[ 42 ]
ما تطلب انك لم تجد شيئا تستغوي به الناس وتستميل به اهواءهم وتستخلص به طاعتهم الا قولك قتل امامكم مظلوما فنحن نطلب بدمه فأستجاب لك سفهاء طغام وقد علمنا انك ابطأت عنه بالنصر واجبت له القتل لهذه المنزلة التي اصبحت تطلب ورب متمنى أمر وطالبه يحول الله دونه وربما اوتي المتمني امنيته فوق امنيته ووالله مالك في واحدة منهما خير والله ان اخطأك ما ترجو انك لشر العرب حالا ولئن اصبت ما تتمناه لا تصيبه حتى تستحق من ربك صلي النار فاتق الله يا معاوية ودع ما أنت عليه ولا تنازع الامر أهله. انتهى من الكامل وأخرجه البيهقي أيضا في المحاسن والمساوي. ومن كتاب من الامام علي عليه السلام إلى معاوية قال: وارديت جيلا من الناس كثيرا خدعتهم بغيك والقيتهم في موج بحرك تغشاهم الظلمات وتتلاطم بهم الشبهات فحادوا عن وجهتهم ونكصوا على اعقابهم وتولوا على أدبارهم وعولوا على أحسابهم الا من فاء من أهل البصائر فأنهم فارقوك بعد معرفتك وهربوا إلى الله من موازرتك إذ حملتهم على الصعب وعدلت بهم عن القصد فأتق الله يا معاوية في نفسك وجاذب الشيطان قيادك فان الدنيا منقطعة عنك والآخرة قريب منك والسلام. انتهى من نهج البلاغة. وفي مروج الذهب للمسعودي قال لما وصل محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما إلى مصر كتب إلى معاوية كتابا فيه: من محمد بن أبي بكر التى الغاوي معاوية بن صخر أما بعد فان الله بعظمته وسلطانه خلق خلقه بلا عبث منه ولا ضعف في قوته ولا حاجة به إلى خلقهم لكنه خلقهم عبيدا وجعل منهم غويا ورشيدا وشقيا وسعيدا ثم اختار على علم وانتخب واصطفى منهم محمدا صلى الله عليه وآله فأتنخبه لعلمه واصطفاه لرسالته وائتمنه على وحيه وبعثه رسولا ومبشرا ونذيرا فكان اول من أجاب وأناب وآمن وصدق واسلم وسلم اخوه وابن عمه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه صدقه بالغيب
---(1/42)
[ 43 ]
المكتوم وآثره على كل حميم ووقاه بنفسه كل هول وحارب حربه وسالم سلمه فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الليل والنهار والخوف والجوع والخضوع حتى برز سابقا لا نظير له فيمن اتبعه ولا مقارب له في فعله وقد رأيتك تساميه وأنت انت وهو هو اصدق الناس نية وأفضل الناس ذرية وخير الناس زوجة وافضل الناس ابن عم أخوه الشاري بنفسه يوم مؤته وعمه سيد الشهداء يوم احد وأبوه الذاب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن حوزته وأنت اللعين ابن اللعين لم تزل أنت وأبوك تبغيان رسول الله صلى الله عليه وآله الغوائل وتجهدان في اطفاء نور الله تجمعان على ذلك الجموع وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل على ذلك مات ابوك وعليه خلفته والشهيد عليك من تدني ويلجأ اليك من بقية الاحزاب ورؤساء النفاق والشاهد لعلي مع فضله المبين القديم انصاره الذين معه الذين ذكرهم الله بفضلهم واثنى عليهم من المهاجرين والانصار وهم معه كتائب وعصائب يرون الحق في اتباعه والشقاء في خلافه فكيف يالك الويل تعدل نفسك بعلي وهو وارث رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه وابو ولده وأول الناس له اتباعا وأقربهم به عهدا يخبره بسره ويطلعه على أمره وانت عدوه وابن عدوه فتمتع في دنياك ما استطعت بباطلك وليمددك ابن العاص في غوايتك فكأن اجلك قد انقضى وكيدك قد وهى ثم يتبين لك لمن تكون العاقبة العليا وأعلم انك انما تكايد ربك الذي آمنك كيده ويئست من روحه فهو لك بالمرصاد وأنت منه في غرور والسلام على من اتبع الهدى. فما كان جواب معاوية عليه الا ان ادعى ان الشيخين أبا بكر وعمر سبقاه إلى ما اقترف وانه متأس بهما وحاشاهما مما ادعى فقد كذب عليهما ولعنة الله على الكاذبين. وأخرج ابن عساكر عن اسمعيل بن رجاء عن ابيه قال كنت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في حلقة فيها أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمرو بن
---(1/43)
[ 44 ]
العاص فمر بنا حسين بن علي فسلم فرد عليه القوم فقال عبدالله بن عمرو الا اخبركم باحب اهل الارض إلى اهل السماء قالوا بلى قال هو هذا الماشي ما كلمني كلمة منذ ليالي صفين ولان يرضى عني احب الي من ان يكون لي حمر النعم فقال أبو سعيد الا تعتذر إليه قال بلي فاستأذن أبو سعيد فأذن له فدخل ثم استأذن لعبد الله بن عمرو فلم يزل به حتى اذن له فأخبره أبو سعيد بقول عبدالله بن عمرو فقال له اعلمت يا عبدالله اني احب اهل الارض إلى أهل السماء قال أي ورب الكعبة قال فما حملك على ان قاتلتني وأبي يوم صفين فوالله لابي كان خيرا مني قال اجل ولكن عمرو شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله ان عبدالله يقوم الليل ويصوم النهار فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا عبدالله ابن عمرو صلى ونم وصم وافطر واطع عمروا فلما كان يوم صفين اقسم علي فخرجت اما والله ما كثرت لهم سوادا ولا اخترطت لهم سيفا ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم قال فكلمه (انتهى). فأصحاب معاوية هم الباغون بلا ريب على الامام المرتضى وهم القاسطون كما وعد بهم المصطفى قال الله تعالى: " واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " اخرج ابن عساكر عن أبي صادق قال: قدم علينا أبو ايوب الانصاري العراق فقلت له يا أبا ايوب قد اكرمك الله بصحبة نبيه صلى الله عليه و (آله) وسلم وبنزوله عليك فمالي أراك تستقبل الناس تقاتلهم هؤلاء مرة وهؤلاء اخرى فقال: ان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم عهد الينا ان نقاتل مع علي الناكثين فقد قاتلناهم وعهد الينا ان نقاتل معه القاسطين فهذا وجهننا إليهم اليوم يعني معاوية واصحابه وعهد الينا ان نقاتل مع علي المارقين فلم ارهم بعد واخرج ابن جرير عن مخنف بن سليم قال أتينا أبا ايوب فقلنايا أبا ايوب قاتلت المشركين بسيفك مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثم جئت تقاتل المسلمين فقال ان رسول الله صلى الله عليه وآله أمرنا بقتال ثلاث الناكثين والقاسطين والمارقين فقد قاتلت الناكثين والقاسطين وانا مقاتل
---(1/44)
[ 45 ]
ان شاء الله المارقين. وأخرج البيهقي في المحاسن والمساوي ان رجلا سأل ابن عباس رضى الله عنهما من الناكثون قال الذين يبايعون عليا بالمدينة ثم نكثوا فقاتلهم بالبصرة اصحاب الجمل والقاسطون معاوية واصحابه والمارقون أهل النهروان ومن معهم فقال الشامي يا ابن عباس ملات صدري نورا وحكمة وفرجت عني فرج الله عنك اشهد ان عليا مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (انتهى). وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب عن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فألزموا علي بن أبي طالب فأنه اول من يراني وأول من يصافحني يوم القيمة وهو الصديق الاكبر وهو فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب الدين والمال يعسوب المنافقين وأخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قوله النجوم امان لاهل الارض من الغرق واهل بيتي امان لامتي من الاختلاف فإذا خالفها قبيلة اختلفت فصارت حزب ابليس وأخرج ابن عساكر عن حبة قال سمعت عليا عليه السلام يقول: نحن النجباء وأفرطنا افراط الانبياء وحزبنا حزب الله والفئة الباغية حزب ابليس ومن سوى بيننا وبين عدونا فليس منا ونقل ابن الاثير عن علي انه قال مخاطبا لاهل العراق يذكر معاوية وحزبه ويحرضهم على قتاله ما لفظه: قاتلوا من حاد الله ورسوله وحاول ان يطفئ نور الله فقاتلوا الخاطئين الضالين القاسطين الذين ليسوا بقراء قران ولا فقهاء في الدين ولا علماء في التأول ولا لهذا الامر بأهل في سابقة الاسلام والله لو ولوا عليكم لعملوا فيكم بأعمال كسرى وهرقل (انتهى بحروفه) وهاهم قد ولوا وعملوا والله بأعمال كسرى وهرقل وصدق الله رسوله وصدق المرتضى ولكن عمي البصائر غلف القلوب يصفون معاوية وأعوانه بضد ما وصفهم به أعلم خلق الله بهم وأصداقهم فيهم ويكذبون شهادة
---(1/45)
[ 46 ]
امير المؤمنين عليه السلام. ونقل ابن الاثير أيضا عن علي عليه السلام انه قال ان معاوية وعمروا وابن أبي معيط وحبيبا وابن أبي سرح والضحاك ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن أنا أعرف بهم منكم قد صحبتهم اطفالا ثم رجالا فكانوا شر اطفال وشر رجال. (انتهى بحروفه). وجاء بسند فيه لين ان عليا عليه السلام قال انفروا إلى بقية الاحزاب انظروا إلى ما قال الله ورسوله أنا نقول صدق الله ورسوله ويقولون كذب الله ورسوله. وفي نهج البلاغة من كلام الامام علي عليه السلام من كتاب إلى معاوية قوله مخاطبا له: دخلت في الاسلام كرها وخرجت منه طوعا. ونقل ابن الاثير عن الامام علي عليه السلام من كلام له " لم يرعني الا انشقاق رجلين قد بايعاني وخلاف معاوية الذي لم يجعل له سابقة في الدين ولا سلف صدق في الاسلام طليق ابن طليق حزب من الاحزاب لم يزل حربا لله ولرسوله هو وابوه حتى دخلا في الاسلام كارهين ". وذكر المسعودي في مروج الذهب وغيره ان عليا عليه السلام نزل الانبار والتأمت عليه العساكر فخطب الناس وحرضهم على الجهاد وقال: سيروا إلى قتلة المهاجرين والانصار قد طالما سعوا في اطفاء نور الله وحرضوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله ومن معه الا ان رسول الله. امرني بقتال القاسطين وهم هؤلاء الذين سرنا إليهم والناكثين وهم هؤلاء الدين فرغنا منهم والمارقين ولم نلقهم بعد فسيروا إلى القاسطين فهم اهم علينا من الخوارج سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين يتخذهم الناس أربابا ويتخذون عباد الله خولا ومالهم دولا (انتهى) وقال: الحافظ - الشوكاني في نيل الاوطار لما كتب معاوية إلى الحسن بن علي يطلب منه ان يقاتل الخوارج. اجابه لو آثرت ان اقاتل
---(1/46)