[ 267 ]
العلوي الحضرمي متع الله بحياته وافاض علينا من بركاته وطالعتها بنظر الناقد المتبصر والباحث المتفكر فوجدته اطال الله بقاءه قد فض الاشكال وانى بفضل المقال بما اوضح به جادة الصواب ولم تبق معه شبهة لمرتاب ارتاد نفع الله به الحق فورده وتوخى الصواب فشد عليه يده ثم زفه إلى محبيه في ابهى حلله واجلي مظاهره شرح ذلك بعبارات وثيقة المباني صحيحة المعاني بين الحقيقة واشاد اركانها وسهل الطريق إليها ونصب اعلامها اعتمد على الكتاب والسنة واقتدى بأنصار الحق من الرعيل الاول خيار سلف الامة فالحق اقول ان من انكر شيئا مما اشتملت عليه هذه الرسالة اوشك فيما تضمنته هذه العجالة فهو احد رجلين اما مكابر جاحد للحقائق الثابتة بالادلة الصحيحة أو مغفل ظن انه متبعا لآبائه أو مقلديه وهو في الواقع مخالف لهم فيا خسارة مسعاه ومن اضل ممن اتخذ الهه هواه وسيتبرأ ويأبي منهم الآباء والصالحون وسوف يقولون كما قال المسيح عليه السلام سبحانك ما كان ينبغي لي ان اقول ما ليس لي بحق الآية. يحقق ذلك ان اكثر الامة انما يروي عنهم السكوت في هذه المسائل ولا قول لساكت على ان من اختار السكوت منهم فانما اختاره خوفا على نفسه وماله وعرضه حين جبروت معاوية ومن خلفه من جبابرة بني امية وظلمتهم ولم ينقض هذا الضغط بانقضاء دولة بني امية بل كل متغلب في الاسلام عرف انه لانتم له نواياه السيئة الا إذا جرى على سنن معاوية من استعباد الأمة وفطمها عن الحرية في القول والعمل واماتة شعورها وبالفعل جرى على الامة الاسلامية من ذلك اشده واشقه حتى اثر فيها اسوأ تأثير وقد ابى تحمل هذا الهوان بعض افراد فحاربوا هؤلاء الظلمة وأنكروا عليهم فقضى على كثير منهم بالشهادة والسعادة واضطر الاكثرون إلى السكوت وقد تنقل عن بعضهم اقوال متناقضة وكان الواجب تقديم اقوالهم في الجرح على اقوالهم في التعديل لان التعديل يمكن ان يكون تقية
---(1/267)


[ 268 ]
لكن كثيرا من لمتأخرين عكسوا القضية فقدموا التعديل على الجرح والنفي على الإثبات وفرضوا السكوت أيضا تعديلا فغلطوا وكان مذهبهم في هذه المسائل بناء على غير أساس وربما كان الحامل لبعضهم على ذلك التعديل حسن الظن أو ان التعديل احوط ولاعجب من هؤلاء فان بعضهم حظر جرح فرعون الذي اتبعه الله اللعنة وليس الامر كما يظنون لان المجاملة والتساهل لا يجوز في حقوق الله تعالى وقد اوضح جميع ذلك صاحب هذه الرسالة حفظه الله وشكر سعيه ووفاه اجره. (يقدر المخالف) ان يعترض على بعض مسائل الرسالة بكوها مخالفة لبعض اقوال فلان وفلان من العلماء ولكنه لا يقدر ان يعترض على شئ منها بكونه مخالفا لكتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وآله ونحن إذا صرحنا بموافقتنا لجامع هذه الرسالة فأنما نوافقه طاعة لله تعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام وكراهة للظلم واهله وغيرة على الامة بكراهة اعدالها المستبدين بالقهر والغضب والنهب لاسيما امامهم وقدوتهم معاوية الذي هو اول من شق عصا المسلمين وفرق جماعتهم وخضد شوكتهم واول من سن اغتصاب منصة الخلافة النبوية من اهلها ومستحقيها لمن ليس لها بأهل من الفسقة الفجرة عبيد اغراضهم الشيطانية واسراء شهواتهم البهيمية المفسدين امر هذه الامة وهو ايضا اول داع إلى النار في الاسلام واول ملك خالف السنة وهجر طريقة الخلفاء الراشدين وقاتل من امكنه قتاله منهم ولو انه سكت عن سب مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه لساغ لمحبيه من المقلدين والمغفلين دعوة الناس إلى السكوت عن ذكره وذكر فضائحه وهو اول من قيد افكار الاحرار واول من نشر بين الامة الجواسيس الاشرار واول من عادى اهل البيت الاطهار وسامهم سوء العذاب وأراد بهم الدمار واول من بدل مودتهم الواجبة عداوة وصلة رحمهم قطيعة واول من نفض يديه عن التمسك بأحد الثقلين يقول بعض
---(1/268)


[ 269 ]
المقلدين ان ترك الحوض في ما جريات معاوية وقبائحه وآفاته ومظالمه وهو الواجب وهذا خطأ واضح وغلط فاضح وقال بعضهم انه الاحوط والاسلم وهذا وان كان فاسدا الا انه اهون مما قبله ثم الطامة الكبرى ان بعضهم اثبت له أجرا وثوابا ولعل ذلك بسبب جده واجتهاده في قتال امير المؤمنين كرم الله وجهه وعدم توانيه وتقصيره في مناصبته وعداوته يقولون ذلك ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ان من ابعد البعيد دعوى اثابة الباغي وحصول الاجر للطاغي ومن السخافة ترشيح معاوية نفسه للاجتهاد كما يزعمون في تطلب حق يطمع ويزعم انه اولى به من علي كرم الله وجهه كيف وهو باب مدينة العلم وما كان من الصحابة من يقول سلوني غيره ولولا المجازفة وعدم وضع الاشياء في مواضعها لما دار ذلك في خلد بشر فأنا لله وانا إليه راجعون. ان ما يذكره بعض هؤلاء من الاعذار الباردة عن معاوية واعوانه هو الذي سبب استسلام المسلمين لكل قاهر غشوم ومستبد ظلوم وبالتقليد الاعمى تفرقوا شيعا ونبذوا كتاب الله فالاعتذار عن معاوية وعن كل ذي ملك عضوض هو في الحقيقة جناية على الاسلام وإذا شئت معرفة فساد كل شبهة يوردها عليك هؤلاء المقلدون فدونك هذه الرسالة فأنها قد شحنت بالحق الصراح وماذا بعد الحق الا الضلال واسأل الله التوفيق في القول والعمل وصلى الله على رسوله الامين وآله وصحبه والتابعين واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين. قال ذلك وكتبه الحقير صالح بن علي بن ناصر بن علي جابر اليافعي عفى الله عنه آمين.(1/269)


54 / 54
ع
En
A+
A-