وروى عن الشيخ أيده اللَّه، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسين الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، والحسين بن الحسن بن إبَّان، عن الحسن بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إبَّان بن عثمان، عن أبي عبد الرحمن بن أبي عبدالله، قال: سألته عن رجل مسَّ فرج امرأته؟ قال: ليس عليه شيء، وإن شاء غسل يده.
فهذا كما ترى متناقض، وقد حملوا الوضوء على غسل اليد فقط إستحباباً، وقد بينا في الألفاظ الشرعية، والوضوء غسل أعضاء مخصوصة على شرائط مخصوصة، وغسل اليد فقط إنما يكون وضوءاً في اللغة، فلا معنى لهذا التأويل الخارج عن الباب الذي وضع له الكلام وفيه.
وهذه روايات متناقضة، لأنه إيجاب الوضوء ونفيه في مسئلة واحدة، فليتأمل ذلك الطالب نجاة نفسه، فإن فيه أوضح برهان لأن القوم زعموا أن أخبارهم متواترة [النقل]، وأنهم لايقبلون الآحاد، ولا يدينون بها، ويخطِّئون من فعل ذلك، ومن روى في المسئلة روايات مختلفة، ولهم في هذا شرح طويل.
وروي عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، ومحمد بن خالد البرقي، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البحري، عن أبي عبدالله: في الرجل يبول؟ قال: ينتره ثلاثاً ثم إن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي.
وقال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن جرير، عن ابن مسلم، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل بال ولم يكن معه ماء؟ قال: يعصر أصل ذكره ثلاث عصرات وينتر طرفه، فإن خرج بعد ذلك فليس من البول، ولكنه من الجبائل.
ورفع إلى الصفار، عن محمد بن عيسى قال: كتب إليه رجل هل يجب الوضوء مما يخرج من الرجل بعد الإستبراء؟ فكتب إليه: نعم.(1/276)
فهذا متناقض، وقد ذكر في تفسيره: إن الخبر الأخير محمول على الإستحباب، وليس كذلك يكون الكلام في فتوى الأئمة ؛ لأن الإجمال إنما يكون في كلام اللَّه تعالى لضرب من المصلحة مع التمكين من البيان، فأما كلام الأئمة عليهم السلام فهو تبيين، وفتوى مضطرٍّ يريد العمل بما يظهر له منهم عليهم السلام.
وروي عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي، عن أبي عبدالله، أنه قال: لايمس الجنب درهماً، ولا ديناراً عليه اسم اللَّه، ولا يستنجي وعليه خاتم فيه اسم اللَّه، ولا يجامع وهو عليه، ولا يدخل المخرج وهو عليه.
وروي عن أحمد بن محمد، [عن] البرقي وهب بن وهب، عن أبي عبدالله قال: كان نقش خاتم أبي: ((العزة لله جميعاً)) وكان في يساره يستنجي بها، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين: الملك لله، وكان في يده اليسرى يستنجي بها.
وهذا كما ترى مناقضة ظاهرة لا إشكال فيها، ورواية مختلفة في أن أمير المؤمنين عليه السلام كان خاتمه في يده اليسرى، وتختمه في اليمين أشهر من الشمس، فكيف يقع فيه اللبس!!.(1/277)
[فزع الإمامية من التناقض إلى التقية]
ولما أعيت الإمامية الحيلة فيما هذا سبيله فزعوا إلى التقية
ومثل هذا لايعجز المتحير، ولكن ما يؤمنه أن يقول له خصمه إذا أورد عليه خبراً هذا من التقية، فبمَ ينفصل عنه والحال هذه.(1/278)
[عود إلى التناقض]
وروي عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن ابن زياد، عن علي بن الحكم، عن عثمان، عن أبي القاسم، عن أبي عبدالله قال: قلت له: الرجل يريد الخلا وعليه خاتم فيه اسم اللَّه؟ فقال: ما أحب ذلك، قال: فيكون اسم محمد؟ قال: لا بأس.
وروي عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن محمد، والحسين بن الحسن بن إبَّان، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان، عن سماعة، قال: سألته عن الماء الجاري يبال فيه؟ قال: لا بأس.
قال: وأخبرني أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن علي بن محبوب، عن علي بن الريان، عن الحسين، عن بعض أصحابه، عن مسمع، عن أبي عبدالله قال: قال أمير المؤمنين: إنه نهي أن يبول الرجل في الماء الجاري إلا من ضرورة، فقال: إن للماء أهلاً، فهذا كما ترى في التناقض والتنافي.
وروي عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، وسعيد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، والحسين بن الحسن بن إبَّان، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعه قال: سألته عن رجل يمس الطست أو الركوة، ثم يدخل يده في الإناء قبل أن يفرغ على كفه؟ قال: يهريق من الماء ثلاث حفنات، وإن لم يفعل فلا بأس، وإن كان أصابته جنابة فأدخل يده في الماء فلا بأس به إن لم يكن أصاب يده شيء من المني، وإن [كان] أصاب يده شيء فأدخل يده في الماء قبل أن يفرغ على كفيه فليهرق الماء كله.
وروي عن الحسن بن سعيد، عن أبي سنان، عن ابن مشكان، عن أبي نصر، عن أبي عبدالله قال: سألته عن الجنب يحمل الركوة، أو التور فيدخل أصبعه فيه؟ قال: إن كانت يده قذرة فليهرقه، وإن كانت لم يصبها قذر فليغتسل منه، هذا ما قال اللَّه تعالى: ?مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ?[الحج:78].(1/279)
وروي عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إبَّان، عن ابن كاز بن فرقد، عن عثمان بن زياد، قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: أكون في السفر فآتي الماء النقيع، ويدي قذرة فأغمسها في الماء؟ قال: لا بأس.
وروي عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، وعثمان بن عيسى جميعاً، عن ابن مسكان، عن ليث المرادي، وأبي نصر، عن عبد الكريم بن عتبة الكوفي الهاشمي، قال: سألت أبا عبدالله عن الرجل يبول وفلم يمس يده اليمنى شيء أيدخلها إناء وضوءه قبل أن يغسلها؟ قال: لا، حتى يغسلها، قلت: فإنه استيقظ من نومه ولم يبل، أيدخل يده في وضوءه قبل أن يغسلها؟ قال: لا، لأنه لايدري حيث كانت يده فليغسلها.
فهذه أحاديث متناقضة كما قدمنا فيما تقدم، وتأويلهم أن هذا على الإستحباب، وهذا على الوجوب لايخلص، لأن مواضع سؤال الأئمة هو موضع طلب البيان والهداية لاموضع إلزام التكليف ابتداءً حتى يجوز تعلق المصلحة بإيراد الخطاب على ضرب من الإجمال.
وروي عن سعيد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن علي بن أسباط، عن محمد بن يحيى الجزاز، عن عمرو بن أبي نصر قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يبول فينسى أن يغسل ذكره، ويتوضأ؟ قال: يغسل ذكره، ولا يعيد وضوءه.
وروي عن سعيد بن موسى بن الحسين، والحسن بن علي، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير، عن هاشم بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام: في الرجل يتوضأ، وينسى أن يغسل ذكره، وقد بال؟ فقال: يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة.
وروي عن أحمد بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن إبَّان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمر، عن ابن أذينة، قال: ذكر ابن مريم الأنصاري: أن الحكم بن عيينة بال يوماً [و]لم يغسل ذكره متعمداً فذكر من ذلك لأبي عبدالله قال: بئس ماصنع، عليه أن يغسل ذكره، ويعيد صلاته، ولا يعيد وضوءاً.(1/280)