وعن جابر بن يزيد(1)، سئل الباقر(2)
__________
(1) جابر بن يزيد الجعفي، هكذا في الأمالي ص 87، أمَّا في نسخ الكتاب فهو جابر بن زيد وهو غير صحيح، والجعفي هذا هو جابر بن يزيد بن الحارث أبو زيد، ويقال أبو محمد الجعفي الكوفي، من أكابر علماء الشيعة وفضلائهم، اشتهر بالرواية عن الباقر وزيد بن علي عليهما السلام، روى عن الباقر(ع) سبعين ألف حديث، وثقه شعبة والثوري، قال سفيان : ما رأيت أورع منه في الحديث، اتهموه بأنه ممن يقول بالرجعة وأنه كان من أصحاب عبدالله بن سبأ ولم يصح عنه وهو بريء منه، ذكره صارم الدين وعده من ثقات محدثي الشيعة، توفي سنة ثمان وعشرين ومائة (128هـ) .
(2) محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي أمير المؤمنين عليهم السلام أبو جعفر، ولد عليه السلام سنة تسع وخمسين، وكنيته أبا جعفر ولقبه الباقر، لما رواه جابر بن عبدالله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((يا جابر إنك ستعيش حتى تدرك رجلاً من أولادي اسمه اسمي يبقر العلم بقراً، فإذا رأيته فأقرئه مني السلام)) فلما دخل محمد بن علي على جابر وسأله عن نسبه، فأخبره قام إليه واعتنقه وقال له: جدك يقرء عليك السلام، وسمي باقراً ؛ لأنه بقر العلم أي شقه وفتحه وعرف أصله وتمكن منه وتوسع فيه، وكان عليه السلام من عظماء أهل البيت عليهم السلام وعلمائهم المجمع على جلالته وفضله وعلمه وعلو منزلته، وهو أحد الأئمة الإثنا عشر عند الإمامية، وكانت أمه فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو أول من اجتمعت له ولادة الحسنين، وتوفي عليه السلام سنة ثمان عشرة ومائة عن ثلاث وستين سنة، ودفن بالبقيع إلى جنب أبيه السجاد، وعم أبيه الحسن بن علي عليهم السلام ، وجدته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.(1/71)


عليه السلام، كم عاشت فاطمة بعد أبيها؟ فقال: أربعة أشهر وتوفيت ولها ثلاث وعشرون سنة.
وعن الصادق عليه السلام: توفيت ولها ثمان وعشرون سنة وسبعة أشهر.
ولما توفيت، قال علي عليه السلام:
نفسي على زفراتها محبوسةً .... ياليتها خرجت مع الزفرات
لاخير بعدك في الحياة وإنما .... أبكي مخافة أن تطول حياتي
ثم أخذ في جهازها ودفنها، وهو يقول:
لكل اجتماع من خليلين فرقةٌ .... وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ .... دليل على أن لايدوم خليل
ولما أقبل من قبرها زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: إن الصبر لجميل إلا عنك، وإن الجزع لقبيح إلا عليك، [وإن المصيبة بك لجليل، وما بعدك يجلل]، ثم أنشأ يقول:
ما فاض دمعي عند نائبة .... إلا جعلتك للبكا سبباً
فإذا ذكرتك سامحتك به .... مني العيون وفاض وانسكبا
أني أجل ثراً حللت به .... من أن أرى بسواه مكتئبا(1/72)


[بعض فضائل الحسن والحسين صلوات الله عليهما]
وأما الحسن والحسين عليهما السلام فالآية تدل على فضلهما والآثار في ذكر فضائلهما كثيرة فروى أبو هريرة(1) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني(2))).
وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما(3))).
__________
(1) أبو هريرة الدوسي، لقب بهذا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في كمه هرة، فقال يا أبا هريرة فاشتهر به، واختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً لم يختلف في اسم أحد مثله، اختلف فيه على ثلاثين قولاً، وقيل: نيف وثلاثين أصحها: عبد الرحمن بن صخر، أسلم يوم خيبر وهو أكثر الصحابة رواية على الإطلاق، ضربه عمر بن الخطاب بالدرة، وقال: لتقلن من الرواية عن رسول الله أو لأنفينك إلى جبال دوس، وكان كثير الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان فيه دعابه، وكان يصلي خلف علي عليه السلام، ويأكل من طعام معاوية، فقيل له في ذلك، فقال: صلاة علي أتم، وطعام معاوية أدسم، والوقوف على التل أسلم، توفي بالمدينة سنة تسع وخمسين عن ثمان وسبعين سنة. انظر الطبقات ـ خ ـ، لوامع الأنوار 3/ 191، الجداول ـ خ ـ وغيرها.
(2) هذا الحديث رواه محمد بن سليمان الكوفي بإسناده عن أبي هريرة من ثلاث طرق، وأخرجه أحمد عن أبي هريرة من ثلاث طرق، وأخرجه أبو سعيد في شرف النبوة، انتهى من تخريج الشافي للمولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي رحمه الله من مواضع.
(3) رواه الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام، وابن عساكر، والحاكم الحسكاني وغيرهم، وقد روى هذا الخبر الموالف والمخالف بطرق كثيرة فهو متواتر لفظاً ومعنى، انتهى.(1/73)


وروى سلمان(1) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((الحسن والحسين ابناي من أحبهما فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار على وجهه(2))).
__________
(1) سلمان الفارسي ـ سلمان الخير ـ أبو عبدالله مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان من قرية من قرى أصفهان، وقصة إسلامه طويلة، وكانت أول مشاهده غزوة الخندق، وهو الذي أشار عليهم فيها بحفر الخندق، وفيها قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((سلمان منا أهل البيت)) ولم يتخلف بعدها عن مشهد، وكان من فضلاء الصحابة وزهادهم، وأحد النجباء والمخصوصين بالبشارات من الله ورسوله، المدرك للعلم الأول والآخر، البحر الذي لاينزح بشهادة سيد الوصيين، وكان من خلص أصحاب علي عليه السلام المقربين إليه، توفي رحمة الله عليه بالمدائن عام 35 خمس وثلاثين بعد أن عمر على ما قيل ثلاث مائة وخمسين سنة رحمة الله عليه.
(2) هذا الحديث أخرج نحوه عن سلمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الحسن والحسين من أحبهما أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله، أدخله نار جهنم وله عذاب مقيم))، بهذا اللفظ الكنجي وأبو نعيم، والحافظ ابن عساكر، وأخرجه الإمام أبو طالب عن زاذان، عن سلمان، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك، انتهى من تخريج الشافي.(1/74)


وعن عائشة(1)، وأم سلمة(2) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اشتمل بالعباة وقد ألصق صدر علي إلى صدره، وصدر فاطمة إلى ظهره، والحسن عن يمينه، والحسين عن شماله عممهم
__________
(1) عائشة بنت أبي بكر، زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها في السنة الثانية بعد الهجرة، وعقد بها قبل الهجرة في مكة، وهي بنت ست سنين، وبنا بها بالمدينة، وهي بنت تسع سنين، وتوفي عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة وهي التي خرجت على أمير المؤمنين عليه السلام في معركة الجمل مع طلحة والزبير، وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، فتنبحها كلاب الحوأب))، وفي رواية: ((إياك أن تكونيها يا حميراء)) فلما بلغت الحوأب سألت عنه، فقيل: الجوأب بالجيم، وكانت أول شهادة زور في الإسلام، وقتل في معركة الجمل ما يقرب من نيف وعشرين ألف من الفريقين وتوفيت سنة ثمان وخمسين عن خمس وستين. انظر لوامع الأنوار ج3 / 206.
(2) أم سلمة، هي: هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية أم المؤمنين، رأت جبريل عليه السلام وهي وزوجها الأول أبو سلمة أول من هاجر إلى الحبشة، ويقال: أنها أول مهاجرة دخلت المدينة، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد وقعة بدر في شوال سنة ثلاث وقيل: أربع من الهجرة، وكانت من أكمل الناس عقلاً، وخلقاً، وكانت من العالمات الطيبات الطاهرات، شديدة الولاء لأمير المؤمنين عليه السلام، ونهت عائشة عن الخروج في كتاب لها طويل، وأخرجت ابنها عمر بن أبي سلمة للجهاد مع علي عليه السلام يوم الجمل، وتوفيت رحمة الله عليها سنة اثنتين وستين بالمدينة، ودفنت بالبقيع، وهي آخر أمهات المؤمنين موتاً رحمة الله عليها، انظر لوامع الأنوار 3/ 214.(1/75)

15 / 44
ع
En
A+
A-