* ومنها أن ما استفاده أيهم لا بسعي أو غرمه حصته له وعليه كأروش الجنايات والمهور داخلاً وخارجاً، وهذا يمكن أخذه من كلام أهل المذهب.
* ومنها أن النسوة المشاركات في أصل التركه يشاركن في السعي إلى تاريخ تزويجهن، ثم ينقطع من المستفاد المتأخر لبطلان التكافؤ.
* ومنها أن الصغار كأولاد الإخوة يشاركون في المستفاد لكن من سن البلوغ لا ما قبلها فنفقته تقاوم سعيه وهو العرف في بعض الجهات، فإن اختلف عُمِل بحسبه.
* ومنها أن الزوجات يشاركن في السعي إن جرى عرف بذلك وإلا فلا مالم يجبرن، وكل هذا يمكن أخذه لأهل المذهب، إما نصاً أو عموماً أو تخريجاً، وإلا فهو غاية العدل الممكن الذي أمر اللّه به.
فإذا عرف هذا أمكن رد تلك الأطراف إليه.
أما الطرف الأول: فليس للإناث اللاتي تزوجن إلا نصيبهن من التركه المخلفه إذ لا شركة ولاتكافؤ اللّهم إلا أن يعرف انهن لم يدعن النقود ونحوها إلاّ لإرادة الربح أخذن حصتهن من نصيب التركه لا من نصيب السعاة، وأما في القدر فلا إشكال أن القول قولهم فيما هو أصل ومكتسب وفي قدره لأن اليد لهم ما لم يخالفوا ظاهرا قد أقروا بأصله، وأما ما سلموه من ضيافة وزيارة ونحوهما مما جرى به العرف فإنه صلة واجبة إلى حد ما يجري به العرف وما زاد لابأس بحسابه لهم إذا عرف أنه في مقابل شئ.(1/88)
وأما الطرف الثاني فيقال قد صار الولد شريكاً لوالده من عند سعيه مع بلوغه تلك السن فيشارك والده فيما استفاده من ذلك التاريخ فيما هو نصيب السعاة لا في الأصل، فيقسم الأصلي بين الورثة على الفرايض الشرعية لقاصر وبالغ ويتبعه في القسمة كذلك ما استفاده الأب إلى تاريخ بلوغ ولده تلك السن لإنه خاص به، وكذلك يتبعه في القسمه حصة التركه من السعي، هذه الثلاثه الأصناف تقسم على الفرائض، وأما نصيب السعاة فيقسم بين الأب وولده، ويقسم نصيب الأب بين ورثته أيضاً ، وهذا على فرض أن الأب قد توفي فإن كان الأب حياً فليس للولد الا الحصة المذكورة من السعي والباقي ملك الأب.
وأما الطرف الثالث فنقول: نعم يستحق الإناث نصيبهن من السعي إن كن عاملات ولو في البيت إذ لم يتم لهم عملهم الا بعملهن فالشركة حاصلة.
وأما الطرف الرابع فالزوجات يستحققن نصيباً من السعي مع جري العرف بذلك أو حصول الإكراه على العمل، وإن لم يحصل أيهما فلا لنص أهل المذهب أن المرأة إذا عملت في بيت زوجها لم تستحق أجرة إلا لشرط أو عرف أوإكراه، وأما أولادهم الصغار والكبار فقد مر بيانه.(1/89)
وأما الطرف الخامس فنقول: يستحق الصغار الذين لم يسعوا نصيبهم من الأصل على الفرايض الشرعية، ويتبع الأصلي حصة التركة من المستفاد لاغير، واما نصيب السعاة فلا شي لهم فيه، وما اتلف من غلات نصيب الصغير يقدر له غلات نصيبه ويحسب عليه نفقته حيث وأبوه قد مات وإلا فنفقته عليه، وهذا مع عدم الشركة بينه وبين الكبار وأما مع الشركة فتسقط نفقته في مقابل عمله ويأخذ من المستفاد حصة نصيبه في التركة لامن حق السعاة، ومخالطة القاصرين قد ورد بها القرآن قال تعالى {وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح}وإن كانت نصاً في شركة الأموال كما يقتضي به سبب النزول لكن العام لايقصر على سببه.
وأما الطرف السادس في الإناث الاّتي تركن أموالهن تحت أيدي أرحامهن فزرعوا وحرثوا بظن الرضا ...الخ ، فيستغلونه بالحرث والزراعة ...الخ.(1/90)
فنقول: ظن الرضا لايرفع إلا الإثم فقط ، وأما الضمان فبحاله ، والعبرة بالإنكشاف، فمع إنكشاف الرضا يعمل بحسبه هل رضا بالزرع ويردون لهن الغلات ؟ فهذه إباحة منافع لارجوع لهن بعد الزرع ولا للوارث إن كان البذر منهم ، فإن كان البذر من ملكهن فإباحة أعيان ويرجعن ووارثهن مع البقا لامع التلف ، وأما مع إنكشاف عدم الرضا فالضمان لازم بكل حال سواء كان من باب الأعيان أو من باب المنافع ، لأنه يلحق بالغصب ، ولايقال: فقد قالوا إن الأصل في المنافع عدم العوض لأنا نقول: ذلك مبني على الإذن في الإستعمال وإنما اختلفوا أهل بأجرة أوبغيرها، وأما مع عدم الإذن فهو يرجع إلى ضمان الغصب وهو يصير غاصباً وإن لم ينو ، لكنه هنا لا أجرة إن لم يستعمل لعدم منعهن منه، فإن منعوهن فكالغصب من كل وجه.
وأما رجوع الوارث بالغلات فتسمع دعواه ويعمل بالظاهر والعرف الجاري من قراين الرضا ما لم يكن للسكوت محمل غير الرضا من حياء أو إكراه أو نحوهما، فإن كان العرف عدم رجوعهن حكم به ، وإلاّ حكم للوارث بالرجوع ، وكذلك لارجوع لهن مع العرف بعدم الرجوع مع ظهور مايثبت المسامحة، ومرجع هذا إلى الدعاوي فمن الظاهر معه فالقول قوله مع يمينه .
وأما إبرارهن بما جرت به العاده فقد سبقت الإشارة أن ذلك من باب الصلة الواجبة ، وهو يحرم العوض في مقابلة الواجب .(1/91)
وأما تقدير الغلول اذا احتيج اليه فطريقه تقدير عدلين خبيرين يسقطان سني الخُلف ويقدران سني الصلح بالوفا والنقص بغالب الظن كقيم المتلفات ، وقد ورد النص بتقدير العدلين في الجزاء في الحج في قوله تعالى {يحكم به ذوا عدل منكم}.
وسألتم: هل ثمة فرق بين الأعيان والمنافع ؟ .
فمع عدم الإذن لافرق بينهما، وإنما يفترق الحال مع الإذن ، ففي المنافع الأصل عدم العوض وفي الأعيان الأصل العوض.
وسألتم: هل زراعة الأرض استهلاك منفعة أو عين؟.
وقد أشرنا إلى أنه إن كان البذر من المستعمل فاستهلاك منفعة، وإن كان من ملك رب الأرض فاستهلاك عين.
وسألتم: عن قلة العمل وكثرته هل يستوون في المستفاد؟، كعمل أنثى مع ذكر له محصولات .
فالمختار للمذهب الإستواء لأن إستمرارهم على الشركه مع علمهم بنقص عمل البعض رضا بالتساوي ، ولحديث ((إنما رزقت..الخ )) ، وقد أشرنا إلى ما اخترناه من التنصيف للأنثى مع جري العرف به ، وقد نظّر بعض العلماء التفضيل على قدر السعي، والصحيح أن لا تفضيل بذلك إلا لعرف رداً للكل إلى المناط، وهو التراضي المستفاد من العرف العام أوالخاص ، واللّه أعلم.(1/92)