[ 107 ]
ان ذكر من بهامن الخوارج وكثرتهم وتعصبهم في مذهبهم قال: قال محمد بن بحر الرهني واجل من هذا كله ان علي بن ابي طالب رضي الله عنه لعن على منابر الشرق والغرب ولم يلعن علي على منبرها (يعني سجستان) الامرة وامتنعوا على بني امية حتى زادوا في عهدهم وان لا يلعن على منبرهم احد ولا يصطادوا في بلدهم قنفذ (1) ولا سلحفاة قال: واي شرف اعظم من امتناعهم من لعن اخي رسول الله صلى الله عليه وآله على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين مكة والمدينة (اتنهى). ولم تزل هذه السنة السيئة معمولا بها في ايام بني امية في جميع الاقطار والامصار والقرى حيث نفذت أوامرهم واني بلغ ملكهم يوصون بها عمالهم ويجبرون عليها رعاياهم حتى ابطلها امام الهدى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وابدل مكانها من الخطبة قول الله تعالى ان الله يأمر بالعدل ولاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي الآية وفي ذلك يقول كثير بن عبدالرحمن يمدح عمر ويذكر قطعه السب. وليته فلم تشتم عليا ولم تخف * بريا ولم تقبل اساءة مجرم وقال الشريف ابو الحسن الرضي رحمه الله يرثي عمر رحمه الله. دير سمعان لاعدتك الغوادي * خير ميت من آل مروان ميتك دير سمعان فيك مأوى ابي حفص فودي لو انني آويتك يابن عبد العزيز لو بكت العين فتى من امية لبكيتك غير اني اقول انك قد طبت وان لم يطب ولم يزك بيتك انت نزهتنا عن السب واللعن فلو امكن الجزاء جزيتك وعجيب اني قليت بني مر * وان طراوانني ماقليتك
---
(1) انما منعوا صيد القنفذ لابن بلادهم كثيرة الافاعي والقنافذ تأكل الافاعي فما من بيت الا وفيه قنفذ. (*)
---(1/107)


[ 108 ]
ولو اني رأيت قبرك لا ستحييت من ان ارى وما حييتك ولو اني ملكت دفعا لما نا * لك من طارق الردى لقديتك (فأنظر) رحمك الله إلى جرأة هؤلاء الظلمة العتاة على الله تعالى وما قدموه لانفسهم من الكبائر والعظائم وما تعرضوا له من الوعيد الشديد من المنتقم الجبار الشديد العقاب على ان كان ما فعلوه من السب والشتم واللعن وان عم وطم وانتشر وتتابع منهم لا ينقص من مقام الامام علي عليه السلام مثقال ذرة ولا تلحقه بذلك غضاضة ولا معرة فان مقداره عند الله وجلالته في قلوب الصالحين من عباده اعظم واجل من ان يهتك حرمتها هذر معاوية واتباعه كما ان ضعة رتب معاوية واتباعه وحقارة شأنهم عند الله وسوء مواقعهم في قلوب المؤمنين المتقين اقل واحقر من ان يرفعها أو يؤثر فيها تعظيم هؤلاء المتعصبين لهم وتسويدهم قدر انملة جف القلم بما هو كائن وكل ميسر لما خلق له. ربما قيل ان لهؤلاء القوم صلوات وزكوات وشيئا من العبادات أو ما تراها مغنية عنهم شيئا يوم القيمة (قلت) لااخال انه ينفعهم شئ من ذلك ورسوله الله صلى الله عليه وآله يقول من اثناء حديث اخرجه الحاكم وصححه فلو ان رجلا صفن بين الركن والمقام فصلى وصام ثم لقى الله وهو مبغض لاهل بيت محمد دخل النار وصح ايضا انه صلى الله عليه وآله قال: والذي نفسي بيده لا يبغضنا اهل البيت احد الا ادخله الله النار وورد ايضا من اثناء حديث صحيح قوله عليه الصلاة والسلام من آذاني في عترتي فقد اذى الله ان الله حرم الجنة من ظلم اهل بيتي أو قاتلهم أو اعان عليهم أو سبهم واخرج ابن عساكر في الفردوس بغض علي سيئة لا تنفع معها حسنة إلى غير ذلك من الاحاديث الكثيرة فبغض علي وعترته وعداوتهم من موجبات الضلال ومحبطات الاعمال وما احسن ما قاله الناصر العباسي في هذا المعنى اقتباسا
---(1/108)


[ 109 ]
من تلك الاحاديث شعرا. قسما بمكة والحطيم وزمزم * والراقصات وسعيهن إلى منى بغض الوصي علامة مكتوبة * كتبت على جبهات اولاد الزنا من لم يوال من البرية حيدرا * سيان عند الله صلى أو زنى (وله ايضا). لو ان عبدا اتى بالصالحات غدا * وود كل بني مرسل وولي وعاش ما عاش آلافا مؤلفة * خلوا من الذنب معصوما من الزلل وقام ما قام قواما بلا كسل * وصام ما صام صواما بلا ملل وطار في الجو لا يأوي إلى قلل * وغاص في البحر لا يخشى من البلل فليس ذلك يوم البعث ينفعه * الا بحب امير المؤمنين علي ثم انا نقول بعد هذا كما ان الله جل شأنه شديد العقاب فهو واسع المغفرة لمن تاب ومغفرته لمن لم يتب جائزة عند اهل السنة من باب خرق العوائد فليس لاحد ان يتألى عليه ان شاء تجاوز غنهم ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. (وهاهنا) اقول ليس ما اشتملت عليه جوانح معاوية من الحقد والحسد والبغضاء لجميع بني هاشم والعدواة لهم بل لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ولاهل بيته بغريب ولا مستنكر فان هذه العداوة قد ورثها من امه وابيه كما ورثها بعد بنيه وذويه وقد قال صلى الله عليه عليه وآله وسلم الود يورث والعداوة تورث. كان أبو سفيان في الجاهلية اشد قريش عداوة للنبي صلى الله عليه وآله واعظمهم حرصا على اطفاء نور الله وهو ممن انزل الله فيهم قوله تعالى: قاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم (1) ولم يزل ذلك دأبه وديدنه إلى ان ارغم الله انفه
---
(1) قال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى ان الذين كفروا لن تغنى عنهم (*)
---(1/109)


[ 110 ]
بفتح مكة ودخل في الاسلام مكرها هو وبنوه وزوجته ثم حضر مع المؤلفة غزوة حنين وكانت الازلام في كنانته ولما انهزم المسلمون قال لا تنتهي هزيمتهم دون البحر. والله قد غلبت هوازن فقال له صفوان بفيك الكثكث (اي الحجارة والتراب). قال ابن عبد البر في الاستيعاب: وقد اختلف في حسن اسلامه (فطائفة) ترى انه لما اسلم حسن اسلامه قال: ونقل عن سعيد بن المسيب (وطائفة) ترى انه كان كهفا للمنافقين منذ اسلم وكان في الجاهلية زنديقا (ثم قال) وفي خبر ابن الزبير انه رآه يوم اليرمومك قال: فكانت الروم إذا ظهرت قال: ابو سفيان ايه بني الاصفر وإذا كشفهم المسلمون قال أبو سفيان. وبنوا الاصفر الملوك ملوك الر * وم لم يبق منهم مذكور فحدث به ابن الزبير اباه لما فتح الله على المسلمين فقال الزبير قاتله الله يأبى الا نفاقا اولسنا خيرا له من بني الاصفر. وذكر ابن المبارك عن مالك بن مغول عن ابي ابجر قال: لما بويع لابي بكر الصديق رضي الله عنه جاء أبو سفيان إلى علي رضي الله عنه فقال اغلبكم على هذا الامر اقل بيت في قريش اما والله لاملانها خيلا ورجالا ان شئت فقال علي مازلت عدوا للاسلام واهله فما ضر ذلك الاسلام واهله شيئا انا رأينا ابا بكر لها اهلا (وروى) عن الحسن البصري ان ابا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه فقال قد صارت اليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة واجعل اوتادها بني امية فأنما هو الملك ولا ادري ماجنة ولا نار فصاح به عثمان قم عني فعل الله بك وفعل (قال) وله اخبار نحو هذا
---
اموالهم ولا اولادهم من الله شيئا بعد كلام في من يعني بالذين كفروا فقال وقيل هم مشركوا قريش عامة وقيل بل هم أبو سفيان ورهطة خاصة وجهوه بما نقل من انفاق المال الكثير على المشركين يوم بدر ويدم احد. (*)
---(1/110)


[ 111 ]
ردية ذكرها اهل الاخبار لم اذكرها وفي بعضها ما يدل على انه لم يكن اسلامه سالما ولكن حديث سعيد بن المسيب يدل على صحة اسلامه والله اعلم (انتهى). وذكر أيضا في ترجمة سهيل بن عمرو انه لما ماج أهل مكة عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وارتد من ارتد من العرب قام سهيل بن عمرو خطيبا فقال والله اني لا اعلم ان هذا الدين سيمتد امتداد الشمس في طلوعها إلى غروبها فلا يغرنكم هذا من انفسكم يعني ابا سفيان فانه ليعلم من هذا الامر ما اعلم ولكنه قد ختم على قلبه حسد بني هاشم (انتهى) ومن هنا تعلم ان اعمال ابي سفيان كلها ناشئة عن ضغائن جاهلية واحقاد اموية واوتار شركيه ولقد صدق من قال: في هذا المعنى. آل حرب اوقدتمو نار حرب * ليس يخبو لها الزمان وقود فأبن حرب للمصطفى وابن هند * لعلي وللحسين يزيد الا ترى ان هذه العداوة الموروثة هي التي الجأت معاوية نفسه إلى ان استأذن عثمان ان يقتل علي بن ابي طالب والزبير وطلحة رضي الله عنهم (فقد) نقل المحدث ابن قتيبة رحمه الله في كتاب الامامة ان عثمان رضي الله عنه حين انكر عليه الناس ما انكروا قال لمعاوية ما ترى فان هؤلاء المهاجرين قد استعجلوا القدر ولا بد لهم مما في انفسهم فقال معاوية الرأي ان تأذن لي في ضرب اعناق هؤلاء القوم قال: من هم قال علي وطلحة والزبير قال: عثمان سبحان الله اقتل اصحاب رسول الله بلا حدث احدثوه ولاذنب ركبوه قال: معاوية فان لم تقتلهم فانهم سيقتلونك قال عثمان لا اكون اول من خلف رسول الله صلى الله عليه وآله في امته بأهراق الدماء قال: ثم قال معاوية فثانية. قال وما هي قال فرقهم عنك فلا يجتمع منهم اثنان في مصر واحد واضرب عليهم البعوث والندب حتى يكون دبر بعير كل واحد منهم اهم عليه من صلاته قال
---(1/111)

22 / 54
ع
En
A+
A-