موسى ومنها أحاديث سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر ومنها أحاديث لا ترجعوا بعدي كفرا يضرب بعضكم رقاب بعض ومنها بادروا بالاعمال فتنا يصبح الزجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ومنها وهو من أصرحها حديث عمار وهو صحيح متواتر ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم وقال ابن الجوزي في جامع المسانيد أخرجه البخاري ومسلم وكذلك ابن الأثير في جامع الاصول
قال الحميدي أخرجه كذلك أبو بكر البرقاني وأبو بكر الاسماعيلي قبله وذكره ابن حجر في قتال البغاة من تلخيصه عن اثني عشر صحابيا وذكر عن ابن عبد البر انها تواترت به الاخبار وان أصح الحديث وعن أحمد بن حنبل انه روي من ثمانية وعشرين طريقا وذكر الذهبي في ترجمة عمار من النبلاء كثيرا من طرقه وحكم بصحته بل بتواتره وذكر ان يعقوب بن أبي شيبة الامام الثقة الحافظ سمع أحمد بن حنبل سئل عنه فقال فيه حديث صحيح عن رسول الله وروى الذهبي مع ذلك أحاديث أخر قاتل عمار وسالبه في النار بل ان الله يعادي عدو عمار ويغضب لغضب عمار رضي الله عنه وحديث عمار هذا من اعلام النبوة الكبار ولذلك ذكره جمهور من صنف في المعجزات النبوية واحتجوا على انه معلوم بالضرورة بان معاوية وأهل الشام حين سمعوه لم ينكروه وذكر القرطبي في تذكرته والحاكم في علوم الحديث ان القول بمقتضاه اجماع أهل السنة يعني ان من حارب عليا عليه السلام فهو باغ عليه وانه عليه السلام صاحب الحق في جميع تلك الحروب ومنها ما ورد في تخصيص قتل المسلم وقتاله من الوعيد الشديد وان رسول الله قال ان الله أبي علي في القاتل وفي حديث ابن عمر لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما رواه البخاري وروي من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا قال د في حديث عبادة عن يحيى بن يحيى الغساني في معنى اغتبط بقتله قال الذين يقاتلون في الفتنة فيقتل أحدهم فيرى انه على هدى لا يستغفر الله تعالى يعني من ذلك والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى (1/412)


وقد ذكرت في العواصم في مسألة الوعيد أحاديث كثيرة رائعة في تعظيم القتل وذكرها هنا يخرجنا على معنى الاختصار ومنها وهو أقوى من هذه الأشياء انه تواتر عن الصحابة انهم كانوا يعتقدون في الباغي على أخيه المسلم وعلى امامه العادل انه عاص آثم وأن التأويل في ذلك مفارق للاجتهاد في الفروع فانهم لم يتعادوا على شيء من مسائل الفروع وتعادوا على البغي وكذلك أجمعت الأمة على الاحتجاج بسيرة علي عليه السلام في قتالهم وليس المجتهد المعفو عنه يقاتل على اجتهاده ويقتل ويهدر دمه
وأما الاحاديث التي تقدمت في معارضة هذه فلا تبلغ مرتبتها في الصحة والشهرة ولو بلغت لم تعارضها فانها دالة على اثم أهل الفتن وانما فيها انه خفف على هذه الأمة عذابها في ذلك الذنب وجعل عذابها بالسيف في دنياها وهذا أولى أن يكون حجة على تحريم ذلك وعدم قبول الاجتهاد فيه فانه لو قبل منه لم يستحقوا عليه عذابا لا في الدنيا ولا في الآخرة بالاجماع بل يستحقون عليه المثوبة والثناء من الله سبحانه وتعالى
وأما الرجاء والشفاعة للمسلمين فقد تقدم ما فيه من القرآن والتواتر الا في قاتل المؤمن متعمدا ومنها ان النبي سمي فساد ذات البين الحالقة تحلق الدين لا تحلق الشعر ولو كان الاجتهاد فيها سائغا لم يصح ذلك ومنها أن الفريقين اجتمعوا على تهليك الخوارج والنصوص دلت على ذلك
فان قيل انما هلكوا بمجرد اعتقادهم التكفير
قيل لا سبيل الى القطع بذلك بل قد ورد ما يدل على ان القتل أعظم من التكفير وذلك حديث ثابت بن الضحاك مرفوعا وفيه ومن قذف مؤمنا بكفر فهو قاتله وتقدم القول في صحته وشواهده كثيرة قالوا وأما أحاديث النهي عن دفاع المتأولين فليس العلة فيها قبول اجتهادهم ألا تراه يقول فيها كن كخير ابني آدم يبوء باثمة واثمك فيكون من أصحاب النار رواه مسلم من حديث أبي بكرة ولم يكن ابن آدم القاتل لأخيه معفوا عنه والله تعالى يقول عن أخيه إني أريد أن تبوء بإثمي (1/413)


وإثمك بل هذا من أخص أدلة المعتزلة وأقواها لانه في أهل التأويل بالاتفاق والاثم منصوص
وقد جود ابن جرير الطبري الكلام في هذا الفصل ونقله ابن بطال في شرح البخاري وأما قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا وحديث كل ذنب عسى الله أن يغفره الا الرجل يقتل المؤمن متعمدا فالمراد الاحتراز من خطأ اليد لا خطأ الاستحلال بدليل ما ذكرناه وبدليل سياق الآيات من أولها في قتل الخطأ وكلام المعتزلة مع كثرة شواهده غير نص في محل النزاع فانه يمكن أن يكون هذا الوعيد بالنار في الفتن مختصا بالفتن التي الداعي اليها هو الهوى والكبر وحب الرياسة والمنافسة في الدنيا بل هو الظاهر في كثير من الأحاديث ومن أحوال أهل تلك الفتن ولو اجتهدوا لعرفوا الحق لاهله ومنتهى الامر ان يؤديهم الاجتهاد الى الوقف
وروى الحاكم في المستدرك في مناقب عمار والذهبي في النبلاء في مناقبه أيضا عن ابن عمر ما يدل على ذلك وانما الكلام مفروض فيمن وفي الاجتهاد حقه ولذلك أجمعت الأمة على العفو عن المجتهدين من أئمة العلم في معرفة أحكام الدماء والقتل في الحدود والقصاص في مسائل الفروع المختلف فيها المعمول فيها بأقوالهم كالخلاف في قتل تارك الصلاة وقتل الحر بالعبد ونحو ذلك حيث لم يكن الهوي سبب اختلافهم وظهر منهم التحري في الصواب وبذل الجهد في تعرفه وتوفية الاجتهاد حقه وهذا زبدة ما عرفته من أدلة الفريقين على جهة الاشارة والله الهادي والموفق الى الصواب (1/414)


خاتمة
في حب من أحبه الله ورسوله وأمر بحبه من القرابة والصحابة وقد دلت النصوص الجمة المتواترة على وجوب محبتهم وموالاتهم وأن يكون معهم ففي الصحيح لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا وفيه المرء مع أحب
ومما يخص أهل بيت رسول لله قول الله تعالى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وقوله تعالى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى كما روى تفسيرها مرفوعا امام أهل الحديث أحمد بن حنبل والملا في سيرته والطبراني في معجمعه الكبير والاوسط من حديث حبر الامة وبحرها عبد الله بن العباس رضي الله عنهما
ويعضد ذلك من كتاب الله تعالى قوله عز و جل ألحقنا بهم ذريتهم وقوله تعالى وكان أبوهما صالحا واجماع الامة وتواتر الاخبار بشرع الصلاة عليهم في تشهد الصلاة واختصاصهم به أو بالاجماع على دخولهم فيه فيجب لذلك حبهم وتعظيمهم وتوقيرهم واحترامهم والاعتراف بمناقبهم فانهم أهل آيات المباهلة والمودة والتطهير وأهل المناقب الجمة والفضل الشهير
وقد ذكر مناقبهم امام أهل الحديث والسنة في عصره المحب الطبري وصنف في ذلك كتابه ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ويا له من (1/416)


كتاب وافق اسمه مسماه وصدق لفظه ومعناه وكذلك دلت النصوص المتواترة على وجوب حب أصحاب رسول الله وآله وBهم وأرضاهم وتعظيمهم وتكريمهم واحترامهم وتوقيرهم ورفع منزلتهم والاحتجاج باجماعهم والاستنان بآثارهم واعتقاد ما نطق به القرآن الكريم والذكر الحكيم من انهم خير أمة أخرجت للناس وفيهم يقول الله تعالى والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود الآية
وفي تعظيم حق أهل البيت يقول رسول الله ستة لعنتهم لعنهم الله وذكرهم الي أن قال والمستحل من عترتي لما حرم الله تعالى رواه الترمذي والحاكم من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
وفي تعظيم حق الصحابة رضي الله عنهم يقول اذا سمعتم من يلعن أصحابي فقولوا لعنة الله على شركم رواه الترمذي
وكذلك يجب حب المؤمنين علمائهم وعامتهم ونصيحتهم واكرامهم لما ثبت في الصحيحين عن رسول الله أنه قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه المؤمن ما يحب لنفسه وقد تقدم في مسألة الوعد والوعيد فوائد تعلق بحكم الخالطين من المسلمين وخصوص المؤمنين والتحذير من مشاحنتهم واضمار الغل لهم والمحافظة على ذلك والتواصي به على مقتضى ما وصف الله تعالى به المؤمنين من التواصي بالحق والصبر والمرحمة جعلنا الله من العاملين بذلك وهو الهادي لا اله الا هو نعم المولى ونعم النصير له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل
والاولى لكل حازم أن يشترط في كل ما يعتقده من المشكلات المختلف فيها ان يكون موافقا لما هو الحق عند الله تعالى وأن لا يكون فيه مخالفة لشيء من كتب الله تعالى ولا لما جاءت به رسل الله تعالى عليهم أفضل الصلاة والسلام وان كان الوقف حيث يجوز أحزم وأسلم فان العصمة مرتفعة والثقة بالفهم أو الانصاف غير مفيد للعلم الضروري بالسلامة من ذلك (1/417)

82 / 83
ع
En
A+
A-