[38]) [الإنسان] ، ولا خلاف أنها نزلت في أهل بيت النبي المختار صلوات الله عليه وعلى آله الأخيار(1)[39]) فعرفتَ أنهم أهلُ الحق الذين يجب على أولي الألباب أن يحيوا حياتهم، ويموتوا معهم وعلى دينهم ومذهبهم.
وإن التفت رابعاً إلى أن تعرّف الفرقة الناجية إلى آيات القرآن، وجدت ذلك في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31]، فعرفت أن محبة الله التي بها النجاة إنما تتم باتباع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم.
__________
(1) 39])ـ في (ب): الأطهار .(1/31)


فإذا تأملتَ قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى }(1)[40]) [الشورى:23] ، عرفتَ أن إتباع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لا يتم إلا بالمحبة لقرابته، وإخلاص المودة للقربى(2)[41])، وهم أهل البيت الطاهرين عَلَيْهم السَّلام.
ومن المعلوم أنه ليس من محبتهم الرفض لهم والاقتداء بغيرهم، والاتباع [4-أ] لغير مذهبهم، فإن ادعاء المحبة بغير عمل سخرية وجهل.
__________
(1) 40])ـ نزلت في أهل البيت: وأخرج خبر النزول الإمام الناصر الأطروش كما في لوامع الأنوار للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (1/87) قال: لما نزلت آية المودة، قيل للنبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ فقال النبي –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((هم علي وفاطمة وأبناؤهما))، والإمام أبو طالب في الأمالي (ص120)، والإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية (1/148)، وابن جرير في تفسيره (25/23) عن سعيد بن جبير، وابن حبان (14/175)، وأخرجه الطبراني في الكبير (11/444)، والهيثمي في مجمع الزوائد (7/103)، والكنجي في كفاية الطالب الباب (11/91)، وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن جابر (3/201)، وابن المغازلي في المناقب (352)، والزمخشري عند تفسير الآية، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بأسانيد عدة (1/189) وفرات الكوفي في تفسيره بأسانيد كثيرة ص (144)، وأخرجه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (1/117، 131)، وهو أيضاً من خبر المناشدة وخطبة الإمام الحسن السبط، انظر ذلك .
(2) 41])ـ في (ب): وإخلاص المودة للحمته.(1/32)


وإن التفتَ خامساً إلى استنباط الفرقة الناجية من الكتاب وجدتَ [7-ب] ذلك في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(1)[42]) [آل عمران:103]، فعرفت أن(2)[43]) النجاة لا تكون إلا بالاعتصام بحبل الله، وأن المتفرقين عنه ضالون في حكم الله.
__________
(1) 42])ـ أخرج الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1/131) بسنده عن علي –عَلَيْه السَّلام- عن النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليتول علياً، وليأتم بالهداة من ولده، فمن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم)) .
وروى الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين (ص74) في تفسير الآية: (قيل : حبل الله أهل بيت رسول الله، عن جعفر بن محمد)، وروي عنه: (نحن حبل الله الذي قال الله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}، ورواه أيضاً الحسكاني في شواهد التنزيل (ص169) رقم الحديث (180)، ورواه أيضاً أبو نعيم الأصفهاني في تفسير الآية الكريمة في كتاب (ما نزل من القرآن في علي) أهـ.
(2) 43])ـ في (ب): بأن .(1/33)


ونظرتَ في حبل الله فإذا هم أهل بيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لقوله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم : ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي(1)
__________
(1) 44])ـ حديث الثقلين : حديث ثابت صحيح مشهور متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخرجه الحفاظ وأئمة الحديث في الصحاح والمسانيد والسنن بطرق كثيرة صحيحة عن بضعة وعشرين صحابياً منهم: الإمام علي بن أبي طالب –عَلَيْه السَّلام-، وزيد بن أرقم، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبدالله، وجبير بن مطعم، وحذيفة بن أسيد، وخزيمة بن ثابت، وزيد بن ثابت، وسهل بن سعد، وضمرة الأسلمي، وعامر بن ليلى الغفاري، وعبدالرحمن بن عوف، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن حنطب، وعدي بن حاتم، ومقير بن عامر، وأبو ذر، وأبو رافع، وأبو شريح الخزاعي، وأبو قدامة الأنصاري، وأبو هريرة، وأبو الهيثم بن التيهان، وأم سلمة، وابن امرأة زيد بن أرقم، وأم هانئ، ورجال من قريش.
وقد قاله رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- في مواقف مشهورة وفي ملأ من الناس أربع مرات في أربع مواقف، هي: موقف يوم عرفة، موقف يوم غدير خم، موقف في المسجد بالمدينة عندما استند إلى الفضل وأمير المؤمنين وخرج إلى المسجد في مرضه، موقف في مرضه في الحجرة عندما رآها امتلأت بالناس .
والحديث يوم عرفة أخرجه: الترمذي في سننه (5/622) رقم (3786) عن جابر بن عبدالله، وقال: وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد، وأخرجه ابن أبي شيبة، وعنه في كنز العمال (1/48) (ط1)، وأخرجه العقيلي في الضعفاء (2/250)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (68) الأصل الخمسون)، والطبراني في الكبير (3/63) رقم (2679)، والخطيب في المتفق والمفترق ، وعنه في كنز العمال (1/48) (ط1)، وفي مجمع الزوائد (5/195، 9/163، 10/363، 268)، وأخرجه البغوي في المصابيح (206)، وابن الأثير في جامع الأصول (1/277) رقم (65) ، واليافعي في التدوين (2/264) في ترجمة أحمد بن مهران، وأخرجه الحافظ المزي في تهذيب الكمال (10/5)، وفي فقه الأشراف (2/278)، والخوارزمي في كتاب مقتل الحسين (1/115)، والزرندي في نظم درر السطمين (232)، والمقريزي في معرفة ما يجب لآل البيت النبوي.
وأما موقف يوم غدير خم ؛ فأخرجه: النسائي في خصائص علي (ص96) رقم (79)، والبخاري باختلاف في اللفظ في التاريخ الكبير (3/96)، ومسلم رقم (2408)، وأحمد (15/17، 4/366)، وعبد بن حميد في مسنده رقم (256)، وابن حجر في المطالب العالية (4/65) رقم (1873)، وقال: هذا إسناد صحيح، والدارمي في سننه (2/310، 2319)، والطبراني في المعجم الكبير (3/2679، 2681، 2683)، وفي (5/4969)، وانظر فهرس المعجم .
والحاكم في المستدرك (3/109) بثلاث طرق، وصححه وأقره الذهبي، وأبو نعيم في حلية الأولياء (1/355، 9/64)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/148، 7/30، 10/114)، وعشرات غيرهم بألفاظ متقاربة .
وأما موقف مسجد المدينة فأخرجه: ابن عطية في مقدمة تفسيره (المحرر الوجيز 1/34)، وأبو حيان في تفسير البحر المحيط (1/12)، وابن حجر في الصواعق المحرقة (ص75، 136)، ويحيى بن الحسن في كتابه أخبار المدينة بإسناده عن جابر، وعنه في ينابيع المودة (ص40) وغيرهم .
وأخيراً في موقفه -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- في مرضه في الحجرة ؛ أخرجه: الحافظ ابن أبي شيبة، وأورده عنه الوصابي في سمط النجوم العوالي (2/502) رقم (136)، والبزار في مسنده بلفظ أوجز كما في كشف الأستار (3/221) رقم (2612)، والخطيب الخوارزمي في فضل الحسين عن ابن عباس (1/164)، ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة (89) عن أم سلمة في مرضه قالت: وقد امتلأت الحجرة بأصحابه .
انتهى نقلاً من هامش تحكيم العقول تحقيق السيد عبدالسلام الوجيه ملخصاً من مجلة تراثنا العدد (14) السنة (1409هـ) ص(84-93) تحت موضع: ((أهل البيت في المكتبة العربية)) للسيد عبدالعزيز الطباطبائي .
قلت: وفي طريق حديث الثقلين عدّة كتب ومباحث منها لإمام الآل حجة العصر مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى، ذكرَ المخرجين لحديث الثقلين من كتب الأئمة ثم من كتب الأشياع ثم من كتب العامة، انظر: لوامع الأنوار له أيده الله تعالى(1/51-54)، التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية له أيضاً أيده الله تعالى(ط3/ 429) .
وإنما ذكرنا تخريج العامة لإثبات الدلالة من كتبهم تأكيداً للحجة على المخالفين والمتأولين، وكون أحاديث التمسك عثرة المخالف التي لا لعالها، وإلا ففي كتب الشيعة من وجوب التمسك والفضائل ما ملأ الخافقين . المحقق. أهـ.(1/34)


[44]))).
وبإسناد آخر: أنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم خرج ومعه علي والعباس(1)[45])، فصلى ووضعاه على المنبر فخطب ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين لن تعمى قلوبكم، ولن تزل أقدامكم، ولن تقصر أيديكم أبداً ما أخذتم بهما: كتاب الله سبب بينكم وبين الله ؛ فأحلوا حلاله وحرموا حرامه - فعظَّم من أمر الكتاب ما شاء أن يُعَظِّم، ثم سكت ـ)) فقال عمر: هذا أحدهما قد أعلمتنا به، فأعلمنا بالآخر.
فقال صلوات الله عليه: ((أما أني لم أذكره إلا وأنا أريد أن أخبركم به، غير أنه أخذني الريق فلم أستطع أن أتكلم؛ ألا وعترتي ألا وعترتي ألا وعترتي - ثلاثاً - فوالله لا يبعث رجل بحبهم إلا أعطاه الله نوراً (يرد(2)[46])) علي يوم القيامة ، ولا يبعث الله رجلاً ببغضهم إلا احتجب الله عنه يوم القيامة)) يعني حَجَبَ عنه رحمتَه وغَضِبَ عليه.
وهو صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لم ينتصب في حال التعب والمشقَّة؛ لأن يُعَرِّفَهم ما قد عرفوا من تعظيم القرآن، وإنما أراد بذلك بيان حال العترة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين.
فإذا تأمل العاقل ما ذكرنا [8-ب] عرف أن القرآن قد شهد بأن الفرقة الناجية هم فرقة أهل البيت عَلَيْهم السَّلام.
__________
(1) 45])ـ كذا في (أ، ب)، وفي الأساس (2/372) ما لفظه: وفي السفينة للحاكم قال: من كتاب الناصر للحق –عَلَيْه السَّلام- عن أبي سعيد الخدري: لما مرض رسول الله –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- مرضه الذي توفي فيه أخرجه علي والفضل بن العباس ...الخبر بتمامه .
(2) 46])ـ سقط من (أ) .(1/35)

7 / 21
ع
En
A+
A-