حندس وبهم اكشف الزلازل وأدفع الأدبار والأغلال، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.(1/116)
[نقد النصوص]
اعلم أن الكلام عليهم في هذه النصوص، وفي ما سواها مما يمت إلى معناها، إذ هي في كتبهم مذكورة مدونة تبلغ المائتين، وفي بعضها التصريح بكفر الصحابة والتابعين وسائر المسلمين إلى يوم الدين، وفي بعضها تبيين أسماء الأئمة كما ذكرنا، وفي بعضها الإشارة، وفي بعضها الإجمال، وفي بعضها التبيين: إنا نقول لا يخلو ما ذهبوا إليه في الإمامة أن يكون ديناً لله تعالى تجب معرفته على كل مكلف من ذكر وانثى [أو] أن يكون خاصّاً لبعض المكلفين دون بعضٍ، فإن قالوا بالخصوص وهم لا يقولون كان لكل مكلف لا يقول بقولهم العذر عندهم وعند الله في أني غير مكلف بهذا، وإن قالوا: [بل] التكليف بذلك عام لجميع المكلفين، وهذا قولهم.(1/117)
[طريق التكليف]
قيل لهم: فهل جعل الله تعالى للمكلفين إلى معرفة ما كلفهم من اعتقاد إمامة الشخوص المعينين عليهم السلام طريقاً أولم يجعل.
فإن قالوا: لم يجعل، وليس بقولهم.
قيل: فكيف يكلف ما (لم يجعل) لنا إليه طريقاً، وقد وقع الخلاف بيننا وبين المجبرة في أن الله تعالى يجوز أن يكلف مالا يطاق ولم يخالف أحد من الأمة في أنه لا يحسن منه تكليف ما لا يعلم.(1/118)
[عقلية وسمعية]
وإن قالوا: قد جعل لنا طريقاً.
قلنا: تلك الطريق لا تخلو إما أن تكون عقلية أو سمعية، ولا يجوز أن تكون عقلية لأنه لا هداية في العقل إلى وجوب الإمامة على التفصيل فكيف يدل العقل على إمامة أشخاص معينة. ولو قالوا وارتكبوا الجهالة: إن في العقل طريقاً إلى معرفتهم على الحد الذي ذكروا لطالبناهم بتصحيح تلك الطريق، ولن يجدوا إذاً أبداً، وإن قالوا سمعية، فالسمع الذي يجب [العمل] بمقتضاه وهو محكم القرآن الكريم، ولا دليل فيه على ما ذكروه من الأشخاص المسماة المعينة، ولا دليل فيه إلاَّ على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بآية الولاية، لاتصافه بصدقة الخاتم في الركوع، وقد وقع في ذلك النزاع الشديد، وعلى الحسن والحسين عليهما السلام بآية التطهير، وشهادتها بالعصمة، فلم يكن لأحد التقديم عليهما في حياتهما من طريق الإستدلال، وفيه دلالة الإمامة لأولادهما من طريق الإستدلال عموماً بآية الشهادة، وهي قوله تعالى: ?وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ?[الحج:78]، فكان هذا الأمر، لأن فيه صيغة الأمر وهو ما فعلوا، وكونه طاعة معلوم بفحوى الخطاب ؛ لأن الجهاد في الله معلوم من الدين لكافة المسلمين، وصرّح بالإجتباء وهو الإختيار، ومنَّ برفع الحرج، وبين أن تلك ملة أبينا إبراهيم عليه السلام، وقد تقرر من دين المسلمين أن الجهاد لايكون إلا بإمام، لأن هذا بالإجماع من العترة والأمة أنه لايصح أعني الجهاد إلا بإمام، فإذاً الخطاب لواحد من العترة موصوف غير معين، فمن قام به فقد قام بما لزمه، وسقط عن أمثاله، من المتصفين بمثل حاله إلى انقضاء أيامه، والرسول شهيد عليه، وهو شاهد على الناس،(1/119)
المقصود بالناس هاهنا أهل عصر كل إمام من العترة والأمة، وقد ذكرناه فيما قبل غير أن في كل موضع فائدة وقصة، فآية ذوي الأرحام في قوله تعالى: ?وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ?[الأنفال:75 - الأحزاب:6] والآية في أمير المؤمنين، فدلت على الإمامة [في أولاد الأئمة]، وقد ثبت إمامة علي وولديه بالنص فثبتت الإمامة للصالح من أولادهم بالولاية، وخرج أولاد علي وسواهم من ذلك بإجماع العترة من ولد الحسن والحسين عليهم السلام فهو حجة على ما سنبينه إن شاء الله تعالى، ومن الآي قوله تعالى: ?وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ?[الطور:21] وقد ثبت أن المؤمن يصح له حكم الإيمان وإن كان أبوه كافراً بإجماع الأمة والعترة والأئمة، وليس المراد إلا توابع الإيمان التي لايشترك فيها المؤمنون وهي الإمامة، ليكون للآية معنى يميزها عن اللغو الذي يساوى بين ورودها وعدمها، لأنها كلام الحكيم الذي لايتعرى كلامه من الفائدة الجليلة، ولهذا قال تعالى: ?وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ?[الطور:21]، فكان ذلك خاصاً فيما يتبع الإيمان ويبنىعليه وهو الإمامة، وقد قال تعالى: ?وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا?[السجدة:24]، وإن وجد شيء في القرآن الكريم غير ماذكرنا فقلَّ ما يمر في القرآن الكريم بسورة إلا وفيها دلالة على حق آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم لمن عقل ذلك، ولكن فيما يمكن دعوى شيء من كتاب الله تعالى يستدل به على إمامة شخوص معينة من ولد الحسين عليه السلام دون سائر العترة، فهذا مايتعلق به الكلام في الكتاب الكريم الذي هو أحد الثقلين، وقرين العترة المصطفين، وحجة الله على الثقلين، وتبيان كل شيء ورد بين مختلفين، إمَّا بتصريحه أو بدلالته و(1/120)