[ وتسبيح الحصى في يده، ] صلى الله عليه وآله وسلم قال شيخنا رحمه الله تعالى: والخبر مشهور، قال: والحصى جمع حصاة وحصيات، وقد أخرج الخبر، [ ونحو ذلك. ] من معجزاته صلى الله عليه وآله وسلم كحنين الجذع عند محمد بن منصور والناطق بالحق وهو ما أخرجه عن جابر بن عبد الله قال: كان جذع يقوم إليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فلما وضع المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العِشار، قال الشارح القسطلاني: الناقة الحامل التي مضت عليها عشرة أشهر أو التي معها أولادها، حتى نزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المنبر فوضع يده الشريفة عليه فسكن، قال وفي حديث ابن الزبير عن جابر عند النسائي: اضطربت تلك السارية كحنين الناقة الخَلُوج - بفتح الخاء المعجمة وضم اللام الخفيفة آخره جيم - الناقة التي انتزع منها ولدها، والحنين: صوت المتألم المشتاق عند الفراق،وأخرجه أيضاً عن ابن عمر وهو في آمالي الإمام أحمد بن عيسى عن أمير المؤمنين عليهم السلام، بل حكي في الأساس عن أئمتنا عليهم السلام أنه مما تواتر من معجزاته صلى الله عليه وآله وسلم، قال عليه السلام [ وإنما قلنا: ] فيما مر في صدر المسألة [ بأن من كان كذلك ] يعني ظهر المعجز على يديه عقيب دعوى النبوة [ فهو نبي صادق. ] في دعواه النبوة [ لأن ] اللام للتعليل دخلت على أن المفتوحة واسمها ضمير الشأن محذوف، أي لأنه لو ادعى مدع كاذب أنه نبي وأن الله تعالى قد أوحى إليه وقال له ?قُمْ فَأَنذِرْ?(1/661)
والحال أنه لم يوح إليه بشيء، ثم فرضنا أن الله سبحانه وتعالى أظهر المعجز على يديه بعد أن ادعى تلك الدعوى كذباً فإن [ إظهار المعجز على ] هذا المفتري يكون تصديقاً له أن الله أوحى إليه وأرسله وتصديق الكاذب في كذبه كذب قطعاً، فلا يجوز من الله تعالى تصديق [ الكاذبين ] لأنه [ قبيح، وهو تعالى لا يفعله، ] كما مر تقريره في باب العدل، [ وإذا ثبت صدقه ] صلى الله عليه وآله وسلم [ وصحت نبوته، ] بما ثبت من ظهور المعجزات عليه [ وجب تصديقه ] فيما أخبر به من جميع الأخبار عن المبدأ والمعاد من صدق المحشر وأهوال القيامة وسائر أحوالها وثبوت الجنة والنار، ومن جملة ذلك ما يتعلق بنبوة من قبله فيجب تصديقه صلى الله عليه وآله وسلم [ فيما أخبرنا به من الأنبياء والمرسلين قبله، ] صلى الله وسلم عليهم جميعاً وعلى آلهم الطاهرين [ ووجب القضاء بصحة نبوتهم وتصديق رسالتهم ] لأنه يثبت كون النبي نبياً إما بظهور المعجز على يده بعد دعوى النبوة أو بخبر نبي آخر أن فلاناً نبي، وسواء كان الخبر في كتاب الله المنزل على النبي المخبر أو لا بأن يقول بأن فلان بن فلان نبي أو رسول أو بعثه الله نبياً أو أرسله إلى بني كذا، ولكن لا يجوز في هذا القطع بنبوة المخبر عنه إلا إذا تواتر الخبر فإن لم يتواتر لم يقطع فيها بنفي ولا إثبات لقوله تعالى: ?وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً?.(1/662)
الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم للثقلين الإنس والجن
مسألة: وهو صلى الله عليه وآله وسلم مرسل إلى الثقلين: الإنس لقوله تعالى: ?قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا?{الأعراف:158}، والجن لقوله تعالى: ?وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ?، إلى قوله: ?يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ?{الأحقاف:29-31}، ولقوله تعالى: ?قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًاoيَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ?، إلى قوله: ?وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ?{الجن:1-13}، وهو إجماع الأمة وشرعه صلى الله عليه وآله وسلم ناسخ شرع من قبله من الأنبياء عليهم السلام على الجملة، فأما بالنظر إلى مفردات المسائل الفرعية فما ثبت عن الأنبياء السابقين عليهم السلام ولم يثبت عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم نسخه وجب العمل به، لأن شرع من قبلنا يلزمنا ما لم ينسخ لأنه كلام حكيم لا يجوز إلغاؤه كما ذلك مقرر في أصول الفقه وفي المسألة خلاف، ولعل وجوب العمل بما ثبت من ذلك ما لم يجر عمل الأمة بخلافه إذ لا تُجمِع على ضلالة، وكذلك العترة عليهم السلام عندنا كما هو مقرر في موضعه، وشرعه صلى الله عليه وآله وسلم باق مؤبد إلى منقطع التكليف لأنه لا نبي بعده صلى الله عليه وآله وسلم، والصحيح أنه صلى الله عليه وآله وسلم أتى بشريعة مبتدأة،(1/663)
فأما أصول الديانات من مسائل التوحيدومسائل العدل وما يجب الإيمان به من حدوث العالم وإثبات المعاد والتصديق بجميع ملائكة الله وكتبه ورسله فهو دين جميع الأنبياء ودين الله الذي أمر به جميع المكلفين وقوله تعالى: ?ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ?{النحل:123}، وقوله تعالى: ?مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ?{الحج:78}، فالمراد به الإخبار والتحريض للمسلمين وتحذيرهم عن دين اليهودية والنصرانية وغيرهما من سائر الملل، وأن إبراهيم عليه السلام الذي لا ينفي نبوته أحد من الكتابيين ما كان يهودياً ولا نصرانياً بل كان على هذه الملة الحنيفية السمحة السهلة.(1/664)
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أفضل البشر
مسألة: وهو صلى الله عليه وآله وسلم أفضل البشر إجماعاً بين الأمة ولأن الله سبحانه وتعالى لم يخاطبه إلا بقوله: ?يا أيها النبي?، ?يا أيها الرسول?، ?يا أيها المزمل?، ولم يخاطبه كما خاطب غيره من سائر الأنبياء عليهم السلام بأن يخاطبه باسمه العلم ?يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَتي?{الأعراف:144}، ?يَانُوحُ اهْبِطْ?{هود:48}، وغير ذلك مما يشعر بتعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم عند خالقه ما لم يُعَظَّم به غيره من البشر، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة "، وغير ذلك من الأخبار وإن كانت آحادية فقد أجمعت الأمة على القول بموجبها.(1/665)