أنه علي عليه السلام ، ثم ورد آثار آخر تؤيد ماذكرنا.
وروى السيد الإمام أبو طالب بإسناده عن جعفر(1) عن آبائه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: ((أنت فارس العرب، وقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين، وأنت أخي، ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وأنت سيف الله الذي لايخطئ، وأنت رفيقي في الجنة)).
__________
(1) جفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي أمير المؤمنين بن أبي طالب عليهم السلام، أبو عبدالله، الهاشمي، الحسيني، أحد الأئمة الأعلام، هداة الأنام، وحجج الله على سائر البرية، وخير الخلق والخليقة، ولد عليه السلام سنة ثمانين من الهجرة، أمه أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، كان من عماء أهل البيت في عصرة، والمرجوع إليه في دهره، كان من المبايعين للإمام زيد بن علي عليه السلام، والمعترفين بإمامته، والعارفين بفضله، وقد تجنب البخاري الرواية عنه، وقال فيه يحيى بن سعيد القطان: مجالد أحب إلي منه، وهذه مقالة تدل على شدة بغضه ومعاداته لأهل البيت النبوي، وفيه يقول القائل:
رام يحيى بن سعيد .... لك ياجعفر هضماً
وأتاك فيك بقول .... ترك الآذان صماً
ويقول آخر:
قضية أشبه بالمرزئة .... هذا البخاري إمام الفئة
ما احتج بالصادق المصدوق .... واحتج بالمرجئة
...إلى قوله:
قلامة من ظفر إبهامه .... تعدل من مثل البخاري مائة
وكان جعفر الصادق عليه السلام له الفضائل العميمة، والمناقب الشريفة.
وتوفي رحمة الله عليه سنة ثمان وأربعين ومائة، وهو ابن ثمان وستين سنة، ودفن بالبقيع في قبر أبيه الباقر، وجده علي بن الحسين، وعم أبيه الحسن بن علي، وجدته فاطمة الزهراء عليهم السلام.(1/56)


[خبر المؤاخاة]
وروى بإسناده عن الإمام زيد بن علي(1)
__________
(1) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فاتح باب الجهاد والإجتهاد، وإمام الأئمة الأعلام، وقائد العصابة المرضية، والطائفة الزيدية، ولد عليه السلام سنة 75 للهجرة، ودعا إلى الله تعالى في عصر هشام بن عبد الملك الكافر اللئيم، والأحول الذميم، خرج داعياً إلى الله وإلى العمل بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، خرج رافعاً راية الحق والإيمان، فأجابته جميع الطوائف الإسلامية كما قال الإمام أبو طالب عليه السلام: [فلم يكن المرجئ أسرع إليها من القدري، ولا القدري أسرع إليها من الخارجي] إلا فرقة من الفرق الضالة التي رفضت إمامته عليه السلام، ورفضت الجهاد معه، وهم الرافضة الإمامية الذين قالوا: إن الإمامة في إبن أخيه جعفر الصادق عليه السلام.
وبايعه عليه السلام عظماء أهل البيت وشرفائهم، وأجمع الموالف والمخالف على إمامته إلا الرافضة كما ذكرنا، وأحصى ديوانه خمسة عشر ألف مقاتل، ووردت عليه الكتب من جميع النواحي والبلدان، وواعدهم للنهوض في أول شهر صفر فاضطره الأمر إلى الخروج قبل ذلك، لشدة مطاردة هشام بن عبد الملك له، فخرج عليه السلام ليلة الأربعاء لخمس ليالٍ بقيت من شهر محرم الحرام، فقاتل الأربعاء والخميس والجمعة قتالاً شديداً، ولم يخرج معه إلا ما يقرب من خمسمائة مقاتل، وفي ليلة الجمعة أتاه سهم في جبينه، فصرعه، وكانت فيه منيته، ثم دفنه أصحابه، فعلموا بقبره فنبشوه، وأخرجوه، وصلبوه ما يقرب من سنتين، وقيل: أربع سنوات، ثم أحرق وضرب حتى صار كالرماد ثم ذروا جسده الشريف في الفرات في أيام الوليد بن عبد الملك الأموي ـ لعنه الله ـ، وقد وردت فيه عليه السلام الأخبار الصحيحة المتواترة الدالة على فضله وشرفه، وأنه يقتل شهيداً، ويصلب ويحرق ويذر في الفرات، وكذلك أهل البيت عليهم السلام مجمعون على إمامته وفضله، ويتشرفون ويفتخرون بالإنتماء إليه، والإعتزاء إلى مذهبه الشريف، انظر التحف شرح الزلف ص..، الشافي ص...، الحدائق الوردية (خ)، الزحيف (خ)، اللآلي المضيئة (خ).(1/57)


عن آبائه عن علي عليهم السلام، قال: (كان لي عشر من رسول الله ما أحب أن لي بإحداهن ماطلعت عليه الشمس، قال: ((ياعلي أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأنت أقرب الخلائق مني في الموقف يوم القيامة، ومنزلك مواجه منزلي في الجنة كما يتواجه منزل الأخوين في الله، وأنت الولي، وأنت الوزير، والوصي والخليفة في الأهل والمال، والمسلمين في كل غيبة، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وليك وليي، ووليي ولي الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله تعالى(1)))).
وروى الإمام الناصر للحق(2)
__________
(1) أخرجه الإمام المؤيد بالله في أماليه الصغرى مسنداً عن علي عليه السلام ص107، وأخرجه الإمام المرشد بالله أماليه 1/ 141 عن علي عليه السلام، وأخرجه أيضاً الإمام أبو طالب في الأمالي من طريق زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليه السلام ص65، وأخرج نحوه صاحب شمس الأخبار عن علي عليه السلام بلفظ: يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأقرب الخلائق مني في الموقف يوم القيامة، منزلي يواجه منزلك في الجنة كما يتواجه منزلي الأخوين في الله، وأنت الولي والوزير والوصي والخليفة في الأهل والمال والمسلمين في كل غيبة، ولم يذكر بقية الحديث، وله شواهد كثيرة تشهد بصحته بعضها روي فيها أول الحديث، وبعضها آخره، وبعضها بألفاظ مختلفة متحدة في المعنى.
(2) الناصر للحق، هو: الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، الملقب بالناصر الأطروش، والناصر للحق، والناصر الكبير.
ولد عليه السلام بالمدينة المنورة سنة 230هـ، أحد الأئمة الزيدية العظماء الذين لم يشهد لهم مثيل في التاريخ الإسلامي علماً، وعملاً، وزهداً، وورعاً، وعبادةً، وشجاعةً، وجهاداً، ودعاءاً إلى دين الله، كان من أئمة الزيدية في الجيل والديلم، وهو ثالث الأئمة الدعاة في نواحي جيلان وديلمان وطبرستان، ويعتبر المؤسس للدولة الزيدية في تلك النواحي بعد الإمامين الداعيين: الحسن ومحمد ابنا زيد عليهما السلام، وكان عادلاً، حسن السيرة، مقيماً للحق، ويعتبر الناصر عليه السلام إماماً من أئمة اللغة والأدب، وممن يحتج بكلامه، ويستدل به في الناحية اللغوية، ومن تتبع آثاره علم صحة ما قلنا، ويروى أنه أسلم على يديه من عباد الشجر والحجر ألف ألف نسمة، وأسلم على يديه في يوم واحد خمسة عشر ألف نسمة، وله الكرامات الكثيرة، والفضائل الشهيرة، والمناقب المنيرة، التي تشهد بفضله وعظيم منزلته، ودعا إلى الله سبحانه وتعالى سنة 284، وتوفي سنة 304، في 25 شعبان عن أربع وسبعين سنة.
وله الكثير من المؤلفات العظيمة حتى قيل أنه مؤلفاته تزيد على ثلاثمائة مؤلف: منها: البساط، والمسفر، والمصفى، وكتاب في التفسير في مجلدين احتج فيه بألف بيت من الشعر من ألف قصيدة، وله غير ذلك. التحف شرح الزلف 184، الشافي 308، الإفادة في تاريخ الأئمة السادة 147، الحدائق الوردية ـ خ ـ، اللآلي المضيئة الجزء الثاني ـ خ ـ، الزحيف ـ خ ـ.(1/58)


عليه السلام بإسناده عن أبي ذر(1) رحمه الله قال: وهو مسند ظهره إلى الكعبة: أيها الناس هلموا أحدثكم بما سمعت نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي كلمات ثلاث لأن تكون لي إحداهن أحب إلي من الدنيا وما فيها، سمعته يقول: ((اللهم انصره، وانتصر له، فإنه عبدك وأخو رسولك)).
__________
(1) أبو ذر الغفاري: اختلف في إسمه، واسم أبيه، فقيل: جندب بمعجمة مضمومة فنون ساكنة بن جنادة، وهذا الإسم هو الأصح والأشهر عند أصحابنا وغيرهم من محققي المحدثين.
كان من السابقين الأولين، الرفقاء النجباء، المقربين، قيل: كان خامساً في الإسلام، وتأخرت هجرته، فلم يشهد بدراً، وشهد ما بعدها، وكان ملازماً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات، وكان كريماً لايخزن من ماله قليلاً ولا كثيراً، وكان من الصادعين بالحق الذين لاتأخذهم في الله لومة لائم، كان من الصادقين، شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ((ما أظلت الخضراء، وما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر)) وسكن الشام بعد وفاة رسول الله، وأقام بها إلى ولاية عثمان، ثم نفاه عثمان إلى الربذة بغير حق، بل بسبب إشادته بفضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وأهل بيته وذكر مثالب بني أمية، وكان أبو ذر من شيعة علي عليه السلام الموالين له، توفي رحمة الله عليه سنة إثنتين وثلاثين.(1/59)


وبإسناده عن أنس(1) قال: دخل علي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ((أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي، وخير من أخلفه بعدي(2))).
وبإسناده عن علي عليه السلام: (إنما أنا عبد الله وأخو رسوله لم يقلها أحد قبلي، ولايقولها أحد بعدي إلا كذاب(3)).
__________
(1) أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي كنيته أبو حمزة ، خادم النبي صلى الله عليه وآله وسلم خدمه منذ قدومه إلى المدينة إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وغزا مع رسول الله ثمان عزوات وهو آخر الصحابة موتاً بالبصرة توفي سنة ثلاث وتسعين على الأصح وقيل اثنتين وتسعين وقد جاوز المائة.
(2) أخرجه صاحب المحيط بالإمامة من طريقين، عن أنس بن مالك، وأخرجه أيضاً الطبراني في الكبير عن ابن عمر، أفاده في تخريج الشافي للمولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي.
(3) وأخرجه أيضاً الناصر الأطروش عليه السلام، عن حكيم بن سعد، وفي آخره، فقالها رجل، فضرب به جنون، ورواه أيضاً في المحيط بالإمامة عن الأصبغ بن نباتة، ورواه محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى علي عليه السلام.
وأخرج النسائي في خصائصه عن أبي سليمان الجهني، قال: سمعت علياً على المنبر يقول: (أنا عبدالله وأخو رسول الله لايقولها غيري إلا كذاب مفتر)، وأخرجه بهذا اللفظ في المحيط عن حكيم بن سعيد، ورواه في المحيط عن القاضي أبي علي الحسن بن علي الصفار بسنده عن أبي سليمان الأحمسي، وهو زيد بن وهب، ورواه أيضاً في مجموع الإمام زيد بن علي عليه السلام عن زيد بن علي، عن آبائه، وفي آخره، فقالها رجل، فأصابته جنة، فجعل يضرب رأسه في الجدران حتى مات.
وأخرجه ابن أبي شيبة والنسائي، والعقيلي، وابن أبي عاصم، والحاكم، وأبو نعيم عن عباد بن عبدالله، عن علي بزيادة: وأنا الصديق الأكبر، صليت قبل الناس بسبع سنين، انتهى من التخريج مع زيادة واختصار.(1/60)

12 / 44
ع
En
A+
A-