ورواه في صحيفة علي بن موسى الرضا، ورواه في أمالي المرشد بالله عن زيد بن أرقم مرفوعاً من طريقين، ورواه الناصر الأطروش عن أبي سعيد مرفوعاً وعن زيد بن ثابت، وأخرجه مسلم، وفي (الجامع الصغير) عن زيد بن أرقم، وأخرجه عبد بن حميد وابن حنبل في مسنده، وأخرجه الحاكم من ثلاث طرق، ورواه السمهودي عن جابر وعن حذيفة وقال: أخرجه الطبراني وابن عقدة والضياء في (المختارة) وأبو نعيم في (الحلية) وأخرجه البزار وأشار إليه الترمذي، ورواه ابن المغازلي، وقد روي من طرق عديدة لدى الفريقين فلم يبق للمعاند إلا مجرد التعسف والمين، والمعنى ظاهر البرهان، قوي الأركان، مُعَرّف البيان، لا تخفى دلالته على إنسان، تنشرح له الأذهان، وتداوى بريه من كدر الأحزان، وتدحض به قوام مهاوي الشيطان.
وقال صلى الله عليه وآله : ((مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك)) أخرجه الحاكم في المستدرك، وفي رواية أبي عبد الله الجرجاني: ((ومن تخلف عنها غرق)).(1/26)
قال الإمام القاسم: ((وهذا الخبر مجمع على صحته عند علماء الآل وشيعتهم)) وفي (منهاج القرشي): أنه متلقى بالقبول، ورواه الهادي في (الأحكام)، ورواه علي بن موسى، وفي روايته: ((ومن تخلف عنها زج في النار)). وفي نهاية ابن الأثير كذلك لكن لم يذكر: ((من ركبها نجا))، ورواه الإمام أبو طالب والمرشد بالله بسندهما، ورواه في مناقب ابن المغازلي بسنده إلى ابن عباس، وأخرجه عن أبي سلمة بن الأكوع وعن أبي ذر وعن ابن عباس وعن أبي ذر من طريقين أخريين، ورواه في (ذخائر العقبى) عن أبي ذر قال: وأخرجه الحاكم من طريقين عن أبي إسحاق، قال: وكذا هو عند أبي يعلى في مسنده، وأخرجه الطبراني في (الصغير) و (الأوسط) من طريق الأعمش، ورواه في (الأوسط) أيضاً من طريق الحسن بن عمر، وأخرجه أبو نعيم عن أبي إسحاق ومن طريق سماك، وأخرج البزار نحوه، وأخرجه ابن المغازلي ـ أيضاً ـ عن عبد الله بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وآله ، ورواه في (الجامع الصغير)، ورواه في كتاب (الجواهر) للشفيقي عن ابن عباس قال: أخرجه الملا في سيرته، ورواه أيضاً عن علي عليه السلام بلفظ: ((ومن تخلف عنها زج في النار، ومن تعلق بها فاز)) قال: أخرجه ابن السري، ورواه الحاكم الجشمي في (تنبيه الغافلين).
ورواه أيضاً المحب الطبري مما يطول شرحه ويمل سامعه، وله شاهد من كتاب الله سبحانه: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى:23] والمودة هي المحبة، والمحبة هي الاتباع قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران:31] والمأمور بمودتهم هم أهل الكساء.
روى المرشد بالله بسنده إلى ابن عباس من طريقين قال: لما نزلت قالوا: يا رسول الله، ومن قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: ((علي وفاطمة وابناهما)).(1/27)
وذكره في (الكشاف) في تفسير هذه الآية، وفي كتاب (شواهد التنزيل) مسنداً من نحو ثمان طرق إلى ابن عباس، وأخرجه أحمد بن حنبل والثعلبي في تفسيره وابن المغازلي في مناقبه، وأخرجه في (شواهد التنزيل) عن أمير المؤمنين عليه السلام وأنس وأبي أمامة، ورواه في الصحيحين البخاري ومسلم، ومثله روى رزين من (الجمع بين الصحاح)، ورواه في (درر السمطين) عن علي عليه السلام وفي كتاب (تنبيه الغافلين) عن ابن عباس، وأخرجه الطبراني في الكبير.
وله شواهد كثيرة في محبتهم ليس هذا محل جمعها فمن تأملها خالياً خلده من سقم الهوى والعصبية متحرياً طلب النجاة من مهاوي الأهواء الردية، متمسكاً لدينه بالحجج القوية، والطرق المتعددة من مرويات أهل الإسلام ومدوناتهم الأزهرية، علم أنهم العروة الوثقى، والسفينة من الغرق والنجا، وفهم أن إجماعهم هو الحجة العظمى، وأن هديهم هو المحجة البيضاء، وأن الإمامة فيهم إلى آخر الزمان، وأنهم أمان أهل الأرض في كل عصر وأوان بشهادة الكتاب العزيز، وسنة برزت بروز الإبريز، فعليك أيها الطالب باقتفاء آثارهم، والاهتداء بهديهم، ودع أقوال الناس العاطلة عن الهدى، والركيكة الأساس، فلا تسوي أقوال الرجال مع المرسل من ذي الجلال ولله القائل:
دعوا كل قول غير قول محمد .... فعند بزوغ الشمس ينطمس النجم
أما بعد ..(1/28)
فطالما تحريت الرشاد، وتتبعت معالم العلماء النقاد من أيام ابتداء الطلب، متوخياً النجاة، خائفاً من مزالق العطب، إلى أن قاربت الأربعين، وشابت القذال، وضعف الفهم، فلا أتذكر إلا بعد حين، أشرت في أثناء المحاروة بيني وبين أحد العلماء العاملين إلى مواضع عثرت عليها مراراً، وكنت بها قمين لطول ممارستي هذا الشأن منذ سنين، خرج فيها الإمام الكبير ذو القدر الخطير، علامة الزمن، والشامة في بني الحسن، واحد زمانه، وفيلسوف أوانه: محمد بن إبراهيم بن المفضل الوزير ـ رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه بجوار جده المختار ـ من مواطن الإنصاف إلى مهاوي التمويه والاعتساف، من نقل غير صحيح، وتعديل معاوية وأحزابه من صار الإسلام منكلم بسيفه إلى الآن جريح في كتابه (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم) فوجدته فرش مسامعه لتلك الإشارات، واستطعم الزيادة منصفاً لتلك التنبيهات، فأخجلت من إسماعي مسامعه ما تلقفته عنه وعن أمثاله، وثاب إلى لبي بعد إساءة الأدب بين يديه، فكرر عليّ الطلب، وأدناني حتى محق عين حجاب الهيبة من جنابه، وأفحمني بكثرة السؤال على زبر تلك الخواطر ورفعها إلى بابه، فاستخرت الله تعالى وأجبته إلى ما طلب؛ إذ مثلي يعلم أن حقه عليّ من أول وهله قد وجب، معترفاً والله بقصر الباع وقلة الاطلاع مع تكدر البال، ودنو الترحال، وعدم الإخوان والأعوان، ومن بهم على الحوادث يستعان.
ذهب الذين يعاش في أكنافهم .... وبقيت في زمن كجلد الأجرب(1/29)
فجمعت المتفرق من تلك الفرائد، وأعربت الزلل في بعض تلك المواضع، وأبهمت البيان في أماكن، بل أشرت ليكون ذلك أسهل تناولاً على اللبيب؛ إذ الإسهاب قبيح عند ذوي الألباب، وإن كان الإمام ـ رحمه الله ـ حذا حذو المسهبين، وأطال في بعض المباحث بلا برهان مبين، وبالغ في ذم من ترسل عليه، ونسي أن الحبر من رَدَّ ورُدّ عليه، ولعلّ الراد عليه قصد وجه الله في نصحه، وأدى ما يلزمه في ذلك فقابله ـ رحمه الله ـ بذمه وجرحه، ثم تمادى إلى هتك أستار المتكلمين، ومدح أعداء الدين، واستطال حتى زيف أقوال الأئمة الميامين، وأتى بما لم يأت به منصف من تقريض البغاة على أمير المؤمنين عليه السلام فيا لها من مصيبة عظمى، وداهية دهماء، أبرزها اللجاج، وأثارها كثرة الحجاج بين أرباب التحقيق وأهل المعارف ومن هو بكل مكرمة حقيق، ولله القائل:
فؤاد من بلابله شجيّ .... وأعيان أماقيها بكي
لشق عصا القبيلة من روي .... أتيح لنا فلا كان الروي
كأنه لم يسمع قول النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام من الأخبار حتى فرط منه ما فرط من التنقيص حيث فضل غيره عليه وساواه بأعدائه لو لم يبايع بعد عثمان لظننت أن يصرح ببغيه على البغاة عليه، فمما ورد في حقه صلوات الله عليه قوله صلى الله عليه وآله من خبر الحديقة: وأجهش صلى الله عليه وآله باكياً، قال علي عليه السلام : ما يبكيك؟ قال: ((ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي، قلت: يا رسول الله، أفي سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك)). أخرجه البزار وأبو يعلى والحاكم وأبو الشيخ والخطيب وابن الجوزي وابن النجار.(1/30)