[الواقفة والممطورة]
ثم اختلفت المفضلية بعد حبس موسى عليه السلام المرة الثانية التي قُتِل فيها عليه السلام على أربع فرقٌ، فرقةٌ زعمت أنه حيّ، وسيخرج ويملأ الأرض عدلاً، وهو المهدي الذي بشر الله به، وإنما غاب ولهم في ذلك شرح طويل وهؤلآء يسمون (الواقفة) لوقوفهم على موسى، ويلقبون أيضاً (الممطورة)؛ لأن رجلاً منهم ناظر يونس بن عبدالرحمن، وهوقطعي، فقال له يونس لأنت أهون عليَّ من الكلب الممطور، فلزمهم هذا النبز.
وفرقة توقفوا في موته وحياته، وقالوا لا نخرج عن اعتقاد إمامته حتى يتبين أمره، وفرقة قالوا أنه مات والإمام بعده أحمد بن موسى، وفيهم عددٌ.(1/101)


[القطعية]
والفرقة الرابعة قالت: الإمام بعده ابنه علي بن موسى الرضى عليه السلام، ويقال لهم القطعيّة لقطعهم على موت موسى، فهذه كما ترى ضلالات أصلها رفض الدليل، واتباع الهوى، وحب الخلاف والرئاسة، وإلاَّ فأكبر دليل على موته عند من وقع عنده الشك في تلك الحال أن أولاده عليهم السلام لما وصلوا البصرة زيد واسماعيل وابراهيم كان شعارهم: يَا لَثَارَات الإمام، لا يخالف في ذلك أحد يعرف تلك الحوادث وهم أعلم بحاله، ولأن أمره شُهِرَ في بغداد وأوقف للناس على الجسرين منصوصاً على كل جسرٍ طائفة من النهار، والناس يُشاهدونه متمكنين لا يشك في أمره إلاَّ من يشك في المشاهد، ولكن البدع تسرع إلى النفوس.(1/102)


[فرق القطعية]
والذين قالوا بإمامة علي بن موسى افترقوا ثلاث فرق، منهم من وقف على علي بن موسى على ظهور موته بطوس، واشتهار مشهده هنالك بحيث لا يناكر فيه من يستحيي من دفع المعلوم.
وفرقة رجعت عن إمامته، وقالوا بإمامة أحمد بن موسى، ومنهم من قال بإمامة محمد بن علي، وكان صغير السن المكثر في عدده يقول هو ثمان سنين وهو عندهم على ذلك مفترض الطاعة عالم بجميع المعلوم، وبعضهم تحاشى من هذه المقالة لشناعتها عند أهل العلم، فقال إنه إمام على معنى أنه سيصير إماماً لا إنه إمام في تلك الحال، وهذه أمورٌ خارجة عن باب العلم، وإنما أردنا ذكر القوم مفصلاً لنبين للعاقل الإختلال في هذه الدعاوي المتنافية على أنا أضربنا عن ذكر بعضهم لتهوسهم الذي خرجوا بأكثره عن دائرة الإسلام، فلم نذكر الغرابية ولا الخطابية ولا الزرارية ولا السمتية ولا اليعقوبية.(1/103)


[عود إلى ذكر القطعية ومذهبها في الإمامة]
فلنرجع إلى ذكر القطعية لأنهم اليوم جمهور أهل مقالات الإمامية عدداً، ورجالاً، وكتباً، وهم الذين قطعوا على موت موسى وسنوا للإمامة في عقبه علي بن موسى، ومحمد بن علي فيقولون الأئمة علي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي والحجة عندهم، وهو الغائب المنتظر الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت [ظلماً وجوراً].(1/104)


[العجائب في الغائب]
ولهم في أمره خلاف شديد، فمنهم من يسميه، ومنهم من لا يسميه ويروون في ذلك أخباراً، ومنهم من يصحح العلم بولادته، ومنهم من ينفي ذلك ويقول: من أمارته أن لا تكون ولادته معلومة، ولما مات الحسن بسامراء يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين، وأرادوا قسمة ميراثه أخوه جعفر، ومن يرث معه، وادعت نرجس الحمل، أو أدعي لها عُدِّلت أربع سنين عدّلها إسماعيل بن اسحاق عند القاضي ابن أبي الشوارب، فلما تعذر تصحيح الحمل أخذ جعفر الميراث ومن يرث معه، بلا خلافٍ في هذه الجملة التي هي التعديل، واقتسام الميراث عند أحد ممن علم موت الحسن بن علي على الحال التي ذكرنا، وإنما قال بعضهم أنها ولدت في خفية، ورفع الله تعالى ذلك الولد، ومنهم من قال: أسرَّته مخافة الأعداء عليه، واحتالت في كتمانه إلى غير ذلك من التخمينات الخارجة عن المعلوم، ومن الإمامية من رجع عن هذه المقالة، ومنهم من تحيَّر لا يدري ما يقول، ومنهم من صمَّم وقال بالغيبة، وروى فيها أحاديث.(1/105)

21 / 73
ع
En
A+
A-