وروى السيد أبو طالب بإسناده عن أبي الجحاف(1)، عن عبيد بن عمير(2)
__________
(1) أبي الجحاف، هو: داود بن أبي عوف ، البرجمي بضم الباء الموحدة ثم جيم بعد المهملة، مولاهم أبو الجحاف الكوفي، عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت عليهم السلام .
قال ابن عيينه : كان من الشيعة ، روى عنه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وعده السيد صارم الدين الوزير من ثقات محدثي الشيعة . انظر الفلك الدوار 311 .
(2) عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، أبو عاصم، المكي، قيل: أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال مسلم: ولد في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقاضي أهل مكة سمع عمر بن الخطاب وابنه عبدالله بن عمر، وابن عباس، وأبا ذر، وأبا هريرة، وأم سلمة، وعائشة، وأبا عمير، وابا موسى.
وعنه: عطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وعمر بن دينار، وأبو الزبير، ووهب بن كيسان وغيرهم.
قال ابن معين، وأبو زرعة: ثقة، توفي قبل ابن عمر، خرج له الجماعة، ومحمد بن منصور، والمؤيد بالله، والمرشد بالله، انتهى من الطبقات مختصراً.(1/61)
، عن ابن عمر(1)، قال: آخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين المؤمنين، فقال علي: يارسول الله كلهم يرجع إلى أخ غيري، فقال: ((أما ترضى أن تكون أخي؟)) قال: بلى، قال: ((فأنا أخوك في الدنيا والآخرة)) قال أبو الجحاف: قلت الله الذي لا إلاه إلا هو لقد سمعته ياعبيد بن عمير عن ابن عمر، فقال: والله الذي لا إلاه إلا هو لقد سمعته من ابن عمر، فاستحلفه ثلاث مرات، فحلف(2).
__________
(1) ابن عمر، هو: عبدالله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن، القرشي، العدوي، ولد بعد المبعث بيسير، أسلم بإعلام بمكة، واستصغر يوم أحد، وهو ابن أربعة عشر سنة، وشهد الخندق وما بعدها، ذكر الناصر فيما رواه الإمام أبو طالب أنه لم يقاتل مع علي عليه السلام في حروبه مع أنه يفضل أمير المؤمنين علياً عليه السلام على من حاربه، وهو من أصحاب الألوف في الحديث، توفي بمكة سنة ثلاث وسبعين، وله أربع وثمانون سنة، انتهى من الطبقات مختصراً، وانظر لوامع الأنوار الجزء الثالث ص126، 127 إلى 130.
(2) وأخرجه أيضاً صاحب المحيط، والكنجي، وابن المغازلي، ومحمد بن سليمان الكوفي، والترمذي، والطبراني، والحاكم كلهم عن ابن عمر، ثم ساق الحديث بلفظه، ورواه أبو علي الصفار بإسناد\ه إلى ابن عمر، ورواه ابن المغازلي عن جميع بن عمير، انتهى من التخريج للمولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي.(1/62)
وقد تواتر النقل بأنه صلى الله عليه وآله وسلم آخى بينه وبين نفسه، وكان يقول في مقاماته: ((هو أخي)) وقد قيل أن فائدته بيان من يلي أحدهما درجه صاحبه كأبي بكر(1)، وعمر(2)، وعثمان(3)، وعبد الرحمن، ولايقال أنه آخا بين أصحابه للمواسة لأنه آخا بين المهاجرين، وهذا سوى ما آخا بين المهاجرين والأنصار لأجل المواساة.
__________
(1) أبو بكر، هو: عبدالله بن عثمان بن عامر التيمي، من المهاجرين بايعه أبو عبيدة وعمر ومن تبعهما يوم السقيفة مع عدم حضور الوصي عليه السلام، والعباس، وكافة بني هاشم، ومن معهم من سادات المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، وكانت بيعته كما قال عمر برواية البخاري ومسلم وغيرهما: فلتة، وتعقب ذلك الإختلاف الكثير، والحمد لله العلي الكبير، وكان في أيامه قتال أهل الردة وغيرهم، توفي في جمادى سنة ثلاث عشرة عن ثلاث وستين سنة على الأشهر، انتهى، انظر لوامع الأنوار الجزء الثالث ص175.
(2) عمر بن الخطاب، ابو حفص القرشي: أسلم بعد خروج مهاجرة الحبشة على يدي أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد في قصة طويلة، بويع بالخلافة صبيحة وفاة أبي بكر، طعنه أبو لؤلؤة المجوسي فيروز غلام المغيرة بن شعبة، فتوفي لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، انظر لوامع الأنوار 3/ 147.
(3) عثمان بن عفان، أبو عمرو القرشي، الأموي: أسلم بعد نيف وثلاثين، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، ولم يحضر بدراً، وبويع له سنة أربع وعشرين، وكان سبب حصره أنه كان كلفاً بأقاربه، وكانوا أقارب سوء، قتل في ثاني عشر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وله تسعون سنة، انظر لوامع الأنوار 1373، والطبقات ـ خ ـ وغيرها.(1/63)
وروي في حديث المؤاخاة أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما آخا بين أصحابه قال علي: (يارسول الله لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلتَ بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط عليَّ فلك العتبى والكرامة)، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي، فأنت أخي ووارثي)) قال: (وما أورث منك) قال: ((ما ورثه الأنبياء قبلي؟)) قال: (وماهو؟) قال: ((كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة بنتي، وأنت أخي ورفيقي، ثم تلى: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}المتحابين في الله ينظر بعضهم إلى بعض)).
[خبر سد الأبواب]
وعن أبي رافع(1): أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب وقال: ((أيها الناس إن الله تعالى أمر موسى بن عمران أن يبني مسجداً طاهراً لايسكنه إلا هو وهارون وابنا هارون شبر وشبير، وإن الله تعالى أمرني أن أبني مسجداً لايسكنه إلا أنا وعلي والحسن والحسين، سدوا هذه الأبواب إلا باب علي)) فخرج حمزة رضي الله عنه يبكي، وقال: يارسول الله أخرجت عمك، وأسكنت ابن عمك، فقال: ((ما أنا أخرجتك، ولا أنا أسكنته، ولكن الله تعالى أسكنه)).
__________
(1) أبي رافع: مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القبطي، اختلف في اسمه، فقيل: إبراهيم، وقيل: أسلم، كان أبو رافع مولى العباس، فوهبه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأعتقه حين بشره بإسلام عمه العباس، وكان إسلامه قبل بدر، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مولاته سلمى، فولدت له عبيدالله بن أبي رافع، كاتب علي عليه السلام، توفي بعد عثمان في أول خلافة علي عليه السلام.(1/64)
فقال بعض الصحابة، وقيل إنه أبو بكر دع لي كوة أنظر فيها، فقال: لا، ولا رأس إبرة.
وعن زيد بن أرقم(1): جلسنا إلى سعد بن أبي وقاص فسمعته يقول سدّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأبواب إلا باب علي.
وقيل لابن عمر(2): ماتقول في علي وعثمان، فقال: أما علي فلا يقرب منه أحد انظر إلى منزلته من رسول الله فإنه سدّ أبوابنا في المسجد، وترك بابه.
__________
(1) زيد بن ارقم بن زيد الأنصاري، الخزرجي، المدني، استصغر يوم أحد، وكان يتيماً، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وغزا مع النبي سبع عشرة غزوة، وكان من خواص علي عليه السلام، وشهد مع الوصي عليه السلام يوم صفين ووقعت له آية أخبر بها، وهي أن أمير المؤمنين عليه السلام استنشد بعض الصحابة عما سمعوا فكتم أناس منهم، فما خرجوا من الدنيا حتى عموا وبرصوا، قال: وكنت فيمن كتم فعميت، توفي رحمة الله عليه بالكوفة سنة ثمان وستين.
(2) عبدالله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن القرشي ولد بعد المبعث واستصغر يوم أحد وشهد الخندق وما بعدها وكان من سادات الصحابة وهو أحد العبادلة المعدودين في فقهاء الصحابة اعتزل حروب أمير المؤمنين عليه السلام ومات في أيام عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين .(1/65)