ونفسه بالعباة، قالت عائشة: ولقد لفهم فيه حتى إنه جعل أطرافه تحت قدميه، ورفع طرفه إلى السماء، وأشار بسبابته، وقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أنا سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، اللهم وال من والاهم، وعاد من عاداهم، وانصر من نصرهم، واخذل من خذلهم)) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وجبريل حاضر يؤمن على الدعاء، وقال: (وأنا معكم) فقلت: ((نعم)).
وروى السيد الإمام أبو طالب رحمه الله تعالى بإسناده، عن جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته بثلاث وهو يقول لعلي: ((سلام عليك يا أبا الريحانتين أوصيك بريحانتي من الدنيا، فعن قليل ينهد ركناك والله خليفتي عليك(1)
__________
(1) حديث: إن الحسن والحسين ريحانتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الإمام الحافظ الحجة مجد الدين بن محمد المؤيدي أبقاه الله:
[من طرقه ما أخرجه الإمام الرضى بسند آبائه صلوات الله عليهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الولد ريحانة، وريحانتي من الدنيا الحسن والحسين))، وأخرجه الإمام أبو طالب عليه السلام بسنده إلى جعفر بن محمد عليهما السلام عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته بثلاث، وهو يقول لعلي بن أبي طالب: ((سلام الله عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتي من الدنيا، فعن قريب ينهد ركناك والله خليفتي عليك))، وأخرجه أبو نعيم وابن عساكر عن جابر، وأخرج الكنجي عن جعفر بن محمد عليهما السلام عن أبيه عن جابر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((سلام عليك أبا الريحانتين أوصيك بريحانتي من الدنيا))...إلى قوله: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((هما ريحانتي من الدنيا)) أخرجه البخاري في كتابه...إلى قوله: وأخرجه أحمد بن حنبل، والترمذي، والكنجي بطريقه إليه، بلفظ: إن الحسن والحسين ريحانتي من الدنيا، وأخرجه أيضاً عن أبي أيوب، وقال: أخرجه الطبراني وصاحب الحلية ومحدث الشام في حلية الأولياء، وأخرجه الإمام المرشد بالله عليه السلام، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((وكيف لا أحبهما وهما ريحانتي من الدنيا أشمهما)) ـ يعني الحسن والحسين ـ، أخرجه الطبراني في الكبير، والضياء في المختارة، وأخرج نحوه العسكري في الأمثال عن علي عليه السلام، وقال صلى الله عليه وآله وسلم في الحسن السبط: ((هذا ريحانتي من الدنيا))، أخرجه أحمد عن أبي بكرة، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((هذان ريحانتاي من الدنيا))، أخرجه الترمذي وصححه، وأخرجه ابن بنت منيع]، انتهى لوامع الأنوار 3/ 35.(1/76)
)) فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال علي عليه السلام: (هذا أحد ركني) ولما ماتت فاطمة، قال علي: (هذا ركني الثاني الذي قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
وروى بإسناده عن أبي رافع، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن في أذن الحسن حين ولدته فاطمة عليها السلام بالصلاة(1).
وبإسناده عن زيد بن علي عن أبائه، عن علي، قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه، والبيت غاص بمن فيه، قال: ((ادعوا لي الحسن والحسين)) فجعل يلثمهما حتى أغمي عليه، قال: فجعل علي عليه السلام يرفعهما عن وجه رسول الله، قال: ففتح عينيه، وقال: ((دعهما يتمتعان مني وأتمتع منهما، فإنه سيصيبهما بعدي أثرة)) ثم قال: ((يا أيها الناس إن قد خلفت فيكم كتاب الله وسنتي، وعترتي أهل بيتي، فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي، والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي أما إن ذلك لن يفترقا حتى يلتقيا على الحوض)).
والمروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم وعصبتهم أبوهم إلا ولد فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما)).
[الآية الثامنة]: قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103]، قيل: حبل الله أهل بيت رسول الله عن جعفر بن محمد.
وروي عنه: أنه قال: نحن حبل الله الذي قال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}.
__________
(1) رواه الترمذي ج1 ص286 بسنده عن أبي رافع، وأبو داود ج3 ص214، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج6 ص9، وص391، وص392، ورواه أبو داود الطيالسي ج4 ص130، انظر فضائل الخمسة ج3 ص212.(1/77)
[أخبار متفرقة في أهل البيت عليهم السلام]
وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((يا أيها الناس إني تارك فيكم خليفتين إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي: أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).
وقد روى هذا الخبر جماعة منهم(1)
__________
(1) قال الإمام الحافظ الحجة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله وأبقاه في لوامع الأنوار الجزء الأول ص50:
[وقد أخرج أخبار الثقلين والتمسك أعلام الأئمة، وحفاظ الأمة، فمن أئمة آل محمد صلوات الله عليهم الإمام الأعظم زيد بن علي، والإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم وحفيده إمام اليمن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، والإمام الرضى علي بن موسى الكاظم، والإمام الناصر الأطروش الحسن بن علي، والإمام المؤيد بالله، والإمام أبو طالب، والسيد الإمام أبو العباس، والإمام الموفق بالله وولده الإمام المرشد بالله، والإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان، والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، والسيد الإمام أبو عبد الله العلوي صاحب الجامع الكافي، والإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين وأخوه الناصر للحق حافظ العترة الحسين بن محمد، والإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى، والإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن، والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، وولده إمام التحقيق الحسين بن القاسم وغيرهم من سلفهم وخلفهم.
ومن أوليائهم: إمام الشيعة الأعلام قاضي إمام اليمن الهادي إلى الحق محمد بن سليمان رضي الله عنه رواه بإسناده عن أبي سعيد من ست طرق، وعن ابن أرقم من ثلاث، وعن حذيفة، وصاحب المحيط بالإمام الشيخ العالم الحافظ أبو الحسن علي بن الحسين، والحاكم الجشمي، والحاكم الحسكاني، والحافظ أبو العباس بن عقدة، وأبو علي الصفار، وصاحب شمس الأخبار رضي الله عنهم، وعلى الجملة: كل من ألف من آل محمد عليهم السلام وأتباعهم رضي الله عنهم في هذا الشأن يرويه ويحتج به على مرور الأزمان.
ومن العامة: أحمد بن حنبل في مسنده، وولده عبدالله بن أبي شيبة، والخطيب ابن المغازلي، والكنجي الشافعيان، والسمهودي الشافعي، والمفسر الثعلبي، ومسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه، رواه في خطبة الغدير من طرق، ولم يستكملها بل ذكر خبر الثقلين وطوى البقية، والنسائي، وأبو داود، والترمذي، وأبو يعلى، والطبراني في الثلاثة، والضياء في المختارة، وأبو نعيم في الحلية، وعبد بن حميد، وأبو موسى المدني في الصحابة، وأبو الفتوح العجلي في الموجز، وإسحاق بن راهويه، والدولابي في الذرية الطاهرة، والبزار، والزرندي الشافعي، وابن البطريق في العمدة، والجعابي في الطالبيين من حديث عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام وغيرهم.
ورفعت رواياته إلى الجم الغفير، والعدد الكثير من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأبي ذر، وأبي سعيد الخدري، وأبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأم هانيء، وأم سلمة، وجابر، وحذيفة بن أسيد الغفاري، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وضمرة الأسلمي، وخزيمة بن ثابت، وسهل بن سعد الساعدي، وعدي بن حاتم، وعقبة بن عامر، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي شريح الخزاعي، وأبي قدامة الأنصاري، وأبي ليلى، وأبي الهيثم بن التيهان وغيرهم، هكذا سرد أسماءهم الحسين بن القاسم عليه السلام ومن تبعه.
وزاد في نثر الدر المكنون جماعة نذكرهم وإن تكرر ذكر بعض المخرجين لأجل من لم يسبق من الراوين، وهم: أحمد بن حنبل، وابن ماجه عن البراء، والطبراني في الكبير عن جرير، وأبو نعيم عن جندع، والبخاري في التاريخ، والطبراني، وابن قانع عن حبشي بن جنادة، وابن أبي شيبة، وابن عاصم والضياء عن سعد بن أبي وقاص، والشيرازي في الألقاب عن عمر، والطبراني في الكبير عن مالك بن الحويرث، وابن عقدة في الموالادة عن حبيب بن بدر بن ورقا، وقيس بن ثابت، وزيد بن شراحيل الأنصاري، والخطيب عن أنس بن مالك، والحاكم، وابن عساكر عن طلحة والطبراني في الكبير عن عمرو بن مرة، وأحمد، والنسائي، وابن حبان، والحاكم، والضياء عن بريدة، والنسائي عن عمر بن ذر، وعبدالله بن أحمد عن جماعة منهم: عن ابن عباس، وابن أبي شيبة عن أبي هريرة واثني عشر رجلاً من الصحابة]، انتهى نقلاً من لوامع الأنوار.(1/78)
: زيد بن ثابت(1)، وزيد بن أرقم، وأبو ذر، وغيرهم، وذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك في مواضع كثيرة(2)
__________
(1) زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي أبو خارجة استصغر يوم بدر فرده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشهد ما بعدها وكان يكتب لرسول الله الوحي والمراسلات ولم يشهد شيئاً من حروب علي عليه السلام ، قال ابن عبد البر في الإستيعاب بهامش الإصابة ج1/ ص554، وكان مع ذلك يفضل علياً ويظهر حبه ، انتهى ، وكان من علماء الصحابة وفقهائهم وأهل الفرائض توفي سنة خمس وأربعين على الصحيح وقيل غير ذلك وعمره ست وخمسون وقيل أربع وخمسون .
الطبقات ـ خ ـ لوامع الأنوار الجزء 3 ص84 ، الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص554 ، الإصابة ج1 ص561.
(2) ذكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حديث الثقلين في مواضع كثيرة يردده ويؤكده زيادة في الحجة وتوضيحاً لعظيم منزلة عترته أهل بيته فمن تلك المواضع :
أولاً : في غدير خم عند انصرافه من حجة الوداع .
ثانياً : يوم عرفة في خطبته الشهيرة المعلومة عند المسلمين في حجة الوداع أيضاً .
ثالثاً : بعد انصرافه من الطائف .
رابعاً : بالمدينة في مرضه الذي توفي فيه عندما خرج يتهادى بين رجلين وقد تقدم وسيأتي .
خامساً : بالمدينة أيضاً في مرضه الذي توفي فيه ، وقد امتلأت الحجرة بأصحابه ، وقال : ((ائتوني بكتاب ودواة))، وغير ذلك من المواضيع الشهيرة المتعددة ، وكل هذه المواقف من المواقف والمقامات الشهيرة التي لا يمكن إنكارها ولا يستطيع أحد ردها أو تكذيبها أو تضعيفها .
والألفاظ في الروايات تختلف كما قال الإمام الحافظ الحجة مجد الدين بن محمد المؤيدي في لوامع الأنوار في الجزء الأول ص50.
[وفي ألفاظها : ((إني تارك فيكم ، ومخلف فيكم ، وقد تركت فيكم ، وبلفظ : ثقلين ، وخليفتين ، وأمرين ، وما إن تمسكتم به ، وإن اعتصمتم به ، وما إن أخذتم به لن تضلوا ، وفيه : لا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم)) انتهى].(1/79)
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق(1))).
وعن سلمة بن الأكوع(2): أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي)).
__________
(1) قال الإمام الحافظ مجد الدين المؤيدي في لوامع الأنوار الجزء الأول ص95:
[وقد أخرجه ـ أي خبر السفينة ـ من المحدثين: الحاكم في مستدركه، وابن الأثير في نهايته، والخطيب ابن المغازلي في مناقبه، والكنجي في مناقبه، وأبو يعلى المحدث في مسنده، والطبراني في الثلاثة، والسمهودي في جواهر العقدين، وأخرجه الإسيوطي في جامعيه، وأخرجه الملا، وأخرجه ابن أبي شيبة ومسدد، وهو في كتاب الجواهر للقاسم بن محمد اليمني الشقيفي، وهو في ذخائر المحب الطبري الشافعي، وأخرجه غيرهم ممن يكثر تعدادهم وأكثرهم أخرجه بطرق كثيرة من عدة من الصحابة منهم: علي كرم الله وجهه، وابن عباس، وأبو ذر الغفاري، وسلمة بن الأكوع، قلت: وأبو سعيد الخدري، وابن الزبير، وأخرجه عن عمار أحمد بن حنبل، وعن أنس أحمد، والترمذي، وعن ابن عمر الطبراني أفاده السيوطي]، انتهى من اللوامع.
(2) سلمة بن الأكوع ، واسم الأكوع سنان بن عبدالله ، ويقال : عمرو الأسلمي شهد بيعة الرضوان وبايع ثلاث مرات وكان شجاعاً فارساً فاضلاً غزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع غزوات وانتقل إلى الربذة بعد مقتل عثمان إلى قرب وفاته بليال ثم عاد إلى المدينة وتوفي بها سنة أربع وسبعين .(1/80)