وقيل: الصحابة، عن بكر بن عبدالله(1).
وقيل: الأئمة والسلاطين، عن ابن زيد(2).
وقالت الشيعة: المراد علي بن أبي طالب، والأئمة من ولده، وهذا هو الأوجَه؛ لوجوه:
منها: أنهم أجمعوا أن علياً مراد بالآية على اختلاف أقاويلهم، واختلفوا فيمن عداه.
ومنها: أنه أوجب طاعته مطلقاً، ولايجب كذلك إلا المعصوم.
__________
(1) بكر بن عبدالله بن عمر بن هلال المزني أبو عبدالله البصري أحد الأعلام قال ابن سعد : كان ثقة ثبتاً مأموناً حجة فقيهاً ، عده الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام من القائلين بالعدل والتوحيد من أهل البصرة، توفي سنة ست أو ثمان ومائة .
(2) علي بن زيد بن جدعان بضم الجيم وسكون المهملة القرشي التيمي أبو الحسن البصري الأعمى تابعي ، قال الذهبي : كان من أوعية العلم على تشيع فيه عده السيد صارم الدين الوزير وابن حميد وابن حابس من ثقات محدثي الشيعة ، وقال السيد صارم الدين : أحد أعلام الشيعة وأوعية العلم ، توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة.(1/85)


ومنها: أنه قرن طاعته بطاعة الله ورسوله، وذلك يوجب أن طاعته واجبة ظاهراً وباطناً فتوجب العصمة ولا يدعي لأحد ما قالوه من العصمة سوى علي بن أبي طالب.
ومنها: أنه أوجب طاعة أولي الأمر فلا بد من بيان، وأجمعوا أن طاعته واجبة، واختلفوا فيمن عداه.
والذي يؤيده: ما رواه أبو ذر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي: ((من أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني(1))).
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله، قال لعلي: ((اللهم أدر الحق معه حيث دار)).
__________
(1) روي هذا الخبر بألفاظ متوافقة إلا أن في بعضها غير متصلة، وفي بعضها متصل، وبعضها في خبر آخر، ونذكر بعض ذلك:
منها: ما رواه الحاكم في المستدرك، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصى علياً فقد عصاني))، قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ورواه أيضاً ج3 ص129 بطريق آخر.
ومنها: ما رواه في المستدرك أيضاً ج3 ص123 بسنده عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا علي من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك يا علي فقد فارقني)) قال الحاكم: صحيح الإسناد، ورواه أيضاً في ج3 ص146، وذكره الذهبي في الميزان ج1 ص323، وصححه، وذكره الهيثمي في مجمعه ج9 ص135، وقال: رواه البزار ورجاله ثقات، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة ج2 ص167، وقال: خرجه أحمد في المناقب، وأخرجه النقاش، انظر فضائل الخمسة ج2 ص106، 254.(1/86)


وروى أسعد بن زرارة(1)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أوصى الله إليَّ في علي أنه سيد المسلمين وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين(2))).
[الآية الحادية عشر]: قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83].
__________
(1) أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة أبو أمامة الأنصاري الخزرجي النجاري، أسلم قديماً وشهد العقبة، وقيل إنه أول من بايع يوم العقبة، وكان نقيباً على قبيلته، ولم يكن في النقباء أصغر سناً منه، توفي على رأس تسعة أشهر من الهجرة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل يوم بدر، وهو أول من دفن بالبقيع، وصلى عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
(2) رواه الحاكم في المستدرك ج3 ص137، وقال: حديث صحيح الإسناد، ورواه في كنز العمال ج6 ص7 من طريقين، ورواه ابن حجر في الإصابة ج4 ص33، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ج1 ص69، وج3 ص116، ورواه المحب الطبري في الرياض ج2 ص177، وقال: خرجه المحاملي، ورواه الهيثمي في المجمع ج9 ص121. انتهى.(1/87)


وروى الناصر للحق عليه السلام بإسناده عن سعيد بن خثيم(1)، قال: سألت زيد بن علي عليهما السلام عن هذه الآية: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} فقال عليه السلام: (الرد إلينا نحن، والكتاب الثقلان، فالرد منا وإلينا).
قال الناصر عليه السلام: ويؤيد ذلك أنه قرن طاعته بطاعة رسوله فوجب أن يكون في الصفوة مثله، فالرد إلى الرسول رد إلى سنته، والرد إلى أولي الأمر رد إلى ذريته لأنه قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)) رواه الإمام الناصر للحق عليه السلام.
وروى أيضاً بإسناده عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أقضى أمتي بكتاب الله علي بن أبي طالب فمن أحبني فليحبه، فإن العبد لاينال ولايتي إلا بحب علي)).
__________
(1) سعيد بن خثيم بضم المعجمة وفتح المثلثة وسكون التحتية المثناة وآخره ميم وشد ، الهلالي أبو معمر الكوفي قال يحيى بن معين : شيعي ثقة وقدري ثقة ، وقال النسائي ليس به بأس وكان من تلامذة الإمام زيد بن علي عليه السلام وكان ممن شهد الوقعة وجاهد مع زيد بن علي عليه السلام وأدرك الحسين بن علي الفخي وجاهد معه ذكره أبو الفرج في المقاتل ص382، وهو أحد العلماء الذين بايعوا الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وهو معدود في ثقات محدثي الشيعة توفي سنة ثمانين ومائة (180).(1/88)


وقد اختلف العلماء في معنى قوله: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وفي قوله: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
فقيل: الولاة عن السدي، وأبي علي، وابن زيد.
وقيل: العلماء عن الحسن وقتادة وابن جريج.
وقيل: ذوا الرأي من الصحابة.
فعلي عليه السلام داخل فيه بإتفاق المفسرين، ولأنه أوجب الرد إليه، والقبول عنه كما أوجب في الرسول فوجب أن يكون معصوماً ليصح ذلك، وليس ذلك إلا علي بن أبي طالب، فقد ثبت عصمته دون غيره من الصحابة، ولأنه قال: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب(1))).
__________
(1) حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها، رواه الحاكم في المستدرك ج3 ص126، وقال: حديث صحيح الإسناد.
ورواه أيضاً بطريق آخر ج3 ص127، ورواه الخطيب البغدادي في التاريخ ج4 ص348، وبطريق آخر ج7 ص172، وبطريق ثالث ج11 ص48، وبطريق رابع ج11 ص49، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ج4 ص22، وابن حجر في تهذيب التهذيب ج6 ص320، وج7 ص427، والمتقي في كنز العمال ج6 ص152، والمناوي في فيض القدير ج3 ص46، وقال: أخرجه العقيلي، وابن عدي والطبراني، والحاكم عن ابن عباس، وابن عدي، والحاكم عن جابر، ورواه الهيثمي في المجمع ج9 ص114، والمتقي في كنز العمال ج6 ص156، وقال: أخرجه الطبراني.
ورواه البغدادي في التاريخ ج2 ص377، والمحب الطبري في الرياض ج2 ص193، والمتقي في كنز العمال ج6 ص401، والمناوي في الحقائق ص43، وابن حجر في الصواعق ص73، انظر فضائل الخمسة ج2 ص281.
وفي حاشية على الأصل قال فيها: رواه المنصور بالله عليه السلام في الشافي من عشر طرق مسندة، فعن علي عليه السلام من ثلاث طرق، وفيها: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وأخرجها الترمذي، وأبو نعيم، والكنجي عن علي عليه السلام،ورواها علي بن الحسين في كتاب المحيط بالإمامة مسنداً عن المرشد بالله عليه السلام، وعن جابر من طريقين، وعن ابن عباس رضي الله عنه من خمس طرق وفي الرابعة: أنا مدينة الجنة وعلي بابها، فمن أراد الجنة فليأتها من بابها، ولها من كتب العامة طرق واسعة وفي بعضها: ومن لم يأت المدينة من بابها فهو سارق، وقد قال تعالى: {فأتوا البيوت من أبوابها}، تمت من خط الوالد العلامة صلاح بن أحسن نور الدين لطف الله به.(1/89)

18 / 44
ع
En
A+
A-