[أدلة السنة المطهرة على وجوب طاعة الإمام]
وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية ))، رواه في الانتصار، وهو متلقى بين الأئمة بالقبول، ذكره نجم آل رسول اللّه الإمام القاسم بن إبراهيم (عليهما السلام).
وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( من مات وليس عليه إمامٌ فقد خرج من رِبقة الإسلام )) .
وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( من سمع واعيتنا، أهل البيت فلم يجبها كبّه اللّه على منخريه في نار جهنم )) .
وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة اللّه وخليفة كتابه وخليفة رسوله ))، رواه الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهما السلام في الأحكام.
وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (( وإنما الأئمة قوَّام اللّه على خلقه، وعرفاؤه على عباده، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه )) .
وعن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال:(( لخليفتي على الناس السمع والطاعة ما استُرحموا فرحموا، وحكموا فعدلوا، وعاهدوا فوفوا، ومن لم يفعل ذلك فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين )).
وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( إن الجنة لا تحل لعاصٍ، ومن لقي اللّه ناكثَ بيعةٍ لقيَه وهو أجذم، ومن خرج عن الجماعة قِيد شبر متعمداً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ومن مات ليس بإمام جماعة ولا لإمام جماعة في عنقه طاعة مات ميتة جاهلية )) .
وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال: (( تمسكوا بطاعة أئمتكم ولا تخالفوهم، فإن طاعتهم طاعة اللّه ومعصيتهم معصية اللّه، وإن اللّه تعالى إنما بعثني لأدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، فمن خلفني في ذلك فهو وليي، ومن ولي منكم شيئاً فعمل بغير ذلك فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين )) .
وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم:(( من أهان سلطان اللّه أهانه اللّه )).(17/1)
وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال: (( السلطان فيء اللّه في أرضه، من أكرم سلطان اللّه أكرمه اللّه يوم القيامة، ومن أهان سلطان اللّه أهانه اللّه )).
وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( ليس للمرء إلا ماطابت به نفس إمامه))، من آخر حديثٍ وقد مر.
وعن علي عليه السلام أنه قال: (( حقٌ على الإمام أن يحكم بما أنزل اللّه عز وجل، وأن يعدل في الرعيّة، فإذا فعل ذلك فحقٌ عليهم أن يسمعوا وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعا، وأي إمامٍ لم يحكم بما أنزل اللّه فلا طاعة له )).
وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال: (( من نزع يده من طاعة الإمام فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وهو مفارق للجماعة فقد مات ميتة جاهلية )).
وعنه صلى اللّه عليه وآله وسلم:(( الوالي العدل ظل اللّه في أرضه، فمن نصحه في نفسه وفي عباد اللّه حشره اللّه تعالى في وفده يوم لا ظل إلا ظله، ومن غشّه في نفسه وفي عباد اللّه تعالى خذله اللّه يوم القيامة، ويُرفع للوالي العادل في كل يوم وليلة عمل ستين صديقاً، كلهم عبدٌ مجتهدٌ )).
وعن أبي هريرة قال: قال صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( إنما الإمام جُنّة يقاتل به )) أخرجه أبو داود، وقد أخرجه البخاري ومسلم والنسائي بالمعنى.
وعن معاذ بن جبل قال: (( قال رسول اللّه صلَّى اللّه عليه وآله وسلم: الغزو غزوان: فأمّا من ابتغى وجه اللّه، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسر الشريك، واجتنبَ الفساد، فإنَّ نومه ونبهه أجر كُله، وأما من غزا فخراً، ورياءً، وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف ))، أخرجه أبو داود، والنسائي، وهو في رواية الموطأ بالمعنى.
وأخرج الترمذي من حديث أبي سعيد، قال: (( قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: أحبُّ الناس إلى اللّه يوم القيامة، وأدناهم منه مجلساً، إمام عادل، وأبغض الناس إلى اللّه تعالى وأبعدهم منه مجلساً إمام جائر )).(17/2)
وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((من أطاعني فقد أطاع اللّه، ومن عصاني فقد عصى اللّه، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني ))، وفي رواية أخرى مثله، وفيه (( إنما الإمام جُنَّة يُقاتل من ورائه ويُتقَّى به، فإن أمر بتقوى اللّه وعَدَلَ فإن له بذلك أجراً، وإن قال بغيره كان عليه منه وزراً ))، أخرجه البخاري، ومسلم، وأخرج النسائي الرواية الثانية، وفي أخرى للبخاري مثله، وفي آخره ((نحن الآخرون السابقون ))، ثم ذكره.
وعن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال:(( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحبَّ أو كره، إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ))، أخرجه الجماعة إلا الموطأ.
وعن أبي هريرة قال: (( قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك وأثرةٍ عليك ))، أخرجه مسلم والنسائي.
هذا وغيره مما ورد في الآيات البيِّنات، والأحاديث النيّرات، والسنن المشهورات، والأخبار المأثورات، مما تضيق عنه الأوراق، وتطوق به الأعناق، من رواية الموالف والمخالف، قد شحنت به كتب علماء آل الرسول، وكتب شيعتهم الحفاظ الفحول، وغيرهم من علماء الإسلام حفاظ المنقول.(17/3)
[مقتضى الآيات والأحاديث]
وقد قضى جميع ذلك بمنطوقه ومفهومه، وخصوصه وعمومه، وفحواه وإشارته، ولحنه وعباراته، بوجوب إجابة أئمة الهدى، ومصابيح الدجى من أهل بيت المصطفى، أمان أهل الأرض من الهلاك، والردى، ولزوم طاعتهم، ونصرتهم، ومودتهم، وإعانتهم، وتعظيمهم، والكون في حزبهم، وجماعتهم، وموالاة من والاهم، ومعاداة من عاداهم، والانتماء إليهم، والجهاد بين أيديهم وبذل ما جعل اللّه ولايته إليهم، وغير ذلك من الحقوق التي تجب لهم كل ذلك تعبداً للّه تعالى، وقياماً بحقه وحق رسوله، وما يجب لقرابة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.(18/1)
[ثمرة طاعة الإمام]
وثمرة ذلك كله عائدة على الأمة ونازلة بهم، كما قال تعالى ? من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها?(الإسراء: 15) .
إذا تقرر هذا، فنقول: إن أكثر الناس قد تعاموا عن هذا الواجب العظيم، والتكليف الجليل الفخيم، وتساهلوا به، وتغاضوا عنه، وفرطوا فيه، كما قال تعالى: ? وأكثرهم للحق كارهون? (المؤمنون: 70)، ? وما أكثر الناس ولوحرصت بمؤمنين? (يوسف: 103) ، ? وما آمن معه إلا قليل? (هود: 40) ، إنّا لله وإنا إليه راجعون، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
فلو كان مسألة من المسائل الفرعية، أو حكمٌ من الأحكام الشرعية ورَد فيه ما ورَد في حق الإمام، واشتهر ونقل عند علماء الإسلام، لتسارعت الأمة إلى تاركه بأنواع المذام، وحكموا بضلاله وهلاكه بالألسن والأقلام، فما ظنك بهذا الواجب القطعي، والحكم الأصلي، الذي تدور رحا الإسلام عليه، وتسند المصالح الدينية إليه، وتسد به الثغور، وتدفع به الشرور، وتنتظم به أحوال الجمهور، وتقوم به فريضة الجهاد، الذي هو سنام الدين، وسنة الأنبياء والخلفاء الراشدين، ويتم به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فينتصر المظلوم، ويتصل المحروم، وتقام الحدود، ويردع الظالم العنود، وتنفذ الشرائع والأحكام، ويميز الحلال من الحرام، ويعبد اللّه في كل مقام، وتأمن السبلات، وتؤتى الواجبات، وتجتنب المقبحات، وتنَزل البركات.
وعلى الجملة فما من فريضة من الفرائض، ولا مصلحة من المصالح إلا وهي معولة عليه، ومستمدة منه، واللّه أعلم بمصالح عباده.(19/1)