[صفات الإمام]
واعلم أن الخليفة لمّا كان قائماً مقام من استخلفه، اشترط أن تكون فيه صفاته حتى يقوم بما استخلفه فيه، ولهذا اشترط في الإمام أن يكون بصفات النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من المنصب الشريف، والتقوى، والورع، والشجاعة، والسخاء، وحسن التدبير، والعلم النافع، بحيث يتمكن من فصل الواردات وحل المشكلات، وأن يشهر نفسَه، ويدعو إلى سبيل ربه، ويباين الظالمين، ويقرب أهل الدين، ويقسم بالسوية، ويعدل في الرعية، ويسير سيرة من استخلفه كما جاء في الأدلة الشرعية، فمتى كان كذلك وجبت إجابته، وتحتمت طاعته على القريب والبعيد، والأحرار والعبيد، ومتى كان على خلاف تلك الصفات فلا طاعة له ولا إجابة، ولا تجوز بيعته ولا القتال معه.(20/1)


[دعوة الإمام الناس إلى إجابة اللّه، والقيام معه لرفع راية الله]
وإنّا بحمد اللّه تعالى لمّا قمنا بهذا الأمر، دعونا الأمة إلى ما فيه صلاحها ورشادها، وخيرها وسدادها، وامتثلنا أمر ربِّنا عز وجل فيما أوجب علينا، وحمّلناهم الحجة فيما أوجب اللّه عليهم وأودع من الأمانة لديهم، وأشهدنا اللّه تعالى وملائكته أنّا لم نأل جهداً في الصلاح والفلاح والإستصلاح،[قال تعالى]:
? قل هذه سبيلي أدعو إلى اللّه على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان اللّه وما أنا من المشركين? (يوسف: 108) .(21/1)


[الباب الثاني] في ذكر طرف مما جاء في فضائل العترة عليهم السلام ووجوب التمسك بهم وما يتبع ذلك(22/1)


[الباب الثاني] في ذكر طرف مما جاء في فضائل العترة عليهم السلام ووجوب التمسك بهم وما يتبع ذلك
[افتراق الأمة]
اعلم أنه قد صح عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قوله: (( ستفترق أمتي إلى نيف وسبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة واحدة )). هذا حديث مقطوع بصحته، لأنه متلقىً بالقبول من جميع الأمة لا يختلفون فيه، وقد روي بطرق عديدة، ويصدقه الواقع، فإن الأمة افترقت بعد نبيها صلى الله عليه وآله وسلم فرقاً شتَّى.
قال العنسي رحمه اللّه في المحجة البيضاء: (( انتشر مذهب الخوارج في زمن علي عليه السلام. وفي زمنه كان حدوث مذهب الغلاة والمفوضة، وهم الذين مهدوا مذاهب الباطنية، وفي ضمنه في زمن معاوية ظهر الجبر والتشبيه، ثم تزايدت مذاهب الجبرية وصاروا فرقاً، كالأشعرية، والكُلاّبية، والكُرّامية، والضِرّارية، وظهر في ضمن ذلك ـ آخر زمن بني أمية ـ مذاهب الإمامية، وتزايدت في زمن العباسية،،، ،وظهر في التابعين مذهب المرجئة، ولحق أكثرهم بمذهب الجبرية والإمامية، وظهر مذهب المعتزلة في زمن واصل بن عطاء، وتزايد وصار لهم رئاسة عظيمة لميلهم في العدل والتوحيد إلى مذهب العترة الزكية، واستقامت الزيدية على المذهب الذي كان عليه زيد بن علي وسائر العترة عليهم السلام، وهو المذهب الذي مات عليه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ومات عليه علي عليه السلام وابناه الحسن والحسين عليهما السلام، والجماعة الوافرة من الصحابة رضي اللّه تعالى عنهم ومن التابعين. )) انتهى.(23/1)


[وجوب طلب الفرقة الناجية]
قلت فحقيقٌ لمن قرع سمعه ذلك، ووقر في قلبه ما هنالك، أن يجتهد في طلب الفرقة الناجية عند مداحض الأقدام، والطريقة الموصلة إلى السلامة والاغتنام، فيجعلها إمامه وقائده، وعصمته ورائده، ليفوز بالنجاة في يوم الزحام، عند مواقف الأشهاد ومناقشة العباد، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللّه بقلب سليم.(24/1)

8 / 29
ع
En
A+
A-