وكناه أبو تراب، فروى سهل بن سعيد قال: استعمل رجل من آل مروان على المدينة فأمرني أن أشتم علياً عليه الصلاة والسلام، فأبيت، فقال لي: قل لعن الله أبا تراب، فقلت: ماكان لعلي إسم أحب إليه من أبي تراب، فقيل له: لم سمي بذلك؟ قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت فاطمة عليها السلام، فلم يجد علياً عليه السلام فسأل فاطمة، فقالت: كان بيني وبينه شيء فخرج، فجاء إلى علي وهو نائم في المسجد قد سقط رداءه عن شقه وأصابه التراب فجعل يمسح التراب عنه وهو يقول: قم يا أبا تراب، وقد روي في سببه غير ذلك إلا أنهم اتفقوا أنه كناه رسول الله، وكان الصاحب إذا أنشد قول الشاعر:
أنا وجميع من فوق التراب .... فداً لتراب نعل أبي تراب
يقول: لم يخرج هذا إلا من قلب مخلص.
ــــــــــــــــ(1/173)


سورة الأحزاب
[الآية الثالثة والستون]: قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب:6]، ابتدأ الله بذكر الولاية، فقال: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب:6]، ثم عقب ذلك بقوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} دل أن أولاده أولى بمقامه في الولايات من غيرهم، ويصحح ذلك مارويناه في حديث غدير خم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((ألست أولى بكم من أنفسكم؟)) قالوا: بلى، قال: ((فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه)) وروينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((كل بني أنثى ينسبون إلى أبيهم إلا الحسن والحسين فأنا أبوهما وعصبتهما)) ولايقال: المراد به في الميراث لأنه لم يجر له ذكر لامتقدماً ولا متأخراً، ولأنه قال: من المؤمنين والمهاجرين، فدل أنه أراد الولاية في أمته لذريته دون غيرهم.
[الآية الرابعة والستون]: وقوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}...الآية [الأحزاب:23]، قيل: نزل في حمزة، ومن معه جاهدوا حتى قتلوا، وكانوا عاهدوا الله لايولون الأدبار ((فقضى نحبه)) حمزة، ((ومنهم من ينتظر)) علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام مضى على الجهاد ومات على ماجاهد لم يغير، ولم يبدل، وقوله ينتظر إلى ماصار إليه إخوانه من درجة الشهادة، وقيل: ينتظر الأجل المكتوب له.(1/174)


ولما قتل الإمام زيد بن علي نعي إلى جعفر بن محمد عليهما السلام، فاستعبر باكياً، ثم تلى من المؤمنين {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}... الآية، ثم قال: ذهب والله عمي زيد وأصحابه على ماذهب عليه جده علي بن أبي طالب والحسن والحسين شهداء من أهل الجنة التابع لهم مؤمن والشاك فيهم ضال، والراد عليهم كافر، وإنهم ليجيئون يوم القيامة أحسن الخلق زينة وهيئة، ولباساً، وفي أيديهم كتب كأمثال الطوامير فتقول الملائكة هؤلاء خلف الخلف ودعاة الحق، ولايزالون كذلك حتى ينتهى بهم إلى الفراديس العلى، فويل لقاتليهم من جبار الأرض والسماء.
[الآية الخامسة والستون]: قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:32].
عن أبي سعيد أنها نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، فإذهاب الرجس بألطافه تعالى.
وعن أبي سعيد أنها لما نزلت هذه الآية جللهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكساء، وقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)) قال: وأم سلمة على باب البيت، فقالت: يارسول الله وأنا، قال: وأنت إلى خير.
وعن أم سلمة رضي الله عنها: في الآية أنها نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين.
وعن عائشة: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عندي وعليه مرط مرجل من شعر أسود، قالت: فجاء الحسن فأدخله معه، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معهم فيه، ثم جاء علي فأدخله معهم فيه، ثم ضم عليهم المرط ثم قال: (({إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ}...الآية)).(1/175)


وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: في بيتي نزلت هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} وفي البيت سبعة: جبريل، وميكائيل، ورسول الله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام، قالت: وأنا على باب البيت جالسة، فقلت: يارسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنك على خير أنت من أزواج النبي، ولم يقل إني من أهل البيت.
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)) فنزلت هذه الآية في بيتي، فقلت: يارسول الله وأنا منهم؟ قال: وأنت إلى خير.
وروى السيد أبو طالب بإسناده عن شعبة(1) لما ظهر إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مثل أهل بيتي في أمتي كمثل النجوم كلما أفل نجم طلع نجم)).
__________
(1) شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي مولاهم أبو بسطام الواسطي البصري الحافظ الحجة النقاد وكبير أهل الجرح والتعديل، ثقه مأموناً ورعاً فاضلاً من ثقاة محدثي الشيعة، ولد سنة (82هـ) وكان ممن خرج مع ابراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن عليه السلام، وأفتى بالخروج معه وتوفي سنة (162هـ) وعمره سبع وسبعون سنة.(1/176)


وعن زيد بن أرقم، قال: خطبنا رسول الله بواد بين مكة والمدينة يدعى خم، فقال: ((إنما أنا بشر يوشك أن أدعى فأجيب ألا وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما كتاب الله وهو حبل الله من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة، ثم أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي)) ثلاث مرات.
وعن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى، ومن تخلف عنها هلك، ومثل باب حطة في بني إسرائيل)).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله تعالى جعل أجري عليكم المودة في القربى وإني سائلكم غداً فمحف في المسئلة)).
وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((من قاتلني في الأولى، وقاتل أهل بيتي في الثانية فأولئك شيعة الدجال)).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((في كل خلف من أهل بيتي عدول ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ألا إن أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا من توفدون)) وهذا وصف أئمتنا عليهم السلام، وقد بينوا بكلامهم وتصانيفهم ما يبقى إلى الأبد، وجاهدوا كل مبطل، وجادلوا كل مبتدع ضال.
[الآية السادسة والستون]: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56].
المروي أنه لما نزلت هذه الآية قالوا: يارسول الله كيف نصلى عليك؟ فقال: ((قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)).(1/177)

37 / 44
ع
En
A+
A-