سورة الأعراف
[الآية التاسعة عشرة]: قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ}...الآية.
[الآية العشرون]: وقوله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}...الآية.
ذكر شيخنا أبو القاسم(1) البلخي في تفسيره عن علي، قال: فينا نزلت أهل بدر.
__________
(1) أبو القاسم البلخي : هو عبيدالله بن أحمد بن محمود العكبي البلخي المعتزلي ، إمام معتزلة بغداد ، له كتاب السند ، وكتاب الطبقات والمقالات ، صحب الإمام محمد بن زيد الداعي ، وصحب الإمام الناصر الأطروش ، وإليه تُنسب الكعبية من فرق المعتزلة، توفي ببلخ في أيام المقتدر العباسي سنة 317هـ.(1/114)
وذكر هشام في تفسيره عن علي عليه السلام أني لأرجوا أن أكون أنا وعثمان وطلحة(1) والزبير(2) من الذين قال فيهم الله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}.
__________
(1) طلحة بن عبيدالله أبو محمد القرشي، كان من السابقين في الإسلام والهجرة، وشهد المشاهد كلها غير بدر، وسماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طلحة الجود، وكان من خطباء الصحابة وأهل الثروة فيهم، وكان من المحرضين على قتل عثمان، بايع علياً عليه السلام طائعاً ثم نكث البيعة مع الزبير وخرج على أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل في 35ألفاً، وقتل يوم الجمل، قتله مروان بن الحكم وكان في جيشه سنة 36هـ.
(2) الزبير بن العوام الأسدي، أمه صفية بنت عبدالمطلب عمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أسلم قديماً، وهاجر وشهد المشاهد كلها، وكان فارساً شجاعاً بايع طائعاً لعلي عليه السلام ثم نكث البيعة مع طلحة وخرج على أمير المؤمنين في معركة الجمل، قتله ابن جرموز في وادي السباع بعد أن اعتزل الحرب لما ذكَّره أمير المؤمنين عليه السلام حديثاً، وفيه يقول علي عليه السلام: (ما زال الزبير منا حتى نشأ ولده المشؤم عبدالله)،، وقتل وعمره سبع وستون سنة.(1/115)
وذكر ابن جرير(1) عن علي عليه السلام نحوه، قال: فقام إليه رجل من همدان، وقال: الله أعدل من ذلك، قال: فغضب، ثم قال: إذا لم يكن نحن فمن.
وعن ابن عباس(2): نزلت في أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي عليه السلام، وطلحة، والزبير، وابن مسعود، وعمار، وسلمان، وعبد الرحمن بن عوف.
__________
(1) ابن جرير: محمد بن جرير بن يزيد بن هارون الطبري أبو جعفر، صاحب التفسير الكبير والتاريخ الشهير، ومن مصنفاته كتاب الولاية في طرق حديث الغدير، ويسمى كتاب الإمامة، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، عادته الحنابلة لما أنكر عليهم، ومنعوا الناس من الدخول عليه، قال فيه بعض النواصب : كان يضع الحديث للروافض، ذكره السيد صارم الدين في ثقات محدثي الشيعة، كان ولادته سنة أربع وعشرين ومائتين، وتوفي ببغداد سنة ستة عشرة وثلاثمائة عن تسعين سنة.
(2) الذي رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الجزء الأول ص (317) في قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[سورة الحجر:47] بسنده عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال : نزلت في علي بن أبي طالب وحمزة وجعفر وعقيل وأبي ذر وسلمان وعمار والمقداد والحسن والحسين عليهم السلام .
وروى الطبراني في الأوسط بسنده عن أبي هريرة أن علياً عليه السلام قال : يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة، فقال : فاطمة أحب إليَّ منك؛ وأنت أعز عليَّ منها، وكأني بك وأنت على حوض تذود عنه الناس، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة إخواناً على سرر متقابلين، أنت معي وشيعتك في الجنة، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} لا ينظر أحد في قفا صاحبه، ذكره صاحب مجمع الزوائد ج9ص173.
ويؤيده ما ذكره صاحب الشواهد أيضاً في سورة الأعراف في قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[سورة الحجر:47] بسنده عن عبدالله بن مليل عن علي عليه السلام قال: نزلت فينا.
وما رواه أيضاً بسند عن أبي موسى الجهني عن الحسن بن علي عليهما السلام، قال: فينا والله نزلت.
ورواه أيضاً أحمد بن حنبل في الفضائل في باب فضائل علي عليه السلام، الحديث رقم (140) .(1/116)
[الآية الحادية والعشرون]: قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ}...الآيات [الأعراف:48].
روى الضحاك عن ابن عباس: أن الأعراف موضع عال على الصراط عليه العباس، وحمزة، وعلي، وجعفر عليهم السلام يعرفون محبيهم ببياض الوجوه، ومبغضيهم بسواد الوجوه.
وقيل: هم فضلاء المؤمنين عن الحسن ومجاهد.
وقيل: شهداء الآخرة عن ابن عباس.
وعلى أي وجه صار فأمير المؤمنين مراد بها داخل في ضمنها.
[الآية الثانية والعشرون]: قوله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:181].
قيل: هم المهاجرون والأنصار عن عطاء.
وقيل: العلماء.
وقيل: هم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعن الربيع(1) بن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن من أمتي قوماً على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم)) وهذا يوافق قوله: لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كتاب الله وعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
__________
(1) الربيع بن أنس الكندي، أو الحنفي البصري، نزيل خراسان، قال ابن حجر : رمي بالتشيع، وقال أبو حاتم : صدوق، وقال أبو مالك : حبس بِمَرْو ثلاثين سنة، توفي سنة تسع وثلاثين ومائة، خرج له الأربعة وأئمتنا الخمسة إلاَّ الجرجاني.(1/117)
سورة الأنفال
[الآية الثالثة والعشرون]: قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25].
قيل: نزلت في علي وعمار وطلحة والزبير.
عن الحسن وقال الزبير: لقد قرأنا هذه الآية زماناً وما أرانا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها، فخالفنا حتى أصباتنا خاصة.
وقيل: نزلت الآية في أهل بدر عن السدي.
وقيل: في الصحابة عن ابن عباس.
فالفتنة: ماكان عليه من خالف علياً عليه السلام في الجمل وصفين والنهروان.
واختلف المفسرون في المراد بقوله: ((فتنة)).
قيل: عذاباً عن أبي علي، وأبي مسلم، وهو المروي عن ابن عباس.
وقيل: الضلالة عن زيد(1).
وقيل: اختباراً وبليةً عن الحسن.
وقيل: هرجاً.
وقيل: عذاب استئصال.
واختلفوا في قوله: {لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}:
قيل: لاتصيب إلا الظالم خاصة عن أبي علي.
وقيل: لاتصيب الظالم وحده بل من لم يأمر بمعروف، ولم ينه عن منكر تصيبه عن ابن عباس.
وقيل: معناه لاتصيبن إلا الذين ظلموا.
وقيل: لازائدة أي تصيبن الذين ظلموا.
وقيل: أراد بها نقم فالظالم يصيبه العذاب، وغير الظالم فتنة وبلية، وعلى هذا فلا أن يحمل على الهرج أو عذاب إستئصال.
وقيل: أراد به القحط.
وفي حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمار: ((إنه سيكون من بعدي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم ويقتل بعضهم بعضاً، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب)) في حديث طويل ذكرناه في سورة العنكبوت.
__________
(1) زيد بن الحباب - بضم الحاء مهملة وبموحدتين بينهما ألف – العلكي أبو الحسين الخراساني الكوفي الحافظ الجوال، دخل الأندلس في طلب الحديث، وثقه ابن المديني وأبو حاتم وابن معين، توفي سنة ثلاث ومائتين.(1/118)