وعن أبي سعيد الخدري قال: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرضه الذي قبض فيه أخرجه علي والعباس حتى وضعاه على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين لن تعمى قلوبكم، ولن تزل أقدامكم، ولن تقصر أيديكم أبداً ما أخذتم بهما: كتاب الله سبب بينكم وبين الله فأحلوا حلاله، وحرامه)).
قال: فعظم من كتاب الله ما شاء، ثم سكت حتى رأينا أنه لايذكر شيئاً)) فقام عمر، وقال: يانبي الله: هذا أحدهما قد أعلمتنا به فأعلمنا الآخر، فقال: ((إني لم أذكره إلا وأنا أريد أن أخبركم به غير أنه أخذني الريق فلم أستطع أن أتكلم: ألا وعترتي ألا وعترتي ألا وعترتي)) ثلاث مرات، ((والله لايبعث رجل يحبهم إلا أعطاه الله نوراً حتى يرد على الحوض يوم القيامة، ولايبعث الله رجلاً يبغضهم إلا احتجب الله عنه يوم القيامة)) ثم حملاه على فراشه في حديث طويل.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)).(1/81)
وروى زيد بن أرقم، وأبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالا: نظر إلى علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وقال: ((أنا حرب لمن حاربتم، سلم لمن سالمتم(1))).
والحديث: أن أبا ذر لما أخذ بحلقة الكعبة، وقال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من قاتلني في المرة الأولى، وقاتل أهل بيتي في المرة الثانية كان في شيعة الدجال، وإنما مثل أهل بيتي في هذه الأمة كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق)).
وعن ابن مسعود: ((إن لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فرقة وجماعة فجامعوها إذا اجتمعت فإذا افترقت فكونوا في النمط الأوسط، ثم ارقبوا أهل بيت نبيكم، فإن حاربوا فحاربوا، وإن سالموا فسالموا، فإن زالوا فزولوا معهم حيث زالوا، فإنهم مع الحق لن يفارقهم، ولن يفارقوه)).
وعن الحسين بن علي عليهما السلام: ((من سمع داعينا أهل البيت فلم يجبه أكبه الله على منخريه في النار)).
__________
(1) أخرجه الترمذي في صحيحه ج2 ص319، ورواه ابن ماجه في صحيحه 14، ورواه الحاكم في مستدركه ج3 ص149، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ج5 ص523، وذكره المتقي في كنز العمال ج6 ص216 نقلاً عن ابن حبان في صحيحه، وفي ج7 ص102 نقلاً عن ابن أبي شيبة، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والطبراني، والحاكم، والضياء المقدسي، وذكره المحب الطبري في ذخائره ص25، وقال: أخرجه أبو حاتم، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج2 ص442، ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه ج7 ص136، ورواه في أسد الغابة ج3 ص11، ورواه الهيثمي في مجمعه ج9 ص169، قال: ورواه الطبراني في الأوسط، انظر فضائل الخمسة ج1 ص297.(1/82)
وروى السيد أبو طالب بإسناده، عن شهر بن حوشب(1)، قال: كنت عند أم سلمة إذ استأذن رجل، فقيل له: من أنت؟ فقال: أنا أبو ثابت مولى علي بن أبي طالب، فقالت أم سلمة: مرحباً بك يا أبا ثابت ادخل، فدخل، فرحبت به، ثم قالت: يا أبا ثابت أين طار قلبك حين طارت القلوب مطايرها، فقال: تبع علي بن أبي طالب، قالت: وفقت، والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((علي مع الحق والقرآن، والحق والقرآن مع علي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض(2))).
__________
(1) شهر بن حوشب أبو سعيد ويقال أبو عبدالله وقيل غير ذلك الأشعري الشامي ، مولى أسماء بنت زيد بن سكن، قال أحمد بن حنبل : ما أحسن حديثه ووثقه ، وقال العجلي : تابعي ثقة ، ووثقه يحيى بن معين ، توفي سنة إحدى عشرة ومائة.
(2) روي بألفاظ متقاربة، فلنذكر بعضها، فمنها: ما رواه الترمذي في صحيحه ج2 ص298 مسنداً عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((رحم الله علياً، اللهم أدر الحق معه حيث دار))، ورواه الحاكم في المستدرك ج3 ص124، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، وذكره الرازي في تفسيره في آخر تفسير البسملة.
ومنها: ما رواه الحاكم في المستدرك ج3 ص122 بنحو ما ذكره الحاكم هنا عن أم سلمة باختلاف يسير، قال في آخر الخبر: علي مع القرآن والقرآن مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وذكره المناوي في فتح القدير ج4 ص356، والمتقي في كنز العمال ج6 ص153 مختصراً، ورواه الهيثمي في مجمعه ج9 ص134 عن أم سلمة، قال: ورواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورواه ابن حجر أيضاً في صواعقه ص74، والشلبنجي في نور الأبصار ص72، قالا: وأخرجه الطبراني في الأوسط ورواه أيضاً في صواعقه ابن حجر ص75، انظر فضائل الخمسة ج2 ص122.(1/83)
وروى(1) بإسناده عن علي عليه السلام، قال: كنت أبايع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، فلما ظهر الإسلام وكثر أهله، قال: ((ياعلي ألحق فيها وعلى أن تمنعوا رسول الله وذريته من بعده مما منعتم منه أنفسكم وذراريكم)) قال علي عليه السلام: فوضعتها والله على رقاب القوم، وفى بها من وفى، وهلك بها من هلك.
[الآية التاسعة]: قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:173]، جاء في التفسير، أن الناس: الذي جمع أبو سفيان، والذي زادهم إيماناً علي بن أبي طالب، وذلك في قصة حمراء الأسد، وهمَّ أبو سفيان بالرجوع، وقيل: في موعد أبي سفيان بدر الصغرى وكلا القصتين بعد أحد.
__________
(1) أمالي أبي طالب: 126، مجموع الإمام زيد بن علي عليه السلام: 402، 403.(1/84)
سورة النساء
[الآية العاشرة]: قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، روى الناصر للحق بإسناده عن أبي مريم الأنصاري قال: سألت جعفر بن محمد الصادق، فقلت: يا أبا عبدالله، أخبرني عن هذه الآية: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}؟ قال: كان علي والله منهم.
[الاختلاف في {أُولِي الْأَمْرِ }]
وقد اختلف المفسرون في أولي الأمر:
فقيل: أمراء السرايا، عن أبي هريرة، وابن عباس، والسدي، وأبي علي(1).
وقيل: العلماء، عن جابر، وابن عباس، ومجاهد، والحسن، وعطا.
وقيل: الخلفاء الأربعة.
وقيل: المهاجرون والأنصار، عن عطا.
__________
(1) أبو علي : محمد بن عبدالوهاب الجبائي المعتزلي، شيخ المعتزلة ومن أهل علم الكلام، قال الإمام المهدي : هو الذي سهل علم الكلام، وكان ممن يقول بتفضيل أمير المؤمنين علي عليه السلام حكاه عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة في الجزء الأول في المقدمة، له الكثير من المؤلفات في علم الكلام، توفي سنة ثلاث وثلاثمائة بالبصرة.(/)