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن الحسن الأفطس بن الحسين بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الحسيني، الهاشمي، العلوي، المعروف بالجويني، السيد بدر الدين، كذا في الطبقات، وقال فيها: كان السيد إماماً، حافظاً من حفاظ العترة وبدور الإسلام المشرقة، وقال المنصور بالله: كان إماماً، زاهداً، انتهى.
بن علي بن أحمد الجويني، عن مصنفة الحاكم الإمام شيخ الإسلام أبي سعد المحسن بن محمد قال:(1/30)