[ 137 ]
بخطأ في اجتهاد ولا هفوة في فتوى ولم يدر ذلك المسكين انها اجرت له الباطل في مجرى الحق وخدعته في دينه لان عمله هذا هو المرضي للشيطان المغضب للرحمن والمضعف لقوام الدين والمباين لعمل العلماء المتقين (1). وليت شعري اي عالم واي مجتهد يسره ان يتأدب له اتباعه ويتركوا قول الله تعالى وقول رسوله عليه وآله السلام لقوله كيلا يردونه عليه لا والله
---
(1) شافهني يوما احد المترسمين برسوم العلم وقد جرى في المجلس ذكر الخوارج وضلالهم فقال ان الرسالة التي سمعت انك جمعتها في التحذير من تولى معاوية لاشد من ضلال الخوارج فقلت هل رأيتها قال لا قلت فها هي عفا الله عنك بين يديك فقل في مسألة واحدة منها انها ضلال كي تتدبر البحث فيها حتى يظهر الحق من أي الطرفين فيعود كلانا إليه فأنه ضالة المؤمن فقال سبحان الله عنك بين يديك فقل في مسألة واحدة منها انها ضلال كي تتدبر البحث فيها فأرشدني إليه ارشدك الله ولو في موضوع واحد من مواضيع الرسالة وانا كفيل بأتباعك إذا هديتني إليه فقال ان الجدال معك لا يجوز فقلت إذا لم ترض النظر في هذه الرسالة فلنبحث في آية من كتاب الله تعالى أو حديث من احاديث رسوله عليه الصلاة والسلام مما تضمنته هذه الرسالة فقال ان العلماء منعوا من الخوض في هذه المسائل ولو كان في آية قرآنية أو حديث نبوي ثم قام من المجلس وذهب مغاضبا فأنظر ايها المؤمن بما جاء عن الله ورسوله كيف ذهب بهؤلاء تعصبهم وتقليدهم لعلمائهم حتى إلى رفض كتاب الله تعالى وحديث نبيه عليه الصلاة والسلام فلا حول ولا قوة الا بالله وقال لي آخر ما كتبته وجمعته في هذه الرسالة حق ولكنك اخطأت من جهة مخالفتك لمن تقدمك فأنهم ذكروا ما ذكروا مفرقا ولم يعلقوا عليه شيئا وانت جمعت المتفرق ورتبت مقدماته واطلعت نتائجه واثبت براهينه فأعلنت بصنيعك ما اسروه وجمعت ما شتتوه واظهرت ما اخفوه فقلت له رحمك الله اترى اعلان الحق واقامة البرهان هنا من الخطأ وكتمه من الصواب قال نعم حيث لم يكن لك سلف في ذلك فقلت لعل من سكت من السلف معذورون في في سكوتهم بخوف الفتنة من امرائهم أو نحو ذلك وقد زال المانع اليوم وان القرآن كان متفرقا فجمع والحديث كذلك فقال ان آخر كلمة اقولها لك انه يجب عليك ان لا تفعل في هذا الباب الا ما فعلوا فان كان حقا فقد اصبته وان كان خطاء فالخطأ معهم اولى لك من الاصابة وحدك ثم قام عني. وقال لي ثالث ان الحق ما قلته في هذه المسائل اصدقه بقلبي ولا اقربه بلساني تحرجا من مخالفة من لم يقل من علمائنا بما قلته. انتهى جامعه. (*)
---(1/137)
[ 138 ]
لا يوجد احد من المجتهدين بهذه الصفة الا ان يكون معاوية كما قد دلت على ذلك سيرته وافعاله انما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا واولئك هم المفلحون قال موسى بن عمران اي رب اي عبادك اسعد قال من آثر هواي على هواه وغضب لي غضب النمر لنفسه (انتهى) من ربيع الابرار اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه ولا تجعله مشتبها علينا فنتبع الهوى واجعل اللهم هوانا تبعا لما جاء به حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله.
---(1/138)
[ 139 ]
تكميل حيث ذكرنا من بوائق معاوية ما ذكرنا فلنذكر هنا طرفا من الاحاديث الدالة على سوء أحوال عشيرته وعداوتهم لله ولرسوله وانهم شركاؤه في تبديل أمر الامة وتغيير دين الله الا من شاء الله منهم وقليل ماهم وها نحن نسردها سردا لانتكلم على شئ من تفاصيل مقتضياتها خوفا من الاطالة بذلك واتكالا على ما في شروح الحديث والتواريخ من بيان ذلك وتحقيقه وتفصيله. أخرج ابن عساكر عن ابي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: إذا بلغت بنوامية اربعين رجلا اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دخلا وكتاب الله دغلا (وأخرج) ابن مندة وابو نعيم عن عمران بن جابر اليماني وابن قانع عن سالم الحضرمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ويل لبني امية ويل لبني امية ويل لبني امية (واخرج) ابن مردويه عن علي كرم الله وجهه قال: نزلت سورة محمد آية فينا وآية في بني امية (اقرأ السورة من اولها إلى آخرها). (وقال) النيسابوري في تفسير سورة القدر قال ذكر القاسم بن فضل عن عيسى بن مازن قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنه يا مسود وجوه المؤمنين عمدت إلى هذا الرجل فبايعته يعني معاوية فقال ان رسول الله صلى الله عليه وآله رأى في منامه بني امية يطؤون منبره واحدا بعد واحد وفي رواية ينزون على منبره نزوالقردة فشق ذلك عليه فأنزل الله تعالى انا انزلناه إلى قوله خير من الف شهر يعني ملك بني امية قال: القاسم فحسبنا ملك بني امية فإذا هو الف شهر لا يزيد ولا ينقص (اتنهى). وروى بسند حسن انه صلى الله عليه وآله قال: شر قبائل العرب بنو
---(1/139)
[ 140 ]
امية وبنو حنيفة وثقيف واخرج نعيم بن حماد في الفتن عن بجالة قال: قلت: لعمر ان بن حصين رضي الله تعالى عنه حدثني من ابغض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: تكتم علي حتى أموت قلت: نعم قال: بنوامية وثقيف وبنو حنيفة واخرج نعيم بن حماد في الفتن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ان لكل دين آفة وآفة هذا الدين بنو امية واخرج أبو نعيم عن علي عليه السلام انه قال: لكل امة آفة وآفة هذه الامة بنو امية واخرج ايضا عنه عليه السلام انه قال: الا ان اخوف الفتن عندي فتنة بني امية انها فتنة عمياء مظلمة واخرج نعيم بن حماد والحاكم في المستدرك عن ابي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: ان اهل بيتي سيلقون بعدي من امتي قتلا وتشريدا وان اشد قومنا لنا بغضا بنو امية وبنو مخروم واخرج الحاكم وصححه على شرط الشيخين عن ابي برزة ان ابغض الاحياء أو الناس إلى رسول الله بنوامية واخرج الخطيب عن المسعد بن مخرمة قال: قال: عمر بن الخطاب لعبد الرحمن ابن عوف رضي عنهما الم يكن فيما تقرأ قاتلوا في الله في آخر مرة كما قاتلتم اول مرة قال: متى ذلك قال: إذا كانت بنو امية الامراء وبنو مخروم الوزراء. (واخرج) الطبراني في الكبير عن ابن مسعود واحمد في المسند وابو داود الطيالسي وابو يعلى وابن حبان وسعيد بن منصور والحاكم في المستدرك عن جرير عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال المهاجرون والانصار بعضهم اولياء بعض في الدنيا والآخرة والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم اولياء بعض في الدنيا والآخرة. (واخرج) أبو يعلى عن ابي عبيد عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: لا يزال أمر امتي قائما بالقسط حتى يكون أول من يشمله رجل من بني امية. (واخرج) الترمذي والنسائي وابو داود وابن ماجة عن ابي ذر عن
---(1/140)
[ 141 ]
رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: اول من يبدل سنتي رجل من بني امية. (واخرج) الطبراني في الاوسط عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اكثر ما اتخوف على امتي من بعدي رجل يتأول القرآن يضعه على غير مواضعه ورجل يدعى انه احق بهذا الامر من غيره. قلت: اول من ينطبق عليه هذا الوصف معاوية. (واخرج) الديلمي عن عبدالله بن شبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم العن فلانا واجعل قلبه قلب سوء واملا جوفه من رضف جهنم. (واخرج) الطبراني عن ابي برزة عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: ان بعدي أئمة ان اطعتموهم اكفروكم وان عصيتموهم قتلوكم أئمة الكفر ورؤوس الضلالة. (واخرج) الترمذي وحسنه عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله انما اخاف على امتي الائمة المضلين. (واخرج) الطبراني في الكبير عن سويد بن غفلة رضي الله عنه قال: سمعت أبا موسى الاشعري يقول قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكون في هذه الامة حكمان ضالان ضال من اتبعهما فقلت يا أبا موسى انظر لا تكون احدهما قال فوالله ما مات حتى رأيته احدهما قال: وفي رواته مجهول. (واخرج) أبو داود الطيالسي وابن ابي شيبة واحمد والدارمي وابو يعلي والطبراني والبيهقي في دلائله بسند حسن عن ابي عبيدة ومعاذ معا رفعاه: هذا الامر بدأ نبوة ورحمة ثم يكون خلافة ورحمة ثم ملكا عضوضا ثم كائن جبرية وعتوا وفسادا في الارض يستحلون الحرير والفروج والخمور ويرزقون على ذلك وينصرون حتى يلقوا الله. (واخرج) الطبراني عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سيكون عليكم امراء من بعدي يأمرونكم بما لا تعرفون ويعملون بما تنكرون
---(1/141)