الدليل الثاني: ما جاء في }قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى{([65]) أنها لما نزلت قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين أمرنا الله بمودتهم؟ قال: (علي وفاطمة وولدهما) أخرجه أحمد بن حنبل والثعلبي في تفسيره عن ابن عباس وسيأتي بطرقه مستوفي فلو كان غير أولاد فاطمة منهم في وجوب محبتهم وإتباعهم لما ذكرهم وحدهم في مقام البيان.
الدليل الثالث: ماجاء في وصية أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه أوصى لأولاده من فاطمة وخصهم بشيءٍ من الوصية وقال: ((تكريماً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم))، فلو كان كل أولاده ذرية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما كان لاختصاصهم بالذكر فائدة وسيأتي في كتاب الوقف من رواية أمالي الإمام أحمد بن عيسى مسنداً.
الدليل الرابع: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:((أن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله وذريتها على النار)) أخرجه النسائي والطبراني في الكبير وأبو يعلي وابن عدي في الكامل والحاكم في المستدرك على الصحيحين([66])، وابن عساكر عن ابن مسعود وأخرجه تمام وابن عساكر عن زر بن حبيش مرسلاً وصححه الدار قطني عن زر مرسلاً وأخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ ((إن الله غير معذبكِ ولا ولدكِ)) مخاطباً لفاطمة.
وأخرج الإمام علي بن موسى الرضى في صحيفته عن آبائه عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله فطم فاطمة وولدها ومن أحبهم من النار فلذلك سميت فاطمة)).
________________
([65]) الشورى آيه (23) ربما هي رواية مسلم وهي هكذا وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم أن رسول صلى الله عليه وآله قال أذكركم الله في أهل بيتي فقيل لزيد ومن أهل بيته أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس. فتح القدير 280 المجلد الرابع.
وفي رواية أخرى أنها لما نزلت }قل لا أسألكم { الآية , قالوا: ولو شاركهم الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم، قال علي وفاطمة وولداهما، وأخرجه ابن المنذر وابن أبن حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال السيوطي سند ضعيف. قال في مقدمة تفسير المصابيح الساطعة الأنوار وأن آية المودة دالة على وجوب محبتهم على الجزم ووجه الاستدلال بها أنه عز وجل جعل حبهم الذي هو لهم نفعة في الدين أجرى لسيد المرسلين وأوجبه على كافة الخلق أجمعين ومن ظلم الأجير أجرته فهو من الظالمين فما حال من ظلم النبي الأمين في وداد عترته الأكرمين فهو من الهالكين بأيقن يقين ص 39.
([66]) وقال: صحيح.(1/17)


وأخرجه الحافظ الدمشقي عن علي عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتدرين لِمَ سمُيت فاطمة) قال علي عليه السلام([67]) يا رسول الله لما سميت فاطمة قال: (لأن الله فطمها وذريتها عن النار يوم القيامة) وفي مناقب العلامة محمد بن سليمان الكوفي رحمه الله ثنا أحمد بن عبدان قال ثنا سهل([68]) بن سفير قال ثنا موسى بن عبد ربه قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله لما سميت فاطمة فاطمة؟ قال: ((لأن الله فطمها وذريتها عن النار)).
وأخرج أبو سعد والمُلاَّ في سيرته عن عمران بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((سألت ربي أن لا يدخل أحداً من أهل بيتي النار فأعطاني ذلك)).
قلت: وهذا معنى العصمة لأنهم لا يحرمون على النار قطعاً إلاّ وهم معصومون.
فإن قلت: كيف جعلت معنى هذا الحديث العصمة؟
قلت: لأن إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم لا يدخلون النار إخبار بالعصمة وأنهم لايخرجون عن الحق مجاز من إطلاق السبب الذي هو عدم دخولهم النار على السبب الذي هو عدم ارتكاب المعاصي.
فإن قلت: ما القرينة على هذا المجاز؟
قلت: القرينة قطعية وهي آيات الوعيد([69]).
فإن قلت: هل قرينة أُخرى؟
قلت: نعم وهي أنه جعل الحكم ذيلا لقوله: (إن فاطمة أحصنت فرجها) قرينة تنبه أيضاً على أنها لم تحرم على النار إلا لعصمتها فكذا ذريتها.
وتنبه أيضاً على أن طهارة الماء موجبة لطهارة ما تفرع منه وإن كانت الطهارة الأولى من السفاح والثانية من المعاصي القباح فالمناسبة ظاهرة.
________________
([67]) ذخائر العقبى ص 26.
([68]) في (أ) شهل
([69]) كون الآيات توجب العقاب لمرتكبي المعاصي(1/18)


فإن قلت: من أين دل على ما ذكرت من خروج العلويين عن العترة؟
قلت: من حيث أن حديث الكساء يدل على العصمة وهذا يدل عليها كذلك فهو كالمبين لمن أُريد بحديث الكساء من الذرية فلو دخل العلويون لم يكن لاختصاص ولد فاطمة فائدة فتأمل.
فإن قلت: بعد هذا يدل هذا الحديث وآية التطهير على العصمة لكل فرد منهم؟
قلت: دلاّ على ثبوت العصمة ولا([70]) يمكن إثباتها لكل فرد لأن المعلوم خلافه([71]) فيحكم بها للجماعة([72]) لئلا تبطل فائدة الإخبار من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالآية والأحاديث.

الدليل على حديث زيد بن أرقم
فإن قلت: إن دل حديث الكساء على أن الأربعة وذريتهم هم أهل البيت عليهم السلام فقط فقد جاء ما عارضه وهو حديث زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني تارك فيكم) وساق حديث الثقلين حتى قال: قلت: يا رسول الله ومن أهل بيتك؟ قال: آل علي وآل جعفر وآل العباس وآل عقيل، وروي هذا التفسير موقوفاً على زيد بن أرقم.
________________
([70]) في (أ) ولم
([71]) في (أ)خلافها
([72]) ولعله للجماعة دون الخمسة أهل الكساء فهم معصومون كل واحد منهم على حدة وما أتى بعدهم من ذريتهم فالجماعة معصومة لا الأفراد...(1/19)


قلت: لنا في الجواب عن هذا الحديث وجوه:
الوجه الأول: أن حديث الكساء وحديث الثقلين جاءا متواترين ولم تثبت هذه الزيادة إلا بهذه الطريق الواحدة فهي شاذة منكرة.
الوجه الثاني: أن في رجال إسناده من لا يرتضى عنهم فمنهم أحمد بن بشار مجهول، ومنهم أبو عوانة وضاح بن عبد الله الوسطي البزار
قال أحمد وأبوحاتم: إذا حدث من حفظه وَهِمَ ويغلط كثيراً وضعفه ابن المديني عن قتادة، ومنهم الأعمش سليمان بن مهران قالوا فيه: مدلس تدليس التسوية، قال العراقي وابن حجر: ذلك قادح في العدالة.
الوجه الثالث: أنا لو سلمنا صحته وسلامته عن كل قادح فهو آحادي ظني، وأحاديث الكساء متواترة قطعية، والظني يبطل إذا قابله قاطع.
وفي هذا البحث كفاية لأهل البصيرة، وإزالة لكل شك وحيرة فتأمل بعين الإنصاف، وانظر بفكر صحيح وذهن صافٍ تبلغ الحق والتحقيق([73]).
__________________
([73]) مكتوب في آخر (ب) حرر يوم الجمعة لعله 14 شهر القعدة 1351هـ بقلم أفقر خلق الله إليه عبد الله بن الحسن بن أحمد بن المهدي وفقه الله. تم ذلك بقلم أسير الذنوب عبد الله بن إسماعيل بن علي بن أحمد بن علي بن قاسم مشحم الملقب الحشحوش وفقه الله حرر بتاريخه يوم الأحد 24شهر صفر 1373 هـ..(1/20)


5 / 6
ع
En
A+
A-