[ 122 ]
في هذا الا ماكان عن نظرة فقال عبادة احدثك عن رسول الله صلى الله واله وسلم وتحدثني عن رأيك لئني اخرجني الله سبحانه لا اساكنك بارض لك فيها امرة فلما قفل لحق بالمدينة فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما اقدمك يا ابا الوليد فقص عليه القصة وما قال من مساكنته فقال ارجع يا ابا الوليد إلى ارضك فقبح الله ارضا ليس فيها امثالك وكتب إلى معاوية لا امرة لك عليه واحلل الناس على ما قال فانه هو الامين. ومن معارضاته السنة برأيه قوله في زكاة الفطراني ارى ان مدين من سمراء الشام يعدل صاعا من تمر. انكر ذلك عليه أبو سعيد الخدري وقال تلك قيمة معاوية لا اقبلها روى الستة عن ابي سعيد: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم زكاة الفطرة عن كل صغير وكبير حر ومملوك صاعا من طعام أو صاعا من اقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر وصاعا من زبيب فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس ان قال اني ارى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر الحديث وفيه قال أو سعيد اما انا فاني لا ازال اخرجه ابدا ما عشت ولما بلغ ابن الزبير رأى معاوية قال بئس الاسم الفسوق بعد الايمان صدقة الفطر صاع صاع (ومنها) تقبيله لليمانيين وقد انكر ذلك عليه ابن عباس لخلافه السنة. (ومنها) منعه الناس جبرا عن ان يأتوا بمتعة الحج وهو مذهب علي واكابر الصحابة (روى) الترمذي في جامعه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وآله وابو بكر وعمر وعثمان واول من نهي عنه معاوية (انتهي) (واخرج) أبو داود واحمد والنسائي وابن عساكر عن خالد بن معدان قال: وفد المقدام ابن معدي كرب وعمر بن الاسود ورجل من بني اسد من اهل قنسرين إلى معاوية فقال معاوية للمقدام اعلمت ان الحسن
---(1/122)


[ 123 ]
بن علي توفى فرجع المقدام فقال له فلان اتعدها مصيبة فقال لم لا اراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وآله في حجره فقال هذا مني وحسين من علي فقال الاسدي جمرة اطفأها الله فقال المقدام اما انا فلا ابرح اليوم حتى اغيظك فأسمعك ما تكره ثم قال يا معاوية ان أنا صدقت فصدقني وان انا كذبت فكذبني قال افعل قال انشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله ينهي عن لبس الحرير قال: نعم قال فأنشدك الله سمعت ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها قال: نعم قال فوالله لقد رأيت هذا كل في بيتك يا معاوية فقال معاوية قد علمت اني لن انجو منك يا مقدام (واخرج) ابن عساكر والحسن بن سفيان وابن مندة عن محمد بن كعب القرظي قال: غزا عبدالرحمن بن سهل الانصاري في زمن عثمان ومعاوية امير علي الشام فمرت به روايا خمر - لمن هي ؟ لمعاوية كما يدل عليه السياق وصرح به البعض تحمل فقام إليها عبدالرحمن برمحه فبقر كل راوية منها فناوشه غلمانه حتى بلغ شأنه معاوية فقال دعوه فانه شيخ قد ذهب عقله فقال كذب والله ما ذهب عقلي ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله نهانا ان ندخله بطوننا واسفيتنا واحلف بالله لئن بقيت حتى رى في معاوية ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله لابقرن بطنه أو لاموتن دونه. ومن اعظم ما يدل على استخافه بالنبي عليه وآله الصلاة والسلام ما جاء في مسلم ان النبي دعاه اولا وثانيا وهو يأكل ولم يجب حتى دعا صلى الله عليه وآله عليه بقوله لا اشبع الله بطعنه (1) (واخرج) الزبير بن بكار في الموفقيات عن المطرف بن المغيرة بن شعبة قال: دخلت مع ابي على معاوية فكان ابي يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف الي ويذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتما فانتظرته ساعة
---
(1) فهم منه بعضهم انه لايدخل الجنة ابدا لان اهل الجنة لا يجوعون وهو لا يشبع (*)
---(1/123)


[ 124 ]
وظنت انه لامر حدث فينا فقلت مالي اراك مغتما منذ الليلة فقال يا بني جئت من عنداكفر الناس واخبثهم قلت وما ذاك قال: قلت له وقد خلوت به انك قد بلغت سنا يا امير المؤمنين فلو اظهرت عدلا وبسطت خيرا فقد كبرت ولو نظرت إلى اخوتك من بني هاشم فوصلت ارحامهم فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه وان ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه فقال هيهات هيهات أي ذكر ارجو بقاءه ملك اخو تيم فعدل وفعل ما فعل فما عدا ان هلك حتى هلك ذكره الا ان يقول قائل ابو بكر. ثم ملك اخو عدي فأجتهد وشمر عشر سنين فما عدا ان هلك حتى هلك ذكره الا ان يقول قاتل عمر وان ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات اشهد ان محمدا رسول الله فأي عمل يبقى واي ذكر يدوم بعد هذا لا ابالك لا والله الا دفنا دفنا (انتهى). قلت: الزبير بن بكار هذا هو قاضي مكة وهو مشهور في المحدثين ومن رواة الصحيح وهو غير متهم على معاوية لعدالته وفضله مع ان في الزبير بين كما علمت بعض انحراف عن علي كرم الله وجهه لما عرف من الاسباب الا ترى ان عبدالله ابن الزبير على نسكه وعبادته كان منحرفا عن علي واهل بيته فقد روى عمر بن شبة وابن الكلبي والواقدي وغيرهم من رواة السيرانه مكث يلام ادعائه الخلافة اربعين جمعة لا يصلي فيهما على النبي صلى الله عليه وآله وقال لا يمنعني من ذكره الا ان تشمخ رجال بآنافها (انتهى). ومما يدل على استخفاف معاوية بمقام النبوة ما نقله أبو جعفر الطبري بسنده قال: حدثني عبدالله بن احمد قال: حدثني ابي قال: حدثني سليمان قال: قرأت على عبدالله عن فليح قال اخبرت ان عمرو بن العاص وفد إلى معاوية ومعه اهل مصر فقال لهم عمرو وانظروا إذا دخلتم علي ابن هند فلا تسلموا عليه بالخلافة فأنه اعظم لكم في عينه وصغروه ما استطعتم فلما قدموا
---(1/124)


[ 125 ]
عليه قال: معاوية لحجابه كأني اعرف ابن النابغة وقد صغر امري عند القوم فانظروا إذا ادخل الوفد فتعتعوهم اشد تعتعة تقدرون عليها فلا يبلغني رجل منهم الا وقد همت نفسه بالتلف فكان اول من دخل عليه رجل من اهل مصر يقال له ابن الخياط وقد تعتع فقال السلام عليك يا رسول الله وتتابع القوم على ذلك فلما خرجوا قال لهم عمرو لعنكم الله نهيتكم ان تسلموا عليه بالامارة فسلمتم عليه بالنبوة (انتهى). فأنظر كيف لم ينكر عليهم معاوية تسليمهم عليه بالرسالة واقرهم على هذا الفعل الفظيع حبا في التعاظم واستخفافا بالرسول ومقامه (ومنه تعلم) ان معاوية وعمرا لادين لهما كما اخبر الصادق الخبير علي عليه السلام وان كلا منهما غادر كما جاء عن الصادق المصدق صلى الله عليه وآله فقد اخرج الطبراني في الكبير وابن عساكر عن اشداد بن أوس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص جميعا ففرقوا بينهما فوالله ما اجتمعنا الا على غدر (انتهى). واخرج الامام احمد في مسنده وابو يعلي كلاهما عن ابي برزة رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وآله فسمع صوت غناء فقال انظروا ما هذا فصعدت فإذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله فقال اللهم اركسهما في الفتنة ركسا اللهم دعهما في النار دعا واخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما بمثل هذا. وروى ابن عبد البر ان معاوية لما قدم المدينة لقيه ابو قتادة الانصاري فقال له معاوية تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الانصار (والانصار يقولون عند الطمع) فما منعكم قال: لم تكن عندنا دواب قال: معاوية فأين النواضح (يعرض معاوية بالانصار انهم اكارون تحقيرا لهم) قال: ابو قتادة عقرناها يوم بدر قال: نعم يا ابا قتادة قال أبو قتادة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
---(1/125)


[ 126 ]
لنا ايكم سترون بعدي اثرة قال: معاوية فما امركم عند ذلك قال: أمرنا بالصبر قال: فأصبروا حتى تلقوه (انتهى) قال في الكشاف للزمخشري وفي الاسعاف وغيرهما ان عبدالرحمن بن حسان بن ثابت قال: في ذلك ابياتا منها. الا ابلغ معاوية بن حرب * امير الظالمين نثا كلامي معاوية بن هند وابن صخر * لحاك الله من مرء حرامي تجشمنا بأمرتك المنايا * وقد درج الكرام بنو الكرام امير المؤمنين ابو حسين * مفلق رأس جدك بالحسام وانا صابرون ومنتظروكم * إلى يوم التغابن والخصام (قلت) يشم من لم يصبه زكام التعصب من كلام معاوية تهكمه بالنبي صلى الله عليه وآله واستخفافه بوصاياه بالانصار نعوذ بالله من الخذلان وبغض معاوية للانصار ومعاكسته لمصالحهم امر مشهور تشهد به كتب السير والتأريخ لا يحتاج إلى تجشم الاستدلال عليه وقد قال عليه وآله الصلاة والسلام استوصوا بالانصار خيرا وقال أيضا حب الانصار ايمان وبغضهم نفاق وفي صحيح البخاري لا يحبهم الا مؤمن ولا يبغضهم الا منافق. (وفي كتاب) المعمرين لابي حاتم السجستاني من اثناء محاورة ذكرها لمعاوية مع المعمر امد بن ابد الحضرمي قال: قال معاوية ارأيت هاشما قال نعم والله طوالا حسن الوجه يقال ان بين عينيه بركة قال: فهل رأيت امية قال: نعم رأيته رجلا قصيرا اعمى يقال ان في وجهه لشرا أو شئوما قال: افرأيت محمدا قال: ومن محمد قال رسول الله قال: افلا فخمته كما فخمه الله فقلت رسول الله (انتهى). (وكان) معاوية يتطيب وهو محرم لا يبالي بنهي الله ورسوله عن ذلك فقد روى ابن المبارك بسند قوي من اثر طويل ان معاوية قدم على عمر بن الخطاب مع جماعة فخرج معه إلى الحج ثم لما وصلا إلى ذي طوى اخرج
---(1/126)

25 / 54
ع
En
A+
A-