فَلمَّا أن كتب وأشهد الله عليهم رسول الله بإبلاغهم ذلك اليوم أخذ الكتاب فقال لهم بصوت له عالٍ:((أيها الناس؛ هل بلغتكم ما في هذا الكتاب؟)).
قالوا: اللَّهُمَّ نعم.
قال:((اللَّهُمَّ اشهد وكفى بك شهيداً)).
ثم رفع صوته فقال:(([هل] أقيلكم!؟)).
فقالوا: نعوذ بالله ثم بك يا رسول الله من أن تقيلنا أو نستقيلك.
فقال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((اللَّهُمَّ اشهد أنِّي قد جعلت عليًّا عَلَماً يُعرف به حزبك عند الفرقة هادياً عليّ)). فناوله الكتاب.
22-[حديث: موالاة ما طاب من الشجر لآل البيت(ع)]
وحديث عبد الرزاق قال: أُخبرنا بخبر الخيل عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي المعمر:
عن قنبر مولى علي بن أبي طالب، قال: كان علي لا ينام ليلة حتى يأكل جزيرة أو رمانة. وأمسى ذات يوم فطلب في المنزل فلم يقدر على شيءٍ، فأرسل إليَّ فقال: يا قنبر؛ اكسر.
فكسرت واحدة فوجدتها مُرَّة، فقلت: هذه مُرَّة!.
فقال: فألقها في النار.
ثم كسرت الثانية فقلت: هذه حلوة طيبة.
فأكل وأطعمني، وكان لا يأكل حتى يأكل جليسه، وأكلت وأطعمته، فقلت له: لقد سمعت منك كلاماً ما سمعته منك قط!.
قال: وما ذاك يا قنبر؟
قال: قلت لي: ألقها في النار.
قال: نعم؛ إن الله ألقى ولايتنا على الشجر فما كان منه حلواً طيباً فهو مما قَبِل ولايتنا، وكل ما كان [منه] متغيراً فهو مما أنكر ولايتنا يا قنبر، ولكن أكرموا النخلة فإنها أول شيءٍ قَبِل ولايتنا، وهي أول شجرة نبتت على وجه الأرض، وهي عَمَّتكم.
قلت: فكيف تكون عمتنا؟!(1/76)


قال: إن الله [تعالى] لما خلق آدم فَضُل من التراب فَضْلَةً فخلق منها النخلة فهي عمتكم سمَّاها رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عَمَّة بني آدم.
فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: كيف يلقي الله - تبارك وتعالى - ولاية محمَّد وعلي [عليهما وآلهما السلام] وآل محمَّد على الشجر، فما قبل الولاية طاب وحلى، وما أنكر الولاية تغيَّر، ولا ثواب للشجر ولا عقاب عليها، ولا نؤمن نحن بولاية محمَّد ونحن مأمورون منهيون لنا الثواب وعلينا العقاب؟!.
وهذه الرواية عن عبد الرزاق، وهو علم من الأعلام، ولو كنا نحن روينا هذا الحديث لكذبونا ولكنها روايتهم هم، وهم أهل الخلاف لنا ولكم.
23-[حديث: أفضليه النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وأهل بيته على جميع الخلائق]
وحديث ربيعة السعدي عن حذيفة عن النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في الاختلاف في التفاضل في قوله:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب/33] :
قال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((فبيتي خير البيوت، وأنا وأهل بيتي مطهرون، وإن الله اختار منا أهل البيت أربعة: اختارني وعليًّا وحمزة وجعفراً، وإني لنائم في الأبطح؛ علي عن يميني ، وحمزة عن شمالي، وجعفر تحت رجلي، فما استيقظت إلا بخفيق أجنحة الملائكة وبَرد ذراع عليٍّ تحت خدي؛ وإذا أربعة أملاك، وإذا ملك يقول: يا جبريل؛ إلى أيّ هؤلاء الأربعة أُرسلت؟
فحركني وقال: إلى هذا.
قال: ومن هذا عن يمينه؟(1/77)


قال: علي سيد الوصيين.
قال: فمن هذا عن شماله؟
قال: حمزة سيد الشهداء.
قال: فمن ذا عند رجليه؟
قال: جعفر ذو الجناحين المضربين يطير بهما حيث يشاء من الجَنَّة. فقال:{ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}))[آل عمران/34] .
24-[حديث: علي قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين]
وقول رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((علي قاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين)) .
25-[إخباره(ص) للزبير وعائشة أنهما يقاتلان عليًّا(ع)]
وقوله للزبير:((لتقاتلنه وأنت له ظالم)) - يعني علياً عليه السلام-.
ولعائشة:((لتقاتِلنه وأنتِ له ظالمة)) و ((أيكن تنبحها كلاب الحوأب - يقوله لنسائه)).
26-[حديث : إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن..]
وقول رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((إن فيكم من يُقاتل على تأويل القرآن كما قاتلتُ على تنزيله)).
فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟
قال:((لا؛ ولكنه خاصف النعل)). وبيد عليَّ نعل يخصفها لرسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.
وكل هذا يثبت الوصية لعليٍّ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ.
فسل الخوارج ومن قال بمقالتهم: أليس قاتل علي هؤلاء كلهم؟
27-[قول أبي أيوب الأنصاري: أُمرنا بقتال الناكثين...]
وقول أبي أيوب الأنصاري: أُمرنا بقتال الناكثين فقاتلناهم يوم البصرة، طلحة والزبير وعائشة.
وأُمرنا بقتال القاسطين وهم هؤلاء، وأشار بيده إلى معاوية وأصحابه.
وأُمرنا بقتال المارقين، ولسنا ندري أندركهم أم لا.(1/78)


وقد قاتل علي هؤلاء جميعاً والخوارج معه حتى نكثوا عليه.
فسل الخوارج: على ما قاتلوا مع علي طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؛ أعلى حق كان قتالهم معه أم على باطل؟
فإن زعموا أنهم قاتلوا معه يومئذٍ على حق ولكنه أخطأ في قتال أهل النهروان حين كرهوا التحكيم لأنهم كانوا على الحق وقالوا: نقاتل الفئة الباغية.
فسلهم عن العلم الذي علموا أنه الحق إذ قاتلوا معه: أهو العلم الذي علموا أنه الباطل الذي زعموا أنه قاتل أصحاب النهروان حين نكثوا عليه وقاتلوا وأنكروا ولايته؛ إذ كان قتالهم معه أولاً، ونكثهم عليه أخيراً بلا كتاب من الله ولا سنة من رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ؟ وما الذي دلَّهم على أن هذا حق وهذا باطل؟
وإذا كان فِعل علي عندهم بغير أمر من الله ولا وصية من رسول الله فما الذي دلَّهم (على) أن أحكامه التي بها اليوم يأخذون، وآراءه التي عنها يصدرون هي حق؟
وما الذي يُؤمِّنهم إن كان مُخطئاً في حروبه وبحكمته التي أشركوه فيها وأسبابه أن يكون مخطئاً في أحكامه التي في أيديهم اليوم؟
وسلهم عن أسلافهم الذين قُتلوا مع عليٍّ يوم صفين والجمل؛إذ كانوا لا يعلمون أن طاعة علي عليهم مفروضة من الله ورسوله: أين مصيرهم أفي جَنَّة أم في نار؟!.
وما يدريهم لعلَّ أصحاب معاوية في الجَنَّة، ولعلَّ أصحابهم في النار إن كانوا في شكٍّ من أمر عليٍّ. ولم يشهدوا على عليٍّ أنه قتل المسلمين يوم النهروان؟
ولم يشهدوا على أنفسهم بقتلهم المسلمين يوم صفين والجمل؟(1/79)


وما الفرق بين هؤلاء وهؤلاء إن كان قتالهم لهؤلاء ولهؤلاءِ جميعاً بغير أمر من الله ولا سنة من رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؟!.
[الجواب على من زعم أن علياً بايع طائعاً غير مكره]
زعموا أن علياً بايع طائعاً غير مستكره.
وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أن علياً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بايع طائعاً غير مستكره وهذه منهم دعوى، والحكم المعروف أن كل من ادعى دعوى فلا بد له أن يقيم على دعواه برهاناً يصدق به دعواه.
فسلهم: ما دليلهم أنه بايع طائعاً غير مستكره؟
إن كان بايع طائعاً غير مستكره فَلِم ذكروا حديث سويد بن غفلة الذي يذكر فيه أن نفراً ينتقصون أبا بكر وعمر عنده راضٍ بذلك، فيتصل من ذلك بكلام كثير؛ من ذلك - زعموا - أنه قال: إن الناس بايعوا أبا بكر طائعين غير مستكرهين. وأنه قال: أنا أوّل من سنَّ ذلك من بني عبد المطلب.
وكان من قوله:(أغزوا إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني، وأضرب بين يديه الحدود).
فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: قد ادعيتم عليه قولاً زعمتم أنه قاله بلا فعل فعله، فصححوا لنا فعله حتى نصدقكم على قوله.
زعمتم أنه قال:(أغزوا إذا أغزاني). فما حجتكم على من خالفكم وأنكر ذلك وقد قال: أغزا أبو بكر وجاهد أهل اليمامة ، وأهل دنا، وغيرهم، وقتلهم وسباهم.. وكذلك عمر من بعده فقد غزا فارس، والأهواز، وبسر، وسرار.
فأخبرونا عن علي في هذه الغزوات أكان أميراً أم كان غير أمير في هذه المواطن، أو في غيرها قط، أو خرج معهم فيها أو كان له فيها موقف؟.(1/80)

16 / 42
ع
En
A+
A-