له، واتحد وإياه، وكان شيخه في العلم ، وهو من الأسرى معه في حبس الأتراك، وسيرته محمودة مرضية، ولازال في نشر العلم والتعليم حتى توفاه اللّه في تاريخ 10 رجب سنة (1319 هـ).
وله ذرية من الذكور كثيرون أكثرهم ماتوا قبله صغاراً، وأما المشهورون منهم، فأولهم: سيدي ووالدي العلامة القاسم بن المهدي رحمه اللّه، ولادته سنة (1284 هـ) عاش في طلب العلم الشريف على يد والده وبلغ رتبة العلماء مع صغر سنه، وكان من الأجواد الملازمين العبادة والعزلة عن الناس في بيته، وكان لايفارق والده في سفر ولاحضر ولاقراءة ولاغيرها، له سجية الأخيار الأبرار، مائلاً عن الدنيا وشغلتها حتى توفاه اللّه إلى رحمته ودار كرامته بعد والده في تاريخ 10 شهر رجب سنة (1319 هـ) ، وقبره بجواره وجنبه في المشهد المبارك مزور مشهور.
ومحمد بن المهدي لدين اللّه رضي اللّه عنه حدوثه في شهر جمادى الآخرة سنة (1282 هـ) وكان نشأته المباركة من صغره، ومن العلماء الأخيار أهل المجد والاجتهاد، وله اليد الطولى في العلم على يد والده للقراءة والدرس والتدريس، وله كرامات عديدة، وكان مشهوراً مذكوراً كريماً لايبقي في يده شيئاً إلا أنفقه ، ملازماً للجهاد وطلب العلم والاجتهاد حتى توفي في سنة (1323 هـ) في حال محاصرتهم للأتراك بصنعاء في بيت معياد ، ولديه من العلماء الأعلام من الشام واليمن بمجلسه وملازمته لشهرته وحسن سيرته ، وتوفاه اللّه وهو ضاحك مستبشر، وهو يتلو قوله تعالى: ?يبشرهم ربهم برحمة منه..?(التوبة: 21) الخ، يقول: مرحباً بكم، من رواية سيدي العلامة محمد بن إبراهيم حوريه، وهو في حضرته، وفي طرفه واضع رأسه، وله كرامات لاتسع لها الأوراق.(12/4)
والوالد العلامة الصارم إبراهيم بن المهدي رضي اللّه عنه، وتوفي قبل والده سنة (1318 هـ) بعد رجوعه من الحج وتمامه، ولادته في رابع جمادى الآخرة سنة (1287هـ)، له النشأة المباركة واليد الطولى في البذل والكرم والعلم والعمل، قراءته على يد والده من جملة إخوته، وله العلم والحدة الخارقة، وبلغ درجة العلماء وأهل الاجتهاد من علماء وقته، وله مناجاة ومواعظ بينه وبين خالقه وفكرة خارقة، ومنشورات ورسائل، وإجازة من علماء ضحيان ولإخوته الكرام، ومن الإمام المهدي وغيرهم، وكان حاكماً للإمام المهدي معتبراً، وله من الكرامات مالايخفى ولايحصى، هؤلاء الثلاثة إخوة من أم وأب ووالدتهم الحرة المؤمنة الطاهرة فاطمة بنت محمد مبارك صوفان من أهل فج جبل كحلان عفار وكانت صوامة قوامة رحمها اللّه.
والوالد العلامة يوسف بن المهدي رحمه اللّه حدوثه يوم الخميس 17 شهر رمضان سنة (1285 هـ) وتوفي بعد إيابه من جهاد محاصرة صنعاء مع أخيه محمد بن المهدي في مدينة حوث ربيع أول سنة (1323 هـ) بمحضر العلماء، وإخوته الحسن بن المهدي وابن اخيه علي بن القاسم بن المهدي وهم ملازموهم، وكان سيداً نجيباً عالماً عاملاً ملازماً لوالده طول عمره في التدريس، وكان له ولاية الحكومة من بعد وفاة والده من الإمام المنصور حتى توفي، وله السيرة الهاشمية والشهامة النبوية.
هؤلاء الكبار المعترفون العلماء الأعلام المهاجرون معه رضي اللّه عنهم.
والوالد حسن بن المهدي رحمه اللّه حدوثه 23 جمادى الأولى سنة (1300 هـ)، وكان سيداً نجيباً كريماً، له الأخلاق الحسنة والشهرة بالسيادة والكرم، وله ولاية من الإمام المتوكل على الواجبات ببرط، وهو زهيد العلم لموت والده في صباه، وقرأ من علم العربية والفقه بعد ذلك كفايته.(12/5)
وكذا الوالد العلامة أحمد بن المهدي، كان له همة ورغبة في القراءة أيام الهجرة في جميع العلوم، وقد نال منها حظاً وافراً وخصوصاً في الفروع والعربية وعلم الحديث، وله ولوع إلى المذاكرة وحده خارقة حتى عاقه الزمان بتحمل أعباء أخيه الحسن بوفاته، وله إدراك في المطالعة وتناول إجازات من مشائخه رحمه اللّه، حدوثه لم أظفر به ولعله سنة (1314هـ)، وكان معترفاً قرأنا وإياه في هجرة رحبان صعدة مدة خمس سنوات ثم اشتغل بعد موت أخيه الحسن، وفي آخر مدته تولى عمالة برط، وله إيمان وملازمة على الصلوات والأدعية وتوفي عاملاً ببرط 11 شهر شعبان سنة (1363 هـ)، وكان يحب العلوم وجمعها إلا أنه اشتغل عنها وله أولاد وله علم ومعرفة.
ثم الحسين بن المهدي رحمه اللّه، ولادته في سنة (1318 هـ)، وكان سيداً كريم الأخلاق، معترفاً باللازم، وهاجر لطلب العلم مدة خمس سنين حتى اشتغل بعد ذلك بعائلة أخيه وأرحامه، تولى مع أهل الولاية لقبض أموال بيت المال وهو مشكور لطيف الحال، وتوفي سنة (1362 هـ)، وله ذرية: حسن وعبداللّه ويحيى، وأما عبد اللّه بن يوسف بن المهدي فعاش محمود الفعال وله معرفة راسخة وإيمان توفي سنة (1340 هـ).
ثم الوالد العلامة الجمالي علي بن المهدي رحمه اللّه، ولادته سنة (1320 هـ) بعد وفاة والده، وأمه حامل به، نشأته مباركة، وله اليد الطولى في العلم وملازمة التدريس والتعليم آخر عمره ، وله مهابة ووجاهة، وكان شيخ مدرسة حوث، وبعد وفاة أخيه أحمد بن المهدي اشتغل بعائلته وأوصى إليه، ولازم برط مدة سنة، ثم وقع له مصيبة فما أصبح إلا مقتولاً، وذلك في 19 رمضان سنة (1364 هـ) ووقعت فجعة عظيمة بذلك لاقوة إلا باللّه، ولم يعلم كيف حقيقة قضيته ولم نسمع إلا القول أنه قبل السحر سمع بندق مغموم فسكت الكلام إلى قبل الشروق فظهر من أمره القتل واللّه أعلم بحقيقة الواقع وهو محمول على السلامة لدينه وعلمه وورعه وفهمه وكونه قدوة لمن سلف رحمه اللّه.(12/6)
ثم ذكر في الكتاب تراجم الإمام لآبائه عليهم السلام، وسيكون الحاقها إنشاء اللّه في غير هذا المحل، - إلى أن قال: - هذا ماسنح من الإلحاق بالتراجم على جهة الإيجاز وربما يوجد لهم تاريخ وتراجم ممن له الأهمية من الأسلاف رحمهم اللّه واللّه ولي التوفيق والهداية.
هذا ما تيسر إيراده من سيرة الإمام المجدد للدين، المهدي لدين الله رب العالمين، أبي القاسم محمّد بن القاسم بن محمد الحوثي الحسيني صلوات الله تعالى ورضوانه وسلامه عليهم، وقد تم إملاء هذه السيرة الشريفة وهذا الكتاب الجليل على والدنا وسيّدنا ومولانا مجتهد العصر ودرة الدهر /مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى وأطال بقاه، بحضور كوكبة شريفة من طلاب العلم كثّر الله تعالى فوائدهم، وبارك فيهم، فأجاز رضي الله تعالى عنه طباعته، والحمد لله أوّلاً وآخراً، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبن الطاهرين.
إبراهيم بن مجد الدين بن محمد المؤيدي
1/10/1418هـ
اليمن - صعدة(12/7)
[مقدمة الرسالة]
[إشارة إجمالية إلى أصول الدين]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فتح لأصفيائه باب الدعاء الى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومنح قلوب أوليائه التلقي بالقبول على مرور الأعوام والأزمنة، وجعلهما فرضين لازمين، وواجبين متساويين، وإن تباعدت الديار والأمكنة.
وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، شهادةً مذعنةً بأنه الواحد القهار، الأول الآخر، الباطن الظاهر، الخالق الفاطر، الذي لا تدركه النواظر، ولا تحجبه السواتر، ولا يشبهه شئ من المخلوقات ولا تضاهيه العناصر، بل هو الحي القيوم، السميع العليم، القادر البصير الحكيم، فأفعاله جارية على قانون الإحكام الباهر، الصادق في الأقوال، العادل في الأفعال، فلا يفعل القبيح ولا يرضاه، ولا يصدر عنه في النواهي والأوامر ، كلّف عباده اختياراً ولم يكلفهم اضطراراً، وهداهم النجدين، ومكنهم من الفعلين، ودعاهم إلى الخير الوافر،صادق الوعد والوعيد ? ما يُبدّل القول لديّ وما أنا بظلاَّم للعبيد?(ق:29)، لا يثيب أحداً إلا بعمله، ولا يعاقبه إلا بذنبه من كل بَرٍ وفاجر.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المختار لتبليغ رسالته، واستيداء شكر نعمته، ختم به أبواب النبوات، وأيده بالآيات البينات، والمعجزات النيرات في حله ورحلته، بعثه على حين فترة من الرسل، ودروس من السبل، فنسخ بملته جميع الملل، وجاهد في اللّه بالقول والعمل، حتى استقام الحق واعتدل، وخاب الباطل وبطل، وحتى اختار له رفيع درجته بدار كرامته، صلى اللّه عليه وآله وسلم صلاةً وسلاماً يثبتان دواماً، ويكونان لحقوقه قِواماً، وجزاه اللّه عنّا أفضل ما جزا نبياً عن أمته.(13/1)