وأيضاً فهم أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [عليه الصلاة والسلام ] الذي قال فيه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم : ((يا علي خلق الله نوراً فجزأه فخلق العرشَ من جزء، والكرسي من جزء، والجنة من جزء، والكواكب من جزء، والملائكة من جزء، والسدرة المنتهى من جزء، وأمسك جزءاً منه تحت بطنان العرش حتى خلق آدم عَلَيْه السَّلام فأودعه الله جبينه، وكان ينتقل ذلك من أب إلى أب إلى عبد المطلب ، ثم صار نصفين فنقل جزءاً إلى عبدالله والد النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ونصفه إلى أبي طالب، فخلقتُ أنا من جزءٍ وأنتَ من جزءٍ؛ فالأنوار كلها من نوري ونورك يا علي(1)[149]))).
__________
(1) 149])ـ الحديث بألفاظ متقاربة أخرجه الإمام المنصور بالله في الشافي (1/110- 111)، وأخرج أيضاً نحوه من مسند أحمد بن حنبل، ومن طريق ابن المغازلي (87) برقم (130) عن سلمان، و(131) عن أبي ذر، و(132) عن جابر، ومن الفردوس للديلمي (2/191) برقم (2952) عن سلمان، والحاكم في السفينة، وساق الأخبار بأسانيدها، وابن عساكر (1/151) رقم (185) عن ابن عباس، و(186) عن سلمان، ترجمة الإمام علي بتحقيق المحمودي، والحموي في فرائد السمطين (9/42) رقم (6) عن سلمان، ورقم (7) عن علي، قال المحمودي: أخرجه الخوارزمي في فصل (14) من المناقب (ص88) وفي آخر الفصل (4) من مقتله، وابن أبي الحديد في شرح النهج (146) (2/450، ط: مصر)، وعزاه إلى أحمد في المسند والفضائل، والكنجي في كفاية الطالب (87) (ص315).(1/71)
وأيضاً ففيه قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب(1)[150]))).
وهو الذي آخاه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ووازره، وقال: ((أنت أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي(2)[151]))).
وأيضاً فهو الذي أوصى إليه أن يغسله ويكفنه ويقوم بأمره بعد موته.
__________
(1) 150])ـ وقد ضمن كلمات هذا الحديث محمد بن أحمد بن عبيد الله الكاتب المعروف ((بالمفُجَّع)) المتوفى (327هـ) في قصيدة أسماها (بذات الأشباه) وإليك منها:
أيها اللائمي لحب عليا
أبخير الأنام عرضت لا زلـ
أشبه الأنبياء كهلاً وزولاً
قم ذميماً إلى الجحيم خزيا
ـت مذوداً عن الهدى مزويا
وفطيماً وراضعاً وغذيا
والحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مع اختلاف اللفظ لا المعنى، وأخرجه الإمام المرشد بالله بنحوه في الأمالي الخميسية (1/133)، وابن المغازلي في مناقبه (ص147) رقم (256)، وللحديث مصادر أخرى اكتفينا بهذا منها .
(2) 151])ـ الخبر: أخرجه صاحب المحيط بالإمامة (خ) قال: أخبرنا محمد بن علي بن خلف، قال: حدثنا محمدبن عمرو، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن عمرو بن حريث، عن برذعة بن عبدالرحمن، عن أنس بن مالك، قال: دخل علي بن أبي طالب –عَلَيْه السَّلام- على رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- فقال: ((أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي وخير من أخلفه بعدي))، وأخرجه بلفظ مقارب الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (1/445)، وله شواهد كثيرة، انظر: أحاديث المناقب .(1/72)
وأيضاً فهو الذي زوّجه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ابنته، وقد كان خطبها أبو بكر ثم عمر، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إنما أنا بشر مثلكم أزوجكم وأتزوج منكم إلا فاطمة فإنه نزل تزويجها من السماء(1)[152]))).
وأيضاً فترك له طريق إلى المسجد وسد الأبواب كلها إلا باب علي [عَلَيْه السَّلام]، ولما خرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وهم قائِلُون بالمسجد ومعهم علي بن أبي طالب عَلَيْه السَّلام ضربهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم بعسب(2)[153]) رطب فجفلوا وجفل معهم علي بن أبي طالب فأدركه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وقال: ((إنك لست كهيئتهم إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، كأني بك على حوضي بيدك عصا من عوسج تذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادي على الماء، يقتلك أشقى هذه(3)[154]) الأمة كما قتل ناقةَ الله (أشقى(4)[155])) بني فلان من ثمود(5)[156]))).
__________
(1) 152])ـ الخبر: أخرجه أبو العباس الحسني في المصابيح (ص232) بسنده عن علي –عَلَيْه السَّلام-، وعنه الإمام أبو طالب في الأمالي في (الباب الخامس)، والإمام المنصور بالله في الشافي (4/196) .
(2) 153])ـ في (أ): بعسيب .
(3) 154])ـ نهاية الصفحة [13-أ].
(4) 155])ـ سقط من (أ) .
(5) 156])ـ أخرجه بألفاظ متقاربة: الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (2/62، 462، 465) وقال المحمودي في الهامش: وقريباً منه رواه ابن عساكر بسنديه عن جابر بن عبدالله الأنصاري تحت الرقم (329_ 330) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (1/290)، ورواه الخوارزمي في الباب (9) من كتابه: مناقب علي –عَلَيْه السَّلام- (ص60) .(1/73)
وهو المراد بقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)}(1)
__________
(1) 157])ـ روى الطبري في تفسيره (13/108) قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا معاذ بن مسلم، حدثنا الهروي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)} [الرعد]، وضع رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- يده على صدره فقال: ((أنا المنذر ولكل قوم هاد –وأومأ بيده إلى منكب علي فقال: أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون بعدي)) .
ورواه الطبراني في كتاب المعجم الصغير (2/38) قال: حدثنا الفضل بن هارون البغدادي صاحب أبي ثور، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا المطلب بن زياد، عن السدي، عن عبد خير، عن علي –كرم الله وجهه في الجنة- في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)}، قال: رسول الله المنذر، والهاد رجل من بني هاشم.
ورواه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه (ما نزل من القرآن في علي –عَلَيْه السَّلام-) (ص117) وبحديث رقم (31)، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: حدثنا حسن بن حسين العُرني، قال: حدثنا معاذ بن مسلم الهروي [الفراء]، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)}: أومى النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- بيده إلى منكب علي فقال: ((أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي)) .
وقد احتجت الزرقاء الكوفية بهذا الحديث عندما دخلت على معاوية وسألها: ما تقولين في مولى المؤمنين علي ؟ فأنشأت تقول:
صلى الإله على قبر تضمنه
من حالف العدل والإيمان مقترناً
نور تأجج فيه العدل مدفونا
فصار بالعدل والإيمان مقرونا
فقال لها معاوية: كيف غُررت فيه هذه الغريرة ؟
فقالت: سمعت الله في كتابه يقول لنبيه: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)}( [157]) [الرعد]، المنذر رسول الله والهادي علي ولي الله، وللحديث مصادر كثيرة اكتفينا بهذا منها . انظر شواهد التنزيل (1/394)، مناقب الكوفي (طبع) .(1/74)
[157]) [الرعد]، هو الهادي في الآية بنص النبي المختار.
وهو المراد بقوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ(43)}(1)[158]) [الرعد] ، وهو المراد بقوله تعالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ(12)} [الحاقة]، لما نزلت قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((اللهم اجعلها أذن علي)) قال علي [عَلَيْه السَّلام] فما نسيت شيئاً بعد ذلك(2)
__________
(1) 158])ـ روى الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل) (1/400) في تفسيره للآية بأسانيد مختلفة، ففي الحديث (422) قال: حدثني أبو الحسن الفارسي، وأبو بكر المصري، قالا: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الفقيه إملاء، قال: حدثنا محمد بن موسى المتوكل، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عمرو بن مفلس ، عن خلف، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سألت رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- عن قوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ(43)} [الرعد]، قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب .
(2) 159])ـ روى الطبري في تفسير الآية المباركة من تفسيره (29/55) قال: حدثنا علي بن سهيل، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب، قال: سمعت مكحولاً يقول: قرأ رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ(12)} [الحاقة]، ثم التفت إلى علي ؛ فقال: ((سألت الله أن يجعلها أذنك)) قال علي –رضي الله عنه-: فما سمعت شيئاً من رسول الله –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- فنسيته.
ورواه بسنده أيضاً الحاكم الحسكاني في كتابه (شواهد التنزيل) (2/361) في الحديث (1007)، ورواه أبو نعيم الحافظ في كتابه (ما نزل من القرآن في علي) (ص266) في الحديث (74)، ورواه البلاذري في الحديث (83) من ترجمة الإمام علي في أنساب الأشراف (2/121)، ورواه السيوطي في جمع الجوامع (2/308)، ورواه ابن المغازلي في مناقبه بسندين في الحديث رقم (363- 364) (ص197)، ورواه الكنجي الشافعي في كفاية الطالب (ص180)، ورواه أبو الحسن الواحدي في كتاب أسباب النزول (ص329)، ورواه الفيروزأبادي في كتاب فضائل الخمسة (1/329).(1/75)