[ 182 ]
حمزة الجزري عن نافع عن ابن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله انما اصحابي مثل النجوم فايهم اخذ تمبقوله اهتديتم وهذا لا يصح ولا يرويه عن نافع من يحتج به انتهى. قلت قد علمت ما في هذا الحديث من الضعف والنكارة وعلى فرض الصحة فلا يستقم الا إذا كان المراد بالاصحاب في هذا الحديث العلماء منهم فيما رووه وحملوه عن النبي صلى الله عليه وآله لا ماكان من قبيل الاجتهاد والرأي فانه صواب وخطأ ولا يشرع الاقتداء بالمخطئ قطعا ولا يأمر صلى الله عليه وآله وسلم بالاقتداء بالجاهلين البته وكما قيل في حديث اني تارك فيكم لثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهم لن تضلوا بعدي ابدا قالو ان المراد من اهل البيت في هذا الحديث العلماء منهم فكذلك هنا ولادخل لمعاوية هنا لانه ليس من العلماء بالدين ولا بالمأمون على حمل شريعة سيد المرسلين (اخرج البخاري والترمذي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: ما اظن فلانا وفلانا يعلمان من ديننا شيئا وبالجملة يفكل ما جاء من هذا القبيل من الآيات التي سبق ذكرها ومن الاحاديث العامة المارة بك وما جرى مجراها كقول النبي عليه وآله الصلاة والسلام ان الله اطلع على اهل بدر ونحوه كل مشروط بسلامة العاقبة ومراعاة الاستقامة إذ لا يجوز ان يخبر الحكيم مكلفا غير معصوم انه لاعقاب عليه فليفعل ما شاء فليكن هذا من طالب الحق على بال. وإذا تتبعت ايها المنصف كل الفضائل التي استحق بها اصحاب النبي صلى الله عليه وآله الفضل والثواب والمنزلة الرفيعة وجدت معاوية واعوانه صفر الايدي عنها وبعيدين عنها بعدا شاسعا ووجدت عليا عليه السلام اوفرهم حظا واعظمهم قسما. ولنذكر لك ما قاله العلامة المسعودي في هذا المعني قال: رحمه الله
---(1/182)
[ 183 ]
والاشياء التي استحق بها اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الفضل هي السبق إلى الايمان والهجرة والنصرة لرسول الله صلى الله عليه وآله والقربى منه والقناعة وبذل النفس له والعلم بالكتاب والتنزيل والجهاد في سبيل الله والورع والزهد والقضاء والحلم والفقه والعلم وكل ذلك لعلي عليه السلام منه النصيب الاوفر والحظ الاكبر إلى ما يتفرد به من قول رسول الله صلى الله عليه وآله حين آخي بين اصحابه انت اخي وهو صلى الله عليه وآله لا ضد له ولا ند وقوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبي بعدي وقوله عليه وآله الصلاة والسلام من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه ثم دعاؤه عليه الصلاة والسلام وعلى آله وقد قدم إليه انس الطائر اللهم ادخل الي احب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر فدخل عليه علي إلى آخر الحديث فهذا وغيره من فضائله وما اجتمع فيه من الخصال مما تفرق في غيره ولكل فضائل ممن تقدم وتأخر وقبض النبي صلى الله عليه وآله وهو عنهم راض مخبر عن بواطنهم بموافقتها لظواهرهم بالايمان وبذلك نزل التنزيل وتولى بعضهم بعضا (اتنهى) بحروفه. وما احسن ما قاله خزيمة بن ثابت الانصاري ذو الشهادتين في الامام علي عليه السلام. كل خير يزينهم فهو فيه * وله دونهم خصال تزينه وقوله فيه ايضا صهر النبي وخير الناس كلهم * وكل من رامه بالفخر مفخور ونحا نحوه ابو الفتح كما ذكره في الاستيعاب من ابيات: من فيه ما فيهم لا يمترون به * وليس في القوم ما فيه من الحسن (1).
---
نسب البيضاوي هذا البيت لحسان بن ثابت ونسبه في المناقب = (*)
---(1/183)
[ 184 ]
وما احسن ما قاله فيه الصفى الحلي: انت نفس النبي والصنو وابن العم والصهر والاخ المستجاد لو رآى مثلك النبي الخا * ه والا فأخطأ الانتقاد وفي القصص الحق في مدح خير الخلق في هذا المعنى. وان يكن في فتى من صحبه شرف * سام فان عليا فيه ما فيه كم للقرابة من فضل ومن شرف * وللصحابة من نيل يدانيه كفاطم وسليليها كذاك بنا * ت الطهر طبن كما طابت ذراريه والطيبات نساء الطهر من رودت * فيهن آيات تشريف وتنزيه وحمزة ثم عباس وجعفرهم * وابنيهما وابي بكر وثانيه ومثل عثمان مع سعد سعيدهم * وطلحة وابن عوام حواريه وكأبن جراحهم جمت فضائلهم * ونسل عوف عديد العشر يوفيه وسعد بن معاذي الكرامة من * لموته اهتز عرش الله باريه كذاك باقي سعود النصر صار لهم * قرب من الله سامي القدر عاليه وكم همام من الاصحاب كان له * وصف النبيين لولا الختم حاميه كم موطن قد رأوا فيه ملائكة * مخاطبين وعونا في مغازيه وبعضهم كانت الاملاك تشبهه * وبعضهم كان نور السوط يهديه وبعضهم كانت الاملاك تقرئه السلام قبل التداوي إذ تناجيه
---
للعباس بن عبدالمطلب وذكر في الاصابة ان هذا البيت للفضل بن عباس اللهبي حين بويع بالخلافة لابي بكر رضي الله عنه من ابيات مطلعها. ماكنت احسب هذا الامر منصرفا * عن هاشم ثم منها عن ابي حسن من فيه ما فيهم من كل صالحة وليس في كلهم ما فيه من حسن اليس اول من صلى لقبلتكم * واعرف الناس بالقرآن والسنن واقرب الناس عهدا بالنبي ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن ماذا عنه فنعرفه * ها ان بيعتكم من اول الفتن (*)
---(1/184)
[ 185 ]
سبحان ربي ما اوحى خروجهم * من الظلام إلى نور يجليه من نور من نوره هاد لامته * داباالى ان يجئ الحشر جائيه وكم ثناء لمن جاء الثناء لهم * في الذكر من غير فضل من مثانيه وكلهم عندنا عدل رضى ثقة * حتم محبته حتم توليه الا اناسا جرى من بعده لهم * أحداث سوء وماتوا في اثانيه من ردة ومروق والخروج عن الا * مر الالهي والقسط المنافية ما قلت الا الذي قد قال خالقنا * في ذكره أو رسول الله حاكيه فكل حادثة في الدين قد وردت * وفتنة وامتحان من اعاديه في محكم الذكر والنقل الصحيح عن * الرسول في لفظ تنصيص وتنبيه (وفي الآخر) نقول ان صحبته صلى الله عليه وآله شرف عظيم ومفخر جسيم ومرتبة سامية ومنزلة عالية واصحابه صلى الله عليه وآله متفاوتون في فضلها وشرفها بقدر ما احسنوا فيها وقد اوجب الله تعالى محبتهم وتوقيرهم اجلالا واكراما لرسوله صلى الله عليه وآله ولمقامه ولمحبته لهم ومحبتهم له ولاريب في ان محبتهم له ناشئة ومسببة عن هدايته لهم وانقاذه اياهم من الضلالة ومن البديهي ان محبة الله ومحبة رسوله لهم انما هي لطاعتهم وانقيادهم لاوامره ونواهيه وإذا عصى احد منهم وحاد الله ورسوله وارتكب الكبائر واصر على معصيته فقد ترك ما اوجب له المحبة من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وآله إذ ليس عند رسول الله صلى الله عليه وآله محاباة ولا مداهنة في عداوة من حاد الله وعصاه ولو كان من عترته فضلا عن اصحابه ألم يرو عنه عليه وآله الصلاة والسلام انه قال: لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعتها كما انه عليه السلام لا يألوا جهدا في محبة من والى الله تعالى واطاعة ولو كان من أبعد الناس نسبا منه الا ترى ايه كيف احب سلمان الفارسي وبلالا الحبشي وصهيبا الرومي وامثالهم. اما نحن فيجب علينا ان نحفظه عليه وآله الصلاة والسلام في حب من
---(1/185)
[ 186 ]
احبه وموالاة من والاه وتوقيره واحترامه ولا محيص لنا من ان نعدل عن التمسك بولاء من عادى الله ورسوله منهم ونتجنب حب من ابغضه الله ورسوله ونتبرأ منه ولو كان ابا أو اخا أو صديقا ولا نجعل للهوى والعصبية سلطانا على قلوبنا بمحبتهم وتواليهم حتى يحق لنا بذلك صريح الايمان كما جاء في الكتاب العزيز مكررا ووردت به الاحاديث الكثيرة ومن لم يكن كذلك فليتهم نفسه في ايمانه رنبا انك تعلم ما نخفي وما نعلن والله لو كان من حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في اصحابه ومن رعاية عهده والادب معه ان نمسك عن عداوة وبغض من حاد الله ورسوله واحدث الاحداث السيئة بعده منهم لم نعاد احدا منهم ولم نبغضه ولو ضربت اعناقنا وقطعنا بالسيوف اربا اربا ولو كان التعامي والتغافل عن انكار مخالفات المحدثين منهم وتأويلنا بالالسن سيئاتهم مع علمنا بوقوعها منهم مجديا عند الله شيئا أو عاذرا لنا عنده لتأولنا كل سيئة صدرت عن احد منهم وصافحنا من يلتزم ذلك يدا بيد ولكن من الذي تجاسر على ذلك وآيات القرآن تزجره واحاديث الرسول تمنعه افمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا اهواءهم. ومن الغباوة ان لم نقل من العناد اهدار كل كبيرة وموبقة لدعوى حرمة الصحبة لاشك ان حرمة عظيمة للصحبة وشأنا فخيما نلتزمة ونعلمه ابناءنا ونساءنا ولكنه مقيد بما قدمناه الا تريان للكعبة وللمسجد ايضا حرمة ومن حرمتها احترام سدنتها وخدمها ومن هو داخلها لكن من دخلها منهم وبال فيها أو احدث عمدا أو دخل المسجد مؤذنه أو امامه فسرق امتعة المصلين وثيابهم لم يبق له من حرمتهما شئ البتة بل يجب طرده منهما واهانته داخلهما أو خارجهما ومن ظن انه يلزمنا احترامه لحرمتهما بعد ان جرى منه ما جرى فهو في اقصى درجات الغباوة أو في اشد مراتب العناد والمراغمة واتباع الهوى ومن اظلم ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ان الله لا يهدي القوم الظالمين.
---(1/186)