كلام الأئمة والعلماء فيه:
وقد أثنى على الإمام المهدي الأئمة الأعلام:
قال الإمام المنصور باللّه أحمد بن هاشم في إجازته للإمام عليهما السلام مالفظه: ((المِفْضَال التقي، طيب الشمائل والخِلال، محمد بن القاسم بن محمد بن إسماعيل الحوثي )) إلى آخر كلامه.
وقال الإمام المنصور باللّه محمد بن عبداللّه الوزير كذلك في إجازته للإمام عليهما السلام:
(( إنه ورد إلي كتاب كريم ، وخطاب وسيم ، من الولد البر الرحيم، التقي العظيم ، غرة سادات العصر ، وسيد أبناء الدهر ، درة التقصار ، ونقطة البيكار ، رضيع أخلاف العلم، المخصوص من اللّه بثاقب النظر والفهم ، عز الإسلام وشمس الأعلام محمد بن القاسم بن محمد الحوثي فتح اللّه عليه أبواب العلم والسعادة ، ومنحه أسباب الحسنى والزيادة ، أدهشني قدومه، وحقرني عند نفسي تعظيمه، يلتمس مني مايلتمسه الأمثال.. إلى أن قال: فقلت أهلاً وسهلاً بمطالبي مالست له أهلاً ، ولم أكن هناك خمراً ولا خلاً ، غير أني نظرت أن الإسعاف لمثل هذا الولد الذي هو عندي أعز من الطارف والتلد هو أقرب إلى التقوى ، وإعطاءه مطلوبه هو المناط الأقوى.. إلى آخر كلامه.
وقال الإمام المتوكل على اللّه المحسن بن أحمد مقسماً بأنهم إن لم يطيعوه ـ أي الإمام المهدي ـ ليتفرقُنّ تحت كل كوكب )) إلى آخر كلامه.(10/1)
وقال السيد الإمام رئيس الأعلام حافظ اليمن وسيد سادات بني الحسن محمد بن محمد بن عبداللّه الكبسي في إجازته للإمام المهدي محمد بن القاسم بن محمد رضي اللّه عنهم مالفظه: (( وإنه سألني حسن ظن ولدي، وفخري وذخري، قرة العين وخيرة الخيرة من أبناء الحسين ـ صلوات اللّه عليه ـ العالم النحرير، البدر المنير، فرع الشجرة الهاشمية وسليل العصابة العلوية الفاطمية، ذو الفهم الصادق الثاقب، والهمة العالية المتقاضية لأشرف المناقب، محمد بن القاسم بن محمد بن إسماعيل الحسيني، فهو أوحد عصره وفريد دهره علماً وورعاً وزهداً، زاده اللّه مما أولاه - إلى قوله:- فلقد جمع كمال الخصال وخصال الكمال، وتنافست في بلوغ مرتبته وتطاولت أعناق الرجال.
هيهاتَ أن يأتي الزمانُ بمثله .... إن الزمان بمثله لبخيل
ليس على اللّهِ بمستنكرٍ .... أن يجمع العالم في واحد
إلى قوله: وقد أجزته أن يروي عني لعلمي أنه أهل لذلك، وقد خَبرْته عند قراءته عليّ، واستفدتُ منه أكثر مما استفاده مني، نور اللّه بصيرته، وزاده مما أولاه )) إلى آخر كلامه.
وقال السيد العلامة المؤرخ محمد بن إسماعيل الكبسي في شرح تتمته للبسامة مالفظه: ((العلامة النحرير، الفهامة الجهبذ الكبير، القابض على مشكلات المسائل، والمزري بسحبان وائل والآتي ـ وهو الأخير زمانه ـ بما لم تستطعه الأوائل، ذي الأخلاق العاطرة، والسجايا التي هي روضة ناضرة، والفهم الثاقب، والنظر الصائب، سيف الإسلام وحواري مولانا الإمام ـ يعني بذلك الإمام المحسن بن أحمد ـ وصدى صوته وسلمان بيته، والمقدم في الأعمال، والفرد الكامل في جميع الخصال، ولي النيابة عن الإمام في مدينة صنعاء ، وتصدر عن شيخ الإسلام في القضاء الأكبر، فحسن في ذلك أثره وطاب خُبْرُه وخَبَرُه، وذكر أبياتاً للإمام المهدي إلى السيد العلامة المؤرخ محمد بن إسماعيل الكبسي وذكر أبياتاً فأجاب عليه الكبسي بقوله:(10/2)
أقسم بالليل إذا يسري .... حقاً وبالشفع وبالوتر
وبالنجوم الزاهرات التي .... تضيء للساري إذا يسري
والشمس إذا تضحى وأنوارها .... تسطع من منتشر الفجر
إنك يابدر الهدى في الورى .... وفي الذكاء نادرة الدهر
وإنك العلامة الفرد في .... فنون أهل العلم تستقري
والشمس في أفق المعالي إذا .... ما أسفرت غطت سنا البدر
جاد بك الدهر على بخله .... فصرت فيه غرة العصر
فالفقه أنت البحر في لجه .... يغوص فيه مبتغي الدر
وفي الأصول الغضة الغاية الـ .... قصوى وفي النهي وفي الأمر
والنحو انت النجم في أفقه .... تَجُلُّ عن زيد وعن عمرو
فا فخر على الأعلام يابدرها .... وارجع إلى ربك بالشكر
إلى آخره، فهذا كلام أعلام الأئمة في شأن الإمام عليهم السلام.
ومن شعر الإمام المهدي لدين اللّه محمد بن القاسم الحوثي عليهما السلام في التاريخ:
تفاءل بالصلاح وبالرشاد .... وإمداد إلى يوم التنادي
وقل يارب عفواً ثم غفراً .... وتوفيقاً إلى طرق السداد
وحل المبهمات إذا توالت .... وزودنا بزاد خير زاد
وكن لدعائنا أبداً مجيباً .... وأفضل بالثواب المستفاد
فلا نرجو سواك لكل أمر .... ولاندعوه إن جأر المنادي
وفي عام جديد فاقض خيراً .... كما التاريخ وافى بالمراد
عسى ماكان من عسر وبلوى .... يفرجها الإله عن العباد
سنة (1303 هـ).
وله عليه السلام في كتاب إلى الكافة من حوث:
سلام يملأ الأكوان طيباً .... كما ذكراكم قد صار طيبي
وحب الطيب من سنني قديماً .... كذلك في الحديث وعقد صحبي
انتهى نقلاً من خط السيد العلامة الولي الحسين بن محمد الحوثي قال فيه: لمولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين إمام الزمان المهدي لدين اللّه رضي اللّه عنهم.
وقد رثاه كثير من العلماء الأعلام والسادة الكرام :
منهم الإمام المنصور باللّه محمد بن يحيى حميد الدين (عليه السلام) جاء فيها:(10/3)
(( الحمد لله الذي وهب نعمة وفضلاً ، وسلب حكمةً وعدلاً وجعل الموت تحفة الأبرار وزلفةً للجوار والصلاة والسلام على من اختار الرفيق الأعلى وعلى آله الفائزين بالقدح المعلاّ ما صعد عمود الإيمان بصبح ثقيل تجلى.
وبعد فإنه ورد إلينا ما شَرِقت منه الأجفان بالدموع، واتقدت نيران الغضا في أحناء الضلوع، وفاة من ألقت عليه الإمامة شعاعها، وتألقت عليه أجناس الفضائل وأنواعها، فياله من خطب عمّ المتمسكين بصاحب الرسالة، وخص شيعة الوصي وآله، ولم يسع غير الصبر والرضى بما حكم به الخالق وقضى، والموت حكم شامل فمن راحل ليومه ومن مدعو لغده، ولم يمت من خلف بعده أطواد العلم الشريف، وأنصار الدين الحنيف، وأقمار المذهب الشريف، فهو كالخالد وإن أصبح في الثرى، وكالمقيم في أهله وإن أضحى في العراء، - إلى أن قال شعراً -:
مصاب يمنع الجفن المناما .... وخطب عم من صلى وصاما
أعاد لنا بياض الصبح ليلا .... ومَحَّق بعدها البدر التماما
لموت إمام أهل البيت حقاً .... وشمس الفضل كهلا أو غلاما
حليف العلم والتقوى إذا ما .... طغى بحر الظلام ضحى وطاما
سليل الطاهرين أبي المعالي .... وخير الناس خلقاً وابتساما
فيا لك حادثا قد جل حتى .... يكاد الخف أن يعلو السناما
وأعظم وحشة أنا وجدنا .... بنا الفضل ينهدم انهداما
وأهل الجهل قد فاشوا وطاشوا .... وشدوا للجهالات الحزاما
سأنصر ما حييت كتاب ربي .... ومن يأباه نعرضه الحساما
فصبراً أيها الأولاد صبراً .... عسى أن تدركوا فيه المراما
فكل فتىً ستدركه المنايا .... وما تبقى على أحد ذماما
سلام اللّه يغشاه بخير .... ورحمته تحف به التزاما(10/4)
وقال بعض العلماء الأعلام:
هذا ضريح إمام العلم والعمل .... سباق غايات أهل الفضل عن كمل
السابق القائم المهدي من ثبتت .... له سجايا كمولانا الإمام علي
سليل يحيى عماد الدين من شرفت .... به ذمار على الأمصار والحلل
أكرم به من إمام قام منتصباً .... يدعو إلى نصر دين الواحد الأزلي
قد قام فينا بأمر اللّه مجتهداً .... كي يظهر الدين بالخطِّي والأسل
فأعلن الحق والأحكام نفذها .... وسار سيرة آل المصطفى الأول
وقرر المذهب الزيدي وانتشرت .... أعلامه للورى في السهل والجبل
أيضاً ومازال في التدريس منتصباً .... في كل وقت بلا عجز ولاملل
طالت على الهمم العَلياء همته .... وطاولت في سناها شامخ القلل
فنال مانال آباء له سبقوا .... في المجد في مقعد يعلو على زحل
ياقبره قد حويت الفضل أجمعه .... بسابق من سلالة خاتم الرسل
وشرف اللّه أرض الزفق من برط .... بقبره وبنيه السادة المثل
الصارم العالم إبراهيم من كملت .... به الصفات صفات المجد عن كمل
والقاسم العالم الميمون قدوتنا .... في الزهد والذكر والإخلاص في العمل
فرحمة اللّه لازالت تزورهمو .... على الدوام وفي الأبكار والأصل
صلى الإله عليهم بعد جدهمو .... والآل طراً كوبل العارض الهطِل
وقد جمع حفيده السيد العلامة علم الإسلام القاسم بن أحمد بن الإمام المهدي حفظه اللّه بعضاً من سيرة الإمام مع ذكر مشائخه وإجازاته وطرق رواياته وغير ذلك من الجوابات وأكثر هذه الترجمة نقْلا عنها جزاه اللّه تعالى خيراً، ولو استقصينا لخرجنا عن المراد وباللّه التوفيق وحسبنا اللّه ونعم الوكيل.
انتهى من خط الأخ العلامة السيد أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبدالكريم بن حسن بن يحيى بن أحمد بن إسماعيل بن عبداللّه بن محمد بن الحسين بن الإمام المنصور باللّه القاسم بن محمد الحسني رضي اللّه تعالى عنهم الملقب حجر وفقه اللّه تعالى لصالح الأعمال.(10/5)