وروى الفقيه إبراهيم بن محمد الصنعاني عن الباقر عن آبائه" عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: ((خذوا بحجزة هذا الأنزع فإنه الصديق الأكبر، والهادي لمن اتبعه، من اعتصم به أخذ بحبل الله، ومن تركه مرق من دين الله، ومن تخلف عنه محقه الله، ومن ترك ولايته أضله الله، ومن أخذ بولايته هداه الله)).
وأخرج أحمد والحاكم: ((من فارقني فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني)).
وأخرج الحاكم قوله صلى الله عليه وآله فيه: ((اللهم ثبت لسانه، واهد قلبه)). ومثله النسائي وأبو داود وأبو نعيم.
وأخرج أبو نعيم من حديث طويل أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ((إن علياً راية الهدى، وإمام الأولياء، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني)).
وقال صلى الله عليه وآله : ((سيكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الفاروق بين الحق والباطل)). أخرجه الكنجي الشافعي، وأخرج قوله صلى الله عليه وآله لعلي: ((وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي)).
وأخرج قوله صلى الله عليه وآله : ((إن رب العالمين عهد إليّ عهداً في علي بن أبي طالب أنه راية الهدى، ومنار الإيمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني)) وقال: أخرجه صاحب (حلية الأولياء).
وأخرج زيد بن علي عليه السلام قوله صلى الله عليه وآله لعلي: ((أنت تؤدي ديني، وتقاتل على سنتي، وأنت باب علمي، وإن الحق معك، والحق على لسانك)).
وأخرج أبو طالب قوله صلى الله عليه وآله لعمار: ((عليك بهذا الأصلع عن يميني وإن سلك الناس وادياً وسلك علي وادياً فاسلك وادي علي وخل عن الناس، يا عمار إن علياً لا يردك عن هدى، ولا يدلك على ردى، يا عمار طاعة علي طاعتي، وطاعتي طاعة الله)).(1/31)
وقال صلى الله عليه وآله لعلي: ((تخصم الناس بسبع ولا يحاجك أحد من قريش: أنت أولهم إيماناً بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم بالرعية، وأبصرهم في القضية، وأعظمهم عند الله مزية)). أخرجه الحاكم.
وأخرج ابن عساكر عن جابر قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله فأقبل علي فقال النبي صلى الله عليه وآله : ((والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة)) ونزلت: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}[البينة:7] فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً: ((علي خير البرية)).
وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: لما نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}[البينة:7] قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ((هو أنت وشيعتك يا علي راضين مرضيين)).
وأخرج ابن مردويه عن علي عليه السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : ((ألم تسمع قول الله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}[البينة:7] أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمة للحساب)).(1/32)
فهذا يقتضي أنه أفضل الصحابة من قريش وغيرهم وأنه أقضاهم، وأنه على الحق لا ينطق إلا به، فأما أحاديث حبه فقد بلغت حد التواتر المعنوي أخرجها أئمتنا" والمحدثون عن علي، وابن عباس، وعمر وابنه، وأبي ذر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي بردة، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وزيد بن أرقم، وسلمان، وأبي رافع، وأم سلمة، وعائشة، وعمار، وجابر، وأنس، وعمران بن الحصين، وأبي ليلى الأنصاري، وجرير البجلي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والبراء بن عازب، وبريدة بن الخصيب، وسلمة بن الأكوع، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الله بن أحجم، وعامر بن سعد وغيرهم.
قال أحمد بن حنبل والقاضي إسماعيل بن إسحاق: لم يرو في أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في علي عليه السلام .
وأخرج الدارقطني والحاكم في مستدركه قوله صلى الله عليه وآله لعلي: ((إن الأمة ستغدر بك من بعدي وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي، من أحبك أحبني، ومن أبغضك أبغضني)).
وأخرج الطبراني قوله صلى الله عليه وآله : ((يا معشر الأنصار، ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، هذا علي فأحبوه لحبي، وأكرموه بكرامتي فإن جبريل أمرني بالذي قلت لكم)).
وقوله صلى الله عليه وآله : ((علي مع القرآن والقرآن مع علي ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)). أخرجه الحاكم والطبراني.
فأما حديث المنزلة والولاية والإخاء بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله وما شاكلها فقد صرح الحفاظ بتواترها وهي مما لا تخفى على أدنى الفقهاء، فلذا تركنا نقلها، ومن أراد استقصاء ما في الباب فعليه بأخذ ذلك من مظانه.(1/33)
[ذكر تعنت ابن الوزير، والإشارة إلى ترجمة شيخه]
ولكن جعلنا ذلك طليعة لما سيأتي على المطلع ليعرف تعنت الإمام محمد بن إبراهيم في كتابه (الروض الباسم -الذي زعم أنه- في الذب عن سنة أبي القاسم) ولم يذب فيه إلا عن الظاهرية وعن أعداء العترة الزكية من الصحابة وغيرهم من الفرق الإسلامية، وكيف قابل نصيحة صاحب الرسالة السيد العلامة الإمام جمال الدين علي بن محمد بن أبي القاسم محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين بن جعفر بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن عبد الله بن يحيى بن الناصر أحمد بن الهادي إلى الحق" العالم الكبير، والمجتهد النحرير، قرأ على إسماعيل بن إبراهيم النجراني في التفسير وغيره، وعلى ناجي بن مسعود في الحديث، وأحمد بن سليمان الأوزي، وكان ـ رحمه الله ـ سابقاً في جميع العلوم، معروفاً بالفضائل، له مشائخ غير من ذكرنا عدة، وتلامذته جم غفير منهم الإمام محمد بن إبراهيم، وعبد الله بن يحيى بن المهدي، وإسماعيل بن أحمد النجراني، وعلي بن موسى الدواري، وأحمد بن محمد الرصاص، والإمام صلاح الدين وغيرهم، وفتاويه تحتوي على مجلد، وله التفسير المشهور بالتجريد، أثنى عليه الإمام عز الدين بن الحسن عليه السلام، وله (شرح على الكافية) اختصره ولده سماه بـ(النجم الثاقب) وكان حريصاً على صيانة مذهب أهل البيت" فلذلك جرت الوحشة بينه وبين تلميذه محمد بن إبراهيم الوزير.
توفي ـ رحمه الله ـ سنة سبع وثلاثين وثمانمائة. ا هـ جواهر بتغيير في اللفظ يسير.
[وستقف] على ما أشرنا إليه تجد فوق ما وجهنا عليه، وكيف مسخ اسم كتابه بتأييد مذاهب الظاهرية وجرح الشيعة وثقات العدلية، فهذا هو الذب عن السنة أو ذهابها بجرح الثقات من جملتها وتوثيق النواصب والمرجئة غير المأمونين على روايتها، إن من هذا أطول منتهى حسرات العاملين، ومنه دوام سكب عبرات المؤمنين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.(1/34)
[معرفة الأخبار ووسائطها]
حكى عن صاحب الرسالة ما لفظه: (معرفة الأخبار مبنية على عدالة الرواة ومعرفة عدالتهم في هذا الزمان مع كثرة الوسائط كالمتعذرة، ذكر هذا كثير من العلماء، ومنهم الغزالي، والرازي، وإذا كان ذلك في زمانهم فهو في زماننا أصعب، وعلى طالبه أتعب؛ لازدياد الوسائط كثرة، والعلوم دروساً وفترة.
فإن قيل: نحن نقول بما قال الغزالي: إنا نكتفي بتعديل أئمة الحديث كأحمد بن محمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، ومحمد بن إسماعيل البخاري، فإن هؤلاء قد تكلموا في الرواة وبينوا العدل ممن سواه.
قلنا: هذا لا يصح لوجوه:
أحدها: أنا إذا قلنا بتعديلهم فيمن كان متقدماً فما يكون فيمن بعدهم من الرواة، فإن اتصال رواية الحديث من وقتنا إلى مصنفي الكتب الصحاح كالبخاري ومسلم على وجه الصحة متعسر ومتعذر لأجل العدالة). ا ه. ما حكى عنه.
[ابن الوزير] وجوابه تضمن وجوهاً: أحدها: قوله: طلب الحديث ومعرفته شرط في الاجتهاد، والاجتهاد فرض واجب على الأمة بلا خلاف ..إلى قوله: فإذا ثبت أنه فرض لزم أنه من الدين، وإذا لزم أنه من الدين لزم أنه غير متعسر ولا متعذر.. إلى آخر كلامه.
[المؤلف] أقول: إلزامه بما ذكر غير لازم؛ لكون المترسل لم يسد باب الاجتهاد لوجوه:
أحدها: إذا كان مذهبه عدم قبول الآحاد فكم في السنة من طريقة متواترة أو مشهورة أو متلقاة بالقبول أو عضد متنها موافقة آية قرآنية أو قياس منصوص على علته أو غير ذلك مما يوجب الاحتجاج بالمتن من المرجحات.(1/35)