((اللهم اكفه الحر والبرد)) فما وجدت بعد ذلك لاحراً ولا برداً.
وروى لنا عن السيد أبي طالب عليه السلام، عن محمد بن بندار(1)، عن الحسن بن سفيان(2)، عن عبد العزيز بن سلام، عن علي بن الحسن بن شقيق(3)
__________
(1) محمد بن بندار الآملي ، أبو عبدالله ، يروي عنه الإمام أبو طالب الهاروني ، وهو أحد مشائخه المكثر عنهم الرواية ، ذكر ذلك في طبقات الزيدية .
(2) الحسن بن سفيان بن عامر الحافظ ، شيخ خراسان أبو العباس الشيباني النسوي، ويقال فيه النسائي، تفقّه على أبي ثور، وكان يفتي بمذهبه.
قال الحاكم : محدث خراسان في عصره متقدماً في الثبت والكثرة والفهم والفقه والأدب . وقال ابن حبان : كان الحسن ممن رحل وصنف على تيقظ مع صحة الديانة والصلابة في السنة . وقال أبو بكر الرازي : ليس للحسن في الدنيا نظير . وقال الذهبي في الميزان : أما الحسن بن سفيان فثقة مسند ما علمت به بأساً وكان عديم النظير . خرج له أئمتنا الثلاثة الدعاة السادة : المؤيد بالله ، وأبو طالب ، والمرشد بالله .
توفي سنة 303 ثلاثمائة وثلاثة ، وهو صاحب الحسن الكبير ، ذكره في الطبقات .
(3) علي بن الحسن بن شقيق بن دينار العبدي ، أبو عبد الرحمن المروزي . قال أحمد : ليس به بأس ، وقال العباس بن مصعب : كان جامعاً وكان في الزمان الأول يُعَدُّ من أحفظهم بكتب ابن المبارك .
توفي سنة خمس وعشرين ومائتين 225هـ . خرج له الجماعة إلا أبو داود ، وخرج له الإمام أبو طالب ، والمرشد بالله . ذكره في الطبقات.(1/95)
، عن أبي حمزة(1)، عن ليث(2)
__________
(1) أبو حمزة السكري ، محمد بن ميمون ، محدث كان ثقة ثبتاً نبيلاً جواداً حلو الكلام . قال النسائي : لا بأس بابن حمزة إلا أنه قد كان ذهب بصره في آخر عمره ، فمن كتب عنه قبل ذلك فحديثه جيد ، قال الذهبي : حديثه يقع عالياً في صحيح البخاري وبالإجازة . توفي سنة سبع أو ثمان وستين ومائة . خرج له الجماعة وأئمتنا الخمسة، وذكره في الطبقات.
(2) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي ، مولاهم ، أبو الحارث الإصبهاني ، عالم مصر وفقيهها ورئيسها ، ولد سنة أربع وتسعين ، وقيل : كان أفقه من مالك ، وثقه ابن معين وأحمد ، قال في التذكرة : كان كبير الديار المصرية وعالمها ، وقال أحمد : ما في المصريين أثبت منه .
وتوفي سنة 157هـ سبع وخمسين ومائة ، خرج له الجماعة وأئمتنا الخمسة إلا الجرجاني ، وأينما أطلق الليث في كتب أئمتنا فهو المراد به . ذكره في الطبقات .(1/96)
، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابر قال: شقّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واصحابه مايلقون من أهل خيبر، فقال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لأبعثن(1) بالراية مع رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)) فدعا علياً، وإنه يومئذ لأرمد فتفل في عينيه وأعطاه اللواء(2)، قال: ففتح الله عليه، فجعل المسلمون لايدرون كيف يأتونهم، فقرع علي الباب، ثم اقتعله، فوضعه على عاتقه، ثم أسنده لهم وصعدوا عليه حتى مروا، ففتحه الله فنظروا بعد ذلك إلى الباب فما حمله دون أربعين رجلاً.
ومن مقاماته عليه السلام قتل أسد بن غويلم فاتك العرب خرج وسأل البراز فأحجم الناس، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ياعلي اخرج إليه ولك الإمامة بعدي)) فخرج فضربه على مفرق رأسه فذهب السيف في بدنه حتى مر نصفين فرجع وهو يقول شعراً
ضربته بالسيف وسْط الهامة .... بشفرة صارمة هدامه
فبتكت من لحمه عظامه .... وبينت من أنفه إرغامه
أنا علي صاحب الصمصامة .... أخو نبي الله ذي العلامه
قد قال إذ عممني العمامة .... أنت الذي بعدي لك الإمامه
أنت أخي ومعدن الكرامه
ومن مقامامته: بهوازن عند انهزام الناس ثبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى هزم القوم.
ومن مقاماته: أسر عمرو بن معدي كرب فارس العرب جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمامته في عنقه.
__________
(1) الذي في الأمالي: لأبعثن بالراية أو باللواء مع رجل يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله - لا أدري بأيتهما بدأ - قال : فدعا علياً عليه السلام.
(2) في الأمالي : اللواء أو الراية، قال: مر، ففتح الله عليه قبل أن يتتام آخرنا حتى ألجأهم إلى قصر، قال: فجعل المسلمون .... إلخ.(1/97)
ومن مقاماته عليه السلام في غزوة بني المصطلق وقتل مالكاً وابنه حتى انهزم القوم، وفي هذه الغزوة أسرت جويرية فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتزوج بها.
وكان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بني قريظة حتى كان الفتح.
وكان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح.
وفي الجملة ما شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً من المشاهد إلا وهو شاهدها وهو صاحب رايته إلا يوم تبوك لكنه استخلفه على المدينة.
وإذا ثبت ذلك وقد فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة وجب أن يكون هو أفضل من غيره من الصحابة.
وبهذه الآية نستدل بأن زيد بن علي عليهما السلام كان أفضل أهل زمانه لأنه جمع الخصال، ودعا إلى جهاد أعداء الدين.
ومتى قيل: أليس الصحابة كانوا يجاهدون أيضاً؟
قلنا: بلى، ولكن لم يجمعوا من الخصال ماجمعه هو، ولذلك أجمعت الأمة أنه أفضل منهم كأبي دجانة وغيره، ومن وقع النزاع في التفضيل بينه وبينهم أبو بكر وعمر وعثمان، ولم يكن لهم من المقام ماكان له عليه السلام فلم يروى لأبي بكر قتال، ولاروي أنه قتل أحداً وكذلك عمر، وعثمان.
ومتى قيل: هذا لايدل على مارويتم لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان رأس المجاهدين، ولم يقتل أحداً ولا قاتل بنفسه؟(1/98)
قلنا: هو كان صاحب الأمر والجهاد صدر منه فحاله بخلاف حال أولئك، وبعد ففضله لأجل النبوة، سواء جاهد أو لم يجاهد، وبعد فقد كان رسول الله يقاتل على ماروي عن علي: (كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان أقرب الناس إلى العدو)، وقُتل أُبَي بن خلف يوم أحد، وثبت في جميع المشاهد عند انهزام أصحابه.
ومتى قيل: هم وإن لم يجاهدوا بأنفسهم فجاهدوا بآرائهم.
قلنا: أرأيت أن علياً لم يكن له رأي بل كان يجاهد بنفسه ورأيه ثم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يشاورهم تطييباً لقلوبهم، وإلا فهو كان غنياً عن رأيهم ومشورتهم.
ـــــــــــــــــــ(/)