[وكذلك قال محمَّد عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ لعليّ:{اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي}][الأعراف/142].
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
تم الجزء الأول، والحمد لله ربِّ العالمين.
يتلوه في الجزء الثاني حديث الأصبغ بن نباته: أن علي بن أبي طالب قال يوم الجَمَل والخوارج حُضور: إن من أكرم الخلق على الله يوم القيامة سبعة...(1/71)
الجزءُ الثَّانِي مِن كِتاب الكامل المنير([204])
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
اللَّهُمَّ إنِّي أسألك التوفيق والتسديد
20-[حديث: إنَّ من أكرم الخلق على الله يوم القيامة سبعة..]
وحديث الأصبغ بن نباته أن علي بن أبي طالب قال يوم الجمل والخوارج حضور: إن من أكرم الخلق على الله يوم القيامة سبعة كلهم من ولد عبد المطلب.
فقال له عَمَّار بن ياسر: مَنْ هم يا أمير المؤمنين؟
قال: نبيكم خير النبيئين، ووصيكم خير الوصيين، وحمزة سيد الشهداء، وجعفر الطيَّار في الجَنَّة، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجَنَّة، ورجل يخرج منا آخر الزمان يقال له المهدي.
21-[حديث الغدير]
وحديث أبي أحمد قال: حدثني من أثق به عن الحكم بن ظهير، عن أبيه وعبد الله بن حكيم بن جبير - وهؤلاء المخالفون لنا ولكم - عن أبي الطفيل:(1/72)
عن زيد بن أرقم، قال: لما فرغ رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من حجة الوداع أنزل الله:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالاتهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ}[المائدة/67] ، خرج مذعوراً نحو المدينة وأصحابه معه حتى قدم الجُحفة فنزل على غدير خم، ونَهَى أصحابه عن سمرات في البطحاء متقاربات، فنزل تحتها، وهي شجرات عظام، فلما نزل القوم في سَواِهن أرسل إليهم سبعين رجلاً من العرب والموالي والسودان ، فَشُكَّ شوكهن ، وَقُمَّ ما تحتهن، ثم أمر بالصلاة جامعة، فاجتمع المسلمون، وفيمن حضر يومئذٍ علي بن أبي طالب، والحسن والحسين ابنا علي، والعباس وولده عبد الله والفضل، وفيهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد بن نفيل، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وعَمَّار بن ياسر، وعمرو بن العاص، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وأبو حمراء مولى رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وعامة قريش، ووجوه أصحاب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من عقبي ومهاجري وأنصاري، وغيرهم من بدوي وحضري، حتى امتلأ الدوح وبقي أكثر الناس في الشمس يقي قدميه بردائه من شدة الرمض، فصلى صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ تحتهن ركعتين، ثم قام خطيباً، فحمد الله وأثنى(1/73)
عليه،0 ثم قال:
((أيها الناس؛ إنه نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعش نبي قط إلا نصف عمر النبي الذي يليه ممن قبله، وإنِّي أوشك أن أُدعى فأجيب، وإنكم مسؤولون، هل أبلغتكم ما أُرسلت به إليكم، فماذا أنتم قائلون؟)).
قالوا: والله لقد بلَّغت ونصحت فجزاك الله عنا أفضل ما يُجْزى نبيٌّ عن أُمَّتِه.
فقال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((أتشهدون أن لا إله إلا الله، وأنِّي محمَّد رسول الله، وأن الجَنَّة حق، وأن النار حق، وأن البعث بعد الموت حق؟)).
قالوا: نشهد بذلك.
فرفع يده -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ثم وضعها على صدره، ثم قال:((وأنا أشهد بذلك، اللَّهُمَّ اشهد))، ثم قال:((ألا لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، لعن الله من تولى غير مواليه، ألا ليس لوارث وصية، ولا تحل الصدقة لآل محمَّد، ومن كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار .
أيها الناس؛ ألستم تشهدون أن الله مولاي، وأن الله مولى المؤمني،ن وأنا أولى بكم من أنفسكم؟)).
قالوا: بلى نشهد أنَّك أولى بنا من أنفسنا.
قال: فأخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها ثم قال:((من كنت أولى به من نفسه فهذا علي مولاه؛ اللَّهُمَّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحب من أحبَّه، وابغض من أبغضه، وأعن من أعانه، وانصر من نصره، واقتل من قاتله، واخذل من خذله)). ثم أرسل يده.
فقال رجل من القوم: ما بال محمَّد يرفع بضبُع ابن عمه؟!.(1/74)
فسمعه رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فتغير لذلك وجهه، فلما رأى ذلك الرجل أن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قد علم به واشتد عليه، أقبل عَلَى عَليٍّ فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
ثم أخذ رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بيد علي الثانية فقال:((يا أيها الناس؛ اسمعوا ما أقول لكم: إِنِّي فرطكم على الحوض وإنكم واردون عليَّ الحوض، حوضاً أعرض ما بين صَنعاء إلى إيله، فيه كعدد نجوم السماء أقداح، إنِّي مصادفكم على الحوض يوم القيامة أَلاَ وإنِّي مستنقذ رجالاً ويخلج دوني آخرون فأقول: يا ربّ؛ أصحابي أصحابي!!.
فيقال: إنهم أحدثوا وغيَّروا بعدك.
وإنِّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفونني فيهما)).
قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟
قال:((الأكبر منهما كتاب الله سبب ما بين السماء والأرض، طرف بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدلوا، والأصغر منهما عترتي أهل بيتي فقد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عَليَّ الحوض، فلا تُعلِّموا أهل بيتي فإنهم أعلم منكم، لا تسبقوهم فتمرقوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تتولوا غيرهم فتضلوا.
يا أيها الناس؛ أطيعوا قولي، واحفظوا وصيتي، وأطيعوا عليًّا فإنه أخي ووزيري، وخليفتي على أُمَّتِي؛ فمن أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن خالفه فقد خالفني. ألا لعن الله من خالف عليًّا)).
ثم أرسل يده فقال:((يا علي؛ أكتب بما أوصيتهم به عليهم كتاباً)) .(1/75)