ويمسكوا عن انتقاص عليٍّ، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعائشة، وأن لا يخطئوهم.
وعن انتقاص معاوية، وأبي موسَى الأشعري، وعمرو بن العاص. وإذا سألوهم عنهم أن يقولوا فيهم كما قال الحسن للحجاج.
واحتجوا علينا بذلك: إذ سأله - فيما زعموا - عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعائشة، وأبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، والشيعة، فيجب أن يذكروا عندهم أن يقولوا:علمهم عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى.
ولا يبحثوا عن أمورهم، ولا ينظروا في مساوئ أخبارهم وأفعالهم؛ حتى يعلم الخلق أنهم قد اقتدوا بالحسن بن أبي الحسن البصري؛ إذ اتخذوه حُجَّة.
وكل حججهم منتقضة؛ لأن الباطل لا قوام له ولا صحة فيه، والحق يتلألأ مثل الشمس مُضيءٌ مُنير لا تَفْسُدُ حُجَجُه، ولا يَقطع صاحبه، ولا يُدخله البوار، ولا يُعقِّب النار.
وأما ما ذكروا عن الربيع بن خثيم وسؤال من سأله أن يُذكِّرَ الناس ويحضهم على الخير، فكان من قوله: ما أنا براضٍ عن نفسي حتى أفرغ من ذمها إلى ذم الناس.
وزعم أنه لا يخاف الله في ذنوب الناس، وأنه يخاف في ذنب نفسه.
وزعموا: أنه ينبغي للعاقل أن يكون له في نفسه شُغل عن الناس، ويحاسب نفسه، وأنه يخزن لسانه عَمَّا لا يحل له؛ فذلك خير له وأسلم لدينه.
فإن مثل الخوارج ومن قال بقولهم في هذا وأمرهم به غيرهم، وتركهم فعله؛ كما قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[البقرة/44] .(1/206)
وقال الشاعر:
إذا عبت أمراً ثم جِئتَ بمثله .... فأنت ومن تزري عليه سواء
وقول آخر [في المعنى]:
لا تنه عن خُلق وتأتي مثله .... عار عليك إذا فعلت عظيم
فلو تدبرت الخوارج كتاب الله تعالى، واقتصروا على أمره ونهيه، وفزعوا بما لم يعلموا من العلم والدِّين إلى من أُمروا أن يفزعوا إليه عند اشتكال الأمور عليهم، وتشبهها لهم، ولم يقيموا أَئمةً لم يؤمروا بإقامتهم، وقلّدوا دينهم ما لم يؤمروا بتقليده رجالاً موَّهوا عليهم؛ يحلّون لهم الحرام، ويحرمون عليهم الحلال؛ كان أسلم لهم في دينهم ودنياهم، وأرضى لخالقهم؛ ولكن قول الله تبارك وتعالى أصدق إذ يقول:{وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}[يونس/101] .
* * * * * * * * * * * * *
وفقنا الله تعالى وإيَّاك لطاعته، وحجزنا وإيِّاك عن معصيته بعصمته، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، وصلواتُ الرؤوف الرِّحيم ربنا على الرؤوف الرَّحيم نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آهل بيته الطَّيِّبِين الأخيار، الصَّادقين الأبرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطَّهِّرهم تطهيراً.
تمّ كتاب الكامل المنير، بمنِّ الله وتيسيره، وعونه وتوفيقه وتسديده، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *(1/207)