[إجماع الآل على أن الإمامة فيمن قام ودعا]
وأمَّا أنَّ إجماعهم منعقدٌ على أن الإمامة في من قام ودعا من ولد الحسن والحسين عليهم السلام.
فالدليل على ذلك: أن المعلوم من حالهم ضرورة اعتقاد كونالإمامة مقصورة عليهم دون غيرهم، وشاهد الحال منهم معلوم لمن علم أحوالهم، وهو اتباع القائم من أي البطنين قام، وهم بين ناصرٍ له، ومصوبٍ له في فعاله، ومترحمٍ عليه، وداعٍ له إن تعذرت النصرة.
فأوَّل قائم من الذرية الزَّكيَّة بعد الحسين بن علي هو زيد بن علي عليهم السلام: وهو من ذرية الحسين عليه السلام إلاَّ أن الإمامية لا ترى بإمامته؛ لأنها تقول بالنص على شخوص معينة من ولد الحسين عليهم السلام فيهم محمد بن علي وجعفر بن محمد عليهما السلام، ويقولون في زيد بن علي عليه السلام قولاً عظيماً، من أنه خارجي، وأن رايته راية ضلالة، وأجملهم فيه قولاً من يدعي عليه خلاف المعلوم منه ضرورة، وأنه كان داعياً لابن أخيه جعفر بن محمد.
وقال شاعرهم السمطي:
سنَّ ظلم الإمام للناس زيد .... إن ظلم الإمام ذو عقَّال
وبنو الشيخ والقتيل بفخٍ .... بعد يحيى ومؤتم الأشبالِ(1/66)


وقد ذكرنا: أن الكل من ولد الحسن والحسين عليهم السلام يعتقدون الإمامة فيمن قام جامعاً لخصال الإمامة، ودعا إلى الله سبحانه، فبدأنا بزيد بن علي عليه السلام؛ لأنه إمامُ الأئمة، وفاتح باب الجهاد، ومُنَغِّص نِعَمَ الجبارين بالغضب لرب العالمين، فاقتدت به الذرية الزكية في سلِّ السيف على المترفين المتكبرين، فتركوا كثيراً من المنكرات، خوفاً من غضب ليوث الغاب من الذرية الزكية، فكان له أجر ذلك إلى لقاء [رب البرية]، فأيُّ فضل أعظم من فضله، أو نبلٍ أعظم من نبله، فلنذكر من فضله عليه السلام ما تَيَسَّر، ولنذكر كلام أخيه محمد بن علي عليهما السلام فيه، وبشارة أبيه به، وكلام جعفر بن محمد عليه السلام فيه، فإن كلام محمد بن علي، وجعفر بن محمد عليهم السلام يكفي في باب الإمامة ؛ لأنهما القدوة، ولا أحدٍ يدعي لسائر أولاد الحسين عليهم السلام فضلاً عليهما، ولا تقبيح ما حسَّنا، ولا تحسين ما قبَّحا، ولا خُروجاً عن موالاتهما، فإذا تقرر ذلك صح إجماع الذرية الزكية، على جواز الإمامة في المنصبين ؛ لأنَّ من قال بإمامة زيد بن علي عليه السلام فإنه يقول [بإمامة أولاد الحسن والحسين] ؛ ولا بدنا من ذكر ما تيسر ذكره في الباقين، ولكن هذا أصل يبتني عليه، وفئة يرجع إليها.(1/67)


فنقول في ذلك: أخبرنا الشيخ الأجل محيي الدين محمد بن أحمد القرشي أيَّده الله، وهو لنا من طرقٍ، ولكنَّا نقتصر على هذه الطريق للإختصار قال: أخبرنا القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد بن أبي يحيى رضي الله عنه قال: أخبرنا القاضي الإمام أحمد بن أبي الحسن الكنّي أسعده الله قال: أخبرنا الإمام الزاهد فخر الدين أبو الحسن زيد بن الحسن بن علي البيهقي بقراءتي عليه قدم علينا الري والشيخ الإمام الأفضل مجدالدين عبدالمجيد بن عبدالغفار الاستراباذي الزيدي رحمه الله قال: أخبرنا السيد الإمام أبو الحسن علي بن أحمد بن جعفر الحسني النقيب باستراباذ في شهر الله الأصم رجب سنة ثمان عشرة وخمسمائة قال: أخبرنا والدي السيد أبو جعفر محمد بن جعفر بن علي خليفة الحسني والسيد أبو الحسن علي بن أبي طالب أحمد بن القاسم الحسني الآملي الملقب بالمستعين بالله قالا: حدثنا السيد الإمام أبو طالب رفعه بإسناده إلى أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: بُشّرَ أبي عليه السلام بزيد بن علي عليه السلام حين وُلِدَ فأخذ المصحف ففتحه ونظر فيه فإذا قد خرج في أول السطر: ?إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا....? إلى قوله ?وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ?[التوبة:111]، فأطبقه ثم فتحه، فخرج: ?وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ?[آل عمران:169]، فأطبقه، ثم فتحه، فخرج: ?وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا?[النساء:95]، فأطبقه، ثم قال: عُزيت والله عن هذا المولود، وإنه لمن الشهداء المرزوقين.(1/68)


وبالإسناد المتقدم رفعه السيد أبو طالب عليه السلام إلى أبي حفصٍ المكي قال: لما رحل الحسين عليه السلام يريد الكوفة نزل بماءٍ من مياه بني سليم، فأمر غلامه، فاشترى شاةً فذبحها فجاء صاحبها، فلما رأى هيئة الحسين عليه السلام وأصحابه رفع صوته فقال: أعوذ بالله وبك يا بن رسول الله، هذا اشترى شاتي وذبحها ولم يدفع إليَّ الثمن، فغضب الحسين عليه السلام غضباً شديداً، ودعا غلامه، فسأله عن ذلك؟ فقال: قد وَالله يا بن رسول الله أعطيته ثمنها، [وهذه البينة، فسألهم الحسين، فشهدوا أنه قد أعطاه ثمنها]، وقالت البينة، أوقال بعضهم يا بن رسول الله رآى هيئتك فصاح إليك لتعوضه فأمر له الحسين عليه السلام بمعروف، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: ما اسمك يا أعرابي؟ فقال: زيد، فقال: ما بالمدينة أكذب من رجل اسمه زيد، وكان رجل بالمدينة يسمَّى زيداً يبيع الخمرة، قال: فضحك الحسين عليه السلام حتى بدت نواجذه، ثم قال: مهلاً يا بني لا تعيِّره باسمه، فإن أبي عليه السلام حدثني أنه (سيكون منَّا رجل اسمه زيد يُقتل فلا يبقى في السماء ملك مقرّب، ولانبي مرسل إلاَّ وتلقى روحه يرفعه أهل كل سماءٍ إلى سماء، فقد بلغت، يبعث هو وأصحابه يتخللون رقاب الناس، فيقال هؤلاء خلف الخلف، ودعاة الحق).(1/69)


وأخبرنا الشيخ الأجل حسام الدين الحسن بن محمد الرصّاص رحمه الله، والشيخ محيي الدين محمد [بن] أحمد بن الوليد القرشي طوَّل الله عمره قالا: أخبرنا القاضي الأجل الفاضل شمس الدين جعفر بن أحمد [بن] عبدالسلام بن أبي يحيى رضوان الله عليه مناولةً، ثم قراءةً قال: أخبرنا القاضي [الأجل] الإمام أحمد بن أبي الحسن الكني أسعده الله قراءة عليه وهو ينظر في نسخة الأصل قال: أخبرنا السيد العالم أبو طالب عبدالعظيم بن مهدي بن نصر بن مهدي الحسيني رحمه الله قراءة عليه قال: حدثنا الشيخ الإمام إسماعيل بن علي بن إسماعيل الفرزاذي بقرائته علينا قال: حدثنا السيد الأجل الإمام المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الموفق بالله أبي عبدالله الحسين الحسني رضي الله عنه قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن علي بن حمدان بقرائتي عليه قال: حدثنا أبو عبدالله الحسين بن جعفر بن محمد الجرجاني بالرَّيّ من لفظه قال: أخبرنا عمر بن محمد بن عمر القناص بن الضحاك بقرائته عليه قال: وقال السيد: وأخبرنا محمد قال: حدثنا الحسين بن جعفر قال: وحدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عيسى البزاز قراءة من لفظه قالا: حدثنا هارون بن عيسى الصيرفي صلول أبو محمد قال: حدثنا بكار بن محمد بن[شعبة] بن دحان [بن ثوبان] قال: حدثني بكر بن عبدالملك بن وائل الأعنق بصري سكن اليمامة، وكان رجلاً صالحاً عن طارق بن شهاب عن حذيفة بن اليمان قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى زيد بن حارثة فقال: ((المقتول في الله، والمصلوب في أمتي، والمظلوم من أهل بيتي سَمِيُّ هذا، وأشار بيده إلى زيد بن حارثة، فقال: ادن مني يا زيد زادك اسمك عندي حُبَّاً، فأنت سميّ الحبيب من أهل بيتي)).(1/70)

14 / 73
ع
En
A+
A-