وروى السيد أبو طالب بإسناده عن علي بن موسى الرضى(1)، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ثلاثة أنا شفيع لهم يوم القيامة: الضارب بسيفه أمام ذريتي، والقاضي لهم حوائجهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه)).
__________
(1) الإمام علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي أمير المؤمنين عليهم صلوات رب العالمين أبو الحسن، ولد عليه السلام سنة (153هـ) بالمدينة، كان نسيج وحده ووحيد عصره علماً وفضلاً وكمالاً، بايعه بنو هاشم وأجمع أهل البيت عليهم السلام على إمامته، وبايعه أيضاً المأمون وأولاده وأمراؤه وجنوده وقواده، وأعطى المأمون الناس عطاء واسعاً للبيعة، وكانت بيعة المأمون للرضا لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين، وضرب المأمون اسم الرضا على السكة والطراز وجعل له في الخطبة موضعاً، والرضى أحد أئمة الإمامية فقد أجمع الناس جميعاً على إمامته أهل البيت وبنو العباس والإمامية وغيرهم، ولم يزل المأمون يعرف حق علي بن موسى ويدين بفضله ظاهراً حتى دس إليه السم فقتله سنة (203هـ) وله من العمر (55) سنة، وهو صاحب الصحيفة المعروفة (بصحيفة علي بن موسى الرضى).(1/133)


وروى السيد أبو طالب رحمه الله: بإسناده عن علي عليه السلام: (لاتزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله مم اكتسبه وفيم أنفقه، وعن حبنا أهل البيت) قال أبو بردة الأسلمي: وما علامة حبكم؟ قال: حب هذا ووضع يده على رأس علي بن أبي طالب عليه السلام.
وروى السيد بإسناده عن أبي ذر قال: ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على كتف علي عليه السلام يوم عرفة، ثم قال: ((يا علي من أحبنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج(1))).
وبإسناده عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((لايحب علياً إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق)).
__________
(1) أمالي أبي طالب 74، قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام في شرح الرسالة الناصحة للإخوان الجزء الثاني: "وأقول في معنى هذا الخبر : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد بالبلج: الخلط، لأن ذلك معناه في أصل اللغة لا فرق بين العلج والخلط والغث، فكأنه عليه السلام قال : من أبغضنا فهو مختلف الأصل نسبته إلى واحد، وماؤه الذي خلق منه من واحد آخر، وهذا هو العلج الظاهر، وقلنا ذلك لأن المعلوم أن من العرب من يبغضهم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خبراً مطلقاً أنه علج ....إلى قوله: ((من أحبنا فهو العربي)) يريد في الشرف لأن من العجم من محبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم شديدة، انتهى.(1/134)


[زيارة جابر بن عبدالله لقبر الحسين عليه السلام]
وروى السيد بإسناده عن جرير(1) عن الأعمش(2)، عن عطية(3) العوفي، قال: خرجت مع جابر بن عبدالله الأنصاري زائراً قبر الحسين بن علي عليهم السلام، فلما وردنا كربلاء، دنا جابر من شاطئ الفرات، فاغتسل ثم ائتزر بإزار، وارتدى بآخر، ثم فتح صُرَّة فيها سعد، فنثره على يديه، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله، حتى إذا دنا من القبر، قال: ألمسنيه فألمسته، فخر على القبر مغشياً عليه، فرششت عليه شيئاً من الماء فلما أفاق، قال: يا حسين يا حسين يا حسين ثلاثاً، ثم قال: حبيب لايجيب حبيبه، ثم قال: وأنى لك بالجواب وقد شخبت أوداجك على أشباحك، وفرق بين بدنك ورأسك،
__________
(1) جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي ، ثم الرازي ، أبو عبدالله القاضي، أحد المشاهير الثقات، شيعي ثبت، قال في الميزان : جرير بن عبد الحميد عالم أهل الري صدوق محتج به في الكتب ، وقال أبو حاتم : جرير يحتج به . توفي سنة ثمان وثمانين ومائة .
(2) الأعمش : هو سليمان بن مهران الأعمش الباهلي الأسدي، مولاهم، أبو محمد، ولد سنة ستين بأرض الكوفة ، قال ابن عيينة: كان الأعمش أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بالحديث ، وقال العجلي : كان ثقة محدث أهل الكوفة في زمانه ، وقيل إنه بايع الإمام زيد بن علي عليه السلام وروى عنه ، وأفتى بالخروج مع الإمام إبراهيم بن عبدالله ، وكان من أفاضل الشيعة وممن يكثر الرواية في فضائل أهل البيت عليهم السلام ، وعده السيد صارم الدين من ثقات محدثي الشيعة . توفي سنة ثمان وأربعون ومائة ، وله سبع وثمانون سنة .
(3) عطية بن سعيد العوفي ، أبو الحسن الكوفي ، تابعي شهير ، ومن الشيعة المخلصين الفضلاء ، عده في الطبقات من ثقات محدثي الشيعة . توفي سنة إحدى عشرة ومائة .(1/135)


فأشهد أنك ابن خير النبيين، وابن سيد الوصيين، وابن حليف التقوى، وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكساء، وابن سيد النقباء، وابن فاطمة سيدة النساء، وما بالك ألا تكون هكذا، وقد غذتك كف سيد المرسلين، وربيت في حجور المتقين، ورضعت من ثدي الإيمان وفطمت بالإسلام، فطبت حياً، وطبت ميتاً غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة بفراقك ولا شاكة في الحب لك فعليك سلام الله ورضوانه، فاشهد أنك مضيت على ما مضى يحيى بن زكريا عليه السلام.
وقال عطية: ثم جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم أيها الأرواح الطاهرة الطيبة التي بفناء الحسين، وأناخوا حول رحله، أشهد أنكم أقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين، والذي بعث محمداً بالحق نبياً لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.
قال عطية: فقلت لجابر بن عبدالله كيف ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً، والقوم فرقوا بين رؤوسهم، وأبدانهم وأوتمت الأولاد وأرملت الأزواج، فقال لي: يا عطية سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من أحب قوماً حشر معهم، ومن أحب عمل قوم فقد شرك في عملهم)).
احدرني نحو أبيات كوفان، فلما صرنا في بعض الطريق قال لي: يا عطية، هل أوصيك وما أظنني بعد هذه السفرة لاقيك أحبب محب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما أحبهم وأبغض مبغض آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما أبغضهم، وإن كان صواماً قواماً.(1/136)


سورة يونس
[الآية الثالثة والثلاثون]: قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.
الهادي إلى الحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بعده، والدليل عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} وروى أن الهادي أمير المؤمنين علياً عليه السلام.
[الآية الرابعة والثلاثون]: قوله تعالى: {بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.
قيل: بفضل الله ورحمته: القرآن والإسلام.
وقيل: محمد، وعلي عليهما الصلاة والسلام.
ـــــــــــــــــــ
سورة هود
[الآية الخامسة والثلاثون]: قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}.
اختلفوا في الشاهد:
قيل: هو علي عن ابن عباس رضي الله عنه يشهد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو منه.
وقيل: هو القرآن عن أبي مسلم يشهد بصحة نبوته.
وقيل: جبريل عن إبراهيم ومجاهد، والضحاك.
وقيل: من الله عن أبي محمد عن أبي زيد، وأبي علي.
وقيل: هو ملك سدده.
وروى الناصر للحق عليه السلام بإسناده، وقال: قال علي عليه السلام: ما من رجل من قريش إلا وقد نزلت فيه آية أو آيتان من كتاب الله تعالى فقال له رجل: فما نزل فيك يا أمير المؤمنين؟ فقال: أما تقرأ الآية من سورة هود: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} محمد على بينة من ربه وأنا الشاهد منه.
وعن جعفر بن محمد عن آبائه في قوله: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} قال: فرسول الله على بينة من ربه، وعلي شاهد من رسوله.(1/137)

28 / 44
ع
En
A+
A-