[دليل العقل]
أما العقل فلأن كل عاقل يقضي بوجوب شكر المالك المنعم، ولا يمكن توجيه الشكر إليه إلا بعد معرفته، وهو سبحانه وتعالى لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، فلا تمكن معرفته إلا بالنظر في آياته والتفكر في صنعه.(43/1)


[دليل الشرع]
وأما الشرع فمن الكتاب قوله تعالى ? فاعلم أنه لا إله الاّ اللّه واستغفر لذنبك?(محمد: 19)، وقوله تعالى ? فاعلموا أنما أنزل بعلم اللّه وأن لا إله إلا هو? (هود: 14)، وقوله تعالى ? شهد اللّه أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم ?(آل عمران:18).
ومن السنة قول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( من أخذ دينه عن التفكر في آلاء اللّه تعالى والتدبر لكتابه العزيز والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يزُل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه مالت به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين اللّه على أعظم زوال.)).
وقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم لمن سأله أن يعلمه من غرائب العلم فقال: ((وما صَنعتَ في رأس العلم حتى تسألني عن غرائبه))، قال الرجل: يا رسول اللّه وما رأس العلم، قال: ((معرفة اللّه حق معرفته))، قال: وما معرفة اللّه حق معرفته، قال: ((أن تعرفه بلا مِثل ولا شبيه، وأن تعرفه إلهاً واحداً أولاً آخراً ظاهراً باطناً لا كفُؤ له ولا مثل ))وغير ذلك، والمعنى أن تعرف ذلك بالنظر والاستدلال الموصل إلى العلم لأن التقليد في أصول الدين قبيحٌ مذمومٌ، ولا يُؤمَن أن يُقلَّد المخطئ أو الكافر في كفره بلا شك.(44/1)


[ذم التقليد]
وقد ذم اللّه التقليد في كتابه وعلى لسان نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم:
1-لأنه لا يفيد إلا الظن وقد قال اللّه تعالى ? إن الظن لا يغني من الحق شيئاً ?(النجم:28)، وقال تعالى ? إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون?(النجم:28) وقال تعالى ?ولا تقف ما ليس لك به علم ?(الإسراء: 36)، وقال تعالى حاكياً عن الكفار?قالوا ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين?(الجاثية: 33)، إلى غير من ذلك من الآيات.
والتقليد مذموم على الإطلاق، وإنما أبيح للجاهل في المسائل الفرعية العملية لضرورة الجهل لمّا كان كل مجتهدٍ فيها مصيباً أو المخطئ معذوراً على اختلاف المذهبين.
2-ولأنه قد ضل كثير من الناس في مسائل الاعتقاد، فمنهم من شبَّه اللّه تعالى بخلقه مع قوله تعالى ? ليس كمثله شيء?(الشورى:11)، ومنهم من قال برؤيته بعد قوله ? لا تدركه الأبصار?(الأنعام: 103)، ومنهم من أضاف قبيح فعله إلى ربه بعد قوله تعالى ?إن اللّه لا يأمر بالفحشاء?(الأعراف: 28)، ومنهم من جوّز عليه تعالى تعذيب الأنبياء بعد قوله تعالى ? ولا يَظلِمُ ربك أحدا ?(الكهف: 49)، إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة التي هي عند اللّه كاسدة.
فحينئذٍ يجب على المكلف أن ينظر لنفسه وأن يحصن عقيدته ليفوز بالسلامة والنجاة ويكون من أولياء اللّه الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.(45/1)


[أصول الدين التي لا يعذر في جهلها المكلف]
وجملة ما نذكره ها هنا ثلاثة فصول:
الأول:التوحيد.
الثاني: العدل.
الثالث: الوعد والوعيد.(46/1)


[الفصل الأول: في توحيد اللّه تعالى]
ومعنى التوحيد ما قاله الوصي عليه السلام:( التوحيد أن لا تَتَوهمه، والعدل ألا تتهمه)، وصدق عليه السلام فإنه من توهم اللّه تعالى أو كيّفه أو مَثّلَه فلم يوحده.
وفيه عشر مسائل(47/1)

14 / 29
ع
En
A+
A-