[ 5 ]
صاحب الكتاب أو من نقل عنه كتب ذلك في مذكراته، فاجتمع عنده جملة وافرة من هذه المذكرات فجمعها في كتاب وسماه (ثمرات المطالعة) (1). (6) أحاديث المختار في معالي الكرار، ذكره في (العتب الجميل) (2). (7) كتبه ومراسلاته لاخوانه، فيها فوائد جليلة لو جمعت لكانت مجلدا ضخما. قال السيد محسن الامين العاملي رحمه الله في رثائه: سالت دموع العين كل مسيل * حزنا لرزء محمد بن عقيل رزء بدا فيه الزمان بمقلة * مكفوفة وبساعد مشلول رزء به فجع النبي محمد * والبضعة الزهراء خير بتول والمرتضى وبنوه كلهم فهم * " من سائل باك ومن مسؤول " رزء له تبكي علوم محمد * وشرائع التحريم والتحليل نبأ من اليمن استطار فزلزلت * منه البلاد وقيل: دونك زولي نبأ له اهتز الحجاز وبابل * وربى الشآم وارض وادي النيل وأصاب أقصى حضرموت بفجعة * تركت بنيه برنة وعويل وصداه عم الهند من أطرافها * والمغرب الاقصى وكل قبيل بمحمد جل المصاب ولم يكن * رزء الجليل الفذ غير جليل أرض (الحديدة) (3) قد سعدت بنازل * لم تسمح الدنيا له بمثيل أين السنان العضب (4) إن جردته * يمضي مضاء الصارم المصقول اين المقال الفصل لا يبقى به * عند الجدال لقائل من قيل أين اليراع (5) إذا جرى كشفت به * شبهات كل مموه ضليل
---
(1) الذريعة 5: 13، أعيان الشيعة 9: 399. (2) الذريعة 1: 280، أعيان الشيعة 9: 399. (3) موضع باليمن. (4) السنان العضب: الرمح القاطع. (5) اليراع: القلم. (*)
---(1/5)
[ 6 ]
كم قد نصرت الحق إذ لا ناصر * وأقمت أوضح حجة ودليل ورددت خصمك ناكصا متحيرا * بدلائل المعقول والمنقول وإذا بدا ليل الشكوك بدت به * أراؤك الغراء كالقنديل وإذا الفحول إلى لقاك تواثبت * تلفى فحول القوم غير فحول كم موقف لك في الجدال غدت به ال* أبطال بين مجدل وقتيل نظروا إليك وقد بهرت عقولهم * بنواظر عند التخاصم حول (1) كادوك فيما لفقوا من إفكهم * فتركت كيد القوم في تضليل وتركت ما قد لفقوه وموهوا * يذرى كعصف يابس مأكول ورميتهم بحجارة من قولك ال* - معروف لا بحجارة السجيل ونبا سلاح الحق في أيديهم * فتدرعوا بالسب والتنكيل وكذا سلاح العاجزين سبابهم * بئس السلاح لعاجز مخذول جرددت سيف الحق أبيض ماضيا * وسطوا بسيف للضلال كليل صالوا وصلت لدى الخصام فلم تدع * عند التخاصم صولة لصؤول لما تسابقتم سبقت وقصروا * وامتاز فاضلكم من المفضول وعمدت للبرهان يشرق وجهه * نورا وقد عمدوا إلى التدجيل إن (النصائح) منك (كافية) (2) غدت * بسماعها إن قوبلت بقبول أظهرت (بالعتب الجميل) (3) وما حوى * هفوات أهل الجرح والتعديل عاتبتهم عتبا جميلا للذي * ما كان فيه فعلهم بجميل ونهجت نهجا للهدى وأبنت عن * غرر له مشهورة وحجول ولقد ورثت من النبي محمد * خلقا كزهر الروضة المطلول
---
(1) الحول: الحذق وجودة النظر. (2) إشارة إلى كتاب المؤلف (النصائح الكافية). (3) إشارة إلى كتاب المؤلف (العتب الجميل). ونشرت بين الخلق علما زاهرا * ما كان بالمكذوب والمنحول فاذهب كما ذهب الغمام له الثنا * من كل حزن (1) في الثرى وسهول في كل جيل منك ذكر خالد * يرويه جيل غابر عن جيل يا قبره كم فيك غيب من ندى * غمر ومجد في التراب أثيل (2) يا قبره كم فيك غيب من شبا * عزم ورأي في الامور أصيل (3) محتوى الكتاب الكتاب الذي بين أيدينا هو دراسة وافية تحتوي على بحث شامل يكشف عن الجوانب الحقيقية لشخصية معاوية وما ينطوي فيها من ظلم وتعسف وعدوان، وتحتوي أيضا على بيان جلي لشخصية ورفعة وفضائل أهل بيت العصمة (ع). يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة مختصرة عن أهمية الكتاب، ويشرع الفصل الاول في إثبات جواز لعن معاوية من خلال الكتاب والسنة، بل وأثبت ذلك وجوبا، ويتطرق بعد ذلك إلى جرائم معاوية التي توجب بغضه وسبه. وعقد الفصل الثاني من الكتاب للرد على الشبهات الواردة في لعن معاوية واحدة واحدة، ويتعرض في هذا المجال إلى مسألة تعديل الصحابة، وأكذوبة كون معاوية (خال المؤمنين) و (كاتب الوحي). وأخيرا يستعرض المؤلف عقائد آبائه وأجداده في شأن معاوية. ثم في آخر الكتاب قصيدتان: واحدة في رثاء الامام علي (ع)، وأخرى في رثاء الامام الحسين (ع)، لابي بكر بن عبدالرحمن بن شهاب الدين العلوي الحسيني، وأرجوزة عن العلامة الحفظي. وقال في سبب إيرادهما: وإنما خصصتهما بالنقل لما فيهما من التصريح بالحق
---
(1) الحزن: ما ارتفع من الارض. (2) الاثيل: الاصيل. (3) انظر ترجمته في أعيان الشيعة 9: 400، الكنى والالقاب 2: 22 - 24 طبعة بيدار، العتب الجميل: 31 - 36. (*)
---(1/6)
[ 7 ]
والانحاء على المداهنين المتملقين. وفيه أيضا كتاب المعتضد العباسي في الامر بسب معاوية، أخرجه عن تاريخ الطبري، فكتب بعض معاصريه من العامة ردا عليه فأجاب عنه. لقد تناول المؤلف كل ذلك بأسلوب تحقيقي علمي باهر بعيد كل البعد عن ميل الاهواء والعواطف وزيغ العصبية والتطرف. قال فيه العلامة الدكتور محمد إبراهيم آيتي: إذا أراد أحد الاطلاع جيدا على فترة حكومة معاوية، والاستغناء عن مئات الكتب والدفاتر، فليقرأ كتاب (النصائح الكافية لمن يتولى معاوية) من أوله إلى آخره، ثم يكون منصفا في الحكم والتقييم (1).
---
(1) دراسة تاريخ عاشوراء: 49 (*)
---(1/7)
[ 8 ]
بسم الله الرحمن الرحيم تنبيه ربما يحمل الذهول أو الجهل بعض الناظرين من اول وهله على عدم الاهتمام بموضوع هذه الرسالة ويتخيل في ذهنه انه غني من دينه عنها فيعرض عن مطالعتها ويرغب عن الوقوف على فوائدها وحججها وبراهينها مع ان الامر ليس كما يتخيل فان الرسالة مشتملة على تحقيق عظيم في شطر من صريح الايمان لايتم ايمان المؤمن الا به فقد جاء في الآيات المتعددة والاحاديث الجمة. ان صريح الايمان وحقه هو الحب في الله والبغض في الله ومتى تلبس المؤمن بالحب في الله فقد احرز شطر الايمان ومتى ابغض في الله احرز الشطر الثاني لا يكمل ايمانه الا بهما معا ومن منته نفسه الغرارة ان ايمانه يكمل بالحب في الله فقط فليتهمها في ايمانه حيث خالفت في ذلك ما جاء به كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله افتؤمنون ببغض الكتاب وتكفرون ببعض لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوداون من حاد الله - الآية فليكن الانسان على بصيرة من نفسه ودينه والله الموافق والهادي. المؤلف
---(1/8)
[ 9 ]
تقديم أنا لم أتعرف على الشريف العلامة السيد محمد بن عقيل (1) ولا التقيت معه في زمن من الازمان. ولقد التقيت به مرارا وتعرفت عليه، فرأيته ثمرة ناضجة من ثمار الثقافة العربية، تثقف في علوم الدين واللغة ثقافة محيطة شاملة. وشارك المصلحين في ايقاظ النهضة الفكرية الدينية وعمل مع العاملين في نصرة الحق والاتنصار لاهل البيت النبوي الطاهر عليهم السلام. وفي الحق انه فذ في مواهبه، موهوب فيما الف وكتب. * * *
---
(1) السيد محمد بن عقيل ركن من اركان النهضة الاصلاحية وعلم من أعلام الشريعة الاسلامية وقطب من اقطاب السادة العلوية عاش زهاء سبعين عاما قضى جلها في العلم والعمل والدعوة إلى الحق والجهر بالصدق مع ما حباه الله به من خلق زاهر وادب باهر وقلب طاهر. ولد في شعبان سنة 1279 هببلدة مسيلة آل شيخ بقرب تريم وتربى في حجر والدين كريمين هما من خيرة الاشراف وقد اعتنى والده رحمه الله في تعليمه فأحضر لهذه الغاية بعض علماء حضرموت فكانت آثار النجابة ساطعة البرهان في محيأه الوسيم وكان من صغره مجبولا على حب أهل البيت الطاهر وبغض أعدائهم كيف لا وهو يمت إليهم بالنسبين حتى قيل انه كان وهو في السابعة من سنيه ينظم الاراجيز في مدح الهاشميين ويتغنى بها مع الاولاد وكان جد ولوع في كتب التاريخ والتراجم لا يفوته منها شاردة ولا واردة ودرس النحو وأتقنه وقرأ كثيرأ من الكتب والفنون على والده وعمه ومن أحضراه له من المشائخ وكان والده يحرضه على الاستقلال في الفكر لذلك نشأ مستقة غير مقلد وساعده على بلوغ مرامه انه كان لاسلافه مكتبة حافلة في الكتب المخطوطة النفيسة وزادها حسنا ان الفقيد رتب لها حسب ذوقه فهرسا لطيفا وقد اعطاه بها بعض وجهاء مصر مبلغا كبيرا من المال فلم يشأ بيعها لكنها مع الاسف تشتت أكثرها (*).
---(1/9)