، والهادي(1)، والناصر، وأمثالهم جاهدوا بالسيف واللسان وبالكتب والتصانيف وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
__________
(1) الهادي هو يحيى بن الحسين بن القاسم بن ابراهيم بن إسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، مولده بالمدينة سنة خمس وأربعين ومائتين، اشتهر فضله وعلا صيته فخرج إليه رؤساء أهل اليمن فساعدهم للخروج معهم فخرج الخرجة الأولى سنة ثمانين ومائتين وهي السنة التي قام فيها بالدعوة، ثم رجع لما شاهد من بعض عسكره أخذ شيء من أموال الناس، وخرج الخرجة الثانية سنة أربع وثمانين ومائتين وأحيا الله به معالم الدين في اليمن، وجدد الله به الدين، وجاهد القرامطة الباطنية وله معهم نيف وسبعين وقعة، وله مع بني الحارث في نجران نيف وسبعين وقعة أيضاً، وخطب له بمكة سبع سنين، ووردت فيه آثار نبوية وأخبار علوية تبشر به، وخصه الله بعلم الجفر، وكان معه سيف جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ذو الفقار، وكان يضرب به ضرب جده عليه السلام، وقد أجمع الموالف والمخالف على فضله، وكان حسن السيرة في الرعية عادلاً قائماً بالقسط ورعاً زاهداً، وله المؤلفات الكثيرة منها الأحكام والمنتخب والفنون وكتاب مسائل الرازي وغير ذلك، وتوفي عليه السلام شهيداً بالسم ليلة الأحد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين ومائتين، وعمره (53سنة)، ودفن يوم الإثنين في قبره مقابل محرابه في جامعه الذي أسسه بصعدة، وقبره مشهور مزور.(1/169)


وقد روي عن زيد بن علي أنه كان يقول: الإمام منا أهل البيت المفترض الطاعة على المسلمين الذي دعا إلى كتاب الله وسنة نبيه، وجرت على ذلك أحكامه، وعرف بذلك، فذلك الإمام الذي لايسعنا وإياكم جهالته، فإن من لم يأمر بمعروف، ولم ينه عن منكر فأنَّى يكون ذلك إماماً.
وروي كان يقول عند الوقعة: والله إني لأستحي من رسول الله أن ألقاه ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنه عن منكر.
وعن زيد بن علي أنه كان يقول: أعينوني على قتال الفاسقين، أعينوني على جهاد من قد أمركم الله بقتاله، والله لايقاتل معي أحد إلا أخذت بيده يوم القيامة حتى أدخله الجنة، وروي أنه قال هذا ثم تلى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} وجهاده في سبيل الله، وجهاد الأئمة بعده ومقاتلتهم مشهورة مدونة.
ـــــــــــــــ(1/170)


سورة الروم
[الآية الستون]: قوله تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الروم:38].
قيل: هم قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فاختلف من قال ذلك في حقه:
فقال بعضهم: أعطوهم حقهم الذي أوجب الله لهم من المودة في قوله: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23].
وقيل: هو ماوجب لهم من الحقوق المالية في الخمس.
وقيل: المراد قرابة المتصدق.
والأول أوجه لوجهين:
أحدهما: أن حقيقة الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والثاني: أنهم المعهودون والألف واللام للعهد.
[الآية الحادية والستون]: قوله تعالى {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41].
اختلفوا في الفساد الذي ظهر:
قيل: عقوبة الفساد.
وقيل: الجدوبة والقحط وذهاب البركة.
واختلفوا في قوله: {بِمَا كَسَبَتْ}:
قيل: بالمعاصي.
وقيل: قتل قابيل هابيل.
وقيل: بقتل الحسين عليه السلام.
ــــــــــــــــ(/)


سورة السجدة
[الآية الثانية والستون]: قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [السجدة:18]، نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب عليه السلام، والوليد بن عقبة جرى بينهما كلام فقال الوليد لعلي: اسكت فإنك صبي وأنا والله أبسط منك لساناً وأحد سناناً، فقال له علي: اسكت فإنك فاسق، فنزلت الآية، فسمى الله علياً مؤمناً وسمىالوليد فاسقاً، وقد سماه كذلك في قوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} [الحجرات:8].
أجمع المفسرون أنها نزلت في الوليد بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني المصطلق لأخذ صدقاتهم وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية فرجع وقال: إنهم منعوا الصدقات فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم بغزوهم فنزلت الآية، وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبينوا كذبه فبعث خالد بن الوليد فأخذ صدقاتهم.(1/171)


[ذكر بعض أسماء وكنى الإمام علي عليه السلام]
وقد سمى الله علياً مؤمناً في هذه الآية وفي آيات: سماه ولياً في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [المائدة:55]، وسماه أولي الأمر منكم في قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأسماء وكناه بكناً، فمن ذلك أنه لما ولد سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً لأن أبا طالب لم يسمه.
وسماه الصديق الأكبر، وخاصف النعل على ماتقدم أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: ((إن منكم من يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين)) وروي: ((من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلتم على تنزيله)) فقيل: من هو قال: خاصف النعل فبشرته به يعني علياً، فلم يرفع به رأسه كأنه شيء قد سمعه.
وسماه يعسوب المؤمنين، ومولى المؤمنين في قوله: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) وقال له: ((أنت أمير البررة، وقاتل الكفرة الفجرة، ومبيد المشركين)) وقال له: ((أنت أخي وقاضي ديني وخليفتي في أهلي)) وقال: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)).
وسماه قسيم الجنة والنار، وصاحب اللواء، والفاروق، والهادي، وسيد العرب، وأمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين...إلى غير ذلك من الأسماء التي يتضمن كل واحد منها مدحاً وتعظيماً.
أما كناه: فكناه أبو الحسن، وأبو الحسين، والمروي عن علي، قال: ماقال لي الحسن والحسين يا أبة حياة رسول الله كانا يقولان له يا أبه، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالا لي ياأبه فكان الحسن يقول: ياأبا الحسين، والحسين يقول: ياأبا الحسن.(1/172)

36 / 44
ع
En
A+
A-